![]() |
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 140
قَالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140) ومثل ذلك حدث مع سيدنا محمَّدٍ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ بعد أنْ فتح مكَّةَ وتوجَّهَ بجيشِهِ إلى حنين، فقد أخرج الترمذيُّ وغيرُ من أئمةِ المحدثين عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَمَّا خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((سُبْحَانَ اللهِ، هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)). قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ اسْمُهُ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، سنن الترمِذِي: (8/93). قوله تعالى: {أَغَيْرَ الله} الهمزةُ للإِنكارِ والتَعجُّب والتوبيخ. وقد أُولي المُسْتَفْهَمُ عَنه الهمزةَ للدَّلالَةِ على أَنَّ محلَّ الإنكارِ هو اتخاذُ غيرِ اللهِ إلهاً، فتَقديمُ المفعولِ الثاني للاختصاص، مبالغةً في الإنكارِ أَيْ: اخْتِصاصُ الإنكارِ بِابْتِغاءِ غيرِ اللهِ إلهاً. و "غير" مفعولٌ به ل "أبغيكم" منصوبٌ به، والتقدير: أبغي لكم غيرَ الله، فلمَّا حُذِفَتْ لامُ الجرِّ وَصَلَ الفعل بنفسه، فنصب المفعول به، وعليه ف "إلهاً" تمييز ل "غير" وهو الظاهرُ. وقيل هي حالٌ، وفيه نَظَرٌ. أو أنَّ "غير" منصوب على الحالِ مِنْ "إلهاً"، و "إلهاً" هو المفعول بهِ ل "أَبْغيكم" والأصلُ: أبغي لكم إلهاً غيرَ الله، ف "غير الله" صفةٌ ل "إله" فلما قُدِّمَتْ صفةُ النكرةِ عليها نُصِبت حالاً. وما ذكره ابنُ عطيَّة: من أنَّ "غير" منصوبة بفعل مضمر، لا حاجةَ إليه. والهمزة "أَبْغِيكُمْ" همزةُ المُتَكَلِّمِ للفِعْلِ المُضَارِعِ، وهو مُضارِعُ بَغَى بمعنى طَلَبَ. ومَصْدَرُهُ البُغاءُ بِضَمِّ الباءِ، قوله: {وَهُوَ فَضَّلَكُمْ} جملةٌ اسميةٌ في محلِّ نصبٍ على الحالِ: إمَّا مِنْ "الله" وإمَّا مِنَ المخاطبين، لأنَّ الجُملةَ مُشتملةٌ على كلٍ مِنْ ضَميرَيْهِما، ويجوزُ أَنْ تكونَ مستأنَفةً لا محلَّ لها من الإعراب. |
الساعة الآن 02:47 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |