أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ،والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال           

 
قديم 02-03-2009
  #3
هيثم السليمان
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: دير الزور _ العشارة
المشاركات: 1,367
معدل تقييم المستوى: 18
هيثم السليمان is on a distinguished road
افتراضي رد: الحذف في اللغة العربية

وقد حذف المفعول به ؛ نحو قول الله تعالى : " وأوتيت من كل شيء " أي أوتيت منه شيئاً . وعليه قول الله سبحانه : " فغشّاها ما غشَّى " أي غشّاها إيّاه . فحذف المفعولين جميعاً , وقال الحُطيئة :
منعَّمة تصون إليك منها = كصونك من رِداء شرعَبيّ
أي : تصون الحديث منها , وله نظائر .
وقد حذف الظرف ؛ نحو قوله :
فإن متُّ فانْعَيني بما أنا أهلُه = وشُقِّي عليَّ الجيبَ يا ابنة معبِد
أي إن متُّ قبلك ، هذا يريد لا محالة ؛ ألا ترى أنه لا يجوز أن يشرط الإنسان موته ؛ لأنه يعلم أنه مائت لا محالة , وعليه قول الآخر:
أهيمُ بدَعْدٍ ما حييت فإن أمت = أُوكّل بدَعْدٍ مَن يهيم بها بعدي
أي فإن أمت قبلها ، لا بد أن يريد هذا , وعلى هذا قول الله تعالى : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " أي من شهد الشهر منكم صحيحاً بالغاً في مصرٍ فليصمه , وكان أبو علي رحمه الله يرى أن نصب الشهر هنا إنما هو على الظرف ، ويذهب إلى أن المفعول محذوف ؛ أي فمن شهد منكم المصر في هذا الشهر فليصمه , وكيف تصرفت الحال فلا بدّ من حذف .
وقد حذف المعطوف تارة ، والمعطوف عليه أخرى ؛ روينا عن أحمد بن يحيى أنهم يقولون : راكب الناقة طليحان ؛ أي راكب الناقة والناقة طليحان , وقد مضى ذكر هذا , وتقول : الذي ضربت وزيداً جعفر ، تريد الذي ضربته وزيداً ، فتحذف المفعول من الصلة .
وقد حذف المستثنى ؛ نحو قولهم : جاءني زيد ليس إلا ، وليس غير ؛ أي ليس إلا إيّاه ، وليس غيره .
وقد حذف خبر إن مع النكرة خاصة ؛ نحو قول الأعشى :
إنّ محلاً وإنّ مرتحلاّ = وإنّ في السَّفْر إذْ مضَوْا مَهَلا
أي : إنّ لنا محلاً وإنّ لنا مرتحلاً .
وأصحابنا يجيزون حذف خبر إنّ مع المعرفة ، ويحكون عنهم أنهم إذا قيل لهم : إنّ الناس ألْب عليكم فمن لكم ؟ قالوا : إنّ زيداً ، وإنّ عمراً ؛ أي : إنّ لنا زيداً ، وإنّ لنا عمرًا , والكوفيون يأبون حذف خبرها إلا مع النكرة , فأمّا احتجاج أبي العباس عليهم بقوله :
خلا أنّ حيّاً من قريش تفضلوا = على النّاس أو أن الأكارم نهْشلا
أي : أو أنّ الأكارم نهشلاً تفضلوا , قال أبو علي : وهذا لا يلزمهم ؛ لأنّ لهم أن يقولوا : إنما منعنا حذف خبر المعرفة مع إنّ المكسورة ؛ فأمّا مع أنّ المفتوحة فلن نمنعه . قال : ووجه فصلهم فيه بين المكسورة والمفتوحة أنّ المكسورة حذف خبرها كما حذف خبر نقيضها , وهو قولهم لا بأسَ ، ولا شكّ ؛ أي عليك ، وفيه . فكما أنّ " لا " تختص هنا بالنكرات فكذلك إنما تشبهها نقيضتها في حذف الخبر مع النكرة أيضاً .
وقد حذف أحد مفعولي ظننت ؛ وذلك نحو قولهم : أزيداً ظننته منطلقاً ؛ ألا ترى أنّ تقديره : أظننت زيداً منطلقاً ظننته منطلقاً ؟ فلمّا أضمرت الفعل فسرته بقولك : ظننته ؛ وحذفت المفعول الثاني من الفعل الأول المقدر اكتفاء بالمفعول الثاني الظاهر في الفعل الآخر , وكذلك بقية أخوات ظننت.
وقد حذف خبر كان أيضاً ؛ في نحو قوله :
أسكرانُ كان ابنَ المراغة إذ هجا = تميماً ببطن الشأم أم متساكر
ألا ترى أنّ تقديره : أكان سكرانُ ابن المراغة ؛ فلمّا حذف الفعل الرافع فسّره بالثاني فقال : كان ابن المراغة , وابن المراغة هذا الظاهر خبر " كان " الظاهرة ، وخبر " كان " المضمر محذوف معها ؛ لأنّ " كان " الثانية دلّت على الأولى .
وكذلك الخبر الثاني الظاهر دل على الخبر الأول المحذوف .
وقد حذف المنادى ؛ فيما أنشده أبو زيد من قوله :
فخيرٌ نحن عند الناس منكم = إذا الداعي المثَوِّب قال : يا لا
أراد : يا لبني فلان ، ونحو ذلك .
فإن قلت : فكيف جاز تعليق حرف الحر؟ قيل : لمّا خُلط بيا صار كالجزء منها , ولذلك شبّه أبو علي ألفه التي قبل اللام بألف باب ودار ، فحكم عليها حينئذ بالانقلاب , وقد ذكرنا ذلك , وحسن الحال أيضاً شيء آخر ، وهو تشبث اللام الجارة بألف الإطلاق ، فصارت كأنها معاقبة للمجرور ألا ترى أنّك لو أظهرت ذلك المضاف إليه ، فقلت : يا لبني فلان لم يجز إلحاق الألف هنا وجرت ألف الإطلاق في مَنَابها هنا عمّا كان ينبغي أن يكون بمكانها ، مجرى ألف الإطلاق في مَنَابها عن تاء التأنيث في نحو قوله :
ولاعب بالعشيِّ بني بنيه = كفعل الهِرِّ يحترش العَظَايا
فأبعده الإله ولا يؤبِّى = ولا يعطَى من المرض الشِّفايا
وكذلك نابت أيضاً واو الإطلاق في قوله:
وما كلُّ مَن وافى مِنىً أنا عارف
فيمن رفع كلاً عن الضمير الذي يزاد في عارفه ؛ وكما ناب التنوين في نحو حينئذ ، ويومئذ عن المضاف إليه إذْ , وعليه قوله :
نهيتك عن طِلابك أمَّ عمرو = بعاقبة وأنتَ إذٍ صحيح
فأمّا قوله تعالى : " ألا يا اسجدوا " فقد تقدم القول عليه : أنّه ليس المنادى هنا محذوفاً ، ولا مراداً كما ذهب إليه محمد بن يزيد ، وأنّ " يا " هنا أخلصت للتنبيه مجرداً من النداء ؛ كما أنّ " ها " من قول الله تعالى : " هاءنتم هؤلاء جادلتم " للتنبيه من غير أن تكون للنداء , وتأوَّل أبو العباس قول الشاعر :
طلبوا صُلْحَنا ولاتَ أوانٍ = فأجبنا أن ليس حين بقاءِ
قول الجماعة في تنوين إذْ , وهذا ليس بالسهل ؛ وذلك أنّ التنوين في نحو هذا إنما دخل فيما لا يضاف إلى الواحد وهو إذ , فأمّا " أوان " فمعرب ويضاف إلى الواحد ؛ كقوله :
فهذا أوانُ العِرْض حيٌّ ذبابُه = زنابيرُه والأزرق المُتَلَمِّسُ
وقد كسروه على آوِنة ، وتكسيرهم إيّاه يبعده عن البناء ؛ لأنّه أخْذ به في شِقّ التصريف والتصرُّف .
قال :
أبو حَنَشٍ يُؤَرِّقنا وطَلْقٌ = وعبَّادٌ وآونةً أُثالا
وقد حذف المميز ؛ وذلك إذا علم من الحال حكم ما كان يعلم منها به , وذلك قولك : عندي عشرون ، واشتريت ثلاثين ، وملكت خمسة وأربعين , فإن لم يعلم المراد لزم التمييز إذا قصد المتكلم الإبانة , فإن لم يرد ذلك وأراد الإلغاز وحذف جانب البيان لم يوجب على نفسه ذكر التمييز , وهذا إنما يصلحه ويفسده غرض المتكلم ، وعليه مدار الكلام فاعرفه .
وحذف الحال لا يحسن ؛ وذلك أنّ الغرض فيها إنما هو توكيد الخبر بها ، وما طريقه طريق التوكيد غير لائق به الحذف ؛ لأنّه ضد الغرض ونقيضه ولأجل ذلك لم يجز أبو الحسن توكيد الهاء المحذوفة من الصلة ؛ نحو الذي ضربت نفسه زيد ، على أن يكون نفسه توكيداً للهاء المحذوفة من ضربت وهذا مما يترك مثله ؛ كما يترك إدغام الملحق إشفاقاً من انتقاض الغرض بإدغامه .
فأمّا ما أجزناه من حذف الحال في قول الله تعالى : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " أي فمن شهده صحيحاً بالغاً ؛ فطريقه أنّه لمّا دلت الدلالة عليه من الإجماع والسنة جاز حذفه تخفيفاً , وأمّا لو عريت الحال من هذه القرينة وتجرد الأمر دونها لما جاز حذف الحال على وجه .
ولم أعلم المصدر حُذِف في موضع , وذلك أنّ الغرض فيه إذا تجرّد من الصفة أو التعريف أو عدد المرات فإنما هو لتوكيد الفعل ، وحذف المؤكد لا يجوز .
وإنما كلامنا على حذف ما يحذف وهو مراد , فأمّا حذفه إذا لم يرد فسائغ لا سؤال فيه , وذلك كقولنا : انطلق زيد ؛ ألا ترى هذا كلاماً تاماً وإن لم تذكر معه شيئاً من الفضلات ، مصدراً ولا ظرفاً ولا حالاً ولا مفعولاً له ولا مفعولاً معه ولا غيره , وذلك أنّك لم ترد الزيادة في الفائدة بأكثر من الإخبار عنه بانطلاقه دون غيره .
هيثم السليمان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تبسيط النحو وقواعد اللغة العربية شاذلي المواضيع الاسلامية 1 10-14-2013 12:12 PM
تأثير اللغة العربية في لغات العالم هيثم السليمان المواضيع الاسلامية 11 07-03-2013 02:28 PM
اللغة والذات الحضارية الرشيد القسم العام 4 04-07-2009 03:26 PM
وقفة في واحة اللغة العربية عبدالقادر حمود القسم العام 5 01-19-2009 05:25 PM
من أعلام اللغة العربية. نوح القسم العام 1 09-08-2008 11:32 AM


الساعة الآن 01:06 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir