أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ،والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال           
العودة   منتديات البوحسن > التزكية > تراجم أصحاب السلسلة الذهبية للسادة الشاذلية

تراجم أصحاب السلسلة الذهبية للسادة الشاذلية هذي رجـالٌ أهلـوا لشهـودهِ هذي شيوخُ الشاذليّـة

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-07-2008
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

خدمته -رحمه الله تعالى - لمشايخه

نذكر مثالاً واحداً عن خدمته لأستاذه الأول الشيخ عبد الهادي رحمه الله تعالى ، مرض بعض أفراد أسرة أستاذه مرة ، وطلب المريض ماء الثلج ، ولم يكن حينئذ الكهرباء ولا الثلاجات ، فسمع حفظه الله تعالى أن المريض يطلب ماء الثلج والوقت في أربعينية الصـيف ، ولم يكن هناك ثلجٌ إلا على رأس جبل ، يستغرق الوصول إليه يوماً كاملاً ، فذهب حفظه الله تعالى على قدميه إلى ذاك الجبل ، يوماً ذهاباً ويوماّ إياباً ، ليحمل الثلج بالأكياس على ظهره ، وتحمل المشاق حتى وصل بالبقية الباقية من الثلج . أما عن خدمته لسيدنا الشيخ عبد القادر عيسى رحمه الله تعالى ، وخاصة عند مرضه فحدّث ولا حرج ، وأهل حلب من إخوان الشيخ رحمه الله الذين كانوا يزورون الشيخ عبد القادر يعرفون هذا فندع الحديث لهم .

صبره وتحمله للمصائب :

لقد أكرمه الله تعالى بتحمله للمصائب والشدائد والصبر عليها الشيء الكثير . وأنا أذكر بعضاً من الصور التي يتجلى فيها صبره
أولاً : خلال رحلاته في طلب العلم والسير والسلوك حيث ارتحل بأهله أكثر من عشر مرات ، ولم يرحل من مكان إلى آخر إلا ويترك بعض أولاده الصغار تحت أطباق الثرى ، حيث توفي له في تلك الرحلات أحد عشر ولداً ، غسـل الجميع بيده ، وهو صابر محتسب مفوض أمره إلى الله تعالى ويشكر الله تعالى على كل أحواله ، راض بما اختاره الله تعالى له ، بل كان يقول حفظه الله تعالى : الحمد لله على كل حال ، فإني لا أعلم لو بقي هؤلاء الأطفال أحياء ربما لم أتمكن من مواصلة طلب العلم ، والسير والسلوك .
ثانياً : أصيب بولده الكبير السيد محمد صبيح رحمه الله وبابنته طيبة وكانت متزوجة رحمها الله ولم يكن لها أولاد ، بعدما أن أصيب هو في نفسه بكسور كثيرة في جسده ، ودمرت تدميراً كـاملاً ، وقبل الحادث توفي زوج ابنته الكبيرة الذي خلف لها ثلاثة أطفال . وكان خلال هذه الفترة من الحادث يصلي على ظهره ، ثم تحسن وضعه الصحي فأصبح يصلي جالساً مدة من الزمن دون أن يتمكن من السجود ، وكان يتألم من هذا الحال ويتساءل متى يعود للسجود ؟ متى يتمكن من وضع جبهته على الأرض ساجداً لمولاه سبحانه وتعالى ؟ وكان أكثر دعائه أن يمكنه الله تعالى من السجود على جبهته . حتى جاء الفرج من الله تعالى ، يقول حفظه الله تعالى : والله لا أستطيع أن أقدر مدى فرحي وسروري وشكري لله حين سجدت لله تعالى أول سجدة على الأرض بعد الحادث . وسجد سجود شكر لله لأن الله أكرمه بالسجود .
ثالثاً: جُرِّد من أمواله أكثر من أربع مرات عندما كان يطلب العلم ، فكان طلب العلم مقدماً عنده على المال ، وترك أملاكه العقارية أثناء سفره ، فانتهز الفرصة بعض أقاربه واستولى على العقارات مستغلين غيابه وانشغاله في طلب العلم ، وبعد عودته من رحلاته طالب بأملاكه فأبو عليه ، فلم يدخل معهم في خصومة لحق القرابة بينهم ، وفوض أمره وأمرهم إلى الله تعالى شعوراً منه بأن الله تعالى عوضه خيراً من ذلك .
رحمته وشفقته على خلق الله وخاصة اليتامى :
كيف لا يتخلق بهذا الخلق ؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) ( ) .
كيف لا يرعى اليتامى ؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً ) ( ) .
فكان يرعى اليتامى وهو يتيم بعد وفاة والده رحمه الله ، وبعدها رعى اليتامى حتى اجتمع عنده أولاد ابنته الكبيرة التي توفي زوجها وترك لها ثلاثة من الأطفال ، وأولاد ابنه محمد صبيح رحمه الله وكانوا أربعة ، فضم أولاد ابنه إلى أولاد ابنته إلى أولاده وأصبح قيماً عليهم جزاه الله خيراً .
وأما رحمته بالناس فكل من خالطه عرف مدى رحمته بالخلق عامةً ، وبالمذنبين خاصة ، وكان يقول : مدار الطريق على أمرين :
الأول : امتثال أمر الله تعالى .
والثاني : الشفقة على خلق الله بدون مداهنة ، وكان يبكي كثيراً عندما يرى مبتلى في دينه أو جسده .
ومن شفقته على الناس وشجاعته ، حدث مرةً أن كان حفظه الله في بيته ، فهجم جماعة من الرجال على جار له لشيء بينهم ليهينوه ويضربوه ، فأسرع حفظه الله إليهم حين رأى جاره وحيداً ، ليس له أهل أو عشيرة يدافعون عنه ، حاول أن يردهم بالرجاء والالتماس فأبوا إلا العنف والقسوة والغطرسة على جاره ويريدون ضربه في بيته ، فأسرع حفظه الله إلى بيته وأتى بعصا كبيرة ، وقال لهم ما معناه : أردت ردكم عن هذا الفقير بالتي هي أحسن فأبيتم إلا العنف ، فوالله إن ضربه أحد منكم سوف أكسر هذه العصا على رؤوسكم ، وصاح بهم ، ففروا بأجمعهم ، ولم ينالوا من جاره ماجاؤوا لأجله .
نعم لقد كان حريصاً أن يتقرب إلى الله تعالى من كل الطرق ، لقد دخل على الله من باب التوابين ، ودخل عليه من باب الصدق ، ودخل عليه من باب الإخلاص ، ودخل عليه من باب العلم والعمل ، ودخل عليه من باب الشفقة على خلق الله ، ودخل عليه من باب الخدمة للمؤمنين وحب الخير لهم ، ودخل عليه من باب الصبر ، ودخل عليه من باب الهجرة في طلب العلم والمعرفة ، ومن باب الهجرة في خدمة الطريق حتى أنه هاجر من بلده إلى حلب من الزمن ، فتوفرت له أسباب الإقامة فيها كالبيت والأهل وغير ذلك ، ثم هاجر منها ثانيةً بكل معنى الهـجرة . فتمت له والحمد لله جميع أبواب الوراثة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . فجزاه الله تعالى عنا وعن المؤمنين خير الجزاء ، وكل ما ذكرناه أو يذكره غيرنا عنه هو غيض من فيض عن أول نشأته وسيره في طلب العلم والمعرفة ، وإنه لجدير بالأمة أن تجعله قدوة وسنداً ومشعلاً منيراً في عبوديته لله تعالى ، وإنه لجدير بها أن تأخذ بوصاياه النابعة من بحر أخلاقه القرآنية ، وسلوكه النوراني . فلنجعل يدنا في يده حتى نصل إلى ساحل الأمان بإذن الله تعالى لنكون معه بصدق وإخلاص في السر والعلن .
كل ما ذكرناه فواللهِ إنه نقطة من بحر فيوضاته ، ولقد وقفنا كما وقف الكثير من غيرنا على شيء من حقيقة الوراثة النبوية . ولكن لا يمكن للصغير أن يعرف الكبير ، وهل يملك الصغير ميزاناً يزن به من هو أكبر منه ؟ وكيف يعرف طالب الصف الأول أستاذه بشكل كامل ، كيف يعرف ذلك الطالب أستاذه ومدى علمه وأخلاقه وأحواله ؟ كيف يعرف ولد عمره سنة والده بشكل كامل ؟ ولكن لابد أن نسير الخطوة بعد الخطوة بالموافقة والتسليم لوارث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن أسباب التوفيق التي منحها الله تعالى إياه الزوجة الصالحة ، فعاشت معه طيلة تلك الفترات بعيدة عن الأهل والأقارب والعشيرة ، وهي تتنقل معه من مكان إلى آخر متحملةً الغربة والفقر والشدائد ، ويشهد بذلك كل من له معرفة بحالهم وبأسرتهم الأبية ، ولم يسمع أحدٌ منها ولو بالإشارة جزعاً أو مللاً أو اعتراضاً أو طلب زخارف الدنيا لها أو لأولادها حتى النهاية . فجزاها الله تعالى عنا خير الجزاء . بل كانت معه في الرقي أخلاقاً وتعلماً وتصوفاً تأخذ من حاله وقاله حفظهم الله تعالى جميعاً .
توفي رحمه الله يوم الاثنين الحادي والعشرين من شهر شعبان 1444 يوافقه من التاريخ الميلادي ، 2023/3/13
ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لموافقته ولمتابعته وأن يجعل صحبتنا له حجة لنا لا حجة علينا ، إنه على ما يشاء قدير ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .



رحم الله شيخنا الكريم ونفعنا بعلومه ووصاياه
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 03-18-2023 الساعة 12:25 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الاولياء, الجامي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وفاة الشيخ المربي سيدي الشيخ أحمد فتح جامي رحمه الله عبدالقادر حمود المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 2 06-09-2023 04:52 PM
من توجيه شيخنا سيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي حفظه الله تعالى... عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 0 11-28-2018 09:45 PM
قطوف من دفتر سيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي رحمه الله تعالى صبا الجمال رسائل ووصايا في التزكية 31 01-20-2018 02:27 PM
من كان ينشد بحضرة سيدي الشيخ محمد الهاشمي رحمه الله تعالى ‎ عبدالقادر حمود الصوتيات والمرئيات 7 01-16-2012 07:37 PM
ترجمة سيدي الشيخ أحمد بن عليوة رحمه الله تعالى عبدالقادر حمود تراجم أصحاب السلسلة الذهبية للسادة الشاذلية 8 11-14-2011 11:49 PM


الساعة الآن 10:17 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir