أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ،والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال           

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-08-2009
  #1
أبوانس
مشرف القسم الادبي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 549
معدل تقييم المستوى: 16
أبوانس is on a distinguished road
افتراضي : المسلم يحتاط لدينه

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك. سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله. خير نبي أرسله. أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين. وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد فيا عباد الله:



إن المسلم أحد رجلين: فإما أن يكون الإسلام الذي هيمن يقيناً على عقله وفكره تحول عاطفة من الحب والمهابة والتعظيم لله إلى قلبه, وإما أن يكون من ذلك الفريق الذي احتُبِسَ الإيمان واليقين العقلي في طوايا فكره, وبقي قلبه الذي هو مَكمَن العواطف نهباً لحب الشهوات والأهواء والرغائب وللأغيار جملة. فأما الرجل الأول الذي انتقل اليقين الإيماني من داخل عقله فكراً واعتقاداً, وهيمن على قلبه حباً وتعظيماً ومهابةً, فالشأن فيه أن يكون دائم الخوف والوجل من الله عز وجل, والشأن فيه أن يكون قلبه نابضاً دائماً بمحبة الله, وأن يكون كثير الاشتياق إلى الله عز وجل, ومن ثَمَّ فإنه كلما لاح له ما يمكن أن يكون سبيلاً لمزيد قربه من الله, أو يكون سبيلاً لصفح الله عز وجل عنه سعى إلى هذا السبيل, واتخذه غير مبالٍ بأن يكون هذا السبيل حديثاً صحيحاً أو ضعيفاً أو حسناً، أليس هذا الذي رآه يدخل في فضائل الأعمال الثابتة ثبوتاً يقينياً بكتاب الله وسنة رسوله بما لا يدع مجالاً للشك؟ إذاً فلا عليه أن يكون هذا السبيل الذي لاح له حديثاً ضعيفاً أو ربما منكراً أو ربما حسناً، شأن الإنسان المحب أن يحتاط، شأن الخائف من مولاه وخالقه أن يكون كثير الاحتياط لله سبحانه وتعالى.



هذه الحقيقة التي أقولها لكم تتجسد واضحة في فضائل هذا الشهر المبارك، شهر شعبان، فقد وردت أحاديث صحيحة في فضل هذا الشهر عموماً, وفي فضل الإقبال عليه بالعبادات المختلفة, ووردت أحاديث ضعيفة أيضاً في فضله, ولكن المحتاط لا يبالي ولا ينظر, لأنه يعيش في همٍّ من اليوم الذي سيقف فيه بين يدي الله, ولأنه يشعر دائماً بأنه مقصّر, وبأن عليه أن يبحث يميناً وشمالاً عن أي وسيلة يتفادى بها تقصيره.



ورد فيما اتفق عليه الشيخان من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يفطر حتى يظن الصحابة أنه لن يصوم, ويصوم ويستمر صائماً حتى يُظَنُّ أنه لن يفطر, وما رُئيَ في شهر أكثر منه صياماً منه في شهر شعبان, ولقد سُئِلَ عن ذلك فقال: ((ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان, وهو شهر تُرْفَعُ فيه الأعمال إلى الله, فأحب أن يُرفع عملي فيه إلى الله وأنا صائم)). الحديث متفق عليه, وهو يعبر عن فضيلة هذا الشهر من أوله إلى آخره.



ويروي البيهقي من حديث عائشة رضي الله عنها أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((أتاني جبريل فقال: هذه ليلة النصف من شعبان, يعتق الله عز وجل فيها من الناس بقدر شعر غنم بني كلب-أي قبيلة اسمها قبيلة بني كلب، أي يعتق الله عز وجل عدداً لا يحصى في هذه الليلة من النار- لا يطلع الله عز وجل فيها على مشركٍ, ولا مشاحنٍ, ولا قاطع رحم, ولا مسبل, ولا مدمن خمر، والحديث ربما كان صحيحاً أو ضعيفاً إلى آخر ما هنالك, ولا أريد أن أدخل في هذا الفن الذي لست بصدده الآن.



وروى البيهقي أيضاً عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فصلى فسجد وأطال السجود حتى ظننت أنه قد قُبِضَ, فقمت إليه وحركْتُ إصبعه أي إصبع قدمه فتحرك, فرجعت وسمعته يقول: ((إني أعوذ بعفوك من عقوبتك, وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك)).فلما انتهى من صلاته قال لي: ((يا عائشة أظننتِ أن النبي قد خاس بك؟)) قلت: لا يا رسول الله, ولكني خشيت أنك قد قُبِضّتَ, فقال: ((أتدرين أي ليلة هذه؟)) قلت: الله ورسوله أعلم, قال: ((إنها ليلة النصف من شعبان, يطلع الله فيها على عباده, فيقول: ألا هل من مستغفر فأغفر له؟ ألا هل من سائل فأعطيه؟ ألا هل من داعٍ فأستجيب له؟ ويترك أهل الشحناء والأحقاد كما هم)). الحديث مرسل، نعم, ويقول البيهقي: هو من مراسيل العلاء بن الحارث, وهو من المراسيل الجيدة, ولكني أفترض أنه حديث ضعيف.



إن المؤمن الذي تحول الإيمان العقلاني في رأسه إلى عاطفة من الحب مهتاجة, ومن التعظيم والمهابة لله عز وجل كيف يكون شأنه؟ ألا يكون محتاطاً لدينه؟ ألا يكون متحوطاً باحثاً عن أي سبيل يمكن أن يجد فيها الصفح عن ذنوبه من الله سبحانه وتعالى؟ الصوم عبادة من العبادات التي يُتَقَرَّبُ بها إلى الله في أي يوم كان, وفي أي شهر كان، وقيام الليل من العبادات المندوبة لنا والمفروضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولنفرض أن الحديث ضعيف, بل هنالك حديث آخر تم الاتفاق على ضعفه: ((إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها)) ولكني إنسان أخاف من مولاي, وأشعر بتقصيري, وسمعت أن الله عز وجل يطّلع في هذه الليلة على عباده العصاة التائهين الذين يتعرضون لمغفرة الله عز وجل وعفوه, فيتوب عليهم, ويصفح عنهم, ألا أحتاط يا عباد الله؟!



قيل لي: هذا الحديث ضعيف, أترك هذا الكلام للذين يبحثون عنه في المجالس الأكاديمية العلمية, وأحاول أن أتمسك بهذا الحديث الضعيف, لأن الحرقة تدعوني إلى أن أحتاط, وأنا أعلم أن الصلاة عبادة، الصلاة خير مشروع فأكثر منها أو أقل، الصوم قربة, والصوم جنة, وقيام الليل وما أدراك ما قيام الليل، هل يصبر على قيام الليل إلا من غُرِسَتْ في أفئدتهم محبة الله, فوقفوا ينتشون بلذة مخاطبته ومناجاته، يا عجباً يا عجباً لمن يحجب نفسه عن هذه الطاعة التي أجمع العلماء على أنها قربة إلى الله عز وجل, ثم إنه يحجب نفسه عنها بالحديث عن صحة هذا الحديث أو ضعفه أو أو ... إلى آخر ما هنالك.



أمرٌ غريبٌ يا عباد الله، نعم لو ورد هذا الحديث الضعيف في أمرٍ هو بين الحل والحرمة إذن لكان من الواجب أن نتحرى صحته, لكن هذا أمرٌ يتعلق بموضوع لا شك في أنه من القُربِ إلى الله، من العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله، ليلة النصف من شعبان أليست ليلة من ليالي شعبان؟ أليست ليلة من تلك الليالي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الليل فيها؟ أليس صيام نصف من شعبان صيام يوم من هذا الشهر الذي كان رسول الله يُكْثِر الصيام فيه؟.



أيها الإخوة, إياكم أن تصغوا السمع إلى من حبس حقائق الإيمان فكراً في عقله, ثم جعل قلبه نهباً لحب الشهوات، لحب الأغيار، لحب الرغائب، لحب الشهرة، لحب ما تعرفون من كل ما هو بعيد ومن كل ما يحجب الإنسان عن الله عز وجل، إياكم أن تصغوا السمع إلى هؤلاء، حاولوا جاهدين أن تكونوا ممن اتجهوا إلى الله عز وجل بجناحين اثنين نرقى بهما إلى الله: جناح الإيمان العقلاني الذي لا غنى عنه أبداً, وجناح الحب، جناح العاطفة التي تتمثل في محبة الله, وتتمثل في الخوف من الله, وتتمثل في مهابته، لن يصل إنسان إلى الله عز وجل إلا بهذين الجناحين.



يا عباد الله, الفكر أمرٌ ضروري، العقل هو الميزان الذي وهبنا الله إياه للتفريق بين الحق والباطل, ولكن العلم -كما قال العلماء- صفة مُعْلِمَة وليست صفة مؤثرة، العلم صفة كاشفة تكشف لك الحق والباطل، تقول لك صفة العلم: هذا هو الحق, وهذا هو الباطل, ولكن العلم لا يُنْهِضُكَ إلى السير في طريق الحق والابتعاد عن ذلك الطريق الآخر. العلم مصباح، أرأيت إلى المصباح الذي في مُقَدَّمَة السيارة أهو الذي يسيرها؟ إن الذي يحرك الإنسان ويجعله يسعى قدماً إلى مرضاة الله القلبُ الفيّاضُ بعاطفة الحب لله، المهابة والتعظيم لله، الخوف من الله عز وجل، هذا هو الوقود الذي يحركنا إلى الله عز وجل، وعندما يوجد هذا الوقود, ثم نجد أنفسنا أمام أحاديث نجد فيها أدوية لأمراضنا، أجل نجد فيها ضماداً لجراحاتنا, لا نسأل أهي أحاديث صحيحة أم ضعيفة ما دامت تتضمن قربات اتفق العلماء على أنها قربات تقرب الإنسان إلى الله، ودلائل هذا الذي أقوله لكم تتجسد لكن متى؟ عندما يقع الإنسان في سياق الموت، عندئذٍ يتبين لكل منا أن حقائق العلم مهما حُشِيَ بها الدماغ, ومهما تكاثرت فلسفات اليقين والإيمان بالله, ولكن القلب كان غافلاً عن ذلك كله، كان القلب مستعمراً للرعونات والأهواء والشهوات, فإن الأفكار التي كانت محشوة في داخل الدماغ تتطاير عند آلام الموت، تغيب عنك يا أخي، الأفكار التي كنت قد حشوت بها دماغك تزول من شدة السكرات التي شاء الله أن يبتلينا بها, ولكن الذي يطفو على فكرك آنذاك, وربما يطفوا على لسانك هو الحب، هو التعظيم, فانظر من الذي تمحضه حبك؟ انظر من الذي تعظمه آناء الليل وأطراف النهار؟ إن كنت تحب شهواتك، أهواءك، رعوناتك فاعلم أنها هي التي ستطفوا على لسانك, ولسوف تهتف بها وأنت ترحل من هذه الدنيا إلى الله, أما أفكارك فتطوى وتذهب أدراج الرياح، أما إن كنت ممن جعل قلبه وقفاً لحب واحدٍ لا ثاني له هو الله، أما إن كنت جعلت قلبك وقفاً لتعظيم واحدٍ هو مولاك الذي خلقني وخلقك، أما إن كنت جعلت قلبك وقفاً لمخافة واحدٍ لا ثاني له, فأهنئك بأن الرحلة إلى الله عز وجل تحمل لك بشائر شتى.



قولوا لمثل هؤلاء الذين يذكروننا ويعلموننا في مثل هذا الشهر بل في مثل هذه المناسبة أن هذا الحديث ضعيف وهذا مرسل وهذا عظيم النكارة وهذا... قولوا له: حدِّثْنَا عن هذا الذي تقول عندما يكون الحديث في أمر وقع الخلاف بين إباحته وحرمته, عندئذٍ نحتاط بالابتعاد عنه, لكن عندما يكون مضمون الحديث الضعيف متعلق بعبادة قد اتُّفِقَ عليها، يتعلق بقربة كم وكم دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها, فالأمر هنا لا مجال فيه للحديث عن ضعف وقوة.



اللهم إنا نسألك أن تجعل قلوبنا وقفاً لحبك, حتى نجعل من حبنا لك شفيعاً بين يدي تقصيرنا وسوء حالنا إن رحلنا إليك وإن وقفنا بين يديك يوم يقوم الناس لرب العالمين، أقول قول هذا, وأستغفر الله العظيم.

كاتب المقال: الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
أبوانس غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-29-2009
  #2
الحسين
محب نشيط
 الصورة الرمزية الحسين
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور -ابو حمام
المشاركات: 279
معدل تقييم المستوى: 16
الحسين is on a distinguished road
افتراضي رد: : المسلم يحتاط لدينه

بارك الله بك اخي ابو انس
الحسين غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-29-2009
  #3
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 19
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي رد: : المسلم يحتاط لدينه

:extra139:
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-30-2009
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: : المسلم يحتاط لدينه

اللهم احفظه وزده علما وقربا واجزه عنا كل خير

الشيخ محمد سعيد كالغيث اللهم بارك لنا في عمره
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
العزة هي رأس مال المسلم محمد الميانى المواضيع الاسلامية 1 03-18-2015 02:23 AM
رد السلام على غير المسلم عبدالقادر حمود الفقه والعبادات 2 07-13-2010 02:39 PM
مدينه المجانين ابو شهاب القسم العام 3 04-09-2010 09:49 PM
صلاله مدينه سياحيه الـــــفراتي القسم العام 2 10-28-2008 12:04 PM
برنامج أذكار المسلم علاء الدين قسم الحاسوب 0 08-28-2008 12:14 AM


الساعة الآن 01:57 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir