"وقد سلَّم سيدنا عيسى [

] على نفسه عند ولادته فقال: { وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا } (1) .
وسلَّم الحق تبارك وتعالى على سيدنا يحيى [

] ، فقال: {وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} (2) .
والفرق بين السلامين : أن سيدنا عيسى - على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليمات - كمَّله الله في قواه، ومزاياه، حتى صار مظهراً لنور اسمه "السلام" فسلَّم على نفسه بطريق الخلافة عن الله (3) .
وسيدنا يحيى [

] أفنى نفسه في أنوار "السلام" فسلَّم عليه مولاه، لأنه وكيلٌ عن أحبابه، ونعم الوكيل.... .
والعبد المؤمن الذي يتجمَّل بنور اسمه"السلام" لا يجلس في مجلس إلا ويجتهد في إيجاد الصلح بين الخصوم، وبنشر السلام بين الخاص والعام، ويخلص الناس بوعظه، فيسلمون من الشيطان، ويدلُّ الخلق على الله فيأمنون من غوائل العصيان (4).
وقد قال بعض العارفين رضي الله عنهم: إن سرَّ الله الأعظم في " سورة يس"؛ { سَلامٌ قَوْلا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } (5) .
والعارف بالله يشاهد في الكون بلاءً عظيماً فيرى النفس تنازعه، والشيطان يراوغه، والدنيا بزينتها تغرّه، والأمراض تهدِّدُه وتضره، فليس له ذكر إلا قوله: سلِّم، سلِّم، يا ربِّ سلِّم". ويقول: يا رب سلِّم إيماني، وسلِّم قلبي، وسلِّم جسمي.
وفي الآخرة إذا اشتدَّت الأهوال يوم القيامة يكون ذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والملائكة: "سلِّم ، سلِّم، يا ربِّ سلِّم" (6) . " اهـ
اقتباس:======================= الحاشية =====================
(1) : سورة مريم – الآية 33.
(2) : سورة مريم – الآية 15.
(3) : فكان عليه السلام بحق "عبد السلام" حيث تجلَّى له الحق سبحانه باسم "السلام" فسلَّمه من كلِّ نقصٍ وآفة وعيب.
(4) : حكي أن بعض العارفين رأى رجلاً يغتاب إنساناً ؛ فقال له : هل غزوت الروم هذه السنة ؟ قال : لا . قال : فهل غزوت الترك أو الهند ؟ قال : لا . قال : فكيف سلم منك أعداؤك الكفار ، ولم يسلم منك أخوك المسلم؟!!.
(5) : سورة يس – الآية 58.
(6) : عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : شعار المؤمنين على الصراط يوم القيامة "رب سلم سلم". رواه الترمذي والحاكم في المستدرك ورزم السيوطي في جامعه لصحته." اهـ 4/285
(يتبع إن شاء الله تعالى مع: وخير من نال الحظ الوافر من هذا الاسم هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ..... )