خامساً: عودة الغزالي من عزلته حتى وفاته:
وبعد عودته من دمشق اتجه إلى بغداد وعقد بها مجلس الوعظ وحدث بكتاب الإحياء، ثم رجع إلى مدينة طوس ولازم بيته
قال في المنقذ من الضلال: ( ثم جذبتني الهمم، ودعوات الأطفال إلى الوطن، فعاودته بعد أن كنت أبعد الخلق إليه فآثرت العزلة به أيضاً حرصاً على الخلوة، وتصفية القلب للذكر ) (
@ ثم إن الوزير فخر الدين بن نظام الملك حضر إليه وطلب منه أن يدرس في نظامية نيسابور و ألح عليه حتى استجاب له، و أقام في التدريس مدة حتى اغتيل فخر الدين رحمه الله بيد باطني سنة (500)، فاعتزل الغزالي التدريس، و أقام في بلده طوس وبنى مدرسة وزاوية بجوار بيته، وعكف على التعليم والتربية (، ولما استوزر السلطان محمد بن ملك شاه أحمد بن نظام الملك سنة (500هـ )، طلب الوزير من الغزالي الرجوع إلى بغداد وكان محله في المدرسة النظامية لم يسده من يماثل الغزالي وكتب الوزير قوام الدين بن نظام الملك، رسالة للغزالي يبين فيها حرص الخليفة على رجوع الغزالي إليها، ولكنه اعتذر.
وبقي في طوس يدرس ويفيد ويربي الطالبين (
و ألف في هذه المرحلة كتابه المستصفى سنة (504هـ ) .
@ وكان الغزالي لم يتفرغ لدراسة الحديث فأقبل عليه في آخر حياته واستدعى أبا الفتيان، عمر بن أبي الحسن الرواسي الحافظ الطوسي، و أكرمه وسمع عليه صحيحي البخاري ومسلم (
قال عبد القاهر الفارسي: ( وكانت خاتمة أمره إقباله على حديث المصطفى ومجالسة أهله، ومطالعة الصحيحين البخاري ومسلم اللذين هما حجة الإسلام ) (
وممن سمع الغزالي عنهم الحديث: أبو سهل محمد بن عبد الله الحفصي، سمع منه صحيح البخاري (
والحاكم أبو الفتح الحاكمي الطوسي سمع منه سنن أبي داود (
وقرأ صحيح البخاري ومسلم على عمر بن عبد الكريم ابن سعدويه (
وسمع من أبي عبد محمد بن أحمد الخواري، كتاب ( مولد النبي، كما سمع من محمد بن يحيى بن محمد الزوزني
وفاة الغزالي: وفي آخر أيامه رحمه الله وزع أوقاته بين ختم قرآن ومجالسة أهل القلوب، والعقود للتدريس، بحيث لا تخلو لحظة من لحظاته ولحظات من معه عن فائدة ، حتى وافته المنية حيث انتقل الغزالي إلى رحمته
تعالى يوم الإثنين الرابع عشر من جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة، ودفن بظاهر قصبة طابران .
وقد حكى ابن الجوزي عن أخيه أحمد في قصة وفاته:
قال: ( لما كان يوم الإثنين وقت الصبح، توضأ أخي وصلى وقال: علي بالكفن فأخذه وقبله ووضعه على عينيه وقال سمعاً وطاعة للدخول على الملك، ثم مد رجليه، واستقبل القبلة، وانتقل إلى رضوان الله تعالى )
المبحث الثاني:
حياة الإمام الغزالي العلمية والعملية:
ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول: العلوم التي برع فيها الغزالي.
المطلب الثاني: موقفه من الفلاسفة والباطنية.
المطلب الثالث: شيوخه وتلامذته.
المطلب الرابع: مؤلفاته، ومؤلفات كتب عنه.
المطلب الخامس: ثناء العلماء عليه.
المبحث الثاني: حياة الإمام الغزالي العلمية والعملية:
المطلب الأول: العلوم التي برع فيها الغزالي