أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           لا إله إلا الله وحده لا شريك له،له الملك وله الحمد،يُحيي ويُميت،وهو حي لا يموت،بيده الخير وهو على كل شئ قدير           
العودة   منتدى الإحسان > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

 
قديم 06-08-2009
  #5
هيثم السليمان
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: دير الزور _ العشارة
المشاركات: 1,367
معدل تقييم المستوى: 18
هيثم السليمان is on a distinguished road
افتراضي رد: الفنون الشعريّة المستحدثة في العصرين المملوكي والعثماني

خامساً : الطّرد والعكس :


ونعني به أن ينظم الشاعر قصيدة , فتقرأ على وجوه متعدّدة, دون أن يكون وراء ذلك معانٍ جديدة _ في أغلب الأحيان .
ويبدو أنّ القدماء لم يعرفوا هذا الصنيع , وإذا كان قد ورد شيء من ذلك في كلامهم فهو عفوي غير متكلّف , كما ورد في القرآن الكريم { ربَّك فكبّر } فإذا ما قرئت في العكس جاءت من جديد { ربَّك فكبّر } .
ويبدو أنّ صفي الدّين الحلّي أوّل من ابتدع هذا الضرب , ففي ديوانه هذه الأبيات :

ليت شعري , لك علم = من سقامي , يا شفائي
لك علم , من زفيري = ونحولي , وضنائي
من سقامي , ونحولي = داوني إذ , أنت دائي
يا شفائي , وضنائي = أنت دائي , ودوائي
نلاحظ أنّ الأبيات تقرأ طولاً فتؤدّي معنى , وتقرأ عرضاً فتؤدّي المعنى ذاته .
ويمكننا تقسيم ألوان الطّرد والعكس إلى عدّة أقسام :

1- المخلّعات :

وتعني باللغة المتفككات , وكأنّ كلمة ( المخلّعات ) تحوي إشارة إلى ما في القصيدة من تفكّك , أو ما يمكن أن يصيبها من انحلال .
وأوّل مخلّعة في الشعر ظهرت في الأندلس على يد الوزير لسان الدّين محمّد بن عبد الله السليماني , وهذه صورة أبياتها الاثني عشر , ويمكن أن تقرأ على 460 وجهاً طرداً وعكساً .

داءٌ ثَوى , بِفُؤادِ شَفَّهُ السَقمُ = بمَهجتي ، مِن دَواعي الهَمِّ وَالكَمدِ
بِأَضلُعي ، لهَبٌ تَذكو شرارَتُهُ = مِنَ الضَنى , في مَحَلِّ الرَوحِ من جَسَدِي
يَومَ النَوى , حلَّ في قَلبي لَهُ أَلَمُ = وَحرَقَتي ، وَبلائي فيهِ بِالرَصَدِ
تَوَجُّعي , مِن جوىً شَبَّت شَرارَتُهُ = مَعَ العَنا , قَد رَثا لي فيهِ ذو الحَسَدِ
جلَّ الهَوى , مُلبِسي وَجداً بِهِ عَدَمُ = لِمحنتي , مَن رَشا بِالحُسنِ مُنفَرِدِ
تَتَّبِعُي , وَجهُ مَن تَزهو نَضارَتُهُ = إذا انثنى , قاتلي عمداً بلا قَوَدِ
مُصلي الجَوى , مولَعٌ بِالهَجرِ مُنتَقِمٌ = ما حيلَتي , قَد كَوى قَلبي مَعَ الكَبِدِ
بمَصرَعي , مُعتَدٍ تَحلو مَرارَتُهُ = يا قَومَنا , آخذاً نَحوَ الردى بِيَدي
هَدَّ القُوى , حُسنه كَالبَدرِ مُبتَسِمٌ = لِفِتنَتي , موهِنٌ عِندَ النَوى جَلَدي
مُروّعي , قَمَرٌ تَسبي إِشارَتُهُ = إِذا رَنا , ساطِعُ الأَنوارِ في البَلَدِ
قَلبي كَوى , ملِكَ بِالحُسنِ مَحَتكُم = لِقصَّتي , وَهوَ سُؤلي وَهوَ مُعتَمِدي
مَودّعي , سارَ لا شَطَّت زِيارَتُهُ = لِمّا جَنى , مورثي وجداً مع الأبدِ



هذه المزاوجة في ترتيب القوافي هي التي سمحت بفصلها , ومكّنت من أن يكون منها قصائد عدّة .
ولاشكّ أنّ هذا التفكّك في أجزاء القصيدة هو علّة تركّب القصائد الكثيرة من القصيدة الواحدة , ولقد قرأنا أنّ شاعراً عمل قصيدة , واشتغل بإحصاء الوجوه التي تُنظر بها فبلغت في عينه مليون وجه , وذاك علم من الأرقام في قفر من الكلام . (1)

2- ما لا يستحيل بالانعكاس :


سمّاه ابن حجّة الحموي بهذه التسمية , وذكر أنّ جماعة سمّوه ( بالمقلوب ) , أو ( بالمستوي ) , ودعاه السكاكي بـ ( مقلوب الكلّ ) , وعرّفه الحريري في مقاماته بـ ( ما لا يستحيل بالانعكاس ) .
وهو أن يكون عكس البيت , أو عكس شطره كطرده , وهذا النوع ـ كما زعم ابن حجّة ـ غايته أن يكون رقيق الألفاظ , سهل التركيب , منسجماً في حالتي النثر والنظم .
جاء منه في القرآن الكريم : { كلٌّ في فلك } , و { ربّك فكبّر } , ومن الكلام الذي رقَّ لفظه ( أرضُ خضرا ) , وأورد الحريري في مقاماته ( ساكب كاس ) , وزاد في العدّة ( كبر رجاء أجر ربّك ) , و ( لذ بكلّ مؤمل إذا لم ّوملك بذل ) .
ولقد نجح بعضهم في استنباط بعض جمل طريفة , وأوردها صاحب خزانة الأدب , ومنها ( سور حماه بربّها محروس ) , وحادثة العماد مشهورة ؛ عندما رآه شخص فقال له : " دام علا العماد " , وهي تقرأ عكساً , فأجابه العماد : " سر فلا كبا بك الفرس " وهي أيضاً تقرأ عكساً .
ومن المنظوم الرائق قول القاضي الأرَّجاني : (2)
مودّته تدوم لكلّ هول = وهل كلٌّ مودّته تدوم
ولقد أولع المتأخّرون بهذه الصنعة فجاء أحدهم بقصيدة كلّها على هذه الشاكلة , ومن أبياتها : (3)
قمر يفرط عمداً مشرق = رشّ ماء دمع طرف يرمق
قد حلا كاذب وعد تابع = لعباً تدعو بذاك الحدق
قبس يدعو سناه إن جفا = فجناه أنس وعد يسبق
قرفي إلف نداها قلبه = بلقاها دنف لا يفرق

3- الطرد مدح والعكس هجاء :

وهو نوعان ؛ الأول عكسٌ في الحروف , والثاني عكسٌ في الكلمات كاملة .
مثال النوع الأول :
أ – الطرد مديح :
باهي المراحم لابسٌ = كريماً قدير مُسْند
بابٌ لكلّ مؤمّلٍ = غُنْمٌ لَعَمْرك مُرْفد
ب – العكس هجاء ( في جميع الحروف ) :
دَنسٌ , مريد , قامر = كسب المحارم لا يهاب
دَفِرٌ , مِكَرٌّ , مُعْلَم = نَغْلٌ , مُؤمل كلّ باب
ومثال النوع الثاني :
أ – الطرد مديح :
حَلموا , فما ساءت لهم شيمٌ = سمحوا , فما شحّت لهم مِنَنُ
سَلموا , فما زلّت لهم قدم = رَشدوا , فما ضلّت لهم سُنن
ب – العكس هجاء ( في الكلمات كاملة ) :
مِننٌ لهم شحّت , فما سمحوا = شِيم لهم ساءت , فما حلموا
سنن لهم ضلّت , فما رشدوا = قدمٌ لهم زلّت , فما سلموا

4- الطرد الأفقي مدح والشاقولي هجاء :

من ذلك قول أحد الشعراء : (4)
إذا أتيت نوفل بن دارم = أمير مخزوم وسيف هاشم
وجدته أظلم كلّ ظالم = على الدّنانير أو الدّراهم
وأبخل الأعراب والأعاجم = بعرضه وسرِّه المكاتم
لا يستحي من لوم كلّ لائم = إذا قضى بالحقّ في الجرائم
ولا يراعي جانب المكارم = في جانب الحقّ وعدل الحاكم
يقرع من يأتيه سِنّ نادم = إنْ لم يكن من قدم بقادم
هذه الأبيات إذا قرئت على وضعها الأفقي أدّت شيئاً من معاني المديح لذلك الرّجل المدعو ( نوفل بن دارم ) , وإذا حذف الشطر الثاني من كلّ بيت , وأحلّ محلّه الشطر الأول من البيت الذي يليه انقلبت هجاء , وكانت الصورة التالية :
إذا أتيت نوفل بن دارم = وجدته أظلم كلّ ظالم
وأبخل الأعراب والأعاجم = لا يستحي من لوم كلّ لائم
ولا يراعي جانب المكارم = يقرع من يأتيه سِنّ نادم

5- أشعار التبادل والمتواليات :
لقلبي , حبيب , مليحٌ , ظريف = بديعٌ , جميل , رشيقٌ , لطيف
هذا البيت يقرأ على أربعين ألف بيت من الشّعر وثلاثمئة وعشرين بيتاً ( 40,320 ) , وذلك أنّ أجزاءه ثمانية , يمكن أن ينطق بكلّ جزء من أجزائه مع الجزء الآخر , فتنتقل كلّ كلمة ثمانية انتقالات , فالجزءان الأوّلان ( لقلبي حبيب ) يتصوّر منهما صورتان بالتقديم والتأخير , ثمّ خذ الجزء الثالث ( مليح ) فيحدث منه مع الأوّلين ست صور وهي : (1) لقلبي حبيب مليح , (2) لقلبي مليح حبيب , (3) حبيب لقلبي مليح , (4) حبيب مليح لقلبي , (5) مليح لقلبي حبيب , ( 6) مليح حبيب لقلبي .
والذي لاحظناه أنّ له ثلاثة أحوال : تقديم , وتأخير , وتوسّط لكلّ كلمة , فإذا ضربنا أحواله في الحالين يكون ستة .
ثمّ خذ الجزء الرابع , وله أربعة أحوال , فاضربها في الصورة المتقدّمة وهي الستّة التي قبلها تكون أربعة وعشرين .
ثمّ خذ الجزء الخامس تجد له خمسة أحوال , فاضربها في الصور المتقدّمة وهي أربعة وعشرون تكون مئة وعشرين .
ثمّ خذ الجزء السادس تجد له ستّة أحوال , فاضربها في مئة وعشرين تكون سبعمئة وعشرين .
ثمّ خذ الجزء السابع تجد له سبعة أحوال , فاضربها في سبعمئة وعشرين تكون خمسة آلاف وأربعين .
ثمّ خذ الجزء الثامن تجد له ثمانية أحوال , فاضربها في خمسة آلاف وأربعين تكون أربعين ألفاً وثلاثمئة وعشرين بيتاً .
ولاشكّ أنّه كلّما زادت كلمات البيت زادت المتوالية , وواضح أنّ كلّ لفظ يجب أن يكون وزنه العروضي كوزن باقي الكلمات .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


1- تاريخ آداب العرب ؛ مصطفى صادق الرافعي ، دار صادر , 3/290 .
2- خزانة الأدب وغاية الأرب ؛ ابن حجّة الحموي , دار صادر 237.
3-مطالعات في الشعر المملوكي والعثماني : بكري شيخ أمين , دار الآفاق ، بيروت ـ لبنان ، ط1 1979م , ص 200 .
4-مطالعات في الشعر المملوكي والعثماني : بكري شيخ أمين , دار الآفاق ، بيروت ـ لبنان ، ط1 1979م , ص 203 .
هيثم السليمان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ترميم نسخة نادرة من المصحف الشريف تعود للعهد المملوكي في حلب نوح ركن بلاد الشام 1 08-03-2009 11:20 PM
انتحار فتاة في العشرين من عمرها في عاشر حالة خلال شهر في حلب عبدالقادر حمود القسم العام 2 05-04-2009 10:21 PM


الساعة الآن 05:31 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir