أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم اغفر لي ، وارحمني ،واهدني ، واجبرني، وعافني،وارزقني ، وارفعني           
العودة   منتديات البوحسن > الصوتيات والكتب > المكتبة الاسلامية

المكتبة الاسلامية كل ما يختص بكتب التراث الإسلامي الصوفي أو روابط لمواقع المكتبات ذات العلاقة على الشبكة العالمية...

إضافة رد
قديم 09-06-2008
  #51
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الرَّحمنُ جلَّ جَلاَلُه


"إن هذا الاسم هو أوسع التنـزُّلات الإلهية، ولولا تنـزُّله ‏بالرحمة الشاملة التي حفظت مراتب الوجود لاندكَّ العالم ‏وتلاشى.‏


والرحمة هي: إرادة الخير للعالم.


أما معناها بالنسبة لنا؛ فهي: رقَّةٌ في القلب تقتضي ‏العواطف على كل محتاج، والحقُّ - سبحانه وتعالى - ‏منـزَّهٌ، إنما رحمته هي إرادة إيصال الخير الحقيقي للعباد (1) ‏.


و"الرحمن" هو المنعم بجلائل النعم مثل إنعامه بالوجود، ‏وبالحياة، وهي الروح التي هي من أمره، ومثل إنعامه علينا ‏بالإيمان، وإنعامه علينا بسيد الأنام صلى الله عليه وآله وسلم، ‏وإنعامه علينا بنـزول القرآن، وتلك النعم ليس لمخلوق فيها ‏فضل (2) ‏.‏


ولا يمكن لأي إنسان أن يكون له تخلُّقٌ بهذا الاسم لأنه من ‏خواص الذات العلية، ولأجل هذا المعنى لم يسمَّ بهذا الاسم أحدٌ ‏سوى الحق تعالى (3) ‏. وقد نبَّهنا الحق إلى هذا السرّ.‏


‏ فقال: ‏{ قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ ‏فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ‏ }‏ (4) .‏


والفرق بين تجلِّي حضرة الألوهية والرحمانية، أن حضرة ‏الألوهية: حضرة عزَّة، وغنى، وعلو، وعظمة، وكبرياء.‏ وحضرة الرحمانية : حضرة تنـزُّلٍ، وتفضُّل، وتودُّد، ‏وإحسان. لأن الرحمة تقتضي مرحومها، بخلاف الألوهية، فإنها ‏تقتضي عزَّةً وعلواً، وقد أشار القرآن إلى نور هذا الاسم.‏

‏ فقال: ‏{ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء } (5) ‏‎. ‎ ‏


فما من موجود إلا وقد غمرته الرحمة، وشملته النعمة.‏


والرحمة دائرة واسعة شملت المؤمن والكافر، بخلاف المحبة ‏الإلهية، فإنها دائرة خاصة بأهل العناية.‏"اهـ200

اقتباس:======================= الحاشية =====================

(1) - ‎ ‎‏: وللأصفهاني في مفردات القرآن عبارة بسيطة محررة في تعريف الرحمة وكيف تطلق ‏على الإنسان وعلى الله تعالى بيَّن فيها الفرق بين الرحمة في حق الناس والرحمة في حق ‏الخالق سبحانه . يقول :" الرحمة رقة تقتضي الإحسان إلى المرحوم ، وقد تستعمل ‏تارة في الرقة المجردة ، وتارة في الإحسان المجرد عن الرقة ، نحو رحم الله فلاناً ، وإذا ‏ وصف به الباري فليس يراد به إلا الإحسان المجرد دون الرقة . وعلى هذا روي ‏أن الرحمة من الله تعالى انعام وإفضال ، ومن الآدميين رقة وتعطف ، وعلى هذا قول ‏النبي صلى الله عليه وسلم ذاكراً عن ربه أنه لما خلق الرحم قال : أنا الرحمن ، وأنت ‏الرحم ، شققت اسمك من اسمي ، فمن وصلك وصلته ، ومن قطعك بتته . فذلك ‏إشارة إلى ماتقدم وهو أن الرحمن منطوية على معنيين : الرقة والإحسان ، فركز تعالى ‏في طباع الناس الرقة، وتفرد بالإحسان. فصار كما أن لفظ الرحم من الرحمة ، فمعناه ‏الموجود في الناس من المعنى الموجود لله تعالى فتناسب معناهما تناسب لفظيهما . ‏والرحمن الرحيم نحو ندمان ونديم ، ولايطلق الرحمن إلا على الله تعالى ، من حيث أن ‏معناه لايصح إلا له ، إذ هو الذي وسع كل شيء رحمة . والرحيم يستعمل في غيره ، ‏وهو الذي كثرت رحمته ، قال تعالى ‏{ إن الله غفور رحيم ‏}‏ ، وقال في صفة النبي ‏صلى الله عليه وسلم :‏‎ {‏ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص ‏عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}‏ . وقيل : إن الله تعالى هو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة ‏، وذلك أن إحسانه في الدنيا يعم المؤمنين والكافرين ، ومن الآخرة يختص بالمؤمنين ، ‏وعلى هذا قال : ‏{‏ ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ‏}‏ تنبيهاً أنها في ‏الدنيا عامة للمؤمنين والكافرين ، وفي الآخرة مختصة للمؤمنين) انتهى (راجع مفردات ‏غريب القرآن مادة رحم )‏

(2) ‎ ‎‏: قال سيدي ابن عجيبة رضي الله عنه: والمختار في تفسير(الرحمن الرحيم)، أن ‏‏(الرحمن) : هو المنعم بنعمة الإيجاد، و(الرحيم) : المنعم بنعمة الإمداد . وفي الحكم : ‏نعمتان ما خلا موجود منهما ، ولا بد لكل مكون منهما نعمة الإيجاد ، ونعمة ‏الإمداد ، أمدك أولاً بالإيجاد ، وثانياً بتوالي الإمداد ، انتهى.‏

(3) ‎ ‎‏: قال سيدي ابن عجيبة الحسني والتخلق به: أن تنظر إلى كافة الخلق بعين الرحمة ، ‏كما قال بعض المشايخ:-‏



ارحم بني جميع الخلق كلهم = وانظر إليهم بعين اللطف والشفقه
وقّر كبيرهمُ وارحم صغيرهمُ = وراع في كل مخلوق حق من خلقه

1
2ارحـم بـنـي جمـيـع الخـلـق iiكلـهـم وانظر إليهم بعين اللطف iiوالشفقه
وقّــر كبيـرهـمُ وارحــم iiصغيـرهـمُ وراع في كل مخلوق حق من خلقه


(4) ‎ ‎‏: سورة الإسراء – الآية 110.‏

(5) ‎ ‎‏: سورة الأعراف – الآية 156.‏" اهـ204



(يتبع إن شاء الله تعالى مع: مناظرة بين إبليس لعنه الله ‏وسيدنا سهل بن عبد التستري ‏رضي الله عنه.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-06-2008
  #52
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

مناظرة

بين إبليس لعنه الله ‏

وسيدنا سهل بن عبد التستري ‏رضي الله عنه


"ولقد طمع في تلك الرحمة إبليس !؛ فإنه لما تقابل مع ‏سيدنا سهل التستري (1) ، وقال له: إن الله قال: ‏{ وَرَحْمَتِي ‏وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } (2)‏ ‏ ‏ ، وأنا شيء!، فرحمته وسعتني.‏

فقال له سهل: إن الله قيَّدها بقوله: ‏{ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ ‏يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ ‏} (3)‏ ‏ ‏.‏

فقال إبليس: إن التقييد منه لأجلك، والتقييد لا يحكم عليه ‏لأنه فوق القيود والحدود، فهو الملك المطلق.‏
قال تعالى: ‏{ يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ } (4)‏ ‏ ‏.‏

قال سيدنا سهلٌ - رضي الله عنه -: فمن فتح عليه في ‏هذه المسألة بجواب فليثبته هنا، وقد سمعت من الإمام أبي ‏العزائم رضي الله عنه – في هذا الجواب أنه قال:" إن الله ‏تعالى له أسماء جمال، وأسماء جلال، مثل اسمه "الغفَّار، القهَّار، ‏الضار، النافع، المعطي، المانع" فكلُّ اسمٍ له مظاهر من عباد ‏سبق في علمه تعالى، أنهم أهلٌ لتلك المعاني لا تغيير ولا تبديل، ‏فلا بدَّ من أن يأخذ كل منهم ما قسم له في الأزل، ولا مفرَّ ‏من القدر، ومع ذلك فإننا إن تتبَّعنا جميع المظاهر والمناظر ‏وجدنا الكلَّ في عين الرحمة، فمثلاً اسمه "المانع" رحمة بمن منع ‏لأنه لو أعطاه لطغى وبغى (5) ‏. قال تعالى:‏ {كَلا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى ‎}‏. ‏(6)


فالناس في نظر الله كالمرضى، فهو يعطيهم الدواء على قدر ‏الداء، فإذا أعطى الفقر أو المرض، أو أي بلاء للإنسان، وهو ‏دواء مر، ففي باطنه الرحمة والمرارة نعمة. فقد يمنع الإنسان ‏ولده المريض عن أكل اللحم والحلوى، وهو كلُّه رحمة بولده، ‏وقد يمسكه بيده للطبيب لعملية جراحية أو يفصد له عرقاً ‏والولد يتألَّم والوالد كلُّه رحمة.‏


بل إنك إذا نظرت إلى النار بعين الاعتبار وجدت في ‏باطنها رحمةً لأنها حمَّام يذيب الأوساخ، ويأكل الغواشي، ‏ويرجع الإنسان إلى حقيقته، فيعرف نفسه وربه، ولولا النار ‏ما عرف "القهَّار".‏
النار تطهِّر من المعاصي والحجب الظلمانية، وتحرق من ‏الكافر الأنانية.‏


وما من سيف لقمع ظالم ، أو سلاح لقهر غاشم، إلا وهو ‏رحمة بالمتمع الإنساني، وأكثر رحمة تتجلَّى في القصاص؛ فإذا ‏وجب القتل على إنسان فقُتِل، كان ذلك رحمة. ‏


وإذا ثبتت السرقةعلى لصٍّ فقطعت يده كان ذلك هو ‏الرحمة.‏


وأعظم رحمة للأرواح والأشباح تتجلَّى في الشريعة ‏المحمدية، إلا أن أعظم رحمة وهبت للوجود هي رسول الله ‏صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فإن الله تعالى قال:‏‎ { وَمَا ‏أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }‏ ‏ ‏.‏ (7)


فقد رحم الله به - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - ‏القلوب فانتبهت وعرفت، ورحم به الأرواح فشاهدت ‏وعشقت، ورحم الله به النفوس فتزكَّت وخضعت، ورحم ‏به الأجسام فركعت وسجدت. ‏
رحم الله العوالم فعرفت الحرية والمساواة، وكشف الستار ‏عن الجمال الإلهي فدخل المؤمنون في معية الله.‏


فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو مظهر الرحمة ‏الجامعة الكلية، ومن أراد أن يسبح في بحار الرحمة فليتشبَّه برسول الله ‏‏- صلى الله عليه وآله وسلم - في أعماله وأخلاقه المرضية.‏


ومن جلائل النعم ومظاهر الرحمة والكرم: القرآن الكريم، ‏ولولا تنـزل الرحمن ببيان القرآن، لما تحمَّله إنسان؛ وكيف ‏تتحمَّل البريَّة كلام الذات العلية؟. ولكنه أمدَّ القلوب بواسع ‏الرحمة، ثم واجهها بوافر النعمة، فتجمَّلت بمدده الرحماني.‏" اهـ 211


اقتباس:=============================== الحاشية =============================

(1) ‎ ‎‏: سهل بن عبد الله التستري أبو محمد، أحد أئمة القوم وعلمائهم. والمتكلمين في علوم ‏الرياضيات والإخلاص. وعيوب الأفعال، وكان رضي الله عنه ذا ورع، وله كرامات، ‏سكن البصرة زماناً، وعبادان مدة. قال ابن الملقن: وأظنه مات بتستر، سنة 273 أو ‏‏283 هـ. ‏
‏ انظر: حلية الأولياء 10/189، طبقات ابن الملقن 232، طبقات السلمي 206.‏

(2) ‎ ‎‏: سورة الأعراف – الآية 156.‏

(3) ‎ ‎‏: سورة الأعراف – الآية 156.‏

(4) ‎ ‎‏: سورة الرعد – الآية 39.‏

(5) ‎ ‎‏: ذلك لأنه سبحانه وتعالى خلق عباده على أوصاف شتى فمنهم القوي والضعيف ‏والوضيع والشريف فمن علم من قلبه قوة على حمل أعباء الفقر الذي هو أشد البلاء ‏صبر على تجرع مرارته أفقره في الدنيا ليرفعه على الأغنياء في العقبى ومن علم ضعفه ‏وعدم احتماله وأن الفقر ينسيه ربه صرفه عنه لأنه لا يحب أن عبده ينساه أو ينظر إلى ‏من سواه، فسبحان الحكيم العليم.‏

‏ قال سيدي ابن عطاء الله في حكم: "ربما أعطاك فمنعك وربما منعك فأعطاك"، "متى ‏فتح لك باب الفهم في المنع عاد المنع هو عين العطاء"، "متى أعطاك أشهدك بره ومتى ‏منعك أشهدك قهره فهو في كل ذلك متعرف إليك ومقبل بوجود لطفه عليك"، "إنما ‏يؤلمك المنع لعدم فهمك عن اللّه فيه".‏

‏ وقال سيدي العارف بالله عبد القادر الجيلاني: للنفس حالان ولا ثالث لهما حال ‏عافية وحال بلاء فإن كانت في بلاء فشأنها غالباً الجزع والشكوى والاعتراض ‏والتهمة للّه بغير صبر ولا رضى ولا موافقة بل محض سوء أدب وشرك بالخلق ‏والأسباب وإن كانت في عافية ونعمة فالأشر والبطر واتباع الشهوات كلما نالت ‏شهوة تبعت أخرى وتطلب أعلا منها وكلما أعطيت ما طلبت توقع صاحبها في تعب ‏لا غاية له وشأنها إذا كانت بلاء لا تتمنى إلا كشفه وتنسى كل نعيم ولذة فإذا شفيت ‏رجعت إلى رعونتها وأشرها وبطرها وإعراضها عن الطاعة وتنسى ما كانت فيه من ‏البلاء فربما ردّت إلى ما كانت فيه من البلاء عقوبة وذلك رحمة من اللّه بها ليكفها عن ‏المخالفة فالبلاء أولى بها ولو أنها لم ترجع لرذائلها لكنها جهلت فلم تعلم ما فيه ‏صلاحها.‏

(6) ‎ ‎‏: سورة العلق الآيتان 6و7.‏

(7) ‎ ‎‏: سورة الأنبياء – الآية 107.‏"اهـ211




(يتبع إن شاء الله تعالى مع: المعلِّم للأكوان هو الله الرحمن.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-06-2008
  #53
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

المعلِّم للأكوان هو الله الرحمن


"قال تعالى‎ {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنسَانَ عَلَّمَهُ ‏الْبَيَانَ } (1)‏ ‏ ‏. ‏


فمن كشف له سرُّ هذه الآية هام في الحبيب.‏


أنت تعلَّمت القراءة على أستاذ، ثم فهمت معانيها على ‏عالم، ثم تلقَّيت أسرارها على يد مرشد عارف، وكلُّ ذلك ‏ستائر ومظاهر.‏


فقد صرَّح القرآن أنه: هو الذي علَّمك، وفهَّمك، ‏ووفَّقك، وألهمك، فارفع عنك هذه البراقع، وشاهد الرحمن ‏النافع، فإذا منحت البيان، فاشهد الملك المبين، الذي علَّمك ‏ولا تحجب بعقلك المقيد عن " الرحمن". ‏


قال تعالى:‏‎ { وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ‏لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون } (2)
‏ ‏ ‏.‏
وقال سبحانه:‏‎ {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ ‏أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَة } (3)
‏ ‏ ‏.‏
وقال: ‏{ وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ ‏الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ ‏فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنقَذُونَ إِلا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى ‏حِينٍ }(4)‏ ‏ ‏.‏

وقال:‏‎ { فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ ‏بَعْدَ مَوْتِهَا } (5)‏ ‏ ‏.‏

وانظر إلى رحمة الحيوانات لأبنائها، وعطف الوحوش على ‏ذريَّتها، وحرص الطيور على أفراخها، وقل: سبحان المتجلِّي ‏بالرحمة في جميع العالمين.‏


وقد ورد في الحديث الصحيح: أن لله تعالى مائة رحمة، ‏نشر منها رحمة واحدة بين العالمين، بها يتراحمون، وتعطف ‏البهائم على أبنائها، وادَّخر منها تسعة وتسعين ليوم ‏القيامة (6) ‏.‏" اهـ


اقتباس:======================= الحاشية ====================

(1) ‎ ‎‏: سورة الرحمن - الآيات 1-4.‏
(2) ‎ ‎‏: سورة القصص - الآية 73.‏
(3) ‎ ‎‏: سورة الروم - الآية 21. ‏
(4) ‎ ‎‏: سورة يسن – الآيات 46-50.‏
(5)‎ ‎‏: سورة الروم – الآية 50.‏

(6) ‎ ‎‏: روى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ‏‏"إِنّ للّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ. أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنّ وَالإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامّ. فَبِهَا ‏يَتَعَاطَفُونَ. وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ. وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَىَ وَلَدِهَا. وَأَخّرَ اللّهُ تِسْعاً وَتِسْعِينَ ‏رَحْمَةً. يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

وعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسيّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ‏صلى الله عليه وسلم "إِنّ للّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ. فَمِنْهَا رَحْمَةٌ بِهَا يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ بَيْنَهُمْ. ‏وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ".وعنه رضي الله عنه أيضاً قال: : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى ‏الله عليه وسلم: "إِنّ اللّهَ خَلَقَ، يَوْمَ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، مِائَةَ رَحْمَةٍ، كُلّ رَحْمَةٍ ‏طِبَاقَ مَا بَيْنَ السّمَاءِ وَالأَرْضِ. فَجَعَلَ مِنْهَا فِي الأَرْضِ رَحْمَةً. فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَىَ ‏وَلَدِهَا. وَالْوَحْشُ وَالطّيْرُ بَعْضُهَا عَلَىَ بَعْضٍ. فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، أَكْمَلَهَا بِهَذِهِ ‏الرّحْمَةِ".

وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ أَنّهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ‏بِسَبْيٍ. فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السّبْيِ، تَبْتَغِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيّا فِي السّبْيِ، أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ ‏بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ. فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً ‏وَلَدَهَا فِي النّارِ؟" قُلْنَا: لاَ. وَاللّهِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَىَ أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى ‏الله عليه وسلم: "لله أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا".

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ ‏صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ، مَا طَمِعَ بِجَنّتِهِ ‏أَحَدٌ. وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللّهَ مِنَ الرّحْمَةِ، مَا قَنِطَ مِنْ جَنّتِهِ أَحَدٌ".وعَنْه أيضاً أَنّ ‏رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَالَ رَجُلٌ، لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطّ، لأَهْلِهِ: إِذَا ‏مَاتَ فَحَرّقُوهُ. ثُمّ اذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ. فَوَاللّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللّهُ عَلَيْهِ ‏لَيُعَذّبَنّهُ عَذَاباً لاَ يُعَذّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ. فَلَمّا مَاتَ الرّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ. فَأَمَرَ اللّهُ ‏الْبَرّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ. وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ. ثُمّ قَالَ: لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ ‏خَشْيَتِكَ. يَا رَبّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ. فَغَفَرَ اللّهُ لَهُ".‏

‏ قال الإمام النووي رضي الله عنه في شرحه للحديث: قوله صلى الله عليه وسلم: ‏‏"جعل الله الرحمة مائة جزء إلى آخره" هذه الأحاديث من أحاديث الرجاء والبشارة ‏للمسلمين، قال العلماء: لأنه إذا حصل للإنسان من رحمة واحدة في هذه الدار المبنية ‏على الأكدار والإسلام والقرآن والصلاة والرحمة في قلبه وغير ذلك مما أنعم الله تعالى ‏به فكيف الظن بمائة رحمة في الدار الاَخرة وهي دار القرار ودار الجزاء والله أعلم. ‏هكذا وقع في نسخ بلادنا جميعا جعل الله الرحمة مائة جزء. وذكر القاضي جعل الله ‏الرحم بحذف الهاء وبضم الراء قال ورويناه بضم الراء ويجوز فتحها ومعناه الرحمة.‏" اهـ 4/216




(يتبع إن شاء الله تعالى.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-06-2008
  #54
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

"فالشدَّة منه رحمة، والألم منه نعمة، وقد أشار القرآن ‏الكريم إلى سرِّ من تجلي الرحمن، فقال:‏‎ { إِن كُلُّ مَن فِي ‏السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ ‏وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ‏}‏ (1)‏ ‏.‏


المعنى - والله أعلم -: أن جميع من في السموات، ومن في ‏الأرض يأتون يوم القيامة بمنـزلة عبد واحدٍ للرحمن، لأن ‏الكلَّ في نظره سبحانه وتعالى كشخص واحد، وهذه أكبر ‏نعمة، حيث أن المواجه لهم الرحمن، وكلهم آتيه يوم القيامة ‏في حكم الفرد الواحد، ولو أنه قال: "إلا آتي القهَّار " لذابت ‏السرائر، وحارت البصائر.‏


قال الله تعالى:‏‎ {يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ ‏الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا}‏(2) ‏ ‏.‏


وحيث أن الإذن من الرحمن فبشرى لبني الإنسان، وقد ‏نبَّهنا إلى شمول الرحمة لكلِّ عالٍ ودان، بقوله تعالى:‏‎ ‎{ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏ }‏(3) ‏ ‏. ‏


والعرش العظيم محيط بمراتب العوالم كلِّها، كإحاطة أسوار ‏المنـزل بأهله، وحيث أن الرحمن استوى عليه فقد عمَّته ‏رحمة الرحمن.‏


ومعنى استواء الرحمن : يعني استواء يليق بحضرته مع ‏التنـزيه.‏


قال تعالى: ‏{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}‏ (4)‏ ‏.‏


ويجوز أن تفهم الآية أنه "استوى" يعني: استولى عليه ‏تصرُّفاً ونفوذاً رحمانياً، حنانيّاً.


ويجوز أن تقول: "استوى" يعني: ظهر بنور جماله وضياء ‏لطفه حتى عرفه العارفون، ولولا تجلِّيه بالرحمة لذاب منه ‏المؤمنون خوفاً.‏


الرحمن هو الذي يؤنس القلوب بوداده، وبأسرها برحمته ‏ليشهدها سر مراده، لأن العارفين لحضرة الرحمن هم ‏المخصوصون بالرضوان.‏


قال تعالى:‏‎ { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ ‏هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا }‏ (5) ‏ ‏.‏


فـ"عبد الرحمن" هيِّنٌ، ليِّنٌ؛ لا يؤذي مخلوقاً، ولا يتعالى ‏على مخلوق، يرحم الجميع ويدعو لهم بالتوفيق والهداية، تجلَّى ‏له الرحمن في كل أطوار الوجود فأنس به، وصار مستغرقاً في ‏الشهود، يشهد سرَّ "الرحمن" عند أكله، وشربه، ونومه، ‏وحركاته، وسكناته، ولولا رحمة الله لما سعد الإنسان ‏بـ"الرحمن".‏


ومتى ذكر العبد"الرحمن" وهو مستحضر لتلك المعاني ‏هامت روحه في أنوار"الرحمن" وتجلَّى له سرُّ الحديث ‏الشريف:‏ ‏(خلق الله آدم على صورة "الرحمن"، ولو خلقه على ‏صورة "الجبار" أو "القهَّار" لما أنس به أحد) (6)‏ ‏. ‏


فصورة آدم مخلوقة حادثة إلا أنها على مثال الرحمة، تقرب ‏للعقول معنى سريان رحمته ولطفه، وكمه في الجمادن فتحرّك ‏ونطق، وسمع وأبصر، وتدبَّر وفكَّر.‏


ومن رحمته أنه حجبنا عن سُبُحات جلاله وأنوار عزَّته، ولو ‏كشفها لاحترق العالم في الحال، فسبحان من أبقى العالم في ‏رحمته برحمته، وهو العلي في عظمته.‏


الدُّعــــاءُ


‏" إلهي ..... يا رحمن الوجود، يا من وسعت كل شيء رحمةً ‏وعلما، ظهرت رحمتك في كل ذرات الوجود والعالم، فلا نرى ‏شيئاً إلا ونقرأ من آيات رحمتك ما يجذبنا إليك، ويطمئن قلبنا ‏بواسع حنانك.‏

أشهِدْ عيون قلوبنا حضرة الرحمانية وأنوارها، حتى تكون ‏عرشاً لظهور أنوارك يا "رحمن".‏


وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم".‏" اهـ 226



اقتباس:======================== الحاشية ======================

(1)‎ ‎‏: سورة مريم الآيتان 93-94.‏
(2) ‎ ‎‏: سورة طه - الآية 109.‏
(3) ‎ ‎‏: سورة طه - الآية 5.‏
(4) ‎ ‎‏: سورة الشورى - الآية 11.‏
(5) ‎ ‎‏: سورة الفرقان - الآية 63.‏

(6) ‎ ‎‏: ‏قال العلامة المناوي في "فيض القدير"، شرح الجامع الصغير، 3/430 وما بعدها - ‏الحديث رقم: 3928 : رواه الإمام أحمد في المسند، والشيخان، بسندهم عن أبي ‏هريرة، ورواه عنه الطبراني وغيره. (خلق اللّه آدم على صورته) أي على صورة آدم ‏التي كان عليها من مبدأ فطرته إلى موته لم تتفاوت قامته ولم تتغير هيئته بخلاف بنيه ‏فإن كلاً منهم يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً وأعصاباً عارية ثم مكسوة لحماً ‏ثم حيواناً مجنناً لا يأكل ولا يشرب ثم يكون مولوداً رضيعاً ثم طفلاً مترعرعاً ثم مراهقاً ‏ثم شاباً ثم كهلاً ثم شيخاً أو خلقه على صورة حال يختص به لا يشاركه أنواع أخر ‏من المخلوقات فإنه يوصف مرة بالعلم وأخرى بالجهل وتارة بالغواية والعصيان وطوراً ‏بالهداية والاستغفار ولحظة يقرن بالشيطان في استحقاق اسم العصيان والإخراج من ‏الجنان ولحظة يتسم بسمة الاجتباء ويتوج بتاج الخلافة والاصطفاء وبرهة يستعمل بتدبير الأرضين وساعة يصعد بروحه إلى عليين وطوراً يشارك البهائم في مطعمه ‏ومنكحه وطوراً يسابق الكروبيين في ذكره وفكره وتسبيحه وتهليله وقيل الضمير للّه ‏تعالى بقرينه رواية خلق آدم على صورة الرحمن - والمراد بالصورة الصفة والمعنى أن ‏اللّه خلقه على صفته من العلم والحياة والسمع والبصر وغير ذلك وإن كانت صفات ‏اللّه لا يشبهها شيء -. والمعنى خلق آدم على صورة اجتباها وجعلها من جميع ‏مخلوقاته إذ ما من موجود إلا وله مثال في صورته ولذلك قيل الإنسان عالم صغير. ‏

‏ قال سيدي محيي الدين بن عربي رضي الله عنه : لما وصل الوقت المعين في علمه تعالى ‏لإيجاد هذا الخليفة الذي يهدي اللّه المملكة بوجوده وذلك بعد أن مضى من عمر ‏الدنيا سبعة عشر ألف سنة أمر بعض ملائكته أن يأتيه بقبضةة من كل أجناس تربة ‏الأرض فأتاه بها فأخذها سبحانه وخمرها بيده حتى تغير ريحها وهو المسنون وهو ذلك ‏الجزء الهوائي الذي في الإنسان وجعل جسده محلاً للأشقياء والسعداء من ذريته وجمع ‏في طينته الأضداد بحكم المجاورة وأنشأه على الحركة المستقيمة وذلك في دولة السنبلة ‏وجعله ذا جهات ست فوق وهو ما يلي رأسه وتحت وهو ما يلي رجليه ويمين وهو ‏ما يلي جانبه الأقوى وشمال وهو ما يلي جانبه الأضعف وأمام وهو ما يلي الوجه ‏وخلف وهو ما يلي الفضاء وصوَّره وعدله وسوّاه ثم نفخ فيه روحه المضاف إليه ‏فسرى في أجزائه أربعة أركان الأخلاط إذ كانت الصفراء عن الركن الناري والسوداء ‏عن التراب، والدم عن الهواء وهو قوله مسنون والبلغم من الماء الذي عجن به التراب فصار طيناً ثم أحدث فيه القوة الجاذبة التي بها تجذب الأغذية ثم الماسكة وبها ‏يمسك الحيوان ما يتغذى به ثم الهاضمة وبها يهضم الغذاء ثم الدافعة وبها يهضم ‏الفضلات عن نفسه من عرق وبخار وريح وبراز وأما سريان الأبخرة وتقسم الدم في ‏العروق وفي الكبد فبالقوة الجاذبة لا الدافعة ثم أحدث فيه القوة الغاذية والمنمية ‏والحاسة والخيالية والوهمية والحافظة والذاكرة وهذا كله في الإنسان بما هو حيوان لا ‏بما هو إنسان فقط إلا أن هذه القوى الأربع قوة الخيال والوهم والحفظ والذكر في ‏الإنسان أقوى ثم خصت بالقوة المصورة المفكرة والعاقلة وجعل هذه القوى آلات ‏للنفس الناطقة ليصل بها إلى جميع منافعها وجعله داراً لهذه القوى فتبارك اللّه أحسن ‏الخالقين ثم ما سمى نفسه باسم من الأسماء إلا وجعل للإنسان من التخلق به حظاً منه ‏يظهر به في العالم على قدر ما يليق به، ولذلك تأول بعضهم قوله في الخبر خلق اللّه ‏آدم على صورته على هذا المعنى والحديث خرج مخرج الزجر والتهويل لوروده عقب ‏قوله لا تقولوا قبح اللّه وجهك فإن اللّه خلق آدم على صورته أي صورة هذا الوجه ‏المقبح ذكره القاضي.

(وطوله ستون ذراعاً) بذراع نفسه أو بالذراع المتعارف يومئذ ‏للمخاطبين أو بالذراع المعروف عندنا ورجح الأول بأن حسن الخلق يقتضي اعتدال ‏الأعضاء وتناسبها ومن قصرت ذراعه عن ربع قامته أو طالت خرج عن الاعتدال ‏ومن قامته ستون ذراعاً بذراع نفسه فذراعه سدس من عشر قامته فيخرج عن ‏الاعتدال وزاد أحمد في روايته بعد ما ذكر في سبعة أذرع عرضاً ولم ينتقل أطوراً كذريته (ثم قال له اذهب فسلم على أولئك النفر) فيه إشعار بأنهم كانوا على بعد ‏ولا حجة فيه لمن أوجب ابتداء السلام لأنها واقعة حال لا عموم لها (وهم نفر من ‏الملائكة جلوس) قال ابن حجر: لم أقف على تعيينهم (فاستمع) في رواية فاسمع (ما ‏يحيونك) بمهملة من التحية وفي رواية بجيم من الجواب (فإنها تحيتك وتحية ذريتك) من ‏جهة الشرع أو أراد بالذرية بعضهم وهم المسلمون (فذهب فقال السلام عليكم) ‏يحتمل أنه تعالى علمه كيفية ذلك نصاً وكونه فهمه من قوله له سلم وكونه ألهمه ذلك ‏‏(فقالوا السلام عليك ورحمة اللّه) وهذا أوّل مشروعية السلام وتخصيصه لأنه فتح باب ‏المودة وتأليف لقلوب الأخوان المؤدي إلى استكمال الإيمان كما في خبر مسلم: لا ‏تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه ‏تحاببتم أفشوا السلام بينكم واستأنس بهذا من أجاز حذف الواو في الرد ووجهه أن ‏المسلم عليه مأمور بمثل تحية المسلم عدلاً وأحسن منها فضلاً فإذا رد بالمثل أتى بالعدل ‏‏(فزادوه) الضمير لآدم والزيادة تتعدى إلى مفعولين ومفعوله الثاني

قوله (ورحمة اللّه) ‏وفيه مشروعية زيادة الرد واتفقوا على وجوب الرد لأن السلام الآمان فإذا ابتدأ به ‏المسلم فلم يحيه أوهم الشر قال القرطبي: وقد دل هذا الخبر على تأكد السلام وأنه من ‏الشرائع القديمة الذي كلف بها آدم ثم لم تنسخ في شريعة اهـ لكن في خبر ما ‏حسدتكم اليهود إلخ يدل على أنه من خصوصياتنا (فكل من يدخل الجنة) من بني آدم ‏يدخلها وهو (على صورة آدم) أي على صفته في الحسن والجمال والطول ولا يدخلها ‏على صورة نفسه من نحو سواد وعاهة وهو يدل على عفة البعض من نحو سواد ‏ينتفي عند دخولها (في طوله ستون ذراعاً) بذراع نفسه أو بقدر الذراع المتعارف ‏يومئذ عند المخاطبين أو بذراع الشرع المعروف الآن على ما تقرر فيما قبله وروى ابن ‏أبي الدنيا عن أنس مرفوعاً يدخل أهل الجنة على طول آدم ستين ذراعاً بذراع الملك ‏على حسن يوسف وعلى ميلاد عيسى ثلاث وثلاثين اهـ

وقال ابن حجر: وروى ‏عبد الرزاق أن آدم لما هبط كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء فحطه اللّه إلى ‏ستين ذراعاً فظاهره أنه كان مفرط الطول في ابتداء فطرته وظاهر هذا الحديث أنه ‏خلق ابتداء على طول ستين ذراعاً وهو المعتمد (فلم تزل الخلق تنقص بعده) في ‏الجمال والطول (حتى الآن) فانتهى التناقص إلى هذه الأمة واستقر الأمر على ذلك ‏فإذا دخل الجنة عادوا إلى ما كان آدم عليه من الكمال والجمال وامتداد القامة وحسن ‏الهامة وفي مثير الغرام في زيارة القدس والشام أن آدم كان أمرد وإنما حدثت اللحية ‏لولده وكان أجمل البرية.

قال السمهودي: ما ذكر من الصفات من طول آدم وغيره ‏ثابت لكل من دخل الجنة كما تقرر فيشمل من مات صغيراً بل جاء ما يقتضي ثبوت ‏جميع ذلك للسقط فروى البيهقي بسند حسن عن المقداد ما من أحد يموت سقطاً ولا ‏هرماً وأنحاء الناس فيما بين ذلك إلا بعث ابن ثلاث وثلاثين فإن كان من أهل الجنة ‏كان على مسحة آدم وصورة يوسف وقلب أيوب ومن كان من أهل النار عظم ‏كالجبال، والآن بالنصب ظرف يعني حتى وصل النقصان إلى الوقت الذي ذكر النبي ‏صلى اللّه عليه وسلم فيه الحديث قيل هذا مقدم في الترتيب على قوله فكل من يدخل ‏الجنة إلخ.‏" اهـ 4/226



(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الرَّحِيمُ جَلَّ جَلالُه..... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-06-2008
  #55
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الرَّحِيمُ جَلَّ جَلالُه


"هذا الاسم معناه : المنعم بدقائق النعم مثل الضروريات ‏للإنسان، والكماليات للوجود.‏


فمن رحمته بنا: سخَّر الماء والهواء، والشمس والقمر، ‏والنجوم ، ثم يسَّر لنا السبيل ووهب العقل، وهو خير دليل. ‏وأنبت الأرض بأنواع الحبوب والغذاء، ثم أخرج مرعى ‏الحيوانات، لأنه أرحم الراحمين، ثم رحمنا بالفم الذي يذوق ، ‏والمعدة التي تهضم، والأنف الذي يميز الطَّيب من الخبيث.‏


ورحمنا بالأرجل التي تحملنا، والأيدي التي تدافع عنا، والعين ‏التي تبصر، والأذن التي تسمع، والفكر الذي يدبِّر، ثم أكرم ‏الإنسان بأنواع الفواكه التي تشرح الصدر بلونها وطعمها.‏


ورحمنا بالدَّواء الذي يغيثنا من شدَّة المرض، ومنحنا الشعور ‏الذي ينذر الألم والراحة، ومكَّننا من المال الذي به جلب ‏السعادة.‏


فإذا أراد العبد نيل الرِّضا من الله، والتَّنعُّم بالوصال في ظلِّ حماه، ‏عطف قلبه فشعر بألم المتألِّم، وأخذته الرحمة على الجائع، وعطف ‏على العاصي، ولو كان خصماً له، لأنه يشعر بأنه يوهي في مهاوي ‏الضَّلال، ومآله إلى الوبال فنصحه ووعظه ‏(1) .‏


وعطف على المتخاصمين فبل وسعه في الصلح والإصلاح، ‏ورحم الجاهلين؛ فبيَّن لهم طريق النَّجاح، فلا يرى محتاجاً إلا ‏ويرق لحاله، ويواسيه بماله، ولا يرى عاصياً إلا ويلاطفه ‏بالنصيحة، ويسأل الله له التوبة، وعدم الفضيحة. ولا يرى ‏يائساً من الرحمة إلا طمأنه، لسانه لسان رحمة، وأخلاقه ‏أخلاق رحمة، ومعاملته معاملة رحمة، وهذا هو الذي نال ‏قسطاً وافراً من الخلق الإلهي في الرحمة.‏ورد في الحديث الصحيح: (من لا يرحم لا يُرحم)‏ (2) ‏.‏


وصاحب الخُلُق الحسن ينال ثواب الصائم القائم ‏.‏ (3) " اهـ4/229

اقتباس:=================== الحاشية ===================


(1) ‎ ‎‏: وما هذا كله إلا لأنه تخلَّق بخلق "الرحيم" حيث إذ التخلُّق به يكون بإغاثة المساكين، ‏وإغاثة الملهوفين، والرفق بعباد الله أجمعين، طائعهم، وعاصيهم، دانيهم، وقاصيهم، ‏وكون ذلك شكراً لما أسداه من نعمه، وما أوصله من كرمه، وتعرض لنفحات كرمه.‏

(2) ‎ ‎‏: قوله صلى الله عليه وسلم: ( من لا يَرحم لا يُرحم ). رواه الإمام أحمد في مسنده ، ‏والبخاري ومسلم، وأبو داود، والترمذي عن أبي هريرة. ورواه ايضاً الشيخان ‏بسندهما عن جرير بن عبد الله . ‏ انظر: الجامع الصغير للسيوطي الحديث رقم 9090.‏

(3) ‎ ‎‏: حديث "إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ولا يتم لرجل حسن ‏خلقه حتى يتم عقله فعند ذلك تم إيمانه وأطاع ربه وعصى عدوه إبليس" قال الحافظ ‏العراقي في نخريج أحاديث الإحياء : أخرجه ابن المجبر من رواية عمرو بن شعيب عن ‏أبيه عن جده به، والحديث عند الترمذي مختصر دون قوله "ولا يتم" من حديث ‏عائشة وصححه. ‏

‏ وقد جاء في حسن الخلق والحث على الرحمة أحاديث كثيرة منها: ما ورد عند الطبراني ‏بلفظ: ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل، الظامئ بالهواجر). وفي ‏رواية له أيضا: ( إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل ‏وإنه لضعيف العبادة). وروى الإمام أحمد والطبراني مرفوعا: (إن المسلم المسدد ليدرك ‏درجة الصوام القوام بآيات الله بحسن خلقه وكرم ضريبته) والضريبة الطبيعة وزنا ‏ومعنى. وروى الطبراني مرفوعا: (عن جبريل عليه السلام عن الله تعالى قال: (إن هذا ‏دين ارتضيته لنفسي، ولن يصلح له إلا السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما ‏صحبتموه). وروى الطبراني مرفوعا: (أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه الصلاة ‏والسلام: يا خليلي حسن خلقك ولو مع الكفار تدخل الجنة مع الأبرار، وإن كلمتي ‏سبقت لمن حسن خلقه أن أظله تحت عرشي، وأن أسقيه من حضيرة قدسي، وأن ‏أدنيه من جواري). وروى الطبراني والبزار: (أن أم حبيبة قالت: يا رسول الله: المرأة ‏‏يكون لها زوجان ثم تموت فتدخل الجنة هي وزوجاها لأيهما تكون للأول أو ‏الآخر؟ قال: تخير أحسنهما خلقا كان معها في الدنيا يكون معها في الجنة، يا أم حبيبة ‏ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة). والأحاديث في ذلك كثيرة. والله تعالى أعلم.‏

‏ ويحتاج العامل بهذا الخلق إلى السلوك على يد شيخ ناصح حتى تلطف كثائفه ويخرجه ‏من درجات الجفاء إلى درجات حسن الخلق، ومن لم يسلك على يد شيخ لازمه غالبا ‏سوء الخلق إلا أن تحفه العناية من الأزل، فمثل هذا لا يحتاج إلى شيخ في ذلك إن شاء ‏الله.‏

‏ ورد أن الإمام الشافعي رضى الله عنه كان مشهورا بحسن الخلق، فعمل الحسدة على ‏إغضابه، فلم يقدروا فبرطلوا الخياط مرة أن يعمل له الكم اليمين ضيقا جدا لا يخرج ‏يده منه إلا بعسر ويعمل اليسار كالخرج، فلما رآه الإمام قال له: جزاك الله خيرا، ‏الذي ضيقت كمي اليمين لأجل الكتابة ولم تحوجني إلى تشميره، ووسعت اليسار ‏لأحمل فيه الكتب، مع أنه كان يقول رضى الله عنه: " من استغضب فلم يغضب فهو ‏حمار، ومن استرضى فلم يرضَ فهو شيطان" ، فيحمل قوله هذا على غضبه لله تعالى، ‏ويحمل عدم غضبه على غضبه لحظ نفسه، فالكمل على الأخلاق الإلهية والله تعالى ‏يغضب لغيره ولا يغضب لنفسه، فلو انتقم تعالى لنفسه لأهلك الخلق كلهم في لمحة ‏فافهم.‏

وورد أيضاً أنهم صبوا مرة على الجنيد غسالة سمك وهو خارج لصلاة الجمعة ‏فعمته من جمته إلى ذيله، فضحك وقال: من استحق النار فصولح بالماء لا ينبغي له ‏الغضب، ثم عاد إلى البيت واستعار ثوب زوجته فصلى فيه.‏

‏ وكان السلف الصالح رضى الله عنهم كلهم يقولون: الدرجات هي الخلق الحسن، فمن ‏زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدرجات، وكانوا إذا آذاهم إنسان يعتذرون إليه ‏ويقولون: نحن الظالمون عليك، ولو أنا أطعناك فيما طلبته منا ما آذيتنا فاللوم علينا لا ‏عليك وكانوا إذا بلغهم عن امرأة أو عبد سوء خلق تزوجوها أو اشتروا العبد وصبروا ‏على سوء خلقهما، وكذلك كانوا يشترون الحمارة أو البغلة الحرون فيركبونها ولا ‏يضربونها يروضون نفوسهم في الصبر عليها. فالواجب على كل مؤمن أن يروض ‏نفسه ليصبر على تحمل أذى الناس والدواب ولا يخرج إلى طبع المجانين، فإن حكم ‏هؤلاء الذين ذكرناهم حكم المجانين بلا شك، فاعلم أن من أعظم حسن الخلق صبرك ‏على من تقدر على تنفيذ غضبك فيه ثم تتركه كزوجتك.‏

‏ كان سيدي علي الخواص شيخ الإمام الشعراني رضي الله عنهما وعن الصالحين ونفعنا ‏بهم في الدارين كان يقول: لي مع ابنة عمى سبع وخمسون سنة ما أظن أننا بتنا ليلة ‏واحدة صلحاء إلى يومنا هذا. وكذلك من أعظم حسن الخلق أن يكون الإنسان نفّاعا ‏للناس ومع ذلك يذمونه وينقصونه فلا يمنعه ذلك من النفع لهم،. فالعبد لا يعامل إلا ‏‏ الله وأما الخلق فمفاليس ليس معهم شيء يأخذه منهم يوم القيامة، فهذا من أعظم ‏أخلاق الرجال فاعلم ذلك واعمل عليه وفقنا الله لما فيه ‏رضاه." اهـ



(يتبع إن شاء الله تعالى .... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-06-2008
  #56
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

"ومتى ذكرت اسمه تعالى"الرحيم" وأنت مستحضر رحمته ‏بك وبالعالم، انجذب قلبك إلى التخلُّق بأخلاق حبيبك ‏سبحانه وتعالى، وعند ذلك تلبس حلةً إلهية، نورانيَّةً، مفاضةً ‏من الحضرة القدسية، وهي أن يكتبك الله عنده رحيماً؛ ‏والرحيم هو "الله" وأنت لابس حلَّة "الرحيم" فيحبّك الله لهذا ‏المعنى الذي منه، وإن ملائكة اسماء تتنـزَّل لزيارة صاحب ‏الخلق الإلهي، لأنه لبس حلَّة سيده، وتجمَّل بجمال موجدِه. ‏


والذي لبس هذه الحُلَّة في الظاهر والباطن هو سيد المرسلين ‏صلى الله عليه وآله وسلم.‏


فقد صرَّح القرآن بقوله:‏{ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ‏} (1)‏ ‏ ‏.‏


فقد جمله الله باسمين من أسمائه ليدلَّ الخلق على دليل ‏عطائه، وكيف لا وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله ‏وسلم يرحم المنافقين، ويبكي أسفاً على ضياعه من ويرحم ‏الكافرين، ويدعو لهم بالهدى مع التوالي عليه بالإيذاء (2) ‏.‏


وقد سرت رحمته إلى الحيوان المذبوح؛ فكلَّفنا بأننا "نحدُّ ‏السكين، ونذبحه بعيداً عن أخواته، ونريحه حال الذبح، ولا ‏نريه السكين قبل الذبح!!!"‏ (3) ‏.


وسرت رحمته إلى من عليه جناية، أو يستحق القتل؛ بأننا ‏لا نمثِّل به، ولا نشوِّهه، ولا نحرقه بالنار.‏


‏ فالثعبان وهو عدوُّنا لا نحرقه بالنار، والمشرك الأسير لا ‏نمثِّل به ولا نشوِّهه (4) ‏.‏


فالقلب العامر بالرحمة صار بيتاً معموراً بأسرار "الرحيم".‏


قال الإمام ابو العزائم رضي الله عنه:‏




هي الأخلاق أسرار المعالي = تُفاضُ علىأولي الهِمَم العوالي
ترى الإنسان إنساناً عياناً = وتشهده بها نور المثالي

1
2هـي الأخـلاق أسـرار المعـالـي تُفاضُ علىأولي الهِمَم العوالي
تـرى الإنسـان إنسـانـاً iiعيـانـاً وتشـهـده بـهـا نــور iiالمثـالـي



فالإنسان المتخلِّق بأخلاق الله هو المثل الأعلى لسيِّده، ‏يتجلَّى له معنى:‏‎ { نورٌ على نور} ، فنور الرحمة في قلبه أشرقه ‏عليه نور"الرحيم" في قربه، فرفعه فوق الملائكة قدرا، وأحيا له ‏بين العالمين ذكرا.‏" اهـ


اقتباس:========================== الحاشية =====================


(1) ‏: سورة التوبة – الآية 128.‏

(2) ‎ ‎‏: إذا كان هذا خلقه مع أهل الكفر والنفاق فما بالك بالمسلمين الموحدين؟!. ألا ‏فليسمع أولئك الذين ما تركوا عبداً من عباد الله المسلمين إلا وأعطوه شهادة الشرك ‏والتضليل والتبديع والتكفير لأدنى شبهة، أو أقل خطأ غير مقصود، وذلك دون خوف ‏ولا وجل ولا حياء من الله تعالى، بل وجراءة ووقاحة ولؤم ما عرفنا بعضه منهم على ‏أهل الفسق والمعصية والزندقة، شيئاً من الحياء يا عباد الله، وبعضاً من العدل ‏والانصاف، والخوف من رب العزة والجلال، ومقام سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله ‏وسلم، وحفظاً لحرمة الأولياء وعباد الله من العباد والزهاد يا أيها العقلاء، العلماء، ‏الـ...... ‏

(3) ‎ ‎‏: كما جاء في الحديث النبوي الشريف عَنْ شَدّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ ‏رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: "إنّ اللّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ. فَإذَا ‏قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ. وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذّبْحَ. وَلْيُحِدّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ. فَلْيُرِحْ ‏ذَبِيحَتَهُ". قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: أما القتلة فبكسر القاف وهي ‏الهيئة والحالة. قال: ويستحب أن لا يحد السكين بحضرة الذبيحة، وأن لا يذبح واحدة ‏بحضرة أخرى، ولا يجرها إلى مذبحها، وقوله صلى الله عليه وسلم: (فأحسنوا القتلة) ‏عام في كل قتيل من الذبائح والقتل قصاصاً وفي حد ونحو ذلك، وهذا الحديث من ‏الأحاديث الجامعة لقواعد الإسلام والله أعلم.‏

(4) ‎ ‎‏: روى الإمام مسلم في صحيحه : ( الحديث رقم 1731) عن سليمان ابن بريدة، عن ‏أبيه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أمر أمير على جيش أو سرية، ‏أوصاه خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا. ثم قال (اغزوا باسم الله. وفي ‏سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا ‏وليدا. وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال). فأيتهن ‏ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. ثم ادعهم إلى الإسلام. فإن أجابوك فاقبل منهم ‏وكف عنهم. ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين. وأخبرهم أنهم، إن ‏فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين. فإن أبوا أن يتحولوا منها، ‏فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين. يجري عليهم حكم الله الذي يجري على ‏المؤمنين. ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء. إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن ‏هم أبوا فسلهم الجزية. فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. فإن هم أبوا فاستعن ‏بالله وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه. فلا ‏تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه. ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك. فإنكم، أن ‏تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم، أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله. وإذا ‏حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله. ‏ولكن أنزلهم على حكمك. فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا).‏ " اهـ 4/236


(يتبع إن شاء الله تعالى.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-06-2008
  #57
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

"وقد أكرم الله الأمة المحمدية فانبعث لها من مشكاة خير ‏البرية ضياء الرحمة للعالمين. قال تعالى:‏‎ { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ‏وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُم } (1)‏ ‏ ‏.‏


فمنحهم الله الرحمة في قلوبهم، فتواضعوا لإخوانهم، ‏وآثروهم على أنفسهم، وشهدوا في إخوانهم الكمال، وفي ‏أنفسهم النقص... .‏


روي أن رجلاً من الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين ‏‏- أهديت له رأس شاة مشوية، فقال: إن أخي فلان في ‏حاجة إليها، وأنا أقدِّمه على نفسي لأنه أحوج مني ، ‏فأرسلها لأخيه . فلما وصلت إليه قال: إن جاري فلانٌ في حاجة شديدة ‏أكثر مني؛ فأهداها إليه. ‏فقال الآخر: هكذا.... وما زالت تنتقل من رجلِ لآخر ‏إلى سبعة أشخاص حتى عادت إلى الأول الذي بذلها، وقد ‏تبين أنه أحقُّ بها!!!" (2) ‏ ‏.


فانظر إلى مقدار رحمة الأخ بأخيه، كيف يقدم له أعزَّ ما ‏لديه، وهو فرحٌ مسرورٌ لأنه يعلم أنه لا ينال البرَّ حتى ينفق ‏مما يحب (3) ‏.‏


وأعجب من ذلك: أن الصحابة كانوا في غزوة، فوقع فيها ‏قتلى وجرحى، فقام رجالٌ منهم ليدفنوا الموتى، ويسعفوا ‏الجرحى ؛ فوجدوا بين القتلى رجلاً جريحاً في آخر حياته، ‏يجود بروحه، يحتاج إلى شربة ماء يدفع بها ألم التوجُّع، ‏فأعطوه قليلاً من الماء، فسمع أخاً بجواره يقول: اسقوني . ‏فقال: أسعفوا أخي فهو خير مني!. فذهبوا ليسقوه، فسمع ‏أنيناً لآخر يقول: اسقوني!. فقال: أسعفوا أخي وارحموه فأنا ‏أصبر عنه، فلما أسعفوا الأخير عادوا إلى الأول فوجدوه قد ‏مات، ولحق به الثاني!!" (4)

‏ ‏.‏
فانظر إلى مقدار شعورهم بالرحمة في آخر رمق الحياة، ‏وقت خروج الروح،وإيثارهم لإخوانهم على أنفسهم.‏" اهـ 4/241


اقتباس:====================== الحاشية ====================

(1) ‎ ‎‏: سورة الفتح – الآية 29.‏

(2)‎ ‎‏: أخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي ‏الله عنه قال: أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة ‏فقال: إن أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا منا فبعث به إليهم، فلم يزل يبعث به ‏واحدا إلى آخر حتى تداولها أهل سبعة أبيات حتى رجعت إلى الأول فنزلت ‏{ويؤثرون ‏على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة‏} ‏.‏

(3) ‎ ‎‏: عملاً بقوله تعالى:‏‎ {‏لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ ‏اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ }‏. ‏‏ سورة آل عمران - الآية 92‏‏.‏

(4) ‎ ‎‏: ومن أفضل صور الجود بالنفس جود الصحابة بأنفسهم في حماية رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم، ففي الصحيح أن أبا طلحة ترس على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ‏وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتطلع ليرى القوم. فيقول له أبو طلحة: لا تشرف يا ‏رسول الله! لا يصيبونك! نحري دون نحرك ووقى بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏فشلت. ‏

‏ ومن ذلك ما قاله حذيفة العدوي: انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عم لي - ومعي ‏شيء من الماء - وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته، فإذا أنا به، فقلت له: أسقيك، ‏فأشار برأسه أن نعم، فإذا أنا برجل يقول: آه! آه! فأشار إلي ابن عمي أن انطلق إليه، ‏فاذا هو هشام بن العاص فقلت: أسقيك؟ فأشار أن نعم. فسمع آخر يقول: آه! آه! ‏فأشار هشام أن انطلق إليه فجئته فإذا هو قد مات. فرجعت إلى هشام فإذا هو قد ‏مات. فرجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات.وحكي عن أبي الحسن الأنطاكي: أنه ‏اجتمع عنده نيف وثلاثون رجلا بقرية من قرى الري، ومعهم أرغفة معدودة لا تشبع ‏جميعهم، فكسروا الرغفان وأطفؤوا السراج وجلسوا للطعام؛ فلما رفع فإذا الطعام ‏بحاله لم يأكل منه أحد شيئا؛ إيثارا لصاحبه على نفسه. " اهـ ‏


(يتبع إن شاء الله تعالى.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-06-2008
  #58
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

" وقد روي أن بعض العارفين كان يقول في دعائه:" إلهي!! ‏إن كنتَ قدَّرتَ عليَّ دخول النار فاجعل جسمي كبيراً حتى ‏يملأ فراغ جهنَّم، وأكون فداءً للأمة الإسلامية".‏ وهذا منتهى الرحمة بالأمة.‏


وقد روي أن بعض العارفين كان يأخذ تلاميذه ويذهب ‏إلى المقابر ويبحث عن قبور الظالمين ، ويدعو لهم بالرحمة، ‏ويقول: "هؤلاء هم المستحقون للإحسان، الذين نسيَهم ‏الناس، ودعَوا عليهم لسوء فعلهم".‏


وقد روي في الحديث الصحيح (1)‏ ‏: أن امرأة بغيّاً رأت ‏كلباً على رأس بئر يلهث من العطش، فاخذتها الرحمة عليهن ‏ونزعت خفها، وربطته في خمارها،وملأته ماء، وسقت به ‏الكلب، فعطف عليها العطوف، ورحمها "الرحيم" ، وتاب ‏عليها "التواب" ، وفتح لها الباب بسبب رحمتها للكلب. ‏


وقد روي في حديث آخر : أن الله تعالى أدخل امرأة النار ‏في هرَّةٍ حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها تطلب ‏رزقها حتى ماتت الهرة، فاستحقت المرأة النار لقساوة قلبها ، ‏وعدم خوفها من حساب ربها... ‏(2) ‏.‏


فكن رحيماً بالحيوانات التي عندك، فلا تحمِّلها ما لا ‏تطيق، ولا تجوِّعها، ولا تعطِّشها، فتُسأل، وكن رحيماً ‏بالخُدَّام ، والعمال فلا تحقرهم، ولا تُهن كرامتهم، ولا ‏تحمِّلهم ما لا يطيقون، وعامل أهلك بالرحمة، وخاطب الناس ‏على قدر عقولهم، واحذر من التشديد في الوعظ فإنه يكسر ‏القلب، ولكن أخبرهم بوسعة الرحمة.‏


ومن الرحمة أن تتعهَّد أموات المسلمين بالزيارة والدعاء ‏والاستغفار ‏(3) ، فإن الميت مثل الغريق، ينتظر دعوة تنشله.‏


وخير الرحمات أن ترحم نفسك بأن تجعلها دائماً في ظل ‏الشرع، مقتدياً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فمن لا ‏خير له في نفسه لا خير له في غيره.‏


وقد ورد في الأثر:" علامة السعادة أربعة أشياء: حلاوة في ‏اللسان، وبشاشة في الوجه، وكرم في اليدين، ورحمة في ‏القلب".


أسأل الله تعالى أن يحقِّقنا بتلك المعاني، ويذيقنا حلاوة ‏الفضل الصمداني.‏


الدعــــاء:‏


‏" إلهي ... رحمتك بالعوالم دلَّتنا على وسعة الحنان، ‏فاطمأنت قلوبنا بأنك الرحيم بجميع الأكوان، وأنت تحبُّ ‏الرحمة لأنها صفتك، ونحن المستحقون لها لأن عيوبنا كثيرة؛ ‏فانشر علينا رحمتك، لتكون عيوننا بك قريرة، وأوصل ‏أرواحنا بحبيبك الرؤوف الرحيم، ولنستمد من أخلاقه فنكون ‏منه على الصراط المستقيم. وأن تثبِّت في قلوبنا خُلُقَ الرحمة، ‏فإنه أكبر نعمة.‏

وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‏تسليما".‏ ‏" اهـ 4/ 246


اقتباس:===================== الحاشية ==================

(1) ‎ ‎‏: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما - واللفظ لمسلم - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النّبِيّ ‏صلى الله عليه وسلم "أَنّ امْرَأَةً بَغِيّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ. قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ ‏مِنَ الْعَطَشِ. فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا. فَغُفِرَ لَهَا". وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ‏صلى الله عليه وسلم "بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إذْ رَأَتْهُ بَغِيّن مِنْ ‏بَغَايَا بَنِي إسْرَائِيلَ. فَنَزَعَتْ مُوقَهَا، فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ، فَسَقَتْهُ إيّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ".‏

(2) ‎ ‎‏: روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن - واللفظ هنا لمسلم -: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ ‏رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النّارَ فِي هِرّةٍ رَبَطَتْهَا. فَلاَ هِيَ ‏أَطْعَمَتْهَا. وَلاَ هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ. حَتّىَ مَاتَتْ هَزْلاً".‏

(3)‎ ‎‏: ومن ذلك أيضاً قراءة القرآن الكريم على روح الميت فقد أجمع العلماء المعتبرون على ‏جواز ذلك ولا عبرة ولا عبرة ولا عبرة بمن شذَّ وأبى إلا أن يحرم الأموات من الخير ‏كما حرم الأحياء من خير كثير بتبديع وتضليل وإطلاق شهادت الكفر والتشريك ‏على من هب ودب من عباد الله دون خوف من الله ولا خشية منه ، ولا حياء من ‏سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكل ذلك بحجة اتباع السلف، والسلف ‏برىء منه ومن أمثاله.‏

‏ قال في مغني المحتاج في شرح المنهاج 3/70 وما بعدها: حكى القرطبي في التذكرة أنه ‏رؤي في المنام بعد وفاته فسئل عن ذلك فقال كنت أقول ذلك في الدنيا والآن بان لي ‏أن ثواب القراءة يصل إلى الميت. وحكى المصنف في شرح مسلم والأذكار وجها أن ‏ثواب القراءة يصل إلى الميت كمذهب الأئمة الثلاثة واختاره جماعة من الأصحاب ‏منهم ابن الصلاح والمحب الطبري وابن أبي الدم وصاحب الذخائر وابن أبي عصرون ‏وعليه عمل الناس وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. وقال السبكي: ‏والذي دل عليه الخبر بالاستنباط أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت وتخفيف ما ‏هو فيه نفعه إذ ثبت أن الفاتحة لما قصد بها القارىء نفع الملدوغ نفعته وأقره النبي صلى ‏ الله عليه وسلم بقوله وما يدريك أنها رقية وإذا نفعت الحي بالقصد كان نفع ‏الميت بها أولى اهـ "‏

‏ وقد جوز القاضي حسين الاستئجار على قراءة القرآن عند الميت وقال ابن الصلاح: ‏وينبغي أن يقول: اللهم أوصل ثواب ما قرأنا لفلان فيجعله دعاءه ولا يختلف في ذلك ‏القريب والبعيد. وينبغي الجزم بنفع هذا لأنه إذا نفع الدعاء وجاز بما ليس للداعي ‏فلأن يجوز بماله أولى وهذا لا يختص بالقراءة بل يجري في سائر الأعمال.‏

‏ وكان الشيخ برهان الدين الفزاري ينكر قولهم اللهم أوصل ثواب ما تلوته إلى فلان ‏خاصة وإلى المسلمين عامة. لأن ما اختص بشخص لا يتصور التعميم فيه كما لو قال ‏خصصتك بهذه الدراهم لا يصح أن يقول وهي عامة للمسلمين قال الزركشي: ‏والظاهر خلاف ما قاله فإن الثواب قد يتفاوت فأعلاه ما خص زيدا وأدناه ما كان ‏عاما والله تعالى يتصرف فيما يعطيه من الثواب بما يشاء. وقد أشار الروياني في أول ‏الحلية إلى هذا فقال صلاة الله تعالى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة وعلى ‏النبيين عامة اهـ ". وأما ثواب القراءة إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏فمنع الشيخ تاج الدين الفزاري منه وعلله بأنه لا يتجرأ على الجناب الرفيع إلا بما أذن ‏فيه ولم يؤذن إلا في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وسؤال الوسيلة قال الزركشي ‏ولهذا اختلفوا في جواز الدعاء له بالرحمة وإن كانت بمعنى الصلاة لما في الصلاة من ‏معنى التعظيم بخلاف الرحمة المجردة. وجوزه بعضهم واختاره السبكي واحتج بأن ابن ‏ عمر رضي الله تعالى عنهما كان يعتمر عن النبي صلى الله عليه وسلم عمرا بعد ‏موته من غير وصية.‏

‏ وحكى الغزالي في الإحياء: عن علي بن الموفق وكان من طبقة الجنيد أنه حج عن النبي ‏صلى الله عليه وسلم حججا وعدها الفقاعي ستين حجة. وعن محمد بن إسحاق ‏السراج النيسابوري أنه ختم عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرة آلاف ‏ختمة وضحى عنه مثل ذلك اهـ ". ولكن هؤلاء أئمة مجتهدون فإن مذهب الشافعي ‏أن التضحية عن الغير بغير إذنه لا تجوز كما صرح به المصنف في باب الأضحية ‏وعبارته هناك ولا تضحية عن الغير بغير إذنه ولا عن الميت إذا لم يوص بها. " اهـ ‏




(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الْمَلِكُ جَلَّ جَلالُه ... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-06-2008
  #59
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الْمَلِكُ جَلَّ جَلالُه


"هو الظَّاهر بعزِّ سلطانه، الغنيُّ بذاته، المتصرِّف بصفاته في ‏أكوانه (1) ‏.‏


ملك الأرواح وبيده زمامها، وقهر الأشباح فأحوجها ‏إليهن الكل إليه فقراء، وهو الملك يفعل ما يشاء. من ادَّعى ‏الملك معه حاربه، ومن عرف أنه لا ملك له مع سيده خصَّه ‏بنعمته ‏(2) .


امتحن الله العباد فأعطاهم الدار والعقار فاغترُّوا بهذه ‏النسبة ، وغفلوا عن سرِّ القضية، فإن العبد وماملكت يداه ‏لسيده. ‏


أنت في المملكة الإلهية ضيف فلا تحكم على صاحب ‏الدار؛ فما لك معه تصريف، وتأمَّل في عظمة الملك القادر ‏الحكيم، كيف نظَّم ملكه، وأوقف كل كائن عند رتبته.‏


وانظر إلى البحار وما فيها من العوالم، والهواء وما فيه من ‏الطيور والجراثيم، والأرض وما في طواياها من الخلائق ‏والحشرات، كيف خضع الكلُّ لعزَّة سلطانه، ويتنعم الكلُّ في ‏فضل حنانه.‏


وانظر إلى فرعون كيف غرَّته ذرة من الملك فادَّعى أنه ‏‏"ملك"!، قال تعالى:‏‎ {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ ‏أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْر}‏ (3)‏ ‏.‏


وانظر لسيدنا موسى، العبد الفقير إلى سيِّده الذي كان ‏يرعى الغنم لسيدنا شعيب، كيف كانت عاقبة الأمر.‏


وانظر إلى الفرق بين أهل الصبر وأهل الكفر، فقد أغرق ‏الله فرعون وجنوده لأنه - سبحانه وتعالى - غيور، ومكَّن ‏لسيدنا موسى في الأرض لأنه - سبحانه وتعالى - " شكور".‏


وانظر إلى قارون لمَّا غرَّه مظهر الملك، ونسي أن ما عنده ‏وديعة؛ فقال:‏‎ {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ‏}‏ (4)‏ ‏.


فخسف الله به الأرض وجعله عبرة؛ فما أخذهم"الملك" ‏إلا لسوء أدبهم معه، وهو غيور، وإن كانت حضرة الحلم ‏تبدي شئونها، ولكن لا بدَّ من الأخذة التي تكشف الحقيقة.‏


وقد روي في الحديث القدسي: ( أنا ملك الملوك وقلوب ‏الملوك بيدي، فإن أطاعوني عبادي حوَّلت قلوبهم بالرحمة، ‏وإن عصوني عبادي حوَّلت قلوبهم عليهم بالنقمة)‏ (5) ‏.‏

اقتباس:==================== الحاشية ===================

(1) ‎ ‎‏: قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله : إن الملك هو الذي يستغني في ذاته وصفاته ‏عن كل موجود ، ويحتاج إليه كل موجود ، بل لا يستغني عنه شيء ، لا في ذاته ، ولا ‏في صفاته ، ولا في وجوده ، ولا في إبقائه ، بل كل شيء فوجوده منه ، أو مما هو منه ‏، وكل شيء سواه فهو مملوك له في ذاته وصفاته ، وهو مستغن عن كل شيء ، فهذا ‏هو الملك المطلق . والملك الحقيقي لا يكون إلا لله وحده ، فلا مالك في الحقيقة إلا الله ‏، وفي غيره مجاز ، واليقين بأن الله مالك كل شيء هو الذي يعلم الإنسان كيف يفزع ‏إلى ربه ملك الملوك في كل حال وفي كل أمر. قال بعض الأمراء لبعض الصالحين: ‏سلني حاجتك ؟ فقال له: كيف تقول لي هذا ولي عبدان أنت عبدهما ؟ قال الأمير: ‏ومن هما ؟. قال الرجل الصالح : الشهوة والغضب! غلبتهما وغلباك، وملكتهما ‏ملكاك!.‏

فمن عرف هذه الأحوال تخلص من مساكنة الأشباح، وانفرد بمالك النفوس ‏والأرواح ، وقطع رجاءه عن الخلائق، وسلم عن الآفات والعلائق، ولهذا المعنى قال ‏بعض المشايخ : أيجمل بالحر المريد أن يتذلل للعبيد وهو يجد من مولاه ما يريد!! .‏

(2) ‎ ‎‏: وقال الإمام القشيري رحمه الله: أن من عرف أن الله تعالى متفرد بالملك أبى أن يذل ‏لمخلوق، لأن معرفته بحقيقة ملكه توجب التجرد له في التقرب إليه، جاء عن بشر ‏الحافي رضي الله عنه: رأيت أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه في المنام، فقلت له: عظني ‏يا أمير المؤمنين.فقال: ما أحسن عطف الأغنياء على الفقراء طلباً لثواب الله تعالى، ‏وأحسن من ذلك تيه الفقراء على الأغنياء ثقة بالله جل جلاله. فقال بشر: زدني يا أمير ‏المؤمنين:قال ‏الإمام :‏



قد كنت ميتاً فصرت حياً = وعن قريب تصير ميتا
عزَّ بدار الفـــناء بيت = فابـن بدار البقاء بيتا

1
2قد كنت ميتاً فصرت حياً وعن قريب تصير iiميتـا
عـزَّ بـدار الفنـاء iiبـيـت فابـن بـدار البقـاء بيـتـا


(3) ‎ ‎‏: سورة الزخرف - الآية 51.‏

(4) ‎ ‎‏: سورة القصص - الآية 78.‏

(5) ‏: عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله يقول: أنا الله لا إله ‏إلا أنا مالك الملوك وملك الملوك قلوب الملوك بيدي،وإن العباد إذا أطاعوني حولت ‏قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإن العباد إذا عصوني حولت قلوبهم عليهم ‏بالسخط والنقمة فساموهم سوء العذاب،فلا تشغلوا أنفسكم بالدعاء على الملوك ‏ولكن اشغلوا أنفسكم بالذكر والتضرع،أكفكم ملوككم". رواه الطبراني في ‏الأوسط وفيه وهب بن راشد وهو متروك.‏ انظر: ‏مجمع الزوائد. للحافظ الهيثمي ‏‏5/23 كتاب الخلافة. (بابان في النهي عن سب السلطان). باب قلوب الملوك بيد الله ‏تعالى فلا تسبوهم. " اهـ 4/250‏



(يتبع إن شاء الله تعالى ..... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-06-2008
  #60
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

فلا تدعوا على الملك ولكن ارجعوا إلى السنة المحمدية ‏وتوبوا إلى الله.‏


والنقطة الجوهرية التي يحارب فيها العباد سيدهم هي نقطة ‏الملك؛ ولذلك إذا نفخ في الصور وانطوى الخلائق في القبور، ‏ينادي الحقُّ سبحانه وتعالى:‏‎ { لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ }؟ فيجيب ‏نفسه بنفسه:‏‎{ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} ‏ (1)‏ ‏.‏


وإن العارف بالله تعالى يسمع بآذان روحه هذا النداء ‏فيسلم كل ما يملك الآن لله، وعند ذلك يسمعه الحق ‏‏"الملك":‏‎ { لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}‏... .‏


وإن كل منازع في الملك فهو مخذول مغرور، فما خلقنا ‏لننازع"الملك" في ملكه، وإنما خلقنا لنعرف كرمه ولطفه ‏ووداده وحنانه.‏


وإن "الملك" معناه : ظهور كلمة "كن" التي ينفعل لسرها ‏الوجود، وما من شخص إلا وأمدَّه الله من سرِّ كلمة"كن" ‏بقدر ما قسم له؛ فالروح التي فيك من سرِّها، ، والسمع ‏والبصر من باهر أمرها، والسكون والحركة من عين إمدادها، ‏وتسخير الأكوان من وسعة فيضها، فسواء صرفك في نفسك ‏وفي الآفاق فاعتبره من الخلاَّق، فارجع إليه الأمانة بانشراح ، ‏فهو الملك المنعم الفتَّاح... .‏


واعلم أن سرَّ وصول الأولياء أنهم شهدوا أن أرواحهم ‏وأشباحهم وأموالهم وأولادهم مملوكة لله ليس لهم في أنفسهم ‏أو في الآفاق فتيلاً ولا نقيرا، وعند ذلك يظهر لهم تجلي ‏‏"الملك" وهم العبيد فيمنحهم وافر المزيد (2) ‏. ‏


روي أن بعض العارفين وقف بين يدي الحق في مشهد ‏روحاني، فقال له الحقُّ: ما هو برهانك على حبك لي؟.‏
فقال: يا سيدي! ها هي روحي أقدِّمها للجناب برضاء ‏وانشراح.‏
فقال له الحق: إن روحك مني، وما زالت في ملكي، فهات ‏من عندك شيء!.‏
فقال : يا سيدي! لا أملك شيئاً، لأنك أنت الملك المطلق.‏
فقال له: الآن تستحقُّ تجلِّي "الملك" فهو الذي منح الحب، ‏وملك القلب، وهو الذي وفَّق وهدى، وإليه المرجع ‏والمصير... .‏


فإذا قدَّمت له عبادة فاحذر أن تعتقد أنك تملكها، فهو ‏يملكك ويملكها، وبيده القبول والرد، وعنوان القبول: أن ‏تقول له: إنها منك، وإليك، وأنت الغني عني، وعنها (3)‏.‏" اهـ.4/256


اقتباس:===================== الحاشية =====================

(1) ‎ ‎‏: سورة غافر – الآية 16.‏


(2) ‎ ‎‏: وما ذلك إلا لأنهم تخلَّقوا بأخلاق "الملك" الذي من جملة أخلاقه : أن يملك نفسه ‏وهواه ، وذلك بأن يتحرر من رقِّ الطمع ويتحلى بحلية الورع، وبأن يكون أيضاً مالكاً ‏للأحوال، غنياً بالله الكبير المتعال. قال بعضهم : من عرف أنه الملك الحق الذي تنتهي ‏إليه الآمال، جعل همته وقفاً عليه فلم يتوجه في أموره إلا إليه، استسلاماً لحكمه، ‏واستغناء به عن غيره، ومن عرف أنه سبحانه المتوحد بالملك، أنف أن يتذلل لمخلوق، ‏لأن المعرفة بمالكه يوجب التجرد والانحياش إليه ، والتعزز به عما سواه، والاكتفاء بما ‏في ملكه وسلطانه.‏


(3) ‎ ‎‏: وهذا هو حال الكمَّل من العارفين المحقِّقين وعباد الله الصالحين الذين تحلَّوا بأوصاف ‏العبودية المحضة، فإنهم لا يرون أنفسهم شيئاً، ولا لهم من الأعمال شيء، كما قال ‏سيدي ابن عطاء في حكمه الجليلة العجيبة: "إذا أراد أن يظهر فضله عليك ، خلق ‏ونسب إليك" . قال سيدي ابن عجيبة في شرحه لهذه الحكمة:" أي إذا أراد الله ‏سبحانه أن يظهر فضله وإحسانه عليك _ أيها المريد _ خلق العمل الصالح فيك ونسبه ‏إليك على ألسنة العبيد؛ بأن يطلق ألسنتهم بأنك مطيع . فينبغي لك أن تشهد هذا ‏الفضل العظيم ، وتستحي من مولاك الكريم ، لتتأدب بقول سهل بن عبد الله رضي ‏الله عنه : إذا عمل العبد حسنة وقال: يا رب أنت بفضلك استعملت، وأنت أعنت، ‏وأنت سهلت. شكر الله تعالى له ذلك، وقال له: يا عبدي بل أنت أطعت، وأنت ‏تقربت، وإذا نظر إلى نفسه وقال: أنا عملت، وأنا أطعت، وأنا تقربت. أعرض الله ‏تعالى عنه، وقال: يا عبدي، أنا وفقت، وأنا أعنت، وأنا سهلت. وإذا عمل سيئة وقال: ‏يا رب، أنت قدرت، وأنت قضيت، وأنت حكمت. غضب المولى عليه، وقال له: يا ‏عبدي بل أنت أسأت وأنت جهلت، وأنت عصيت. وإذا قال: يا رب، أنا ظلمت، ‏وأنا أسأت، وأنا جهلت. أقبل المولى عليه، وقال: يا عبدي ، أنا قضيت، وأنا ‏قدرت، وقد غفرت وحلمت وسترت.‏" اهـ


(يتبع إن شاء الله تعالى..... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المزدوجة الحسنى للاستغاثة بأسماء الله الحسنى عبدالقادر حمود الآذكار والآدعية 12 09-05-2013 03:55 PM
عظم الله اجركم اخي الشيخ عمر الحسني أبو أنور المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 2 12-14-2012 12:11 AM
لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني عبدالقادر حمود المكتبة الاسلامية 100 12-06-2012 05:08 PM
لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية هيثم السليمان المكتبة الاسلامية 3 02-06-2010 02:13 PM
أسماء الله الحسنى علاء الدين قسم الحاسوب 5 11-21-2008 01:08 PM


الساعة الآن 11:01 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir