
رد: سيدي أبو الهدى الصيادي الرفاعي رضي الله عنه
وفاته
أصيب السيد أبو الهدى في آخر أيامه بمرضٍ ألمَّ به ، وتركه طريح الفراش لمدة من الزمن وقضى مرضه هذا بالصبر والرضى والحمد والشكر لربه الرحيم الرؤوف بعباده ، وكان مدة مرضه لا ينفك عن ترتيل القرآن الكريم ولا يفوته فرض ولا نافلة وأخذ ينشد آخر مرضه هذين البيتين :
لا تكن للهموم ضيِّق الصدرِ = إنما يغلب الليالي الصبورُ
وارضَ عن ربك الكريم منيباً = إنه عنده العسيرُ يسيرُ
لم يؤثر عليه مرضه بل زاد وجهه تبلُّجاً ونوراً ، وقلبه فرحاً وسروراً. وعندما جاءه الوعد الحق ، فاضت روحه الشريفة الطاهرة إلى خالقها راضية مطمئنة ، بعد تلفظ الشهادتين بالجهر والإسرار وهذا أعز ما يتمناه المسلم في حياته .
كانت وفاة السيد أبوالهدى لست ليالي خلون من ربيع الأول سنة 1327هـ المصادف 1909م وحملت جنازته على الرؤوس بحفل مهيب حضرة أكابر العلماء والسادات ، ودفن رحمه الله في زاويته بأعلى بشكطاش في اسطنبول بالحجرة الملاصقة لمحل الصلاة والأذكار ، والتي جعلها في حياته مكتبة ملأها بما أوقفه على تلك التكية من الكتب الثمينة .
بعد أن انتشر خبر وفاته في ربوع العالم الإسلامي حزن عليه كل مَن كان جالسه وسمع به ، وأقيمت مجالس الفواتح في العراق وسورية ومصر والأردن وغيرها من البلاد الإسلامية ، وكتب يرثيه العلماء والكتاب ، ونظم لرثائه الشعراء القصائد العصماء ، وممن رثاه الشيخ عبد الحميد الرافعي ومطلع القصيدة :-
ألا كل نفسٍ للمنونِ مصيرُها = ولو شيّدت بين النجومِ قصورها
وكذلك رثاه الشيخ إبراهيم الراوي بعدة قصائد غرّاء منها :
فَقَدَ الدينُ عضبَهُ المسلولا = فتدرّعْ يا قلبُ صبراً جميلا
وأُخرى مطلعها :
تعالوا بنا نذري الدموع الجواريا = وننشد في هذا المُصاب المراثيا
أرّخ الشيخ إبراهيم الراوي وفاته بهذه الأبيات :
لي سيداً قـــد سعـدا= وللمعالي صعــدا
أبو الهدى ومـن يكـن= مـن بعـده أبا الهـدى
لمـا أتانا نعيـه =وفي الحشا قد عربـدا
بكـى الهنـى فقـدانه = وبمـراثيـه حــدا
أرختـــه أبو الهـدى= نحـو جنان قـد غـدا
سنه 1327هـ
وأرّخه الفاضل السيد محمد رشيد افندي بقوله :-
إن الهدى ذا أبوه أم مولاهُ= تمزقت لعظيم الخطب أحشاهُ
والدينُ من أسفٍ يبكى عليه أساً= والعلمُ يندبه والجودُ ينعاهُ
لا زال أسرته بالصبر عصمتهم = أرخته وجنان الخلد مثـواه
سنه 1327هـ
ألّف الشيخ إبراهيم الراوي كتاباً يشرح حياته سماه ( بلّ الصدى في ترجمة السيد أبى الهدى) .
أعقب السيد أبو الهدى ذكوراً وإناثا فمن الذكور أبقى الله له السيد حسن خالد وأحمد سراج الدين .