الأذكار, لمؤلفه الإمام الشيخ يحيى بن شرف النووي الشافعي الأشعري, صاحب التصانيف المشهورة, التي سارت بها الركبان وشهد بفضله وتقدمه على أقرانه كل قاص ودان, وروي عن صبره على العلم والتاليف وزهده وعبادته الشيء العجيب.
له مؤلفات عديدة في شتى الميادين, فهو شارح صحيح مسلم, وله كتاب المجموع في الفقه الشافعي, ورسالة التبيان في آداب حملة القرآن ورياض الصالحين, وتهذيب الأسماء واللغات وغير ذلك.
جمع كتاب الأذكار فكان من خير الكتب وضمنه الأحاديث في فضائل الأعمال والأذكار, حتى قال العلماء: بع الدار واشتر الأذكار.
له شروحات عديدة أجلها شرح المحدث الجليل ابن علان الصديقي.
كما ضمن النووي كتابه فوائد حديثية التقطت منها هذه:
قال الإمام النووي:
فصل اعلم أنه ينبغي لمن بلغه شيء في فضائل الأعمال أن يعمل به
ولو مرّة واحدة ليكون من أهله، ولا ينبغي أن يتركه مطلقاً بل يأتي بما تيسر منه، لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته:
"إذَاأَمَرْتُكُمْ بَشَيءٍ فأْتُوا مِنْهُ ما اسْتَطعْتُمْ"
فصل: قال العلماءُ من المحدّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويُستحبّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعاً*5*، وأما الأحكام كالحلال والحرام والبيع والنكاح والطلاق وغير ذلك فلا يُعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن إلا أن يكون في احتياطٍ في شيء من ذلك، كما إذا وردَ حديثٌ ضعيفٌ بكراهة بعض البيوع أو الأنكحة،فإن المستحبَّ أن يتنزّه عنه ولكن لا يجب. وإنما ذكرتُ هذا الفصل لأنه يجيءُ في هذا الكتاب أحاديثُ أنصُّ على صحتها أو حسنها أو ضعفها، أو أسكتُ عنها لذهول عن ذلك أو غيره، فأردتُ أن تتقرّر هذه القاعدة عند مُطالِع هذا الكتاب.انتهى كلام الإمام النووي
مقتضى كلام الإمام النووي, كما هو معلوم لمن طالع هذا الفن وفهمه, ان الحديث الضعيف لا يعني انه موضوع كما يتوهم العوام, بل يكون الراوي على الأغلب صدوق لكن له اوهام أو اختلط في آخر حياته او ينسى كثيرا او طعن فيه من جهة مروءته .... على آخره –راجع كتاب الرفع والتكميل في الجرح والتعديل للإمام اللكنوي تحقيق الشيخ عبد الفتّاح أبوغدة رحمه الله-.
وينبغي التوقف في رد الأحاديث أو الحكم عليها إلا من له أهلية لذلك, فالحديث الضعيف طالما أنه لم يثبت وضعه, فقد يكون رسول الله صلى الله قليه وسلم قد قاله وربما لا, قال شبيهه بنفس المعنى –وكذا كل حديث ظني- فرده هو رد لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فالأحوط ان يسكت عنه إن اشتبه فيه, وإنما قال العلماء بعدم العمل بالحديث الضعيف في مسائل الحلال والحرام, وتوقفوا عند حديث الآحاد في مجال العقيدة –وإن كان صحيحا- لوجود الظن, وذلك ليس ردا من قبلهم للحديث بل هم اهل النظر والعمل, ولكن وجود شبهة وهم الراوي ونسيانه تبقى قائمة مالم يبلغ الحديث مبلغ التواتر.
وقد وضع العلماء ضوابط للعمل بالحديث الضعيف, لن أذكرها حتى لا أطيل.
والحمد لله ربّ العالمين