أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله           

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 10-30-2010
  #1
عمرالحسني
محب فعال
 الصورة الرمزية عمرالحسني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 93
معدل تقييم المستوى: 15
عمرالحسني is on a distinguished road
افتراضي دراسات في التصوف

يقف الباحث في حاضر الأمة و مستقبلها متحيرا لما يجد من الثنائية ، ومن المتناقضات التي تطفح على السطح، أمة منخورة مستضعفة غامضة الحاضر نيرة المستقبل المثمثل في الموعود النبوي الصادق الذي بشر به الحبيب صلى الله عليه وسلم.
يجد هذا التنوع في التربية ، والمدارس العلمية ، وفي أعلام الهدى المجدددين في كل الزمان ، في كل الفنون والصناعات و الأفكار، فيظل متفكرا متسائلا : متى تجمع هذه المكاسب الثمينة في مشروع نبوي يتزعمه رجل نوراني بفقه جامع يجمع الأمة حوله ، وبجهود الصادقين معه ؟.
المعية و الكينونة مع رجل من هذا النوع رحمة و نعمة ؟.
نجد البشير الحبيب صلى الله عليه وسلم يبشر بغد أغر : نزول عيسى عليه السلام ، ظهور المهدي عليه السلام ، الملاحم ، فكيف لا يتطلع المؤمن لمثل هذه البشارات بعمل اصيل مؤثل على المنهاج و السنة و الشرعة و القرآن.
نبحث في التاريخ ، عن هؤلاء العارفين بالله الذين أثروا عالم المسلمين بفيضهم و خيرهم ، يقول مولانا عبد السلام ياسين رضي الله عنه :
*.........انحاز طائفة من العلماء والأئمة المربين إلى صفوف الأمة يرومون إصلاح الناس على هامش الحياة العامة لَمَّا يئسوا من وجود أنصار على الحق قادرين على إنجاح القومة. هكذا فعل أئمة آل البيت بعد خِذلان الناس للأئمة الحسين، وزيد، والنفس الزكية، ويحيى.

من هؤلاء المربين من عُرفوا باسم طارئ على القرون الأولى. سُمُّوا صوفية، وعرفوا بسُمُوِّ المَطْلَب، وعلُوِّ الكَعب في العبادة، والزهد، والورع. كانوا أقربَ العلماء صلة بالعامة، وأشدَّهم تأثيرا في أخلاق الأمة، وأكثَرهم حِفاظا على روح السنة.

كان الفقيه يفتي في النوازل، وكان المحدث منكبا على العلم يخدم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكلا الوظيفتين حيوي لحياة الأمة.

لكنَّ المشايخ العارفين بالله اختصوا بتنوير القلوب، وتقريب العباد إلى خالقهم، بحملهم على الاستقامة، وتسليكهم بمجاهدة النفس،ودوام الذكر،ومراقبة الحق عز وجل.ولم يُقَصِّروا في الجملة في نشر العلم وبث الفضيلة في الأمة، إذ تتعدى تربيتهم الخاصة من تلامذتهم إلى العامة. وكانوا إلى جانب هذا يُؤْوُونَ البائسين، ويَفْصِلُون الخصومات، ويشفعون عند الحكام للمظلومين.

وعلى مر القرون تطور ما يسمى بالتصوف فدخل تحت المرقعة التي كانت شعارا للزهد مرتزقةٌ باسم الطريق. وتبدأ الزاوية أو الخانقاه مدرسة علم وتربية في حياة الرجال المؤسسين، فلا تلبث أحيانا أن يدخلها بعدهم الانحراف.

ووقعت فتنة الخلاف المزمن بين أهل الحديث الذين حافظوا على الشريعة من بدع الضالين وبين المنتسبين إلى الخرقة، أعني الصوفية. المحامون عن الشريعة من خارج القوم يحكمون بظاهر ما ينطق به ويفعله لابسو المرقعات، وحاملو المسابح، ورواد حلقات السماع، وفيه الهُجْرُ والبِدعة. فيعممون الحكم ويسَوُّونَ في اللعنة الأصيلَ الزكيَّ، والدخيلَ الغبيَّ.

لكنَّ العلماء الراسخين يعلمون أن الطريق، والسلوك، والوصول، ومعرفة الله، ومقام الإحسان، والفتح، والمشاهدة، كلَّها حق. هؤلاء تتلمذوا للمشايخ المربين، ما منعهم ذلك من محاربة البِدع في صفوف الأدعياء.

لا يكادُ يُحْصَى عددُ العلماء الذين درسوا الحديث والأصول والفقه حتى تبحروا، ثم سمت همتهم لمعرفة الله عز وجل فبحثوا عن الطريق، فما وجدوا إلا هؤلاء المشايخ أولياءَ الله مَن يدلهم على المنهاج النبوي في التزكية والتوحيد. نخص بالذكر منهم بعض أهل الحديث ممن بدأوا بمحاربة كل من سمته الأوضاع صوفيا، ثم ميزوا آخر الأمر بين ثياب التقوى وأثواب الزور.

منهم الحافظ ابن كثير -وهو محدث آخر غير صاحب التفسير المشهور بمذهبه التيمي. في آخر عمره أخذ ابن كثير عن نجم الدين الإصفهاني الشاذلي كما ذكر ذلك الصفدي في كتاب "نكث الهميان". ومنهم من المتأخرين الإمام الشوكاني حاملُ لواء السنة المجتهد البَحرُ.في آخر حياته تتلمذ هو نفسه لشيخ نقشبندي كما ذكر ذلك في كتابه "البدر الطالع".

إن حديثنا عن مقام الإحسان وعن الصوفية وما هنالك من خلاف لا يتسع له هذا الكتاب. لكنَّ لُبَّ الإيمان كما عاشه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو هذه "الحقيقة الصوفية" كما كان يسميها مربي هذه الأجيال الشيخ حسن البنا رحمه الله.

من الناس من لا تتسع حويصلته ليفهم أنَّ السنة النبوية هي أقوال الرّسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وأحواله، ينقصنا من السنة بقدر ما ينقصنا من العلم وهو مجال الأقوال النبوية، ومن العبادة والمعاملة والجهاد وهي أفعاله، ومن إثبات أعراف المجتمع واجتهاد المسلمين الذي لا يصدم الشريعة وهو مجال التقريرات. وأهم من كل هذا، إذ هو ثمرة العلم والعمل، الأحوال الشريفة. ومجال الأحوال الأخلاق الظاهرة، والمشاعر القلبية الباطنة، وثمرة كل ذلك هو الكمال الروحي.

يتصور بعض الناس أن دولة الإسلام يمكن أن تقوم وتكون إسلامية حقا بمجرد انتشار الفكر الإسلامي، و"الالتزام" بالصلاة، والأمر والنهي، ثم الجهاد. ما نتحدث عن الرحمة والسكينة ومعاني القلب وعن الكمال الروحي كما عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا لنؤكد أن تلك الأحوالَ الشريفةَ هي اللب وهي العماد.

فبدون تربية تغرس شجرة الإيمان، وتسقيها حتى يزدهر عليها ريحان الإحسان، ثم يثمر، لا تكون الجماعة الإسلامية مؤهلة لجهاد ولا لبناء.

لا حاجة بالمسلمين إلى القتال حول المصطلحات، ولا لتبديد الجهود في نبش الماضي للدفاع عن زيد وعمرو من أمةٍ خلت، لها ما كسبت، وعليها ما اكتسبت، ولا يسألنا الله عن عملها. لكن إن ضاع من المسلمين مفتاحُ التربية الإحسانية،وجف من القلوب الشوقُ إلى الله عز وجل، فيا حسرة على العباد !

ألا وإن الله عزت قدرته، وجلت منته، قيض لهذه الأمة رجالاً كُمَّلا، يا من يتنسم معنى للكمال ! كانوا ولا يزالون وسيبقون إن شاء الله ورثة الأنبياء وخلفاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته. جامعين بين الأقوال والأفعال والأحوال.*
من كتاب رجال القومة و الأصلاح.

لاينفع البحث الأكاديمي في مثل هذا الموضوع ، وليس عبثا أن تجد البحوث والدراسات تبحث عن اصول حركة التصوف ، فهي عند البعض حركة شاذة في تاريخ المسلمين مشرب طارئ لأسباب أجتماعية و أقتصادية و سيايسة معينة ، أو هروب فردي لجماعات من الناس أتخذت من التحذير النبوي الصادق عن الفتنة ، ذريعة بأن تكون كأحلاس البيوت لا تشارك في الشأن العام للمسلمين ، متعففة مستكنفة عن دخان الفتنة و نيرانها .
ومن الباحثين من يعتبره نتيجة أخلاط من الأفكار الأفلاطونية و اليونانية و الغنوصية والأشراقية و المانوية ، فيسعى جاهدا في تأصيل هذا العلم كعلم دخيل لا أصل له ، فهو مستحدث حادث طارئ كالطفيليات الجرثومية تستحق الأستئصال. فكيف يضع القارئ نفسه أمام هذه البحوث و بأزائها ومن أعالي التاريخ لينظر أليها دون أن يربط هذا التنوع الخلاق بمنبع الأختلاف و شره ، منذ أن أنفرط عقد الجماعة الأولى عقد الخلافة الراشدة.
يسعى جدلا البعض في جعل التربية الأولى التى ربت الرعيل الأول أنها تربية لحظية بالزمان و المكان و النشأة و البيئة ، ولن تتجدد هذه التربية و لن تعود ، فأين نضع ميزان الوراثة النبوية ، التي تثمثل في هؤلاء المجددين الذين بلغوا نوعا من الكمال ؟.
أم هي مجرد تربية ووراثة فردية لا تنفع الأمة ، مجرد رقي فردي و سمو روحي لفرد من الأفراد وهو محل نظر الله في خلقه و أرضه في كل وقت وحين؟.
أم هو تجديد متنوع في مناحي الدين ، أنتظارا لموعود الله الصادق في الرجل الفرد القطب الختم المكتوم التي تجتمع عليه الأمة في آخر الزمان.؟.
أم نحجر على فضل الله ، والمثل القائل بأرتفاع مائدة الولي بموته ، وتبقى بركته الميمونة في الأتباع و أتباع الأتباع الى يوم الدين ؟.فأن نسبت الختمية و الكتمية لولي في زمن من الزمان ، تبقى و لايته الختمية مطلقة لا تتجدد و لا تنتهي.فكيف يسعنا أن نعلم ما في غيب الله من المقامات و الدرجات و القربات وهو وحده من يعلم ذلك ؟. أو تجد من يصف الولي بيمين الله في أرضه و ينسبها ألى شيخه فان سمعها في غيره أنكرها ! وكأن الشيخ لا نظير له في الشكل و الصورة و المعنى ؟ فأن أنتقلت ألى غيره نسب ما يقوله الآخرون بحديث النفس وأوهام و خيالات المغفلين ؟.
ومن الباحثين من لا يسعهم في هذا العلم ، الا باب البحث عن موضة العصر و هي خرق العادة وعلم الكشف و المكاشفة و الفراسة و النورانية و مسالة التصرف و الأستدراج الشيطاني ، وكأن التصوف لا يساوي ألا هذه الأمور فأن لم توجد في ولي من الأولياء او ممن يدعون الروحانية ، كان أنتسابه محط الشك و الريبة.؟.
ومن الباحثين لا يرى في التصوف الا تلك الحركة المبالغة في الدروشة و الكدية و التمسكن والرقع و العصى و سجادة الشيخ الميمونة ، فأن كان الولي قائما بأمر الله في نفسه و خلقه مجاهدا في الله ، نسبت اليه أمور الحمقى من أصطلاحات جغرافية الكلام : السياسوية ، والنهضوية وووو.....
ومن الباحثين من يعتبر التصوف ذالك المبحث الفرع في الألهيات ، و الماورائيات ، والفلسفات المنسوبة الى الحلول و الأتحاد و الوحدة ، فلا يرون في معارف الولي ألا تلك الكلمات المغرقة في الغموض ، والمجازات و الكنايات ، وان وجدوا غير ذلك مروا على ثراث وتجربة الولي مرور الكرام ، وكأنه لئيم من اللئام ، وكان علوم القوم مجرد علوم غامضة ممتنعة عن الفهم و الأدراك و من ثم صعبة المراس و السلوك.
امام ما ذكرنا من العوائق أن صح التعبير ، في البحث و الدراسة ، يوجد عائق وجداني ، فعلوم القوم لا تدرك و لاتفهم ألا أن كان هناك تسليم مسبق ، وقابلية للذوق ، واستعداتد للتلقي ، ويقين في أن في طياتها من العلوم و دقائق القول هو في الأصل خطاب نبوي متجدد عبر الزمان باطنا يظهر ظاهرا في خطاب الولي حاضرا ، وهو أمر لا يستسيغه العقل لبعد الشقة بينه و بين بركة المدد و الفيض بالصحبة عبر الأجيال. ومن جهة أخرى لعجز المدركات العقلية على استقبال مثل هذه المعارف التي يعتبرها الكثير من الناس مجرد وهم أو التوهم.
وفي نفس الوقت يوجد عائق ذاتي عند كل باحث ، وهي لازمة ضرورية لمن أراد فهم كتب الوقت : أن تصدق كل ما تقرأ في كتب القوم ممكن ، ومع ذلك لا يمكنك أن تكذب فيها حتى لا تحرم من بركة القوم : الجذبة ما يسميه بعض العلماء.لا بد لك من عين ناقدة تنظر بأدب لكنها لا تتجاوز نظرها لتستهزئ و تكذب و تولول ، وهذا ما يقع لكثير من الباحثين.
عمرالحسني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دراسات في التصوف، في الذوق و السكر: عمرالحسني رسائل ووصايا في التزكية 0 07-09-2011 02:17 PM
دراسات في التصوف : الختم و الكتم عمرالحسني المواضيع الاسلامية 5 11-03-2010 02:56 PM
2.دراسات في التصوف ، في الختم والكتم: عمرالحسني المواضيع الاسلامية 0 10-30-2010 03:11 PM
دراسات في التصوف ، في المعرفة : عمرالحسني المواضيع الاسلامية 0 10-30-2010 03:04 PM
دراسات في التصوف: 1.الأنسان و الغيب عمرالحسني المواضيع الاسلامية 0 10-30-2010 02:59 PM


الساعة الآن 10:49 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir