أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم اغفر لي ، وارحمني ،واهدني ، واجبرني، وعافني،وارزقني ، وارفعني           
العودة   منتديات البوحسن > المنتديات العامة > القسم العام

القسم العام المواضيع العامة التي ليس لها قسم مخصص

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-31-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي وماذا يريد الغجري اكثر من ذلك

طبول الغجر

تمهل السائق و أشار بسبابته : ـ هذي البناية كان يجب أن تكون كلها لي !‏ حدجته بطرف عيني . " لا تبدو على الرجل سمة من سمات الخبل ! "‏ ـ طبعاً، تستغرب ما أقول . لكنها الحقيقة . لا بد لنا، أحياناً، من زفرة تريح الصدر و تخفف الحمل عنه. في أعماق هذه البناية قبرٌ عزيزٌ عليّ ـ بيتي .‏ ـ أنت تبالغ يا أخي، فالخلق جميعاً يبيعون و يشترون .‏ ‏ ـ صدقت، لكن ثمة فرق بين بيعة و أخرى . منْ يبيع مرتاحاً ليس كمن يبيع و الحبل في رقبته . اجتاح عينيه ما يشبه الحمى و يديه ما يشبه القشعريرة .‏ سررت في أعماقي، فليس أجمل و أمتع من الاستماع إلى شخص ملسوع بجمرة القص .‏ ـ ألم تسمع بالشيخ محمود البحار ؟‏ ـ أجل، توفي منذ عشرين عاما أو يزيد . عنه رويت أحاديث تشبه الأساطير .‏ - صحيح . و بالمناسبة لم يكن، كما كان يُروى عنه، يعتمد على" الكتيبات " و " الحجابات " بقدر ما كان يعتمد على حدسه و نباهته و سرعة بديهته، و جلّ أفعاله لا يتعدى " المخرج الذكي " للمسألة العويصة التي كانت تعرض‏ عليه..‏ - و ما علاقة الشيخ بعمارتك ؟ - قاطعته حاثاً إياه، هذه المرة، على الدخول إلى لب الموضوع .‏ - كان جاراً لي ! – أجاب باقتضاب و زاد من سرعة سيارته . فسألته :‏ - بعته أرض هذه العمارة،إذاً ؟‏ - لم يجبني مباشرة، بل هزّ رأسه و انحرف نحو اليمين قليلاً متحاشياً سيارة مسرعة :‏ - تفضل يا أخي، تفضل ! – قال بعصبية مشيراً إلى سائق الحافلة المسرعة .‏ - كان بيتي يتألف من ثلاث غرف فسيحة و صالون واسع يطل على ناصيتي شارعين متعامدين، كما كان يضم قبواً فارغا إلا من سقط المتاع و ساحة متوسطة الاتساع .. لن أغوص في التفاصيل .. أجّرت تلك الشقة، بناء على السمعة و السيرة الحسنة، إلى أحد معارفي من سلك التربية الذي أنتمي إليه . كانت الأجرة خمساً و عشرين ليرة، أصبحت مع مرور السنوات زبالة . و كما تعلم كان قانون الإيجار ظالماً لمصلحة المستأجر.‏ طلبت البيت من الصديق المستأجر متذرعاً بأسباب عدة، فأبى بشكل قاطع .‏ طرحت عليه ورقتي الأخيرة : سكنتَ في بيتي عشراً من السنين، و دفعت لي خلالها ثلاثة آلاف ليرة، خذ بدلاً منها ستة آلاف ليرة، و هذا مبلغ يعادل ثلاثة أرباع الشقة التي ستشتريها .. لكنه أبى و أصرّ على مبلغ تسعة آلاف ليرة سورية .. هكذا أصبح أخاً و شريكاً من حيث لا أدري ..‏ أشعل سيجارته ثم تابع :‏ - كما قلت لك كان الشيخ جاراً لي، أقصده بين الفينة و الفينة، أستمع إلى أحاديثه الممتعة التي كان يخص بها المقربين منه أمثالي . و في أثناء ذلك طرحت همي على الشيخ البحّار، سارداً عليه حكايتي مع مستأجري، أقول مستأجري لكنه استأجر رقبتي مع استئجاره لبيتي . صفن الشيخ، كأنني أراه الآن، ثم استوى في جلسته و كأن بارقةً لمعت في ذهنه.‏ - كم هو ثمن منزلك ؟‏ - البناء مع الأرض و الباحة يعادل أربعين ألفا، لكن أحداً لا يشتريه مع وجود هذا المستأجر المثقف !‏ رنا الشيخ إليّ ثم سألني من جديد :‏ - على أية حال بكم تبيعه لو توفر الشاري ؟‏ - أبيعه بخمسة و عشرين ألفا، لكن هيهات ! من سيشتري قمحاً نصفه زوان ؟‏ - بما أنك جاري سأضيف ألفين إلى هذا المبلغ، سأشتريه منك بسبعة و عشرين فما رأيك ..‏ - و هكذا بعته ! – قلتُ خاتماً حديثه بنفسي .‏ - أجل ! لكن لم تسمع بعد الجزء المضحك و الممتع في الحكاية .‏ - اختلف الورثة على البناية بعد أن آلت إليهم ..‏ - هذا الأمر لا يعنينا في شيء .. المهم أن مستأجري المثقف غادر البيت بلا قرش واحد، و في ليلة ليلاء، حاملاً طناً من الضيق و الانزعاج ..‏ - كيف ؟ تساءلت مندهشاً .‏ كما قلت لك، كان بيتي يضم قبواً من غرفتين دون منافع. استقدم الشيخ عائلتين من النَّور الذين كانوا يحطون رحالهم كعادتهم في ضواحي المدينة . " ستسكنون في هذا القبو يومين كاملين لكم فيهما مطلق الحرية و ألف ليرة عن كل يوم . شرطي الوحيد عليكم أن تأخذوا حريتكم الكاملة في "الفقص " و الرقص و قرع الطبل و نعيق الزمور . اصطحبوا معكم ما تشاءون من دواب أليفة .. ادبكوا و هيصوا و إن حاول الأستاذ منعكم ابطحوه أرضاً و لا تخافوا، أنا حاميكم .."‏ قهقهت بصوت عالٍ و مج السائق نفساً عميقاً من سيجارته، و أردف يقول :‏ - معلومك، و ماذا يريد الغجري أكثر من ذلك - قرعٌ في الطبل و ملءٌ للجيب ! و هكذا أقام الغجر مهرجاناً لا مثيل له، جمع بين السيرك و المسرح و فنون أخرى لم تخطر لإنسان ببال ..لم يتحمل المستأجر الليلة الثانية فهاجر تحت جنح ظلامها هارباً و إلى النجاة طالباً ..‏ - صفرت صفرة طويلة و هتفت :‏ - يا له من مخرج غريب، ناجع لا تجاريه " كتيبة" و لا " حجاب" !..‏
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أسامة بن زيد خريج مدرسة النبوة نوح السِــيرْ وتـراجم أعــلام الإســـلام 0 04-23-2010 03:41 PM
اعرف اكثر عن جوجل مروه قسم الحاسوب 4 04-30-2009 02:43 AM
من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها مانشاء لمن نريد ساره المواضيع الاسلامية 6 01-09-2009 10:12 PM
انفلونزا الجهل والتخلف والغباء في ادلب ...قتيلان وثلاثة جرحى بسبب طير حمام عبدالقادر حمود القسم العام 4 10-13-2008 02:35 PM
باتش اكثر من ماسنجر 8.5 علاء الدين قسم الحاسوب 0 09-02-2008 01:11 AM


الساعة الآن 07:52 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir