مشرفة القسم العام وقسم التراث والتاريخ
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
المشاركات: 645
معدل تقييم المستوى: 
17 
    
 
 

محافظة العبد على صفائه وحضوره مع الله تبارك وتعالى
 
هذا وصفٌ لورّاث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أجسامُهم مع الناس وقلوبهم مع الله جلَّ وعلا . 
 
هذه مرتبة عالية ،
 
 وهذا واحد من أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام : (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) [ القلم /4 ] ، 
 
فاختلاطه عليه الصلاة والسلام بالنّاسِ والأمورِ الدنيوية واشتغالهُ بالحروبِ والأهلِ والتبليغِ لا يشغله عن الله تعالى . 
 
لكن بالنسبة لغيره عليه الصلاة والسلام كلُّ واحد على حسب طاقته وطبيعته البشرية . 
 
فكلّما خفَّف جانب البشرية يقوى الجانب الروحي ، 
 
ويكون تعلقه بالله تعالى وصفاؤه وحضوره معه أكثر ؛ 
 
وهذا الرزق المعنوي كالرزق المادي ، أعطى الله بعض الناس أكثر من بعض ، 
 
قال تعالى : (( وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ )) [ الأنعام /165 ] . هكذا شأنه جل وعلا . 
 
لكن على المؤمن أن لا يكتفي بهذا التقسيم ، لأنه لا يعرف في الحقيقة هل لـه استعداد للترقي أم لا ،
 
 بل عليه أن يجاهد نفسه بأمـر الله : (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا )) [ العنكبوت /69 ] .
 
مَن أراد أن يكون من هذا القسم فله علاج ودواء لمرضه الذي هو فيه ، وهو : 
 
أولاً: تهذيبُ النفس ومخالفتُها : (( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهـَا وَقَـدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)) [ الشمس /9-10 ] . 
 
ثانياً : الاعتقاد الصحيح في حقّ الله جلّ وعلا وفي حق صفاته الجليلة 
 
وفيما يتعلق بالحشر والنشر والحساب والعقاب والجنة والنار ، وكلِّ الأمور الغيبية ،
 
 أعني : اعتقادَ أهل السنة والجماعة :((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)) [ البقرة /3 ] . 
 
ثالثاً : التمسّكُ بشرع الله جلَّ جلاله ، لا بالقيل والقال بل بحسب الحِلِّ والحُرمة ؛ 
 
وذلك بالتمسك بالكتاب المبين واتباع الرسول عليه الصلاة والسلام .
 
 ويدخل في ذلك أمور كثيرة منها : (( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ )) [ المؤمنون /1-2 ] ، (( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ )) 
 
[ يونس / 109 ] . . . هـذا كـلُّه يدخل في التمسك بالشريعة . 
 
رابعاً : بقيَ شيء آخر وهو سُلَّم للوصول إلى هذه الفضائل جميعـاً ، وهو ذكر الله تعالى .
 
 فمَن دخل الخلوة فلْيُكثرْ من ذكر الاسم المفرد ( الله ) ،
 
 ومَن لم يدخل الخلوة فليكثر من ذكر ( لا إله إلا الله ) والصلاةِ على رسول الله عليه الصّلاة وأفضل السلام . 
 
موضوعُ هذا المقال واحدٌ من طرقِ الولاية ، وهو مقامٌ عالٍ .
 
 وطرقُ الولاية كثيرةٌ ،
 
 لكنَّ أفضلّها اتّباعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في العادات والعبادات ، 
 
وعدمُ الميل إلى الكشف والكرامات ، لأنّ هذه الأمور ليست مهمّة ؛ فركعتان بعد الوضوء ـ مثلاً ـ أهَمُّ منها . 
 
مَن وصل إلى هذا المقام عليه أن لا يرى لنفسه مرتبة ولا مقاماً ولا أي شيء ، 
 
وعليه إذا أمكن أن يتعلق بشخص يوجِّهه ، لأنه لا يمكن الوصول إلى هذه الفضائل بدون واسطة . 
 
فلو قيل : بعض الأولياء وصلوا إلى ما وصلوا بدون التمسك بالواسطة ، نقول :
 
 هؤلاء لم يتمسكوا بالواسطة ظاهراً ولكنهم تمسكوا بالواسطة باطناً ،
 
 فهم يستفيدون من أرواح الأولياء المتقدمين ، كما قال الأستاذ بديع الزمان رضي الله عنه :
 
 إني استفدت من الإمام الرباني والشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أبي الحسن الشاذلي وغيرهم رضي الله عنهم . 
 
لكن لا يمكن لشخص أن يستفيد من أرواح الأولياء المتقدمين إلا إذا كان من أهل الدّيوان ؛
 
 فإذا كان من أهل هذا المقام فهو يجتمع بهم ويسأل ويُجاب ويصحَّح له . 
 
منقول
 
