![]() |
الروم ياهلي
وقــال النهــر .... الروم يا هلي بقلـم : زبير سلطان (جريدة الفرات) الأربعاء/21/2/2007 من يذكر اليوم الصرخة العروبية الاستنجادية ( الروم يا هلي ) التي أطلقتها امرأة عربية حرة أصيلة ، حين دخلت قوة فرنسية إلى بيتها عام 1941 باحثة عن خلية من الثوار العرب من قبيلة الدميم الأصيلة، التي كان يرأسها الشهيد البطل كسار الصياح ، هذه الخلية عقدت العزم على تفجير الثورة ضد المستعمر الفرنسي ، وبدأت تمارس فعلاً عدة عمليات مقاومة باسلة ضد الدوريات العسكرية الفرنسية ، كان من نتائجها مصرع عدد من الجنود الفرنسيين ، مما أقلق المستعمر الفرنسي ، ونتيجة لعمليات استخباراتية فرنسية ، استطاع التعرف على قائد المجموعة وبعض أفراد المقاومة ، فأعطيت الأوامر لقوة عسكرية بمحاصرة قرية الشيخ كسار الصياح ، وتفتيش منازلها ، وإلقاء القبض على الشيخ ومجموعته ،وقامت القوة بتنفيذ الأوامر بتفتيش البيوت وإذلال أصحابها بالضرب وسرقة الأموال والحلي ومصادرة ما يجدون من سلاح سواء كان أبيض أو نارياً . كان الجو آنذاك في القرية رهيباً ومرعباً ، فالغزاة المستعمرون بقوتهم المدججة بالسلاح وتعسفهم ، فرضوا مناخاً من الرهبة في نفوس السكان ، لهذا لم يجدوا في البداية أية مقاومة بما يقومون به من تعسف ومصادرة ونهب لممتلكات الأّهالي . إلا أن الأمر تغير بعد ساعات رأساً على عقب حين دخلوا بيت البطل كسار الصياح ، الذي كان غير موجود آنذاك في القرية ، فما إن دخل الجنود الفرنسيون البيت حتى شمخت زوجته البطلة تذود عن حمى بيتها وحصن الثوار ، وصاحت بأعلى صوتها : ( الروم يا هلي ) . كانت تريد بهذه الصيحة استنهاض همم الرجال ونخوتهم ، فما أن أطلقت صرختها التي هزت السكون ومزقت غمامة الرعب والخوف من النفوس والصدور ، فأشعلت تلك الصيحة نار النخوة والعزة العربية في كل زاوية وبيت وشارع ، فترددت نداءات التلبية من الرجال والشيوخ والصبية والنساء ، فانتفضت القرية برمتها وساد القرية مشهد مهيب عظيم حيث توافد الجميع إلى مصدر الصوت ، وكل واحد منهم يحمل سيفاً أو خنجراً أو عصاً أو بندقية أو حجارة ، وهجموا على تلك القوة الباغية رغم كثافة النيران التي تطلقها عليهم ،فلقنوهم درساً في البطولة والشهامة والعزة والكرامة العربية الأصيلة . وانسحبت تلك القوة مهزومة مذلولة أمام زغاريد النساء وتهليل الشيوخ وأناشيد الرجال ، وهي تجر أذيال الخيبة والهزيمة والعار ، وتنقل على ظهور آلياتها قتلاها وجرحاها . ومن المعمرين في السن من أبناء الفرات مازال يذكر طريق البوكمال - دير الزور القديم قبراً فرنسياً ما بين - الصالحية والجلاء - كان شاهداً على تلك الموقعة الكبيرة التي هزم فيها الفرنسيون دون أن يحققوا أي شيء مما خططوا له ، ولتغطية فشلهم وهزيمتهم استخدموا الحيلة والغدر ، فاستدرجوا البطل الشهيد الشيخ كسار الصياح لمقابلة الحاكم الفرنسي بعد أن أعطوه الأمان والعهد بعدم المسّ به ، إلا أن من كان شيمته الغدر لا يقيم للعهود وزناً ، فألقوا به في السجن بعد تجريده من السلاح ، غدر به ، واغتاله الحاكم بنفسه في سجنه تشفياً من هزيمته وثارت عشائر المنطقة حين سمعت بمقتل كسار وطوقت المدينة ، وكادت أن تجتث الحاكم وقوته ، فكذب مرة أخرى وأقسم أنه حي ورحل إلى ديرالزور ، فهدأت الثورة . وسنتحدث عن هذه الأحداث إن شاء الله في وقت آخر . ولكن نعود لصرخة هذه الحرة العربية الأبية . كان لسحر الصرخة الأصيلة صداها لسنوات طويلة بعد الاستقلال ، تناقلتها أجيال الفرات لتكون عبرة وموعظة وفخراً واعتزازاً ، وكنا نقارنها بصرخة عربية في عصور العزة والمجد ، حين صرخت يومئذ امرأة عربية في عمورية : ( وامعتصماه ) والإجابة السريعة من خليفة بغداد بجيش عرمرم ، تتسارع خطاه إلى القرى العربية التي استباحها الروم ضارباً عرض الحائط بكل تنبؤات الفلكيين بأن الوقت ليس لصالح جيش المسلمين ، فاجتاح الجيش كل تحصينات العدو وهم يرددون : ( لبيك يا أمة الله ) . فكانت النتيجة انتصاراً باهراً في أهم ملاحم العرب مع الروم والتي يطلق عليها المؤرخون : ( ملحمة عامورية ) انتصاراً لاتزال الأجيال تردد في كل مناسبة له قول الشاعر أبي تمام : ( السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب ) . أما اليوم فالعرب في أسوأ حال ، فالروم يغزون عشرات المدن والقرى ، ويستبيحون أكثر من بلد ، وتردد وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة كل ساعة صرخات نساء العراق وفلسطين والصومال تستغيث : واعرباه ..وا أمتاه ..الروم يا هلي ..أغيثونا .. ويرجع الصدى : إخوانكم نائمون تائهون.. يتصارعون على خوازيق ومناصب الاحتلال وكراسيه، ففتح تقاتل حماس ، والصهاينة يقتلون الجميع ، والصراع الطائفي في العراق ، والمحتل يحصد بطائراته الكل ، والرئيس الصومالي على ظهور دبابات الغزاة يستنجد بطائرات لقصف الرعاة الحفاة من أبناء وطنه . صرخات لفتيات تغتصب ونساء يعذّبن في سجون الغزاة والرجال يذبحون في الطرقات بسبب أو دون سبب ، وبوش وديك تشيني ورايس يتوعدون بالمزيد . وأعود بذاكرتي إلى الستينيات من القرن الماضي إلى ديوان ( البكاء على يدي زرقاء اليمامة ) للشاعر المصري أمل دنقل ، وهو يذكر كافور العصر حين نقل إليه أن امرأة صرخت على أطراف البلاد احتل الروم قريتها تصرخ وتصيح : واكافوراه .. قال لهم كافور : اذهبوا إلى المدينة واجلبوا رومية واجلدوها بالسياط إلى أن تصرخ : وا روماه .. وبذلك تكون الإجابة . .............. كتبها عوض الدخيل |
رد: الروم ياهلي
والله انها ما قصرت
|
رد: الروم ياهلي
مرور كريم ابو معاوية
|
الساعة الآن 09:38 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |