أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ،والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال           
العودة   منتديات البوحسن > التزكية > رسائل ووصايا في التزكية

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 03-23-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي المثنوي العربي النوري - شَمَّةٌ


المثنوي العربي النوري - ص: 317
الرسالة التاسعة
شَمَّةٌ
مِن نسيم هداية القرآن 1

_____________________
1 طبعت هذه الرسالة لأول مرة بمطبعة "اوقاف"باستانبول سنة 1340هـ (1922)م



المثنوي العربي النوري - ص: 318
في (ط1)
افادة المرام
اعلم! ايها الناظر! اني اسمع من الناس شكاية عن الغموض في آثاري، فاستمع مني ثمانية كلام:
فاولاً: لا تعجل لعتابي لأجل الاشكالات، اذ مخاطبي نفسي الدساسة، وهي تفهم بسرعة أجوبة أسئلتها المخطئة ولو بالرمز.
وثانياً: ان كل مسألة افتتحت بـ"اعلم" سلاح قاطع، ودواء نافعٍ، أُعطيته من حيث لم احتسب، في وقت شدة احتياجي وكثرة جروحي. فليس لي في الكتاب مال الاّ ماليس في الكتاب من الألم والجرح والداء المستتر في الضمير. واما المذكور في الكتاب من الدواء والسلاح وذوق الحق، فليس منى، ولا مما
مضغه فكري، بل من فيض القرآن الكريم.
وثالثاً: اني لا ابالي بتنقيد الناس؛ اذ لله الحمد اني لا اعرف الآن لنفسي غير القصور والعجز وما تستحق من الذم. فاذا اردتُ التمدح والافتخار بأثرى لا أرى الاّ ما اخجل به وافتضح، الاّ ان الله ستّار العيوب. فكما لا قيمة لنفسي، حتى ابتهج متصنعاً بما يُظن محاسن وهي في الحقيقة مساوئ،كذلك لا اقيم لنفس غيري المتكدرة بالأنانية ايضاً وزناً، حتى اتصنع له بالرياء الكلامي والتصلف في العبارة. الاّ انه يليق ان تلبس الحقايق ما يليق بها.. ولكن هيهات انا عاجز وأعجمي وخام لا اطيق ان انسج غير ما ترونه من اساليبي المشوشة، فاعترف وانادي بأعلى صوتي: باني عاجز، قاصر في الافهام. لكن اقول تحديثاً بالنعمة واداء للامانة بأني لا أخدعكم، انما اكتب ما اشاهد أو أتيقن عين اليقين أو علم اليقين.
ورابعاً: لا تحسبن ان ما اكتبه شئ مضغته الافكار والعقول. كلا! بل فيض أفيض على روحٍ مجروح وقلب مقروح، بالاستمداد من القرآن الكريم، ولا تظنه ايضاً شيئاً سيالاً تذوقه القلوب وهو يزول. كلا! بل أنوارٌ من حقائق ثابتة انعكست على عقلٍ عليلٍ وقلبٍ مريضٍ ونفسٍ عمي.
وخامساً: اني ما أدري كيف صار عقلي ممزوجاً بقلبي، فصرت خارجاً عن طريق اهل العقل من علماء السلف وعن سبيل اهل القلب من الصالحين، فان وافقتهما "فبها ونعمت" وان خالفتُ في كلامي ايَّ السبيلين منهما فهو مردود عليّ.
وسادساً: لاتطلب في آثاري انتظاماً وانسجاماً ووضوحاً، لانها تقيّد وتلخّص مشاهداتي في تحولات غريبة ومجربات نفسية مختلفة، مع امور اخرى، لو اطلعتَ عليها لعزّرتني.
وسابعاً: لا تقل: اذا لم ادرِ الكلِّ، لا اريد الكل.. فاذا كنت في بستان اتترك كل الثمرات ان لم تأكل كلها
وثامناً: ان ما يصادفك في المسائل من صورة البرهان والاستدلال ليس برهاناً حتى يقال: فيه نظر! بل مبادئ حدسية قيدت وعقدت واستحفظت بأنوار اليقين المفاضة من القرآن الكريم.


المثنوي العربي النوري - ص: 319
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين على رحمته على العالمين برسالة سَيد المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه اجمعين..
اعلم ! ان العالم بجميع انواعه من طبقات الغيب والشهادة يشهد بانه: " لا اله الاَّ هُو " اذ التساند بينها هكذا يقتضي.
وبجميع اركان جميع انواعها من المنظومة الشمسية وغيرها تشهد بانه : "لاَ رَبَّ الاَّ هُوَ" اذ التشابه مع التناظر هكذا يقتضي..
وبجميع اعضاء جميع اركانها من ارضنا وغيرها تشهد بانه: "لا مَالِكَ الاَّ هُوَ" اذ التماثل مع اتحاد السكة هكذا يقتضي.
وبجميع اجزاء جميع اعضائها من طوائف النباتات وقبائل الحيوانات تشهد بانه: "لا مُدبِّر الاَّ هُوَ" اذ التعاون مع الاشتباك هكذا يقتضي.
وبجميع جزئيات جميع اجزائها تشهد بانه: "لا مُربّيَ الاَّ هُوَ" اذ توافق الافراد في اساسات الاعضاء يصرّح باتحاد القلم وبأن المربي واحد، وتمايزها في الصور المنتظمة ينصّ على ان الكاتب مختار حكيم.
وبجميع حجيرات جميع جزئياتها تشهد بانه: "لاَ مُتَصَرف في الحَقيقَةِ الاَّ هُوَ" ولا تصرف الا تحت امره التكويني؛ اذ لو لم يتحد للزم وجود متصرفين غير متناهيين، مع انها اضدادٌ امثال 1 ومع انها مستقلين اسراءٌ، ومع انها مطلقين مقيَّدين مع محالات اُخر كثيرة.
وبجميع ذرّات جميع حجيراتها تشهد: بانه: "لاَ نَاظِمَ الاَّ هُوَ" اذ اتحّاد الخيط بين الجواهر الفردة هكذا يقتضي.

_____________________
1 اي على الرغم من انها متماثلة فهي متضادة ، وهي حرة وأسيرة ، ومقيدة ومطلقة الى آخر ذلك من المحالات.



المثنوي العربي النوري - ص: 320
وبعموم اثير ذَراتها تشهد بانه: "لاَ الهَ الاَّ هُوَ" اذ بساطة الاثير وسكوته وانتظاره وسرعة امتثاله لاوامر الخالق هكذا يقتضي.
اعلم ! انّه لا حقَّ لأحدٍ في التشكي والاعتراض على صانع العالم؛ اذ في ارضاء الفرد المشتكي إغضاب اُلوف حكمٍ متدلية في نظام مقتضى لكسر هوس ذلك الفرد
(وَلَو اَتَّبَعَ الحَقُ اهواءهُم لَفَسَدت السمواتُ والارضُ) 1
فيا ايها المشتكي! من أنت حتى تعترض وتصيّر هوسَك الجزئي مهندس كليّات الكائنات، وتجعل ذوقَك الفاسد مقياس درجات النعم؟ وما يدريك لعلّ ما تراه نقمًا عين النِعَمِ؟ ومن انت حتى يُغيّر حركة دواليب العالم (وجرخ الفلك) لتسكين هوسك الذي لا يوازي جناح البعوضة، ولا يملأ نواة التينة ؟ لكن لك ان تشتكي اليه، لا منه؛ اذ لك منك حبة من صُبرة، والمملوك لا يملك. فاعرف حدَّك ولا تجاوز طورَك..
اعلم ! ان مَن يتصرف في حجيرة من عضوٍ من جسد، لابد ان يتصور الجسدَ اولاً، ثم يتصرّف لنظر نسَب الجزء الى نقوش الكلّ ووضعيته. 2 فالتصرف في الحجيرة تحت امر خالق الكل البتة..
اعلم ! ان من يحفظ بيضات الهوام والسمك وبذور الحشرات والنباتات، حفظاً رحيماً نظيماً حكيماً، كيف يليق بحفيظيته وحكمته ان يهمل ولا يحفظ اعمالك التي هي نواتات لاشجار مثمرة في الآخرة، وانت حامل الامانة وخليفة الارض ؟ مع ان شدّة حس حفظ الحياة في كل حي، وشدّة حسّ التأليف للبقاء والادامة بين المتباينات المجتمعة يدلان بالحدس الصادق على ان الوجود ينجر الى البقاء الابدي بتجلي اسم "الحي الحفيظ الباقي".. وايضا رمزٌ من القدر الالهي الى ان في الفاني ما يبقى.
اعلم ! ان من يحفظ بذر التينة مثلا في الاطوار ويحميه في الادوار ويصونه عن الانحلال ويحفظ في تلك البذيرة لوازمات شجرة التينة بكمال الاهتمام والمحافظة،
_____________________
1 المؤمنون : 71
2 اي: ثم يتصرف ناظراً في نسب الجزء الى نقوش الكل، حيث هناك علاقات وارتباطات كثيرة للجزء مع الكل (ت: 177)



المثنوي العربي النوري - ص: 321
وهكذا سائر النباتات والحيوانات.. لا يهمل - ذلك الحفيظ - البتة اعمالَ البشر خليفة الارض بالضرورة وبالحدس الصادق.
اعلم ! ان المعنى يبقى واللفظ يتبدل، واللب يبقى والقشر يتمزق، والجسد يبقى واللباس يتخرّق، والروح يبقى والجسد يتفرق، و "أنا" يشب والجسد يشيب، والواحد يبقى والكثير يبلى، والوحدة تديم والكثرة تتمزق، والنور يبقى والمادة تتحلل. فالمعنى الذي يبقى من اول العمر الى الآخر، مع تبديله لأجسادٍ، وانتقاله في اطوار، وتدحرجه على ادوار مع محافظة وحدانيته 1، يدل على انَّه يتخطى على الموت ايضاً وينسل من كلاليبه، متشقق الجسد، عريان الروح، سالماً في طريق الابد. وشدّة دستور الحفظ والمحافظة في الماديات التي الاصل فيها الفناء ، تدل بالحدس القطعي وبالطريق الأولى على جريان ذلك القانون الباقي في المعنى والنور والروح الواحد البسيط، التي الاصلُ فيها البقاء .
اعلم ! ان عظمة الالوهيّة وعزّتها واستقلالها تستلزم دخول كلّ شئ مطلقاً عظيماً او حقيراً اعظم الاشياء واخَسها تحت تصرفها ـ فخستُك وحقارةُ احوالك لاتستلزم خروجك 2. اذ بعدُك لا يستلزم بعدَه، وحقارة صفتك لا تستلزم حقارةَ وجودك. وتلوث وجه المُلك فيك، لا يستلزم تلوث ملكوتك.. وكذا لا تستلزم عظمة الخالق خروج الحقير عن تصرفه، اذ العظمة الحقيقية تستلزم الاحاطة، والانفراد في الايجاد...
اعلم ! ان المادي الكثيف كلّما تعاظم تباعد عن الدقائق والخفايا وتقاصر يده عنها. واما النور فكلّما تعاظم وتعالى كان اتم نفوذاً في الخفايا والدقائق. وكلما كان النور ألطف كان اكشفَ لباطن الشئ كشعاع (رونتكن). فاذا كان هذا هكذا في الممكن المسكين والكثرة المشوشة، فكيف بنور الانوار من طرف الوجوب والوحدة العالِمِ بالأسرار ومدبّر الليل والنهار؟ فعظمته تستلزم الاحاطة والنفوذ والشمول!
اعلم ! وانظر الى كمال مراعاة القرآن ومماشاته وتأنيسه لأفهام جمهور العوام الذين هم الاكثر المطلق. اذ يذكر في المسألة ذات الدرجات، الدرجة القريبة اليهم، والصحيفة الواضحة لنظرهم، والا لزم ان يكون الدليل اخفى من النتيجة.
_____________________
1 اي مع الحفاظ على بقائه ووحدته (ت: 177)
2 خروجك عن تصرفها (ت: 177)




المثنوي العربي النوري - ص: 322
فالقرآن يذكر الاشياء الكونية للاستدلال على صفات الخالق جلّ جلاله. فكلما كان اظهرُ لفهم الجمهور كان اوفق للارشاد، مثلا:
يقول:
(ومن آيَاتهِ خَلْقُ السَّموَاتِ والارضِ واخْتِلافُ السنتكُمْ والوانِكُمْ) 1 مع ان خلف طبقة الالوان مسافاتُ تعيّناتِ الوجهِ كما اشير اليها في " ذرّة" ويقول: (انّ في خَلْق السَّموات والارْضِ واخْتِلافِ اللَيل والنَّهَارِ لآيات) 2 مع ان تحت صحيفة الليل والنهار المقروءة باول النظر عجائب نقوش تحريك الارض على نفسها وتدويرها حول الشمس. ويقول : (والجبالَ اوتاداً) 3 مع ان تحت ما يُرى من صورة سفينة الارض وخيمتها المرساة المربوطة بالعمد والاوتاد تسكينَ غضب الارض التي (تكَادُ تمَيَّزُ مِنَ الغَيْظ) 4 بسبب الهرج والمرج في بطنها واسكات غضبها بخلق الجبال فتتنفس الارض من منافذها، فتهتز بالزّلزلة فقط، بدل التمزق.. لولا الجبال، وتحت هذه الصحيفة ايضا جعل الجبال مخازن الماء ومشاطة الهواء وحامية التراب من استيلاء البحر والتوحل. وهذه العناصر اوتاد حياة الحيوان الذّي الناطق منه "وتد" الدنيا، فقس على هذه امثالها.
ومن هذا السر ترى الشريعة تعتبر رؤية الطلوع والغروب 5، دون الحساب الحقيقي.. ومن هذا السر ايضاً الترداد للتثبيت، والتكرير للتقرير في القرآن الحكيم.
اعلم ! ان حقائق الآيات اوسع بمراتب من خيالات الاشعار، فتنزهت عن الشعرية. والمتكلم خلف الآيات يبحث عن شأنه وفعله، وفي الشعر فضولي يبحث عن غيره. والقرآن الباحث عن العاديات في الجملة خارق للعادة 6، والشعر الباحث عن خوارق العادات في الاكثر عادي..
_____________________
1 الروم : 22
2 آل عمران: 190
3 النبأ : 7
4 الملك : 8
5 اي طلوع الهلال وغروبه ، لأن رؤيته أسهل للعوام لحساب الايام والشهور (ت: 178)
6 اي يبحثه بحثاً خارقاً للعادة . والكلمة الثالثة عشرة تفصّل هذه المسألة.



المثنوي العربي النوري - ص: 323
اعلم ! ان مرايا وحدة الخالق وصحائف شواهدها متعدّدة متنوعة متداخلة متحدة المركز غير محدودة. فتنوُّر واحدٍ في النظر المتبصر يستلزم تنور الكل، وبفتح واحد يمكن بالدّخول فتح الكل، دون العكس ؛ اذ انسداد واحد لاسيما الادنى لايستلزم انسداد الكل. مع ان النفس الامارة بتعليم الشيطان تكذِّب الاصلَ الصادق وتصدّق بالعكس الكاذب.
اعلم ! انه كما لا يمكن ان يكون كاتبُ الكلمة غير كاتب الحرف، وكاتب السطر غير كاتب الصحيفة، وكاتُبها غير كاتب الكتاب.. كذلك لا يمكن ان يكون خالقُ النملة غير خالق جنس الحيوان، وخالقُه غير خالق الارض، وخالقُها غير رب العالمين.
ومن اشارات الربوبية المطلقة العامة كتابةُ كلمةٍ اوكلام او كتاب في حرف كبير، لرمز عمومِ الشعور والاحاطة كخلق السمك في حرف البحر، وخلق دابة الارضة في سطر الشجر، وخلق الحيوان في نقطة الارض. والنمل في كل موضع يُظَن انه جامد مهمل متروك، حتى ان بعض المصنوعات كصورة "يس" كتبت فيها سورة "يس".
اعلم ! ا ان هذه النجوم والشموس متماثلة متساوية في الجملة، فليس ربّها منها بالضرورة، وربّ واحدها ربّ كلّها وربّ كلّ شئٍ.
......... 1
اعلم ! ان الفرد الانسان جماعةٌ من المكلفين، ولكل فردٍ من حواسه ظاهراً وباطناً عبادة تخصُّه، وضلالة تفسِّقُه. فكما ان سجدة الرأس لغير الله ضلالة، كذلك سجدةُ خيال الشعراء بالحيرة المفرطة والمحبة الوالهة في مدح غير الله - لا بحساب الله - ايضا ضلالة يَفْسُق بها الخيال. وقس على الخيال اخوانه.
اعلم ! ان من اَعمّ اسباب ضلالة فكر البشر : ظنُّ المألوف معلوماً، مع ان الألفة تتضمّن الجهلَ المركب، فبحُكمِ الاُلفة لا يتأملون في العادّيات المستمرة مع انها كلها
_____________________
1 في (ط1) ايها الانسان ! لو انصفت لما تضجرت من البراغيث والبعوض وامثالها؛ اذ يتحمل بكمال التسليم افتراسك كل الثمرات واكثر الحيوانات ، تلك المخلوقات اللطيفة المعصومة، فمن الانصاف ان تتحمل اهون الاقتصاص من ايدي بعض المؤذيات.. فالجروح قصاص.



المثنوي العربي النوري - ص: 324
خوارق معجزات القدرة، وما يمُعنون النظر الا في ما فوق العاديات من نوع التجليات السيالة، كمن لا ينظر من مجموع البحر - مع ما في بطنه من الحيوانات - الا الى تموّجاته بالهواء وتلألئه بشعاعات الشمس. فيستدل بهذين الحالتين فقط على عظمة مالك البحر وصانعه جلّ جلاله.
اعلم ! ان اكثر معلومات البشر الارضية ومسلّماته، بل بديهياته مبنية على الالفة، وهي مفروشة على الجهل المركب. ففي الاساس فسادٌ أيّ فساد. فلهذا السر توجِّه الآياتُ انظارَ البشر الى العاديات المألوفة، وتثقب نجوم القرآن حجاب الالفة ويأخذ 1 باذن البشر ويميل رأسه، ويريه ما تحت الألفة من خوارق العادات في عين العاديات .
اعلم ! ان المناسبة حتى المكالمة لا تستلزم التساوي ولا التداني ولا التشابه. فقطرة المطر وزهرة الثمر لهما مناسبة ومعاملة مع الشمس 2. فيا ايها الانسان ! لا تحسبن ان حقارتك تسترك عن نظر عناية خلاق الكون..
اعلم ! ان ما اشتهر من وقوع بسط الزّمان وطيه لبعض الاولياء كما وقع للشعراني 3 في مطالعته للفتوحات المكية، في يوم واحد مرتين ونصفاً، كما في آخر "اليواقيت والجواهر" لا ينبغي ان يستغرب فيستنكر؛ اذ فيما تراه له نظائر تقربه الى الفهم؛ الا ترى انك ترى في الرؤيا كأن مر عليك سنة 4 في ليلة بل في ساعة. ولو قرأت القرآن بدل ما جرى عليك، وما شاهدته من الاقاويل والافاعيل لقرأت ختمات في تلك الساعة. ففي انكشاف هذه الحالة لاهل الكشف في اليقظة ينبسط الزمان، ويطول العمر، ويتقرب الى دائرة الروح التي لا يقيدها الزمان. ولو صورت "ساعة" لها اميال متداخلة لاجل ان تكون ميزاناً تشير الى درجات سرعة الحركات الموجودة في مصنوعات الله. لا سيما لبيان درجات سرعة الصوت، والضياء، و(الالكتريق)، والخيال، ونور العقل، والملك، والروح. فميلٌ يعدّ الساعات وميلٌ الدقائق، وميل
_____________________
1 يأخذ القرآن.
2 اي: رغم صغرهما فلهما علاقة وتعامل مع الشمس (ت: 180)
3 (898 - 973هـ) عبد الوهاب بن احمد بن علي الحنفي، الشعراني من علماء المتصوفين، ولد في قلقشندة بمصر وتوفي في القاهرة. له تصانيف منها : "الانوار القدسية في معرفة آداب العبودية" و"لطائف المنن" و"الميزان الكبرى" (الاعلام 180/4 الزركلي)
4 في (ط1) مرّ عليك سنة بل سنون في ليلة.
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: المثنوي العربي النوري - شَمَّةٌ

المثنوي العربي النوري - ص: 325
الثواني الى الميل الذي يعدّ العاشرات 1، مع محافظة النسبة بين كلّ آنين من معدود اول الاميال الى آخرها. ففي تلك الساعة مدار الميل العاد للساعات المشير الى ابطأ الحركات، لو كان مثل دائرة ساعتك هذه، لكان مدار الميل العادّ للعاشرات المشيرة لاسرع الحركات مثل مدار زحل بل اوسع، فافرض احدا ركب ميل الساعات وواحداً امتطى ظهر ميل العاشرات، فانظر كم بين ما رأيا وقطعا فقد انطوى لهذا ما انبسط لذاك بدرجة تكون ثانية ذا، سنة هذا. ولان الحركة كجسم الزمان او الزمان كلونها، فما يجري فيها، يجري فيه ايضا. فلم لا يجوز للولي الغالب روحه على جسمانيّته ان يُصدر افاعيلَه على مقياس سرعة الروح والخيال؟
اعلم ! انه قد يستعظم المرء النتيجة وهي التوحيد المحض الخالص، ولا يسعها ذهنُه الكاسد، او لا يتحملها خياله الفاسد. فيشرع يردّ براهينها الصحيحة القاطعة، ويتعلل بان نتيجة بهذه العظمة لا يمكن ان يقبلها ويقيمها هذا البرهان، ولو كان في غاية القوة. فالمسكين لا يعرف ان قيوم النتيجة الايمان، وما البرهان الا منفذ ينظر اليها.. اومكنسة يطهّر الاوهام عنها. مع ان البرهان ليس واحداً، بل لها براهين عدد رمال الدهناء 2، وبمقدار حصى البطحاء 3 وقطرات الامطار وامواج البحار.
اعلم ! ان من هيّأ البطيخ والتفاح لأكلك، لا بد ان يكون أعلم بأكلك منك، وخبيراً بذوقك الوجداني الذي لا يدريه غيرك. فاين العروق والاغصان الجامدة الميتة من هذا العلم؟ فما الأسباب والاغصان الاّ موازيب الرحمة ومسيلات النعمة..
_____________________
1 تنقسم الدقيقة الواحدة الى (60) ثانية وكل ثانية الى (60) ثالثة وهكذا الى العاشرة. وفي رسالة »المعراج النبوي« تفصيل لهذه المسألة.
2 الدهناء : الفلاة.
3 البطحاء: مسيل واسع فيه رمل ودقائق الحصى.



المثنوي العربي النوري - ص: 326
القطعة الثانية
من
شَمَّة
من نسيم هداية القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
فسبحان الله ما ارقّ الحجاب بين الملك والملكوت، وما اعظم المسافة بينهما! وما اقصر الطريق بين الدنيا والآخرة وما اطولها! وما الطف الحجاب بين العلم والجهل وما اغلظه! وما اشف البرزخ بين الايمان والكفر وما اكثفه! وما اقصر المسافة بين العبادة والمعصية مع ان ما بينهما كما بين الجنة والنار! وما اقصر الحياة وما اطول الامل!
فكما ان بين الامس واليوم حجاباً رقيقاً لا يمنع من مرور الروح ونفوذه الى الامس والماضي، وان ذلك الحجاب بالنسبة الى الجسد مسافة سنة او الابد.. كذلك بين الملك والملكوت، والدنيا والآخرة حجاب رقيق شفاف لاهل القلب والروح، وغليظ كثيف غاية الكثافة لاهل النفس والهواء الجسماني.
وكما ان بين نهارك وليلك برزخاً لطيفاً هو جفنك فاذا فتحت عين نفسك زال ليلُك وانجلى نهارك. وان نسيت نفسك فعميت دام عليك ليلك سرمداً.. كذلك من نظر بحسابه تعالى الى الكائنات صار كلّ ما شاهده علماً. واذا نظر بالغفلة وبحساب الاسباب صار كلّ ما يظنه علماً، جهلا محضاً.


المثنوي العربي النوري - ص: 327
وكما ان بين تنوّر (آيا صوفيا) وشدة ظلماته في الليل زماناً بمقدار تحريك الاصبعين لمفتاح (الألكتريق)، وفي فضاء العالم بالتهاب البرق وانطفائه في آن، واستضاءة الدنيا وظلماتها بالسحاب الاسود وانكشافه عن وجه الشمس بهبوب نسيم الرحمة دفعة.. كذلك من نظر بنور الايمان والتوحيد يرى العالم مملؤاً نوراً، وانسيةً وتحبباً وتودداً، واجزاء الكائنات أودّاء اخواناً احياءً مؤنسين. واما إذا انظر بالكفر يرى اجزاء العالم اعداء واجانب امواتاً موحشين ويرى العالم ظلماتٍ بعضها فوق بعض وهو في بحر مصطلم مظلم يغشاه موج من فوقه موج اذا أخرج يده لم يكد يراها.
وكما ان ما بين وجهَي المرآة ارق من الورق مع ان بينهما من الفرق كما بين الغرب والشرق، ثم تبدل الوجهين بان تضحك في وجهك او تعبس؛ يحصل بتحريك الاصبعين لها 1.. كذلك لأفعال البشر وجهان؛ فبتعلُّق النية بها لوجه الله تنقلب وتريك وجها شفافاً معكساً يسع في عمقه المثالي ما لا يحدّ من التجليات، وبفقدان النية او النية لغير وجه الله يظهر الوجه الجامد او الاسود السطحي الذي لايغني من الحق شيئا .
وكما ان الوجه الاسود الملون من المرآة لا يسع في عمقه شيئا وفي عرضه، انما يسع بمقدار جرمه الصغير واما الوجه الشفاف؛ فلاتصاله بالبرزخ والمثال المطلق يسع ما لا يحد ولا يضيق عمقه من اعظم الاشياء .. كذلك الحياة لها وجهان: وجه الى الدنيا اسود ضيق فان، ووجه الى الحق شفاف واسعٌ دائمي، فالنفس الغافلة بقبول مغلطة الشيطان تلبس الوجه الاسود وتُظهر احكام الوجه الاشف، بطول الامل وطلب الابد.
اعلم! ان مفتاح العالم في يد الانسان وفي نفسه، فالكائنات مع انها مفتحة الابواب منغلقة 2، فالحق سبحانه اودع من جهة الامانة 3 في الانسان مفتاحاً يفتح به كل ابواب العالم، وطلسماً يفتح به كنز خلاّق الكون. والمفتاحُ ما فيك من
_____________________
1 المقصود : نوع من المرايا ذات الوجهين.
2 اي: مع انهامفتحة الابواب ظاهرا الاّ انها منغلقة حقيقة.
3 اشارة الى الآية الكريمة (إنّا عرضنا الامانة..)




المثنوي العربي النوري - ص: 328
"انا". الا ان "انا" أيضاً معمّى مغلق، ومُطلسَم منغلق، فاذا فتحتَ "انا" بمعرفةِ ماهيته الموهومة انفتح لك الكائنات.
نعم، ان الله جلّ جلاله اعطى ليد الانسان "انا" ليصيِّره واحداً قياسياً - بالفرض والتوهّم لا بالعلم والتحقق - لفهم اوصاف الربوبية.
فالانسان اذا عرف "انا" ما هو ؛ بأن رآه شعرةً شعورية في حبل وجود الانسان، وخيطاً رقيقاً في ثوب ماهية البشر، والفاً في كتاب الشخص؛ له وجهان: وجه الى الخير، فبه قابل للفيض فقط لا فاعل. ووجه الى الشر والعدم وبه فاعل، وماهيته موهومة، وربوبيته مخيلة، ووجوده اضعف من ان يتحمل شيئاً بالذات.. بل انما هو كميزان الحرارة وامثاله من الموازين التى يعرف بها مقادير الاشياء. فـ "أنا" ايضا ميزان يعرف به الصفات المحيطة المطلقة للواجب الوجود.. وأذعنَ 1 دخل تحت
(قَدْ افْلَحَ مَنْ زَكّيهَا) 2 وأدى الامانة بحقها.
فاذا تأمّلت في "أنا" بالمعنى الحرفي، صار لك عيناً تفهّمت ورأيت به كل ما في الكون، لانه اذا جاءت المعلومات الآفاقية صادفتْ في "أنا" ما يصدقها. فاذا فهمتها انتهت وظيفة "أنا" وربوبيته الموهومة ومالكيته المفروضة. فليرجع "انا" من السّمكتية الى الحبابية 3.. واما اذا نظرت الى "أنا" بالمعنى الاسمى واعتقدته مالكاً، وخنت في الامانة دخلت تحت
(وقَدْ خَابَ مَنْ دَسّيها) 4 اذ الامانة التي تدهشتْ من حملها السموات والارض والجبال هي "أنا" من هذه الجهة، اذ منها يتولد الشرك والشرور والضلالات، اذ اذا تستَّر "أنا" عنك غلُظ، حتى صار حبلاً بلع وجودك فصار كلك أنا. ثم استغلظ بانانية النوع والاستناد به فيصير شيطانا يبارز امر صانعه. ثم يقيس الناس، ثم الاسباب على نفسه فيقع في شرك عظيم.. ففي هذا الوجه لو ارسلت عينك وفتحت كل الآفاق انغلق في وجهك، برجوع عينك الى نفسك؛ اذ ترى كلَّ شئ بلون ما في نفسك من "أنا". ولونُه في ذاته - في هذا الوجه - الشرك والتعطيل، ولو مُلئت الآفاق آياتٍ باهرةً، وبقي في "أنا" نقطة مظلمة طمَّت على الآيات .
_____________________
1 اي: عرف الانسان كل ماذكر عن ماهية »أنا « ثم اذعن..
2 الشمس : 9
3 من الوجود الحقيقي الى الوجود الموهوم.
4 الشمس : 10



المثنوي العربي النوري - ص: 329
مسألة مهمة : وهي ان "أنا" له وجهان: وجه اخذته النبوة، ووجه اخذته الفلسفة.
فالوجه الاول: منشأ العبودية المحضة؛ ماهيتُه حرفية، ووجوده تبعي، ومالكيته وهمية، وحقيقته فرضية، ووظيفته: صيرورتَه ميزاناً ومقياساً لفهم صفات الخالق. فالانبياء هكذا نظروا الى "أنا" فسلموا المُلكَ كلَّه لله. وحكموا بانه لا شريك له لا في ملكه ولا في ربوبيته ولا في الوهيته، وبِيَدِهِ مَقَاليدُ كُلّ شَئِ وَهُوَ عَلى كُلّ شَئٍ قَديرٍ. ومن هذا الوجه الشفاف الحي انبت الرحيم جلّ جلاله شجرة طوبى العبودية فاثمرت اغصانها المباركة في حديقة الكائنات، دانية قطوفها، متدلية ثمرات الانبياء والمرسلين والاولياء والصديقين المتلألئين كالنجوم في الظلمات.
واما الفلسفة فنظرت الى "أنا" بالمعنى الاسمي دون الحرفي، وبالوجود الاصلي دون التبعي، وزعموه مالكاً بالحقيقة، وظنوه حقيقة ثابتة، وتوهموا وظيفته تكمُّل ذاته بحب ذاته. فمن هنا تشعبت انواعُ الشرك، وعلى رأس "أنا" تنبتتْ شجرةُ زقوم الضلالة. فمن غصن "القوة البهيمية" اثمرت في انظار البشر باستحسان القوة الظالمة والحسن المرائي اصناماً عابدةً من جهة، ومعبودة من جهة.. ومن غصن "القوة الغضبية" اثمرت على رؤوس البشر نمارد وفراعين.. ومن "القوة العقلية" اثمرت في عقول البشر الدهريين والماديين، وفلاسفة يعطون للواجب واحداً، ويقسمون سائر ملكه على غيره تعالى.. وان "أنا" في ذاته كأنه كان هواء وبخاراً، لكن بسبب شؤم نظرهم تميّع، ثم بالاُلفة تصلب، ثم بالغفلة تجمّد، ثم بالعصيان تكدر فاستغلظ حتى ابتلع صاحبه. وتوسع بافكار النوع، ثم قاسَ الناسَ والاسبابَ على نفسه فصار مبارزاً لاوامر خالقه. فمن هنا اضطر بعض الفلاسفة الى تأثير الاسباب 1، وايجاد الطبيعة، والتصادف، ونفي الحشر، وقدم الارواح وامثالها من ضلالاتهم
(قاتلهُمُ الله انَّى يُؤفكون) 2 اختطفتهم الشياطين بمنقار "أنا" وانابيبه ومخاليبه.
فأنا في العالم الصغير كالطبيعة في العالم الكبير، كلاهما من الطواغيت.
(فَمَنْ يَكْفُرْ بالطَّاغُوتِ وَيُؤمِنْ بالله فَقَد اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ اْلوُثقى لا انفِصامَ لَهَا والله سَميعٌ عليم) 3
_____________________
1 اي الى الاعتقاد بتأثير الاسباب.
2 التوبة : 30
3 البقرة : 256



المثنوي العربي النوري - ص: 330
اعلم! ان حياة الحسنات بالنية، وفسادها بالرؤية والرياء والاراءة. وعرق الوجدانيات المشعورة بالذات تنقطع بالنية وبشعور ثانوي 1، كما ان النية حياة الاعمال، كذلك النية موت الاحوال بجهةٍ 2..
مثلا: نية المتواضع تفسده، ونيّة التكبر تزيله، ونيّة الفرح تطيره، ونيّة الغم تهوّنه وقس 3.
اعلم! ان الشجرة بل كل ما فيه قانون التكامل، لابد ان تنبت على نواة تربت في بطن ثمرة من مثل تلك الشجرة. فان لم تُسْبَقْ بغيرها كشجرة العالم، فلابد لها من نواة عريانة ما تجسدت بالثمرة بعد. ثم حقها من العناية الازلية ان تلبس ايضا ثمرة من ثمرة الشجرة التي تنبّتت عليها، فلابد ان تكون تلك الثمرة التي تجسدت النواة بها، اعظم واكرم والطف واشرف واعلى واجل. فالكائنات شجرة، والعناصر اغصانها، والنباتات اوراقها، والحيوانات ازاهيرها، والاناسي ثمراتها.
واضوأ ثمراتها وانورها واولاها واجلاها واحسنها وازينها واعظمها واكرمها واشرفها والطفها واجمعها وانفعها هو محمد عليه الصلاة والسلام سيد المرسلين وامام المتقين وحبيب رب العالمين. صاحب المعراج وما زاغ البصر، ومَن انشق له القمر، وكلَّمه الضبُّ والظبي والذئب والجذع والذّراع والجمل والجبل والحجر والمدر والشجر، ونبع الماء من بين اصابعه كالكوثر، افضل الخلائق الانسانية، ومجمع الحقائق الايمانية، وطور التجليات الاحسانية، ومهبط الاسرار الرحمانية، وقائد ركب الانبياء والصديقين، وافضل الخلق اجمعين، حامل لواء العز الاعلى بالتوحيد، ومالك ازمة المجد الأسنى بالاسلام، شاهد اسرار الازل، ومشاهد انوار السوابق الاول، وترجمان لسان القدم، ومنبع العلم والحلم والحكم المتحقق باعلى رتب العبودية، والمتخلق باخلاق المقامات الاصطفائية. الخليل الاعظم والحبيب الاكرم عليه افضل الصلوات وازكى التحيات وانمى البركات ما دامت الارض والسموات.
_____________________
1 ان اساس الوجدانيات التي تستشعر بالذات شعوراً فطرياً ، ينقطع بشعور ثانٍ ونية (ت: 183).
2 المقصود الاحوال الفطرية (ت: 183)
3 اي ان نية التواضع بتصنع وبشعور ثانوي تفسد التواضع الفطري ، وكذا نية التكبر بشعور ثانوي تزيل عزة النفس والوقار الفطري.



المثنوي العربي النوري - ص: 331
[ خذ بيدي ياسيد المرسلين
فانت الامل يانور كرم الله المبين
لا انتماء لي الا اليك يا سيدي
وأنطقُ دليلي: لا اله الاّ الله محمد رسول الله ]
إلهي ! احب واتمنى ان يكون لي الوف من الالسنة مستغفرة عني الى قيام الساعة. فاجعل يا الهي! نسخ رسالتي هذه السنة لي، مستغفرين ومصلين على النبي بدلاً عني مادام القلم وما يسطرون..
إلهي الذنوب اخرستني، وكثرة المعاصي اخجلتني، وشدّة الغفلة اخفتت صوتي. فادق باب رحمتك وانادي في باب مغفرتك بصوت سيدي وسندي الشيخ " عبد القادر الكيلاني" قدس سره وندائه المقبول المأنوس عند البواب بـ :
يامن وسعت رحمته كل شئٍ، ويا من بيده ملكوت كل شئ، يامن لا يضرهُ شئ، ولا ينفعه شئ، ولا يغلبه شئ، ولا يعزب عنه شئ، ولا يؤوده شئ، ولا يستعين بشئ، ولا يشغله شئ عن شئ، ولا يشبهه شئ، ولا يعجزه شئ، اغفر لي كل شئ، حتى لا تسألني من شئ. يا من هو آخذ بناصية كل شئ، وبيده مقاليد كل شئ.. ويا من هو الاول قبل كل شئ.. والآخر بعد كل شئ.. والظاهر فوق كل شئ.. والباطن دون كل شئ.. والقاهر فوق كل شئ.. اغفر لي كل شئ.. انك على كل شئ قدير.. ويا عليما بكل شئ ومحيطا بكل شئ،وبصيراً بكل شئ، ويا شهيدا على كل شئ، ورقيبا على كل شئ، ولطيفا بكل شئ، وخبيرا بكل شئ. اغفر لي كل شئ من الذنوب والخطيئات حتى لا تسألني عن شئ. انك على كل شئ قدير..
اللّهم اني اعوذ بعزة جلالك وبجلال عزتك، وبقدرة سلطانك وبسلطان قدرتك، من القطيعة والاهواء الردية. يا جار المستجيرين.. اجرني من الشهوات الشيطانية.. وطهرني من القاذورات البشرية.. وصفني بحب نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، بالمحبة الصديقية من صدأ الغفلة واوهام الجهل، حتى تفنى الانانية ويبقى الكل لله، وبالله، والى الله، ومن الله.. غرقاً بنعمة الله، في بحر منة الله.. منصورين بسيف الله.. محظوظين بعناية الله.. محفوظين بحماية الله.. عن كل شاغل يشغل عن الله. فيا نور الانوار،


المثنوي العربي النوري - ص: 332
ويا عالم الاسرار، ويا مدبر الليل والنهار، ويا ملك، ياعزيز، يا قهار، يا رحيم، ياودود. ياغفار، ياعلام الغيوب، يامقلب القلوب والابصار. ياستار العيوب، ياغفار الذنوب، اغفر لي ذنوبي وارحم من ضاقت عليه الاسباب وغلقت دونه الابواب وتعسر عليه سلوك طريق اهل الصواب. وانصرمت ايامه ونفسه راتعة في ميادين الغفلة والمعصية ودَنيّ الاكتساب. فيا من اذا دعي اجاب، وياسريع الحساب، وياكريم، يا وهاب، ارحم من عَظُمَ مرضه.. وعز شفاؤه وضعفت حيلته وقوي بلاؤه وانت ملجؤه ورجاؤه.
الهي اليك ارفع بثي وحزني وشكايتي.. الهي: حجتي حاجتي وعدتي فاقتي وانقطاع حيلتي، الهي قطرة من بحار جودك تغنيني. وذرة من تيار عفوك تكفيني. ياودود. ياودود. ياودود.. ياذا العرش المجيد. يا مبديء يا معيد، يا فعالا لما يريد: اسألك بنور وجهك الذي ملأ اركان عرشك وبقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك وبرحمتك التي وسعت كل شيء لا اله الا انت يا مغيث اغثني واغفر جميعذنوبي وسقطات لساني في جميع عمري برحمتك يا ارحم الراحمين.
آمين.. آمين.. آمين..
يامن يقرأ هذا الاستغفار اولا لنفسك، فأقرأه ثانياً: بدلا عني في سبيل الله.. فاني في قبري ساكن، ولساني ساكت ناطق بكتابي مستعيراً لسانك فانطق بحسابي ايضاً حسبةً لله...
سعيد النورسي
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المثنوي العربي النوري - شُعْلَةٌ عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 2 03-23-2011 08:21 PM
المثنوي العربي النوري - قطعة من شمة عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 4 03-23-2011 08:14 PM
المثنوي العربي النوري - ذرة عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 1 03-23-2011 08:04 PM
المثنوي العربي النوري - حبة عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 3 03-23-2011 07:55 PM
المثنوي العربي النوري - لمعات عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 2 03-23-2011 07:27 PM


الساعة الآن 03:21 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir