الإخلاصُ في الزيارةِ لحضرةِ النبيِّ الأعظمِ والحبيبِ الأكرم صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم
بسم الله الرحمن الرحيم..
الحمدُ لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات.. والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِنا محمَّدٍ فخرِ الكائنات، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه ما دامت الأرض والسماوات، وسلَّم تسليماً كثيراً..
أما بعد: فيا أيُّها الزوارُ الكرامُ لحضرةِ خير الأنام، سيِّدِنا محمدٍ عليه الصلاة والسلام..
لقد ذكرَ الأئمةُ الأعلامُ أنَّه يجبُ على الزائرِ إخلاصُ زيارتِهِ لله تعالى، بأن ينويَ بها التقرُّبَ إلى الله تعالى، مع التقرُّبِ بإتيانِ مسجدِهِ الشريف لأجلِ الصلاةِ فيه، فهو أحدُ المساجدِ الثلاثةِ التي تُشَدُّ إليها الرحالُ، والصلاةُ فيه بألفِ صلاةٍ، ورويَ بأكثرَ من هذا.
وينبغي على الزائرِ الكريم أن ينويَ الاعتكافَ في المسجدِ كلَّما دخلَ فيه، مع ملاحظة أنَّ الاعتكافَ وسيلةٌ لعكوفِ القلبِ على باب الله، وتوجُّهِهِ لحضرةِ الله، وجمعِهِ على الله.
وعلى الزائرِ في فترةِ زيارتِهِ ـ لا سيما عندما يكون في المسجد النبويِّ الشريف ـ أن يشتغلَ بالتلاوةِ، والذكرِ، وكثرةِ الصلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع التسليم، والإكثارِ من الصدقةِ جهدَ الاستطاعةِ، بانياً كلَّ ما يقومُ به على العلم الشريف، مريداً بذلك كلِّهِ وجهَ الله سبحانه وتعالى لا غير، فلا رياءَ من سُمعةٍ وعُجبٍ ومَحْمَدةِ أحدٍ.. وهكذا في كلِّ عبادةٍ؛ فإنَّه سبحانه وتعالى لا يقبلُ إلا الخالصَ لوجهِهِ الكريم، فتفطَّنْ لذلك أيُّها الزائرُ المحترم، فإنَّ كثيراً منَ الناس مَنْ تُبطِنُ نفسُهُ ذلك كلَّهُ وتُخفيه عنه، حتى لا يكادُ يُحِسُّ به، وذلكَ حبُّها لقول الناس: قد زارَ فلانٌ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، ومدحِهم إياهُ بذلك، وتسميتِهم له بالعابدِ المجتهدِ المواظبِ والمثابرِ على الحجِّ والزيارة، وهو يتوقُ إلى ذلك في الباطن، ويتبهرجُ عليه في الظاهرِ بحبِّ الزيارة.. سلَّمنا اللهُ تعالى وإيَّاكم من مكايد النفس، وإبليس النحس، وحفظَنا وإياكم وسائرَ أحبابنا والمسلمين من جميعِ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطنَ، بمَنِّه وفضله وكرمه سبحانه وتعالى.
من كتاب: (الذخائر القدسية في زيارة خير البرية صلَّى الله عليه وسلَّم) بشيء من التصرُّف والزيادة.
وصلى الله تعالى على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله ربِّ العالمين.