![]() |
الشيخ نجم الدين كبرى
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت سابقا عندما أقرأ كتب سيدي الشيخ احمد فتح الله جامي حفظه الله أجده يستشهد بكتاب التأويلات النجمية , كذلك عندما اقرا في تفسير روح البيان للبرسوي اجده يستشهد به فكنت اتساءل عن هذا المؤلف دون أن أجهد نفسي بالبحث وذلك بسبب ضيق الوقت , ولكن ما حدث اليوم هو بركة , فقد قمت بجولة بالنت متقصدا البحث عن حياة الشيخ سعد الدين الحموي فوجدت سيرته وسأثبتها في الموقع ان شاء الله , كذلك وجدت سيرة شيخه واستاذه بالتصوف الشيخ نجم الدين كبرى ( صاحب كتاب التأويلات النجمية ) فقلت أثبت الترجمتين للفائدة : « نجم الدين كبرى » الإمام الزَّاهد القدوة المحدِّث الشَّهيد ، صانع الأولياء ، أبو الجنَّاب أحمد بن عمر بن محمد نجم الدين كبرى الخوارزمي الخَيْوَقي . أمّا تلقيبه ﺑ " المحدِّث الشَّهيد " فلاشتغاله بعلم الحديث الشريف و سماعه من المحدثين . والشَّهيد : لاستشهاده بخُوارزم في فتنة التتار على ما سأذكره لا حقاً " أبو الجنَّاب " بتشديد النون . يقول الشيخ نجم الدين : ( و أمَّا كنيتي ، فكنت بالإسكندرية أسمع الأحاديث فغبت فرأيت النَّبي _ صلى الله عليه و سلم _ و هو قاعد معي ثاني اثنين ثم أُلهمت حينئذ أنْ أسأله عن كنيتي فقلت : يا رسول الله كنيتي أبو الجناب _ بالتخفيف _ أم أبو الجنَّاب _ بالتشديد_ ؟. فقال : لا بل أبو الجنَّاب _ بالتشديد وفي هذا إشارة لاجتناب زخارف الدنيا ، و أمر بالتجرد ، و سلوك طريق الصوفية . " الكبرى " . ذكر ابن العماد الحنبلي في كتابه " شذرات الذهب " أنَّ الشيخ نجم الدين كان يسبق أقرانه في صغره إلى فهم المشكلات والغوامض، فلقبوه ﺑ " الطامة الكبرى " ثم كثر استعماله ، فحذفوا " الطامة " ، و أبقوا " الكبرى " تشير إليه. " الخُوارزمي الخَيْوَقي " . نسبة إلى خُوارزم وهي ناحية كبيرة من بلاد فارس كما يذكر ياقوت الحموي وقد زارها سنة 616ﻫ ، والخَيْوَقي نسبة إلى بلدة خَيْوَق من نواحي خُوارزم . مولده و نشأته : في بلدة خَيْوَق الخُوارزمية كان مولد الشيخ نجم الدين كبرى سنة 540هـ في أسرة متواضعة الحال _ كمعظم أهل خُوارزم _ توجه الشيخ نجم الدين لدراسة العلوم الشرعية ، و على رأسـها الحديث النبوي الشريف ثم درس الفقه و التفسير و غيرها من العلوم و لما استكمل معارفه الدينية وجد في نفسه ميولاً إلى التصوف ، فرحل لأجل ملاقاة شيوخ التصوف ، و الأخذ منهم . رحلاته : خرج الشيخ نجم الدين من خُوارزم يطلب علوم الدين و على رأس هذه العلوم علم الحديث النبوي الشريف ، فقصد نيسابور ، و همذان ، و أصبهان ، و مكة المكرمة ، ثم عاد بعد ذلك إلى خُوارزم عالماً محدِّثاً ، ثم قام برحلة ثانية يطلب فيها التصوف ، وكانت هذه الرحلة على طريقة الصوفية ، فخرج من خُوارزم مرة أخرى قاصداً الأهواز ، لصحبة الشيخ إسماعيل القصري ، و بعد مدة خرج إلى أرمنية بناءً على أمر الشيخ إسماعيل حيث الشيخ عمار بن ياسر المقيم بناحية " بدليس " و منها خرج إلى " مصر " و قد قضى فيها زمناً متنقلاً من " القاهرة " إلى " قرى الدلة " إلى " الإسكندرية " و في مصر أخذ علم التصوف عن الشيخ روزبهان ، و كما أنَّه سمع الحديث في هذه الرحلة من الحافظ أبي طاهر السِّلفي و كان ذلك سنة 575هـ و من الإسكندرية اتجه إلى " دمشق " حيث الشيخ ابن أبي عصرون ثم رحل إلى " بغداد " فأقام بها زمناً ، ثم اتجه مرة أخرى إلى " بدليس" حيث الشيخ عمار بن ياسر، ثم عاد إلى بغداد ،و منها إلى بلده خَيْوَق حيث ظل إلى وفاته يربي المريدين ، و يدعو إلى الحق تعالى . شيوخه : أما شيوخه في علوم الدين و هم من الفقهاء، و المحدثين كما أشار إليهم كلٌّ من الإمام الذهبي ، و الإمام السبكي ، و داماد إبراهيم باشا فهم : أبو محمد المبارك بن الطباخ سمع منه في مكة ، و أبو طاهر السلفي ، و أبو الضياء بدر بن عبد الله الحدادي سمع منهما بالإسكندرية ، و أبو المكارم أحمد بن محمد اللبَّان ، و أبو سعيد خليل بن بدر الرازي ، و أبو عبد الله محمد ابن أبي بكر الكيزاني ، و أبو جعفر ابن محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني ، و مسعود بن مسعود الحمال هؤلاء سمع منهم بأصبهان ، والحافظ أبي العلاء سمع منه بهمذان ، و أبو المعالي الفراوي سمع منه بنيسابور . و أما شيوخه غير المباشرين في التصوف فمنهم : أبو يزيد البسطامي ، و سهل ابن عبد الله التُّسْتَري ، و أبو القاسم الجنيد ، و أبو بكر الواسطي ، و سمنون المحب ، و أبو النجيب السهروردي ، و غيرهم . أما شيوخه المباشرين في التصوف فهم أولئك الذين صحبهم ، و تتلمذ على أيديهم يقول الشيخ نجم الدين:( أخذت علم الطريقة عن روزبهان و العشق عن ابن العصر ، و الخلوة عن عمَّار ، و الخرقة عن إسماعيل القصري ) . و روزبهان الذي أخذ عنه الشيخ نجم الدين علم الطريقة هو أبو محمد روزبهان ابن أبي نصر البقلي ، الفسوي ، الشيرازي الملقب ﺑ "شطَّاح فارس " و يعد روزبهان من أعظم صوفية الإسلام . و أما ابن العصر الذي أخذ عنه الشيخ نجم الدين العشق ، فهو ابن أبي عصرون أبو سعد عبد الله بن محمد ابن هبة الله الموصلي، الدمشقي و كان فقيهاً محدثاً متصوفاً . و أما عمَّار بن ياسر ، فهو أقرب شيوخ نجم الدين إلى نفسه ، و أكثرهم تأثيراً فيه ، فقد طالت الصحبة بينهما ، و لم يصحب الشيخ نجم الدين بعده شيخاً آخر . أما الشيخ إسماعيل القصري ، فهو أول مشايخ نجم الدين في الطريق ، و في الترتيب الزمني لصحبة المشايخ ،و كان قد ألبسه الخرقة الصوفية . على أيدي هؤلاء الكبار الأفذاذ تخرَّج الشيخ نجم الدين ، و صار مفيداً لأهل زمانه الذين قصدوه لينهلوا من علمه ، و يتبركوا بلقائه . قال عنه الإمام الذهبي في " سير أعلام النبلاء " : ( شيخ تلك الناحية ـ خوارزم ـ و كان صاحب حديث ، و سنة ملجأ للغرباء ، عظيم الجاه ) . تلاميذه : أبرز لقب للشيخ نجم الدين مرَّ معنا هو " صانع الأولياء " بسبب كثرة من تخرَّج على يديه من أهل الولاية ، و الصلاح . و أبرز مَنْ تتلمذ على الشيخ نجم الدين ، و تخرَّج به : سيف الدين أبو المعالي سعيد ابن المطهَّر الباخرزي نزيل بخارى ، فقد صحب الشيخ ، و روى عنه الحديث ، و لبس منه الخرقة ، و منهم مجد الدين شرف بن مؤيِّد ابن أبي الفتح البغدادي ، و منهم نجم الدين عبد الله بن محمد بن شاهاور بن أنو شروان المعروف بنجم الدين داية كان محدثاً حافظاً ، وصوفياً شاعراً ، و قد ترك عدداً كبيراً من المؤلفات أبرزها كتابه الذي وضعه في تفسير القرآن الكريم " بحر الحقائق و المعاني في تفسير السبع المثاني " . و هو تفسير صوفي على طريقة " لطائف الإشارات " للقشيري ، و له أكثر من مئة رباعية شعرية ﺑ الفارسية ـ بعنوان " التمثل " . و ممن تتلمذ على الشيخ نجم الدين الشيخ رضي الدين علي بن سعيد الغزنوي اللالا . و منهم سعد الدين محمد ابن المؤيد ابن عبد الله بن علي الحموي الصوفي الجويني ، و هو تلميذه في الطريقة من بعده ، فقد تلقى التصوف و الخرقة منه ،ارتحل إلى الشرق ،و سكن سفح جبل قاسيون بدمشق ثم رجع إلى خراسان موطنه و ظل فيها حتى وفاته . استشهاده : لقد اصطدم الشيخ نجم الدين بأعظم موجة في العصور الوسطى الإسلامية و هي " المغول و التتار " و التي انهارت أمامها الحصون و القلاع ، و كانت نهايتها بسقوط بغداد سنة 656ﻫ . و لنترك ابن العماد يروي لنا قصة استشهاد الشيخ نجم الدين يقول : (استشهد الشيخ ـ رضي الله عنه ـ بخُوارزم في فتنة التتار ، وذلك أنَّ سلطانها قال للشيخ ، و أصحابه ، و كانوا نحو ستين : ارتحلوا إلى بلادكم فإنَّه قد خرجت نار من المشرق تحرق إلى قرب المغرب ، و هي فتنة عظيمة ما وقع في هذه الأمة مثلها . فقال بعظهم للشيخ نجم الدين : لو دعوت برفعها ! فقال : هذا قضاء محكم لا ينفع فيه الدعاء . فقالوا له :أتخرج معنا ؟ قال : ارحلوا أنتم فإنِّي سأُقتل ها هنا . و لما دخل الكفار البلد ، نادى الشيخ و أصحابه الباقون " الصلاة جامعة " ، ثم قال : قوموا نتقاتل في سبيل الله ، فدخل بيته ، و لبس خرقة شيخه ، وحمل على العدو ، فرماهم بالحجارة ، و رموه بالنبل و جعل يدور، و يرقص حتى أصابه سهم في صدره فنزعه و رمى به نحو السماء و فار الدم و هو يقول : إنْ أردت فاقتلني بالوصال أو بالفراق ! ثم مات و دفن في رباطه ـ رحمه الله تعالى ـ و كان ذلك في سنة 618ﻫ هذه هي واقعة استشهاد الشيخ نجم الدين كما رواها ابن العماد . لقد أراد الشيخ نجم الدين أن يعلمنا كيف نموت ميتة ً مجيدةً ، أراد أن يضرب للمسلمين مثلاً في عدم الخوف من الموت ، وفي الاقتحام الذي آخره الشهادة ، وما رقصه لحظة استشهاده إلاَّ فرحة روحية بالخروج من أسر الخوف ، بل هو معنى الفناء في الله تعالى مؤلفاته : ترك لنا الشيخ نجم الدين عدداً من المؤلفات ، وكلها ضمن نطاق التصوف بالرغم من اشتغاله بعلم الحديث النبوي الشريف ، والفقه ، ومن أهم مؤلفاته : 1 " التأويلات النجمية " و هو تفسير للقرآن العظيم و قد اعتمد على هذا التفسير اثنان من المفسرين : الأول هو تلميذه نجم الدين داية في تفسيره " بحر الحقائق " . الثاني هو الإمام إسماعيل حقي البرسوي في تفسيره "روح البيان". 2 " فوائح الجمال و فواتح الجلال " و قد قام بدراسته و تحقيقه و العناية به الباحث الدكتور " يوسف زيدان " وقد مهَّد للكتاب بدراسة وافية ، ومستفيضة عن حياة الشيخ نجم الدين جاءت في مئة صفحة قمت بتلخيصها ، و انتقاء الأفكار الرئيسة لها في هذا المقال الذي بين يديك . 3 " الأصول العشرة " و تعرف باسم " بيان أقرب الطرق " . 4 رسالة "السفينة " . 5 رسالة " الخائف الهائم من لومة اللائم " . 6 " طوالع التنوير " . 7 " منازل السائرين " . 8 " سكنات الصالحين " . 9 " الرباعيات " و هي مجموعة أشعار باللغة الفارسية . طريقة الشيخ نجم الدين و فروعها : كان لتلامذة الشيخ نجم الدين كبرى الفضل في نشر تعاليم الشيخ ، و طريقته التي عُرِفت بـ " الكبروية " ثم تفرعت بعد مرور الزمن إلى فروع عديدة صار لكل فرع من هذه الفروع شيخ و مريدون . ومن هذه الفروع : الكبروية الهمدانية ، و الكبروية النورية ، و الكبروية الركنية ، و الكبروية الذهبية الأغتشاشية ، و الكبروية النوربخشية ، و الكبروية العيدروسية ، و الكبروية الفردوسية ، و قد تميزت هذه الفروع بنفس الخصائص التي ظهرت في تصوف شيخها الأول نجم الدين كبرى . هذا و من أراد الإستزادة فليرجع إلى الدراسة التي أعدها الباحث الدكتور يوسف زيدان خلال خدمته لكتاب " فوائح الجمال و فواتح الجلال " و في هذه الدراسة يحيل الباحث الى المراجع ، و المصادر التي ترجمت الشيخ ،وهي تزيد عن خمسين مرجعاً ما بين مطبوع ومخطوط و عربي و أجنبي ، و كذلك في الترجمة التي أعدَّها له في كتابه " شعراء الصوفية المجهولون " . من موقع ابونا الشيخ بتصرف |
رد: الشيخ نجم الدين كبرى
بارك الله بك سيدي ابو عبدالله
سيرة عطرة |
رد: الشيخ نجم الدين كبرى
شكرا لمرورك ابو عبود
|
الساعة الآن 09:43 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |