ربيعٌ أتانا عاتباً يتبسَّمُ

يلومُ و لكنْ مَنْ يَعيهِ و يفهمُ ؟
و أمّتُنا الثّكلى الجريحةُ مُزِّقَتْ

و صارَتْ إلى درْكِ الشّقا تتقزَّمُ
بكى الصّخرُ منْ أحوالِنا مُتصدِّعاً

و لحمُكَ يا قلبي أصمُّ و أبكمُ
أتهنأُ بالّلذاتِ و الموتُ حاصدٌ

و أضراسُهُ في دارِنا تتحوَّمُ
و صارَتْ رقابُ النّاسِ تُضرَبُ قُرْعة ً

و يجري سيولاً في قوارِعِها الدّمُ
بِهَرْجٍ و مرْجٍ أذهبَ العقلَ حَرُّهُ

و نُطْقُ الفتى ممّا جرى يتلعْثمُ
ترَكْنا ربيعَ العارفينَ لعُرْفِهمْ

و في جُحْرِ ضبٍّ مُنتنٍ نتقمقمُ
شكوْنا شتاءَ العاصفاتِ زمانَنا

و كُنّا بجِلْبابِ الرّضا نتنعَّمُ
و مالَ عنِ الدّرْبِ المُسدَّدِ طامعٌ

يُحلُّ على مَيْلِ الهوى و يحرّمُ
تنادي قلوبٌ بالعبادِ رحيمةٌ

و نُعرِضُ عنها بالصّدودِ و نُحجمُ
***
و صارَ عظيمَ الصّوتِ كلُّ مذبذبٍ

و مَنْ زُبزِبوا مِنْ قبلِ أنْ يتحَصْرموا
فمِنْ أجلِ حفناتٍ دراهمَ بخسةٍ

نبيعُ و نشري و المُحَكَّمُ درهمُ
و نسمعُ منْ رأسٍ جهولٍ مُسَفَّهٍ

فيا أسفى ممّا يغيبُ و يُعْلَمُ
فمَنْ لمْ يكنْ فيهمْ كبيرٌ مُدبّرٌ

فهمْ في تجاعيدِ الجهالةِ خُمْخُمُ
و ماعزَّ قوْمٌ أمرُهمْ ليسَ بينهمْ

و تُرخي بهمْ حبلُ الغريبِ و تُلْجِمُ
سئمْنا أحاديثَ السّرابِ و سَرْدَها

و مَنْ أمَّلَ الأوهامَ حتماً سيسأمُ
و ما تُدْرَكُ الغاياتُ في ظهْرِ غفلةٍ

توَقّفَ عنها شاردٌ مُتشرذِمُ
فكيْفَ تساوي بينَ مَيْتٍ و قائمٍ

فهلْ يستوي صاحونَ فيها و نُوَّمُ
و مَنْ يطلبُ الأسفارَ هيّأَ ركْبَها

برَحْلٍ و زادٍ ثمَّ حادٍ يُرنِّمُ
و للمرءِ ما ينوي بسيْرٍ و هجرةٍ

فعودوا لِما كانَ الأوائلُ تسْلموا
***
و لُمّوا على نورِ الصّراطِ صفوفَكمْ

ففي غيْرهِ نيْلُ المُنى مُتوهَّمُ
و مَنْ يعجلُ الأشياءَ قبلَ أوانِها

سيبقى على حِرْمانِها يتألَّمُ
و بالحُبِّ سيروا لا تحيدوا لغيرِهِ

فما مثلُهُ زادٌ يذودُ و بَلْسَمُ
و فيها ادفُنوا كِبْرَ النّفوسِ و ظُلْمَها

فبالّليْلِ كمْ أبكى الدّجى مُتظلِّمُ
بإخلاصِكَ الأعمالَ للهِ تُرتجى

و تنجحُ في إنجازِها و تُتَمَّمُ
و لازمْ لورّاثِ الحبيبِ محمّدٍ

فمِنْ أجلِ عينٍ كمْ عيونٌ ستُكْرَمُ
و للبِرِّ أبوابٌ تنادي كثيرةٌ

و أكثرْ فمولانا أبرُّ و أعظمُ
و دوموا على التّسيبحِ و الذّكْرِ تسعدوا

و صلّوا على الهادي البشير وسلّموا
عليْكَ صلاةُ اللهِ يا خيْرَ مُرْسَلٍ

فمِنْ وِرْدِكَ الهاني نفوزُ و نغنمُ
عسى ترجعُ الأيّامُ خُضْراً مروجُها

و فينا ربيعٌ راضياً يتبسَّمُ
