
رد: الفنون الشعريّة المستحدثة في العصرين المملوكي والعثماني
ثالثاً : ذات القوافي :
ابتدع هذه التسمية مصطفى صادق الرّافعي , وقد وردت في خزانة الأدب لابن حجة الحموي باسم " التشريع " , وسمّاها ابن أبي الإصبع " التوأم " , وهي تعني أن يبني الشاعر بيته على وزنين من أوزان القريض وقافيتين , فإذا أسقط جزءاً أو جزأين صار ذلك البيت من وزن آخر غير الأول كقول الحريري :
يا خاطب الدّنيا الدنيّة إنّها = شَرَك الرّدى وقرارة الأكدار
دارٌ متى ما أضحكتْ في يومها = أبكتْ غداً تبّاً لها من دار
وتنتقل بالإسقاط إلى ثامن الكامل فتصير :
يا خاطب الدّنيا الدنـ = ـيّة إنّها شَرَك الرّدى
دار متى ما أضحكتْ = في يومها أبكتْ غدا
وقد سُبق الحريري في ذلك , فنجد للأخطل :
وإذا الرّياح مع العشيّ تناوحت = هدج الرّئال يكبّهنّ شمالا
ألفيتنا نقري العبيط لضيفنا = قبل العيال ونقتل الأبطالا
ونجد الأبيات بعد الإسقاط على الصورة التالية :
وإذا الرّياح مع العشيّ = تناوحت هدج الرّئال
ألفيتنا نقري العبيط = لضيفنا قبيل العيال
وأوسع البحور في هذا النوع الرّجز , فهو يقع تاماً ومجزوءاً ومشطوراً ومنهوكاً , فيمكن أن يعمل للبيت منه أربع قواف ٍ ، من ذلك قول أبي عبد الله محمّد بن جابر الضرير الأندلسي :
يرنو بطرفٍ فاترٍ مهما رنا = فهو المنى , لا أنتهي عن حبّه
يهفو بغصن ناضر , حلو الجنى = يشفي الضّنى , لا صب لي عن قربه
لو كان يوماً زائري , زال العنا = يحلو لنا , في الحبّ أن نُسْمَى به
أنزلته في ناظري لمّا دنا = قد سَرَّنا , إذ لم يَحُلْ عن صبّه
فإذا أسقطنا القافية الأولى أصبح مجزوءاً :
يرنو بطرفٍ فاترٍ = مهما رنا فهو المنى
يهفو بغصن ناضر = حلو الجنى يشفي الضّنى
لو كان يوماً زائري = زال العنا يحلو لنا
أنزلته في ناظري = لمّا دنا قد سَرَّنا
وإذا أسقطنا القافيتين أصبح مشطوراً :
يرنو بطرفٍ فاترٍ مهمـــا رنــا
يهفو بغصن ناضر حلو الجنى
لو كان يوماً زائري زال العنا
أنزلته في ناظري لمّا دنـــــا
وإذا أسقطنا القوافي الثلاث أصبح منهوكاً :
يرنو بطرفٍ فاتـــرِ
يهفو بغصن ناضرِ
لو كان يوماً زائري
أنزلته في ناظـــري