أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 12-08-2013
  #1
عبد القادر الأسود
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبد القادر الأسود
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 216
معدل تقييم المستوى: 15
عبد القادر الأسود is on a distinguished road
افتراضي فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 62

ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ.
(62)
قولُهُ تبارك وتعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ} ثمَّ رُدُّوا: ثَبَتَ أَنَّ المَرْدودَ هو الرُّوحُ، وثَبَتَ أَنَّ الإنسانَ ليسَ إلاَّ الرُّوحَ وهو المطلوبُ رجوعُهُ إلى اللهِ مولاه، والروحُ موجودةٌ قبلَ التعلًّقِ بالبَدَنِ لأنَّ الرَّدَّ مِنْ هذا العالَمِ إلى حضرةِ الجَلالِ إنَّما هو لكونِ الروحِ مَوجودَةً قبلَ ذَلك، ونَظيرُه قولُهُ سبحانه: {ارْجِعي إلى رَبّكِ} الفجر: 28. وقولُه تعالى: {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ} الأنعام: 60. وفي قولِهِ "رُدُّوا" الْتِفاتٌ مِنَ الخِطابِ إلى الغَيْبَةِ، والسِرُّ في الإفْرادِ أَوَّلاً والجَمْعِ ثانياً وُقوعُ التَوفِّي على الإنْفِرادِ، ووُقوعُ الرَّدِّ على الجَمْعِ أَيْ رَدَّهُمُ اللهُ بِالْبَعْثِ لِلْحِسَابِ بعدَ الحَشْرِ.وقيلَ إنَّ فيه التِفاتاً مِنَ التَكَلُّمِ إلى الغيبةِ لأنَّ الرَّدَّ يُناسِبُهُ الغَيْبَةُ بِلا شُبهةٍ وإنْ لم يَكُنِ الرَّدُ حقيقةً لأنَّهم ما خَرَجوا مِنْ قبضةِ حُكْمِهِ سُبْحانَهُ طَرْفَةَ عينٍ. "إلى اللهِ" قالَ جمهورُ المُفَسِّرينَ أيْ إلى حُكْمِهِ وجَزائِهِ، أَوْ إلى مَوْضِعِ العَرْضِ والسُؤالِ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يَكونَ هذا الرَّدُّ إلى اللهِ بعدَ المَوْتِ، فقد وَرَدَ في السُنَّةِ المُطَهَّرَةِ ما يُفيدُ أَنَّ المَلائكةَ يَصْعَدون بِأَرْواحِ المَوتَى مِنْ سَماءٍ إلى سَماءٍ حتى تَنْتَهي بها إلى السَماءِ السابِعَةِ، وفي رِوايةٍ إلى السَماءِ التي فيها اللهُِ، ثمَّ تُرَدُّ إلى عِلِّيينَ أوْ سِجِّينَ، فقدْ رَوى الإمامُ أحمدُ في مُسنَدِهِ: (2/ 364) وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدِ الصَّحِيحِ، عن أبي هُريرَةْ رضيَ اللهُُ عنه، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسَلَّمَ أنَّهُ قال: ((الْمَيِّتُ تَحْضُرُهُ الْمَلاَئِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَالَ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ اخْرُجِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، قَالَ: فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَتُفْتَحَ لَهَا، فَيُقَالَ مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: فُلاَنٌ، فَيَقُولُونَ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، ادْخُلِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، قَالَ: فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا الله، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ قَالَ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ اخْرُجِي ذَمِيمَةً وَأَبْشِرِي: بِ {حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} قَالَ: فَلاَ تَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ، ثُمَّ يُعْرَجَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَيُقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَيُقَالُ: هَذَا فُلاَنٌ فَيُقَالُ: لاَ مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ, اخْرُجِي ذَمِيمَةً فَإِنَّا لاَ نَفْتَحُ لَكِ أبوابَ السَّمَاءِ، فَتُرْسَلَ مِنَ السَّمَاءِ ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ، فَيُجْلَسَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ، وَلاَ مَشْعُوفٍ، فَيُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقوُلُ: كُنْتُ فِي الإِسْلاَمِ فَيُقَالُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله، صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَصَدَّقْنَاهُ فَيُقَالُ: هَلْ رَأَيْتَ الله؟ فَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَرَى اللهَ، فَتُفْرَجَ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يُحَطِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللهُ، ثُمَّ تُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ الْجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، وَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ وَعَلَيْهِ مِتَّ وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ الله، وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السُّوءُ فِي قَبْرِهِ فَزِعًا مَشْعُوفًا، فَيُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ ؟ فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلاً فَقُلْتُهُ، فَيُفْرَجُ لهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ فَيُنْظَرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَا صَرَفَ اللهُ عَنْكَ، ثُمَّ تُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ إِلَى النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يُحَطِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ وَعَلَيْهِ مِتَّ وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ)). إسنادُهُ صحيحٌ على شَرْطِ الشَيْخين. وفي الآيَةِ دليلٌ على عُلُوِّهِ تعالى مِنْ خلقِه والله أَعلَمُ، وقيلَ رُدُّوا أيْ الخَلْقُ أوْ المَلائكةُ.
قولُهُ: {مَوْلاهُمُ الْحَقِّ} مَوْلاهُمُ: أَيْ خَالِقُهُمْ وَرَازِقُهُمْ وَبَاعِثُهُمْ وَمَالِكُهُمْ الذي يلي أُمورَهم أوْ خالِقُهم ومَعْبودُهم، ويُطْلَقُ المولى أيضاً على المُعْتِقِ، إشْعاراً بأنَّه جَلَّ شأنُه أَعْتَقَهم مِنَ العَذابِ. و"الْحَقِّ" صفةٌ لاسْمِ اللهِ، وإنَّما قالَ ذلك لأنَّهم كانوا في الدُنْيا تحتَ أَيْدي مَوَالٍ بالباطِلِ، كالنَّفْسِ والشَهْوَةِ وغيرِ ذلك، قالَ سبحانَه: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهَهُ هَوَاهُ} الجاثية: 32. فلمَّا ماتَ الإنسانُ تخلَّصَ مِنْ تَصَرُّفاتِ المَوالي الباطِلَةِ وانْتَقَلَ إلى تَصَرُّفِ المولى الحقِّ. فاللهُ مَوْلاهُمْ وسَيِّدُهُم بالحَقِّ. وذَكرَ حُجَّةُ الإسْلامِ الإمامُ الغزاليُّ قُدِّسَ سِرُّهُ أَنَّ الحَقَّ مُقابِلَ الباطِلِ، وكُلُّ ما يُخْبَرُ عنهُ فإمَّا باطلٌ مُطْلَقاً وإمَّا حَقٌّ مُطْلَقاً وإمَّا حَقٌّ مِنْ وَجْهٍ باطلٍ مِنْ وَجْهٍ، فالمُمتَنِعُ بذاتِهِ هُو الباطِلُ مُطْلَقاً، والواجِبُ بذاتِهِ هو الحقُّ مُطْلَقاً والمُمكِنُ بِذاتِهِ الواجِبُ بغيرِهِ حَقٌُّ مِنْ وَجْهٍ باطلٌ مِنْ وَجْهٍ، فمِنْ حيثُ ذاتِه لا وُجُودَ لَهُ فهو باطلٌ وَمِنْ جِهَةِ غيرِهِ مُستَفيدٌ للوُجودِ فهو حَقٌّ مِنَ الوَجْهِ الذي يَلي مُفيدُ الوُجودِ، فمَعنى الحقِّ المُطْلَقِ هو الموجودُ الحَقيقيُّ بِذاتِهِ الذي مِنْهُ يُؤخَذُ كُلُّ حَقيقةٍ وليسَ ذَلك إلاَّ اللهُ تعالى، وهذا هو مُرادُ القائلِ إنَّ الحَقَّ هو الثابتُ الباقي الذي لا فَنَاءَ لَهُ.
قولُهُ: {أَلا لَهُ الْحُكْمُ} أي لا حكمَ إلاَّ لَه لا لِغيرِهِ لا بِحَسَبِ الظاهرِ ولا بِحَسَبِ الحَقِيقةِ، فاعْلَمُوا وَقُولُوا: لَهُ الْحُكْمُ وَحْدَهُ يومَ الْقِيَامَةِ، أَيِ الْقَضَاءُ وَالْفَصْلُ. واسْتُدِلََّ بهذه الآيةِ الكريمةِ على أَنَّ الطاعةَ لا تُوجِبُ الثَوابَ، والمَعْصيةُ لا تُوجِبُ العِقابَ، إذْ لو ثَبَتَ ذلك لَثَبَتَ للمُطيعِ على اللهِ تعالى حُكْمٌ، وهو أَخْذُ الثَوابِ، وهو يُنافي ما دَلَّتْ عليْهِ الآيةُ مِنَ نِسْبَةِ الحُكْمِ إلى ذاتِهِ المقدَّسةِ حَصْراً.
قولُهُ: {وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ} لِكَوْنِهِ لا يَحتاجُ إلى ما يحتاجون إليْه، أَيْ لا يَحْتَاجُ إِلَى فِكْرَةٍ وَرَوِيَّةٍ وتَدَبُّرٍ. فهو سبحانه يحاسب جميعَ الخلائقِ بنفسِهِ في أَسْرَعِ زمانٍ وأَقْصَرِهِ، إذ أَنَّه تعالى شأنُهُ لا يَشغَلُهُ حِسابٌ عن حسابٍ كما لا يَشغَلُهُ شأنٌ عنْ شأنٍ. وفي الحديث: (أنَّه تعالى يحاسِبُ الكُلَّ في مِقدارِ حَلْبِ شاةٍ) ورُوِيَ في لمحةٍ. وفي بعضِ الأخبارِ "في مقدارِ نِصْفِ يومٍ ". وذَهَبَ بعضُهم إلى أنَّه تعالى لا يحاسِبُ الخَلْقَ بِنَفْسِهِ، بَلْ يَأْمُرُ سُبْحانَهُ المَلائكةَ عليهِمُ السَلامُ فيُحاسِبُ كلَّ واحدٍ منهم واحداً مِنَ العِبادِ. وذَهَبَ آخَرونَ إلى أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إنَّما يُحاسِبُ المؤمنين بنفسِهِ، وأَمَّا الكُفَّارُ فتُحاسِبُهُمُ الملائكةُ، لأنَّهُ تعالى لو حاسَبَهم لَكَلَّمَهمْ، وذَلكَ باطلٌ لِقولِهِ تعالى: {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ} البقرة: 174. وأُجيبَ عنْ هذا بأنَّ المُرادَ أنهُ لا يُكلِّمُهُم بما يَنْفَعُهم، فإنَّ ظواهِرَ الآياتِ ومِنْها ما تقدَّمَ في هذِه السُورَةِ مِنْ قولِهِ تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} الأنْعامُ: 22. وقولِهِ سبحانَه: {وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ على رَبّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هذا بالحقِّ قَالُواْ بلى وَرَبّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العذاب بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} الأنْعامُ: 30. فهذه الآيات المباركات تَنصُّ على تكليمِ اللهِ تعالى لهم في ذلك اليومِ، ثمَّ إنَّ كيْفِيَّةَ ذلك الحساب مما لا تحيطُ بِتَفْصيلِها عُقولُ البَشَرِ مِنْ طريقِ الفِكْرِ أَصْلاً وليْسَ لَنَا إلاَّ الإيمان بِهِ مَعَ تفويضِ الكَيْفِيَّةِ وتَفْصيلِها إلى عالِمِ الغَيْبِ والشَهادَةِ، جَلَّ في عُلاهُ.
وادَّعى الفَلاسِفَةُ أَنَّ كَثْرَةَ الأَفعالِ وتَكْرُّرَها يُوجِِبُ حُدوثَ المَلَكاتِ الرَّاسِخَةِ، وأَنَّه يجبُ أنْ يَكونَ لِكُلِّ واحدٍ مِنْ تلكَ الأَعْمالِ أَثَرٌ في حُصولِ تلكَ المَلَكَةِ، بَلْ يجبُ أنْ يَكونَ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزاءِ العَمَلِ الواحِدِ أَثَرٌ بِوَجْهٍ مّا في ذلكَ وحِينَئِذٍ يُقالُ: إنَّ الأفعالَ الصادرةَ مِنَ اليَدِ هي المُؤَثِّرَةُ في حُصولِ المَلَكةِ المخصوصَةِ، وكذلكَ الأفعالُ الصادرةُ مِنَ اليَدِ هي المؤثِّرَةُ في حُصولِ المَلَكَةِ المَخْصوصَةِ، وكذلكَ الأفعالُ الصادرةُ مِنَ الرِجْلِ فتَكونُ الأيدي والأرجُلُ شاهدةً على الإنْسانِ، بمَعنى أَنَّ تلكَ الآثارَ النَّفسانِيَّةَ إنَّما حَصَلَتْ في جَواهِرِ النُّفوسِ بِوِساطةِ هذه الأفعالِ الصادرةِ عنْ هذِهِ الجَوارِحِ، فكان ذلك الصُدُورُ جارِياً مجرى الشهادةِ بحصولِ تلكَ الآثارِ في جَواهِرِ النَّفسِ.
وادُّعِيَ أَنَّ هذِهِ الآيةَ مِنْ أَدَلِّ الدَلائلِ على أَنَّ الإنسانَ ليس عِبارةً عنْ مجرَّدِ هذِهِ البُنْيَةِ، لأَنَّ صَريحَها يَدُلُّ على حُصولِ المَوْتِ للعَبْدِ، ويَدُلُّ على أَنَّهُ بعدَ الموتِ يُرَدُّ إلى اللهِ تعالى، والمَيْتُ مَعَ كونِهِ مَيْتاً لا يمكِنُ أَنْ يُرَدَّ إلى الله تعالى لأنَّ ذلك الرَّدَّ ليسَ بالمَكانِ والجِهَةِ لِتَعالِيهِ سبحانَه عَنْهُما، بَلْ يجبُ أَنْ يَكونَ مُفَسَّراً بِكونِهِ مُنْقاداً لحُكْمِ اللهِ تعالى مُطيعاً لِقَضائِهِ، وما لم يَكُنْ حَيّاً لا يَصِحُّ هذا المَعْنى فيه، فَثَبَتَ أَنَّهُ حَصَلَ ههُنا مَوْتٌ وحياةٌ، أَمَّا الموتُ فَنَصيبُ البَدَنِ فتَبْقى الحياةُ نَصيبَ الرًّوحِ.
قولُهُ تعالى: {مَوْلاَهُمُ الحَقُّ} صِفَتانِ للهِ. وقرَأَ الحَسَنُ والأعْمَشُ: "الحقَّ" نَصْباً، وفيهِ تأويلان، أَظْهَرُهما: أَنَّهُ نَعْتٌ مَقطوعٌ. والثاني: أنَّه نَعْتُ مصدرٍ محذوفٍ أيْ: رَدُّوا الرَّدَّ الحَقَّ لا الباطِلَ. وقُرِئَ: {رِدُّوا} بِكَسْرِ الراءِ، وتَقدَّمَ تخْريجُها مستوفى. والضَميرُ في "مَوْلاهُم" فيهِ ثلاثةُ أَوْجُهٍ، أَظهرُهما: أنَّه ُللعِبادِ في قولِهِ {فَوْقَ عِبَادِهِ} فقولُهُ: {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم} التفاتٌ، إذا الأصلُ: ويُرسِلُ عليهم وفائدة هذا الالْتِفاتِ التَنْبيهُ والإِيقاظُ. والثاني: أَنَّهُ يَعودُ على الملائكةِ المَعنيِّين بقولِهِ: "رسلنا"، يَعني أَنهم يموتونَ كمَا يموتُ بَنُو آدمَ، ويُرَدُّونَ إلى رَبهم. والثالثُ: أَنَّهُ يَعودُ على "أَحَدٍ" في قولِهِ: "إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الموتُ" إذِ المُرادُ بِهِ الجَمْعُ لا الإِفْرادُ.
__________________
أنا روحٌ تضمّ الكونَ حبّاً
وتُطلقه فيزدهر الوجودُ
عبد القادر الأسود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-13-2013
  #2
فراج يعقوب
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,269
معدل تقييم المستوى: 16
فراج يعقوب is on a distinguished road
افتراضي رد: فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 62

جزاك الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
__________________
اللهم صل على سيدنا محمد صاحب الكوثر صلاة لاتعد ولاتكيف ولاتحصر ننال بها الرضوان الأكبر وجواره يوم المحشر وعلى آله وسلم
فراج يعقوب غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-15-2013
  #3
عبد القادر الأسود
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبد القادر الأسود
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 216
معدل تقييم المستوى: 15
عبد القادر الأسود is on a distinguished road
افتراضي رد: فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 62

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فراج يعقوب مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وشكر لك كريم حضورك.
__________________
أنا روحٌ تضمّ الكونَ حبّاً
وتُطلقه فيزدهر الوجودُ
عبد القادر الأسود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 72 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 12-15-2013 03:41 PM
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 63 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 2 12-12-2013 01:38 PM
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 39 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 11-21-2013 07:02 PM
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 38 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 11-21-2013 10:11 AM
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 20 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 2 11-21-2013 10:10 AM


الساعة الآن 02:56 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir