أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم اغفر لي ، وارحمني ،واهدني ، واجبرني، وعافني،وارزقني ، وارفعني           

 
قديم 10-06-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي الشيخ بدر الدين الحسني

علّامة الشام ومحدثها الأكبر

الشيخ بدر الدين الحسني -رحمه الله تعالى -


التحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى ، وترك أمته على المحجة البيضاء , ليلها كنهارها , لا يزيغ عنها إلا هالك ، وكان قد أوصى وصيته الغالية الثمينة بالتزام الركنين الأساسيين ، اللذين هما القاعدة الراسخة لحياة الأمة الإسلامية في كل زمان وفي كل مكان ، ألا وهما كتاب الله تبارك وتعالى , وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وخير مَن يُمثل هذين الركنين , ويستقي منهما ما فيه سعادة المسلمين وعزتهم ورخاء عيشهم في الدنيا وفوزهم برضوان الله وجنته في الآخرة ، إنما هم العلماء العاملون ، الذين هم وُرّاث النبوة في هداية الخلق ، ودلالتهم على الله عز وجل , وربط حياتهم بشريعته وتوجيهاته ،وأوامره وإرشاداته ،وفي ذلك الخير كله والسعادة كلها للأجيال المتلاحقة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
ومن هنا فإن حاجة الأمة للعلماء العاملين ، والمرشدين المصلحين لا تقل عن حاجتها للهواء والماء والغذاء ، فكما أن هذه الأشياء هي قوام حياة الأجساد ، كذلك العلماء العاملون هم قوام الحياة المعنوية والتشريعية والتربوية الصالحة , التي لا غنى لمجتمع إنساني عنها على الإطلاق ، ولقد صدق الإمام أحمد بن حنبل -وهو يصف أستاذه الإمام الشافعي رضي الله عنهما - بقوله كان الشافعي كالشمس للدنيا ، والعافية للبدن ), إنها كلمات تنم عن عمق ما كان يشعر به الإمام أحمد بن حنبل من مسيس الحاجة للشافعي وأمثاله في حياة الأمة المسلمة .
لقد بدأت بهذه المقدمة وأنا أهمُّ لأنقل لكم ترجمة حافلة بجليل الأعمال ، وعظيم الخصال ، لعلم أشم من أعلام هذه الأمة ، وعظيم من عظمائها ، ووارث صادق لنبيها المصطفى صلى الله عليه وسلم , ذلكم هو علامة الشام ، وشيخ شيوخها ، ومحدثها الأكبر الشيخ محمد بدر الدين الحسني رضي الله عنه ، وهو في مقدمة العلماء الذين تلقى عنهم الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله تعالى العلم سنين طوالاً جاوزت الخمسة عشر عاماً ، فكانت تلك النهضة الإسلامية المباركة في جامع زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه في مدينة دمشق .
اسمه ونسبه :
هو محمد بدر الدين بن يوسف بن بدر الدين الحسني المغربي المراكشي السبتي , وينتهي نسبه إلى سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما .
مولده ونشأته وملامح الحياة العامة في تلك الفترة :
ولد الشيخ في دمشق , وفي داره المجاورة لمدرسة دار الحديث الأشرفية سنة 1850م الموافقة لسنة 1267هجرية ، من أبوين عُرفا بالصلاح والتقوى ، أما والده الشيخ يوسف ، فكان من أكابر العلماء ، والمحدثين الفقهاء , وكان من الزهد والورع والصلاح والجهر بالحق بمكان, وأما والدته فهي السيدة عائشة بنت المرحوم إبراهيم الكزبري المُنيٍّر , سليلة العلماء من آل الكزبري , وكانت تقية صالحة عابدة ، ومن طريف ما يُروى عنها أنها لم تكن تُرضع ولدها بدر الدين إلا وهي متوضئة.
ولد الشيخ في فترة من الزمن كانت من أشد الفترات قسوة على بلاد الشام ، فقد كان الحكم العثماني في تدهور وضعف بالغ ، وكانت الحكومات الأوروبية وخاصة في فرنسا وبريطانيا تنتظر أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وكانت تُعد لذلك عن طريق بث الفتن والاضطرابات في البلاد التي يسيطر عليها العثمانيون ، وعن طريق بعض الجمعيات التي تتستر وراء شعارات زائفة كجمعية الاتحاد والترقي ، والتي على يديها كانت نهاية الحكم العثماني والخلافة العثمانية ، ثم لما سقطت الدولة العثمانية تحرك الاستعمار الغربي بعد أن خدع العرب ، حين وعدهم بإنشاء دولة عربية موحدة ، ينعمون في أرجائها بالحرية والتقدم ، واستعملهم للتخلص من الخلافة العثمانية ، ودخلت جيوشه بلادهم ، لتقتسم التركة التي خلفها العثمانيون ، فكانت سوريا ولبنان من نصيب فرنسا ، وكانت العراق والأردن وفلسطين من نصيب بريطانيا .
هذه الحال التي كانت بلاد الشام تعيش فيها ، تركت آثارها السيئة على حياة الناس من جهل وفقر وظلم وانعدام للأمن ، وكان ذلك في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي ومطالع القرن العشرين ، وفي هذه الفترة ولد وعاش الشيخ بدر الدين رضي الله عنه.
طلبه للعلم وشيوخه :
حينما كان الشيخ طفلاً وليداً ، حمله والده إلى شيخ صالح عارف هو الشيخ محمد ظبيان الكيلاني , الذي حنَّكه وأذَّن في أذنه عملاً بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وتفرَّس فيه خيراً ، وقال لأهله سيكون لهذا الولد شأن عظيم .
تعهده والده بالرعاية والتهذيب والتعليم ، فتعلم عليه مبادئ العلوم والكتابة والحساب ، وأتمَّ حفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين تقريباً ، ورغب والده في إلحاقه بدار الخلافة في استانبول للدراسة العالية ليكون من رجال الدولة في كبره ، وقصد من أجل ذلك دار مدير أوقاف حلب ، لكنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه تلك الليلة فأوصاه به خيراً ، وأشار عليه بالإحجام عن رأيه ، وبتوجيهه لطلب العلم ودراسة الحديث الشريف فسيكون للأمة نصيب من الانتفاع به .
وانقطع الغلام لطلب العلم ، تحت إشراف والده الذي توفي وعمر ابنه اثنتا عشرة سنة ، ثم تولت والدته وخاله الشيخ صالح الكزبري رعايته ، ومكث في غرفة والده بدار الحديث ، يطالع الكتب التي خلَّفها والده بهمة عظيمة ، ويحفظ المتون المختلفة بتوجيه من شيخه الشيخ أبي الخير الخطيب , فحفظ من متون العلوم في التفسير والحديث والأصول والفقه والفرائض والنحو والصرف والبلاغة والمنطق والفلسفة والحساب والجبر والهندسة والفلك وغيرها مايقرب من اثني عشر ألف بيت ، ثم اشتغل بقراءة شروحها وفهمها ، يساعده على ذلك ذكاء وقاد ، وحافظة عجيبة ، كل هذا وسنه لم تتجاوز الثلاثة عشر عاماً ، مما حدا بأستاذه إلى أن يجيزه في التدريس العام ، ولكن لحداثة سنه ولأسباب أخرى ترك التدريس العام وانقطع إلى العلم والعبادة في غرفته بدار الحديث ، ومكث لا يغادرها ، ودامت خلوته هذه قرابة العشر سنين عكف خلالها على الدرس والتأليف والعبادة ، وأقبل على المطالعة بنفسه يدفعه عزم لا يعرف التراجع ، وهمة لا ترضى إلا بمعالي الأمور ، فكان لا يفتر عن ذلك نهاره وطرفاً من ليله ، وقد أولى علم الحديث اهتمامه , فحفظ الصحيحين البخاري ومسلم مع أسانيدهما ، وقيل بل حفظ كتب الحديث الستة المشهورة كما حفظ الألوف من الأبيات في الفنون المختلفة ، كألفية العراقي في مصطلح الحديث ، والطيبة في القراءات ، وألفية ابن مالك في النحو وغيرها ، حتى بلغ حفظه عشرين ألف بيت وكان في ذلك كله تلميذ همته وعزلته عن الناس . وكان رحمه الله يترك تعليقه أو شرحه على بعض ما يطالع من كتب ، ومن هنا فقد خلف نحواً من أربعين أو خمسين كتاباً ورسالة صغيرة ، تحمل هذا الشرح أو ذاك التعليق ، وقد ذكر معظمها تلميذه مفتي حمص آنذاك الشيخ طاهر الأتاسي رحمه الله في قصيدة مدحه بها ، وقد أورثه شغفه بالبحث وتطلعه إلى معرفة ما دوَّنه الأوائل ، ولوعاً بجمع الكتب على اختلاف أنواعها وموضوعاتها ،ومغالاة في شرائها حتى إنه كان يدفع في الكتب النادرة أثماناً عالية ، قال تلميذه الأستاذ محمد المبارك رحمه الله : (وقد بلغنا أنه اشترى كتاباً مخطوطاً بخمسمائة دينار ذهبي ) , فقد ترك له والده ثروة جيدة ، ولم يكن يفعل ذلك يبتغي به تكوين مكتبة نفيسة ، لتصبح مدعاة للفخر ، إنما أولع بالكتب ليمتص رحيقها و يتمثله , ثم يفيضه عسلاً فيه شفاء للناس ، وقد خرج الشيخ من ذلك كله بمجموعة عظيمة من العلوم والمعارف ، فلم يترك علماً من العلوم المعروفة في الثقافة الإسلامية إلا ودرسه وتوغل فيه .
كما رحل الشيخ إلى مصر ، وكان في حوالي الخامسة والعشرين من عمره ، والتقى فيها بكبار العلماء كالشيخ الأشموني ، والشيخ إبراهيم السقا شيخ الأزهر آنذاك والذي منحه إجازة في علم الحديث .
عاد الشيخ إلى بلده بعد هذا الجهد المتواصل ، والدأب الكبير على طلب العلم وتحصيل المعارف المتنوعة ، حتى بلغ فيها قمة سامقة ، وقد أضحى علامة الشام ومحدثها الأكبر.
ثم قام ينشر ما أكرمه الله به من علم ، وما وهبه من معرفة ، وما أفاض عليه من لطائف و إشراقات ، ضمن نظام مستقيم ، ومنهج جاد ، ومثابرة راسخة ، واستمر على ذلك ما زاد على الخمسين عاماً ، حتى تخرَّج من بين يديه معظم علماء بلاد الشام في سوريا ولبنان والعراق والأردن وفلسطين ، وبعض من علماء العديد من الدول الإسلامية وحتى قال فيه أحدهم( إن المسلمين لم يروا مثل الشيخ بدر الدين منذ خمسمائة عام)
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 10-06-2008 الساعة 02:58 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المزدوجة الحسنى للاستغاثة بأسماء الله الحسنى عبدالقادر حمود الآذكار والآدعية 12 09-05-2013 03:55 PM
عظم الله اجركم اخي الشيخ عمر الحسني أبو أنور المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 2 12-14-2012 12:11 AM
انتقل الى رحمة الله الشيخ السيد تاج الدين ابن السيد مكي الكتاني عبدالقادر حمود المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 3 04-09-2012 02:01 AM
تتمة حوار الشيخ عبد الرحمن الشاغوري مع الشيخ عبد الله سرج الدين ابوعبدالله رسائل ووصايا في التزكية 5 11-26-2008 10:24 PM
الشيخ أبو الحسن علي الجمل إبن عبد الرحمن الحسني العمراني عبدالقادر حمود تراجم أصحاب السلسلة الذهبية للسادة الشاذلية 2 11-25-2008 11:23 AM


الساعة الآن 02:33 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir