أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           أعوذ بكلمات الله التَّامَّة من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأنْ يحضرون           

كتب سيدي الشيخ احمد فتح الله جامي رحمه الله هذا الركن يختص بعرض كتب سيدي فضيلة الامام العارف بالله الشيخ احمد فتح الله جامي رحمه الله ونفعنا به وبعلومه وبركاته

إضافة رد
قديم 11-07-2008
  #41
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,220
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة


{ 131 } من حمل أخلاق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو السيد ، لذا لا تقل للمخالف ( سيدي ) والأخلاق الحسنة هي من جنود القلب ، بها يقوى الإيمان ، كما أن الأخلاق السيئة من جنود النفس

ــــــــــــــــــ ص 104 ـــــــــــــــــــــــــــ
بها تقوى النفس ، فوجب على السالك أن يقوّي جنود قلبه على جنود نفسه . وقلبك بين جنبيك وهو مهيأ لنظر الله عزوجل ، فحافظ عليه حتى لايقع فيه خلافُ رضاه ، فكنم حارساً على باب قلبك . وكذلك نفسك التي تنبت منها الشرور فخالفها ولا تتبع هواها سواء في الطاعة أو في الشهوات الدنيوية أو الأخروية لأن من خلقك يقوم بلوازمك

كلها في العوالم ، فإذا سجنت نفسك تحت مراقبة الله وأقللت لها شهواتها عند ذلك تقوى جنود القلب على جنود النفس ولا تتغلب نفسك عليك .
فعليك أن تتمسك بقلبك ، وقلبك لا يرضى إلا بمولاك ، ولا تعطي الفرصة لنفسك حتى تستولي على قلبك ، وهذا لا يكون إلا :
ـــ بالتهجد لقوله تعالى : {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } سورة الذاريات /17
ـــ وقراءة القرآن الكريم لقوله تعالى : { وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } سورة المزمل / 4
ـــ وذكر كلمة التوحيد لقوله تعالى : { وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً } سورة الاحزاب / 70
ـــ وبقلة الكلام للحديث الشريف : ( كف عليك هذا ) أخرجه الترمذي
ـــ وبقلة الطعام للحديث الشريف : ( ما ملأ آدمي وعاء شراً
ــــــــــــــــــــــــــ ص 105 ــــــــــــــــــــــ
من بطنه ) رواه الترمذي
ـــ وبالخفاء لقوله صلى الله عليه وسلم : ( رب أشعث أغبر ... ) رواه الترمذي
ومن عرف عدوه بالعداوة الأبدية ، فإنه يخالفه بالمخالفة الإستمراية حتى لا يُخدع .
{ 132 } واجب على كل مؤمن أن يحافظ على قلبه ، لأنه محل نظر ربه عزوجل ، وأن يلزم قلبه ذكره ، والحضور معه تبارك وتعالى ، حتى لا يتمكن الشيطان من الدخول فيه ، وإلقاء الوسوسة ، وكذلك يجب أن نضيق مجاريه فينا ، وذلك بالجوع ، لأنه إذا أكثر العبد من الطعام والشراب ، وقلة الذكر لله ، فإنه يقوي شيطانه على قلبه وروحه ويكون قلبه محطة لتنزل الشياطين عليه والعياذ بالله تعالى ، عندها يسوف الإنسان ويسول ، وهذا من الصفات الناقصة ، وخاصة إذا كان التسويف في العبادة والذكر والتوبة وفعل الطاعات ، وترك المنكرات .
{ 133 } من عرف الله في الدنيا حق المعرفة فإنه يستريح بالموت ، لأنه يكون مع الله تعالى وحيداً بقلبه وقالبه ، أما الجاهل بربه والعياذ بالله تعالى فإن موته يكون بلاء عليه لأن القبر يكون سجناً عليه .
ــــــــــــــــــــــ ص 106 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العارف بالله تعالى في الدنيا يكون قلبه مع الله تعالى وقالبه مع الخالق ، أما الجاهل بالله تعالى فإنه في الدنيا مع الناس بقلبه وقالبه وهذا هو الخسران المبين . فعلينا أن نكثر من حضور مجالس الذكر لأنها رياض الجنة قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ، قالوا : وما رياض الجنة يا رسول الله ؟ قال : حلق الذكر ) أخرجه الترمذي
فكثرة الذكر سبب لمعرفة الله تعالى ، والاختلاط مع المؤمنين في مجالس الذكر مطلوب لأنه يقوي الاعتقاد والسلوك وخاصة لأهل الغفلة ومن عنده شكوك .
وأثقل شئ على نفوس السالكين ثلاثة :
1ً ـــ ذكر الاسم المفرد بقلب حاضر وهذا لأهل الخلوة ، وذكر كلمة التوحيد ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ) لبقية السالكين .
2ً ـــ تلاوة جزء من القرآن الكريم في كل يوم .
3ً ـــ دوام التهجد والبقاء في مصلاه ذاكراً الله تعالى إلى صلاة الضحى . والله تعالى طلب من عبده أن يصل إليه بالعبودية حتى يعرفه حق المعرفة ، بل يريد منه أن لا يتعلق بالمعرفة ليكون عبداً خالصاً لله عزوجل .

{ 134 } من تعلق باسماء الله عزوجل وبصفاته ، فإنه يرمي الأخلاق الذميمة ويتحلى بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده يكون
ـــــــــــــــــــــ ص 107 ــــــــــــــــــــــــــــ
بشراً في الظاهر ، وملكاً في الباطن ، ومن لم يتعلق بأسماء الله وبصفاته فهو أبله أحمق .

{ 135 } الكشف كشفان ، كشف رباني حقيقي ، وكشف مادي متعلق بالدنيا .
أما الكشف الرباني : فثمرته عبودية لله عزوجل مع المشاهدة .
وأما الكشف المادي : فتعلق بالكشف والكرامات وخوارق العادات .
وعلى المؤمن الصادق أن يتحقق بالعبودية لله عزوجل ، ويعلو بهمته حتى يصل إلى مقصوده ، وقصده العبودية لله تعالى ، فهذا لا يكون إلا بكثرة الذكر لله مع التمسك بالشريعة والقيام بما كُلف به . أما من تعلق بالكشف المادي فهذا يخشى عليه أن يشتغل به عن العبودية ، وقد ينقلب عليه ويكون استدراجاً له والعياذ بالله تعالى ، لأنه من تعلق بهذا الكشف ، كان كمن تعلق بالزراعة والصناعة والتجارة ، وبذلك التعلق ينسى عبوديته لله تعالى .
{ 136 } قيمة الإنسان بروحه لا بجسده ، وجسم الإنسان مَرْكَب لروحه ، فكن مراقباً لروحك التي دخلت جسدك وهي عارفة بالله مؤمنة ، مقرة بالربوبية لخالقها يوم خلقها وأشهدها على الحقيقة كما قال تعالى : { وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ
ـــــــــــــــــــــــ ص 108 ــــــــــــــــــــــ
بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى } سورة الأعراف / 172
وفي الحديث الشريف : ( كل مولود يولد على الفطرة ) رواه الشيخان
حتى تخرج من ذلك الجسد وترجع إلى موطنها الأصلي في جوار ربها ، بدون تلوث ، وتلوثها من شؤم النفوس والعياذ بالله تعالى ، والعاقل الذي تنور عقله من نور قلبه هو الذي يحافظ على طهارة هذه الروح وقداستها ، بل يغذيها بكثرة الذكر حتى لا تنسى موطنها ، وتبقى لها الصلة مع ذلك العالم الذي أُخِذَ فيه العهد منها ، وربما تذْكُر ذلك العهد إذا خفّت جنود النفس وأُضعفت . أما اتباع الهوى والعياذ بالله فإنه ينسي الروح تلك الحقيقة حتى تكفر بالله تبارك وتعالى ، وتخرج من الجسد وهي كافرة . نسأل الله أن يحفظنا من شر أنفسنا . آمين .
{ 137 } كن صاحب جد ، حتى تكون لمن بعدك قدوة صالحة ، ولا تكن من أهل الهزل واللهو واللعب ، لأن هذا ليس من شأن الكمل من الرجال ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لستُ من دَدٍ ، ولا الدًدُ مني ) رواه البخاري في الادب والبيهقي في شعب الايمان
أي لست من أهل اللعب واللهو ، ولا هما مني واحذر المداهنة ، فإنها تذهب بالدين والعياذ بالله .
{ 138 } نور الله جل جلاله لائح غير زائل البتة ، والأرواح
ــــــــــــــــــــ ص 109 ـــــــــــــــــــــــــ
البشرية لا تكون محرومة تلك الأنوار إلا بسبب الحجاب ، وذلك الحجاب ليس إلا الاشتغال بغير الله عزوجل ، فبمقدار ما يزول الحجاب ، يكون التجلي . فالأمر متوقف على طلب العبد ، فإذا لم يطلب العبد لا يُعطى شيئاُ ، وبعضهم لا يطلب ربه لأنه تمسك بنفسه ، واجتمع شيطانه مع نفسه ، فهذا الصنف لا يترقى .
{ 139 } من قرأ كتاب أعماله في الدنيا قبل الأخرة ، تاب ورجع واستغفر الله تعالى من كل مخالفة وشكر الله عزوجل على ما كان موافقاً لرضاه . فإنه ينقلب يوم القيامة بوجه أبيض يقول تعالى : { وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } سورة
آل عمران / 107
وأما من أهمل قراءة كتابه ، ومحاسبة نفسه فإنه سيندم عندما يسمع يوم القيامة قول الله تعالى : { اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } سورة الإسراء / 14
{ 140 } أسباب قسوة القلب : المعاصي ، وقلة الذكر ، والتعلق بالدنيا ، وكثرة الضحك ، والغفلة ، ومن كانت غفلته عن الله أكثر فهو من جهنم أقرب والعياذ بالله من ذلك ، فلابد من المجاهدة . وليس المعول عليه كثرة العمل ، وإنما المعول
عليه قبوله عند الله عزوجل ، وهذا القبول غائب عن الانسان كلياً
ـــــــــــــــــــــــ ص 110 ــــــــــــــــــــــــــــ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-09-2008
  #42
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,220
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 141 } الخلاف قائم بين الناس من قديم ، ورفع الخلاف يصعب بسبب حياة النفوس الأمارة بالسوء ، وهل يستطيع أحد أن يرفع هذا الخلاف ؟ علينا أن نقوي جانب الحق ، وأن نكون في نصرته ، وأن لا تكون العصبية قائمة بيننا ، لأن العصبية من طبيعة النفوس الخبيثة ، فإذا وجد الخلاف نأخذ بوصية ربنا عزوجل حيث يقول : { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ 9 إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } سورة الحجرات / 10
والإصلاح يكون بنصرة الحق ، يُعطي المظلوم حقه ، ويؤخذ على يد الظالم ، هذا هو الإصلاح ، أما العصبية فهي إفساد والعياذ بالله تعالى .
{ 142 } حب أكثر الناس لبعظهم البعض معلول ، وكذلك بغضهم لبعضهم البعض ، الحب والبغض يجب أن لايكونا تبعاً للنفوس ، لأن النفوس أمارة بالسوء ، بل يجب أن يكون الحب والبغض في الله ، وميزان ذلك شرع الله عزوجل ،وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله عزوجل لاينظر إلى كثرة العمل ، ولا إلى ظاهره
ــــــــــــــــــــــــ ص 111 ــــــــــــــــــــ
فحسب بل ينظر إلى لب العمل ، فالله تعالى ينظر إلى لب حبك وبغضك إن وجد فيه الصدق والإخلاص وأنه لله ، قبله ، وإلا فلا .
{ 143 } من أحب أن يطيعه الناس جميعاً فهو أحمق ، لذلك ترى أهل الحق والحقيقة ينصحون من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يبغضون من خالفهم ، بل يحولون أمرهم إلى الله عزوجل ، ويدعون لهم بظهر الغيب
، تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو لقومه فيقول : ( اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ) رواه الطبراني
كيف يحقدون عليهم ويبغضونهم ؟ وهم يعلمون أن البغض إذا وجد في القلب فإنه يذهب بالإيمان لقوله صلى الله عليه وسلم : ( دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء ، والبغضة هي الحالقة ، لا أقول حالقة الشعر ولكن حالقة الدين ) رواه الترمذي وأحمد
فمن تغلب على حظوظ نفسه ، فأخلاقه مرضية عند الله عزوجل .
{ 144 } كن محافظاً على محبة المؤمنين لك ، لأن هذا مرغوب فيه وإياك والغرور ، فالله عزوجل خلقك وجعلك خادماً للمؤمنين ، واحذر أن تفكر في نفسك أنك سيد وأنك مقصود ، بل تفكر بأنك خادم ، والخادم لايكون مخدوماً ، وعلى كل حال لولا وجود المؤمنين لما وجدت منك خدمة ، كيف تكون خادماً
ـــــــــــــــــــــــ ص 112 ــــــــــــــــــــــــــ
بدون مخدوم ، فحافظ على محبة من أحبك ، لأن محبة المؤمن للمؤمن ليست خالية من الإكرام الإلهي ، واحذر أن تهجم على من تهجّم عليك بالشدة ، عليك بالسكوت ، وفوض أمرك إلى الله عزوجل ، واحذر أن تؤذي أحداً
{ 145 } إذا خالفك أحد من إخوانك ، فلا تصد عنه بوجهك ، عامله كما تحب أن تعامل ، كم خالفت الله عزوجل ؟ وهو ما صدَّ عنك قال تعالى :{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ } سورة الشورى / 25
وكم خالفت النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وهو يشفع لك صلى الله عليه وسلم باستغفاره لك في قبره الشريف ، عليك أن تستحي من الله عزوجل ، ومن رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا تصد بوجهك عن أخيك المؤمن ، وإن خالفك الرأي ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماانتقم لنفسه قط ، ماذا تقول
لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إذا قال لك هذا من أمتي ، فلم صددت عنه ؟
{ 146 } إنزال الناس منازلَهم ، على جهتين :
الأولى : من حيث المراتب الدنيوية .
الثانية : من حيث الإيمان ، وهذا أهم ، انظر في قوله تبارك وتعالى : { عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءهُ الأعْمَى } سورة عبس / 1
ــــــــــــــــــــــــ ص 113 ــــــــــــــــــــــ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-09-2008
  #43
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,220
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 147 } من أراد أن يتكلم بشئ ، أو يفعل شيئاً ، عليه أن يفكر في رضا الله عزوجل عن هذا القول أو الفعل ، لا عن رضا الناس ، لأنه إن رضي واحد ، غضب الآخر ، ولكن إن فوض أمره إلى الله عزوجل وفكر في رضاه فإنه يستريح ، ويخرج من مراقبة الناس .
{ 148 } الإنسان على ثلاثة أصناف في حديثه :
الأول : يتكلم مع الخلق ولا يراقب إلا الله عزوجل ، ولا ينظر إلا للشرع الشريف ظاهراً وباطناً وهذا يكون على قدم سيدنا عمر رضي الله عنه ( ماترك الحق صاحباً لعمر ) .
الثاني : يتكلم مع الخلق ويمتنع عن الكذب ، ولكن امتناعه عن الكذب ليس لله إنما لعزته ، فيستحي أن يُعرف أنه كذاب ، وهذا كأبي سفيان عندما كان مشركاً ، وسأله هرقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( والله لولا أن يأثروا عني كذباً لكذبت عن محمد ) فهذا صدق ولكن ليس لله إنما لعزته .
الثالث : يتكلم مع الخلق وهو يكذب ولا يبالي ، فلا يراقب الله ولا يستحي منه ولا يخشاه ، وهذا ضرره يسري لغيره لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) رواه البخاري
{ 149 } صاحب الإيمان عليه أن يستحي من الله عزوجل ،
ــــــــــــــــــــــــ ص 114 ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأن لايتكلم كلاماً يجري على لسانه والله عزوجل مطلع على قلبه ويرى فيه خلاف ما يقول ، عليكم أن تعملوا بمستلزمات الإيمان ، من آمن بالله أنه سميع بصير ، عليه ان تستوي سريرته مع علانيته ، حتى لا يسمع الله منه قولاً ، ويرى في قلبه خلاف ما يقول ، لأن من قال خلاف ما يعتقد فقد اتصف بصفة من صفات المنافقين والعياذ بالله تعالى . وهذا لا يليق بالمؤمن .
{ 150 } مخالطة الناس لا تخلو من أحد أمرين :
1ً ـــ المداهنة : وهي حرام
2ً ـــ النصيحة : وهي تحتاج إلى صبر ، لأن من نصح هوجم وأوذي من قبل المنصوح إن كانت نفسه لا تقبل الحق ، فلابد من الصبر والمصابرة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( المسلم الذي يخالط الناس ويصبرُ على أذاهم خيرٌ من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم ) أخرجه الترمذي
ولقوله تعالى : { يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ } سورة لقمان / 17
فكن ناصحاً في مخالطتك للناس ولا تكن مداهناً لتأكل دنياك بدينك .
{ 151 } الحق لا يقاس بالرجال بل العكس ، والطريق لا يعرف بالرجال بل العكس . والمجالس التي تقام ليست مجالس
ـــــــــــــــــــــــ ص 115 ـــــــــــــــــــــــ
أشخاص ، وإنما مجالس الطريق فيجب الحضور فيها جميعاً ، ولا يجوز أن نبرر لأنفسنا غيابها ، لأنها مجالس يباهي الله بها ملائكته والناس يتركون هذه المجالس اشتغالاً منهم في الدنيا والله تعالى يقول : { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا } سورة هود /6
{ 152 } لاتترك الادب مع غير المتأدبين ، لأن هذا شأن المخلصين في أدبهم . اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله فإن صادف المعروف أهله فهم أهل المعروف وإن لم يصادف المعروف أهله فأنت أهل المعروف .
{ 153 } انظر لإخوانك بإيمانك لا بنفسك ، وعاملهم بمقتضى الإيمان ، لا بما تمليه عليك نفسك الأمارة بالسوء ، فاحذر نفسك لأنها عدوة لك وهي تحاول أن تبرر لك كل أخطائها وتصرفاتها ، فلا تصدقها ، وانظر إلى ما يرضي الله عزوجل عنك ، ورضاه عنك في مخالفتك نفسك .
{ 154 } لابد للمؤمن أن يكون عاقلاً ، فلو رضي الناس جميعاً عنه ولم يرضَ عنه ربه تبارك وتعالى ، هل ينفعه ذلك ؟ فعلى المؤمن أن يتمسك بالله حتى تتم عبوديته لله تعالى ، وتلك العبودية لا تكون إلا بالاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه صلى الله عليه وسلم حقق العبودية لله عزوجل كما أراد
ـــــــــــــــــــــــــ ص 116 ــــــــــــــــــــــ
الله تعالى ، لذا أمرنا باتباعه فقال : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } سورة آل عمران / 31
والمؤمن إذا لم يجرِ أحكام الشرع على جوارحه الظاهرة والباطنة فهذا دليل على فساده ، وأنه خارج عن العبودية الحقيقية لله عزوجل .
{ 155 } خط الطريق يقوي خط القرابة ، أما خط القرابة فلا يقوي خط الطريق ، إذا ذهب الطريق لا تذهب القرابة ولكن ماذا ينفع . فالاعتبار بالوصل لا بالأصل لأن الأصل من الجرم والوصل من القرب .
{ 156 } إذا ظُلمت خذ بوصية الله عزوجل حيث يقول : { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } سورة البقرة / 153
ويقول : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } سورة الزمر /10
فلابد من الصبر لأن هذا الظلم ابتلاء من الله تعالى في الدنيا للظالم والمظلوم ، فالأول أخذ حظه من الظلم وهو ظلمات يوم القيامة ، والثاني أحذ حظه من الصبر ، فإذا كان إيمانه قوياً علم أنه لاتوجد ذرة في الكون تتحرك إلا بقضاء وقدر فهو ينظر بقلبه وبعين بصيرته إلى الله تعالى ، فيرى فعل الله وعظمته وقدرته اعظم من فعل الناس وليسوا أكثر من حجر ، وكل
ـــــــــــــــــــــــــ ص 117 ـــــــــــــــــــــ
ذلك امتحان قال تعالى : { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} سورة إبراهيم / 42
نسأل الله الثبات والسلامة ونرجوا الله تعالى أن يعاملنا بفضله لا بعدله . فإذا ما ظُلمت فاصبر ولا يدفعنك ذلك لأن تخرج عن دينك من داخلك .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-11-2008
  #44
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,220
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 157 } من عاملك معاملة وفي نظرك أنه قد اساء إليك ، فاعرض معاملته على الشرع الشريف ، فإن كانت موافقة للشرع وكرهتها ، فاعلم أنك تكره الحق ، وهذا من نفسك ومن الشيطان ، وواجبك أن تقبل منه ولو نفرت نفسك منه ، هذا النفور لايضر ، ويجب عليك أن تقابله بالسيئة ، والقلوب بيد الله عزوجل .
{ 158 } المؤمنون مأمورون بحسن الظن تجاه بعضهم البعض ، وسوء الظن ببعضهم البعض حرام لقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } سورة الحجرات / 12
والمؤمن الممدوح والمثنى عليه عليه أن لا ينحرف ولا يغتر ، وأن يكتفي بعلم الله فيه ، وبما يعلم هو من نفسه ، ولئنْ كان المؤمنون مأمورين بحسن الظن ببعضهم البعض ، لكن ليسوا بمأمورين بحسن الظن بأنفسهم قال تعالى : { لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ
ــــــــــــــــــــــــــ ص 118 ــــــــــــــــــــــــ
عَذَابٌ أَلِيمٌ } سورة آل عمران / 188
فصاحب الإيمان الكامل يستحي من الله تعالى أن يتكلم خلاف ما يوجد في قلبه ، لأنه يعلم أن الله تعالى مطلع على قلبه وهو مراقبه ، والناس يراقبون ظاهره ، فلابد من استواء السريرة مع العلانية ، ولا تتركوا رضا الرحمن من أجل خلق الرحمن .
{ 159 } كن مع الله صادقاً ، ومع الناس منصفاً ، ومع العلماء متواضعاً ، ومع الجهال ساكتاً ، ومع الفقر سخياً ، ومع الأطفال شفوقاً ، ومع النفس مخالفاً ، ومع الشيخ خادماً ، ومع الوالدين باراً ، ومع الإخوان متعاوناً ، واجعل جواب
الأحمق السكوت . وكن مع طريقتك مخلصاً وداعياً ، ولابد لمن أراد نقل الطريق للغير من اربعة أشياء :
1ً ـــ العلم 2ً ـــ العبادة 3ً ـــ الإخلاص 4ً ـــ الأخلاق
{ 160 } بركة الجماعة تجعل الضعيف قوياً ، والقوي أقوى ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( يد الله مع الجماعة ) رواه الترمذي
والنفس تسول لصاحبها أن يترك مجالس الأحباب والطريقة ، فليكن الإنسان على حذر من نفسه ، لأنها لا تريد له الخير . ومن صفاتها الحقد والحسد على من خالفها ، فإذا خالفك أحد ، فانظر إلى مخالفته ، إن كانت مخالفته للشرع فعليك بالنصح له باللين ، وإن كانت مخالفته لنفسك ، فاعلم أنه
ـــــــــــــــــــــــــــ ص 119 ـــــــــــــــــــــــــــــ
على الحق ونفسك الأمارة بالسوء لا تقبل ذلك ، فلا يليق بك أن توافقها ، بل عليك باتباع الحق . وأقبح القبائح الرضا عن النفس ، لأنه من رضي عنها لايحاربها ، والله نهانا عن اتباعها ، ومن أحيا نفسه بنفسه فهو ميت ، ومن مات عن نفسه فهو حي . ومصيبتنا كلها بسبب حياة أنفسنا بانفسنا . وتعلق عقولنا بأنفسنا ، حتى أصبحت نفوسنا دستوراً لنا ، عوضاً عن القانون الإلهي . اعرضوا أموركم كلها على الشرع الشريف ، تسعدوا في الدارين .
{ 161 } من فرح بالمدح وتأثر بالذم ماعرف نفسه ، بأنه كان عدماً ، ومن كان عدماً سابقاً ، فهو عدم لاحقاً ، والمؤمن يفرح بمدح المؤمنين له ليس من أجل نفسه إنما من أجلهم لأنهم سيؤجرون على حسن ظنهم ومدحهم لأخيهم .
{ 162 } إذا مُدحتَ ، راقب نفسك وحاسبها ، فإن كان ما يقولون حقاً ، فاحمد الله عزوجل على تلك النعمة ، واعلم أنها ليست منك إنما من الله عزوجل لقوله تعالى : { وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ ٱلله } سورة النحل / 53
إذا عرفت هذا فإنك لاتغتر بمدحهم إياك ، ولكن تفرح بهم لأنهم سيؤجرون على حسن ظنهم ومدحهم لأخيهم المؤمن ،
وإن لم يكن فيك ما يقولون استغفر الله عزوجل ، وسل الله أن يوفقك لمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم .
ـــــــــــــــــــــــ ص 120 ــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ 163 } مصيبة الإنسان أنه يراقب الناس ، ويبحث عن نقائصهم ، ويخفي كمالاتهم ، ولا يطلع على نقائصه ، ويحاول أن يظهر كمالاته ، وهذا كله مخالف للشريعة ، علينا أن ننظر في أنفسنا وما يظهر منها ، هل هي موافقة للشرع أم لا؟ ثم ننظر إلى عباداتنا هل هي لائقة بربنا عزوجل أم لا ؟ نفرح بما ينسب إلينا من الفضائل مع عدم وجودها فينا ، ونسينا قول الله عزوجل : {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } سورة آل عمران /188
على الإنسان أن يكتفي بعلم الله عزوجل فيه ، ومراقبته له حيث يقول : { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } سورة النساء / 1
{ 164 } ثبت عندي عجزي وعجز الخلق جميعاً ، ومن وقف على عجزه وعجز الخلق باليقين القلبي لابالكلام عرف قدرة ربه تبارك وتعالى وأنه فعّال لما يريد ، عندها يسقط الخلق جميعاً من عينه ويتعلق بالخالق جل وعلا ، ويستريح من جميع الأمور .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-16-2008
  #45
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,220
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 165 } لولا الخالق لما وجد المخلوق ، ولولا المخلوق ما عُرِفَ الخالق . خلق الله الخلق من أجل أن يُعرف الخالق ، وكل مخلوقٌ موجود بفعل الله وعلمه ، فلا تقف مع الخلق بل انتقل إلى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 121 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأفعال ومن الأفعال إلى الصفات .
{ 166 } نحن قوم لا نتكلف المفقود ولا نبخل بالموجود ، واجتماعنا ليس من أجل الطعام ، ولكن اجتماعنا على ذكر الله تعالى وذكر الله تعالى محله القلب ، فانظر إلى نيتك إذا اجتمعت مع إخوانك ، وفي الحديث : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) رواه الشيخان
فواحد يأتي لبطنه وآخر يأتي لقلبه ، وفلاحك يوم القيامة بسلامة قلبك كما قال تعالى : { يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } سورة الشعراء / 89
وكيف يكون القلب سليماً إذا لم يتغذ بذكر الله عزوجل ، فكونوا حريصين على مجالس الذكر وليكن همَّكم تخليص قلوبكم من وسوسة الشيطان وتسويلات النفوس الأمارة بالسوء بكثرة الذكر لله عزوجل مع الحضور التام الدائم ، اللهم وفقنا لذلك . آمين .
{ 167 } المؤمنون بالنسبة للغفلة على نوعين :
الأول : مؤمن بصفات الله عزوجل ، وهو يحاول أن يعبد ويتقرب ولكن لعجزه قد يقع في الغفلة ومخالفة الشريعة ، وهو يعلم أن عبادته غير لائقة بربه ، هذا يرجى له القبول قال تعالى : { وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 122 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ } سورة التوبة / 102
يحاول هذا الصنف الحضور مع الله ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، وإذا حصلت معه الغفلة بدون اختياره لضعفه وتاب فتوبته مقبولة بوعد الله عزوجل ، وتلك التوبة لا تدل على خلاصه من هذه الغفلة فعليه أن يرجع عن هذا الاختلاط ، ويقوي جنود قلبه وروحه على جنود نفسه وشيطانه حتى يخرج عن هذا ويبقى معه لّمة ، ونرجو الله أن يذهب عنه بالكلية .
الثاني : مؤمن بصفات الله عزوجل ، ولكنه انغمس في الدنيا كلياً والعياذ بالله تعالى ، ويقبل الله توبته إن تاب ، وذلك بخروجه من غفلته التي كانت بسبب انغماسه في الدنيا . والفارق كبير بين الغفلتين .
وأما الذين فوق هذين الصنفين ، فقد وصفهم الله في القرآن الكريم بقوله تعالى : { وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } سورة التوبة /100
والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، ووالله عمل الواحد من هؤلاء يوازي عمل الثقلين . وانظر إلى خواتيم هاتين الأيتين كم هو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 123 ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفارق كبير بينهما ، الأولى ختمت بقوله تعالى : { إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } والثانية ختمت بقوله تعالى : { ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ } وكذلك الفارق كبير بين أهل الإحسان وبين الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ، اللهم اجعلنا من أهل الإحسان بفضلك وإحسانك وتجاوز عن تقصيرنا . آمين .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-23-2008
  #46
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,220
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 168 } لا تفتخر بسلام أهل المراتب الدنيوية عليك ، لأنك قد تغتر بذلك فيذهب عزك الحقيقي من حيث لاتشعر ، وعزنا الحقيقي بالإسلام ، ونحن ننظر إلى الناس من خلال استقامتهم ، لا من حيث مراتُبهم الدنيوية . فمن لم يكن مستقيماً ننصحه ، فإن استجاب فبها ونعمت ، وإلا ندعه وبيننا وبينه الله تعالى .
{ 169 } هذه الدنيا كالسفينة لابد يوماً أن ننزل منها إلى القبر ، وعلامة الصادق في حبه لله عزوجل أن يكون لقاء ربه عزوجل عنده أفضل من الدنيا بما فيها ، ويرجح هذا اللقاء على حياته ، نرجو الله عزوجل أن ينفعنا والمسلمين وخصوصاً أهل الطريق الشاذلي رضي الله عنهم . ووالله إني أرجو وأتمنى أن يتوجه كل الناس إلى الله عزوجل ، ولو أنهم في ذهابهم يمرون على رأسي وظهري وبطني المهم هو وصولهم إلى الله عزوجل ، ولكن ماذا أفعل ؟ الأوصاف المذمومة قد تعلق بها أكثر الناس ولا يمكن لهم بوجودها أن يذوقوا حلاوة الإيمان ولا يشعروا بأنوار رسول الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 124 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صلى الله عليه وسلم ، ولا بأنوار الطريقة وأنوار الوارث .
وشر تلك الأوصاف المذمومة التعلق بالنفس الأمارة التي لا تخرج من طبيعتها ـــ من الخبث والمكر والخداع والكذب والتسويل والتسويف ـــ فاجعلوا همكم معرفة الله عزوجل حتى تستريحوا بقلوبكم ، أما راحة الجسد فاتركوها حتى تدخلوا قبوركم . انظروا فيمن أراد السفر في الدنيا فإنه لا يطلب الراحة ولا يجدها حتى يصل إلى وطنه ، فهو يتحمل المشاق والمصاعب في سفره وأمله متعلق بوصوله ، وكذلك نحن علينا أن نبذل كل جهدنا في الطاعات حتى نصل إلى وطننا قال تعالى : { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } سورة المزمل / 20
{ 170 } من دخل في الدنيا وجب عليه أن يصبر على أذى أهلها ، ولكن ليس على حساب دينه لأن دينه ليس ملكاً له .
{ 171 } الله عزوجل خلقنا ونحن لا نعرفه ، واللهِ هذا عجيب ، والأعجب من ذلك أنّا لا نسعى إلى معرفته بسبب اشتغالنا في الدنيا ليلاً ونهاراً ، وقلة ذكرنا ، والله ِ هذا عار علينا ، واستعمال الشئ في غير ما خلق له جرم ، وقلبنا خلق لمعرفة ربنا عزوجل لا لحب الدنيا .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 125 ــــــــــــــــــــــــــــ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-23-2008
  #47
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,220
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 172 } خير المال ما استعملته في الحلال ، وأنت للمال إذا أمسكته فإذا أنفقته فهو لك ، وأحلُّ المال ما أتاك من غير مسألة . والواحد من الخلق يتفكر في الدنيا حتى لا يكون محتاجاً لأحد من الناس فيعمل ليلاً ونهاراً حتى لايكون فقيراً ، وهذا الصنف كثير ، أما من يتفكر في آخرته حتى لايكون فقيراً فيها هؤلاء قلة في الناس ، مع أن الدنيا مضمونة لأهلها كل حسب ما قدر الله له من الرزق ، وأما الآخرة فليست بمضمونة لأحد إلا لمن ضمن الله لهم حسن الخاتمة كالانبياء والمبشرين بالجنة وهؤلاء كانوا يعملون عمل الخائف من ربه تبارك وتعالى . فكل الذين دخلوا في الولاية لله عزوجل دخلوا من باب مخالفتهم لأنفسهم لأن كل خبث مصدره من النفس الأمارة ، فلابد من معرفة خفاياها ومحاسبتها في الأنفاس حتى لا نُخدَع .
{ 173 } إنفاق المال المحبوب صعب على النفس ، كأنه يقطع قطعة من الجسم ، لأن الله تعالى يقول : { وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا } سورة الفجر / 20
ومن هنا رتب الحق تبارك وتعالى دخول الجنة على بذل المال المحبوب فقال : { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } سورة آل عمران / 92
فلو لم يكن المال محبوباً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 126 ـــــــــــــــــــــــــــــ
لكان الإنفاق يسيراً وسهلاً ، وهذا هو الابتلاء الذي يميز بين الصادق والكاذب ، فأنفق المال المحبوب لمحبوب أكبر .
{ 174 } اشتغالنا في الدنيا ليس فيه ضرر . ولكن تعلق القلب بالدنيا هو الضرر ، وإذا كان الواحد يزعم أنه يعمل لأولاده فلينظر : إن كان أولاده صلحاء فالله عزوجل هو يتولاهم قال تعالى : { وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ } سورة الأعراف /196
فأين ولايتك من ولايته ؟
وإن كانوا أشقياء لا قدر الله فلمَ تكون سبباً في عونهم في الشقاء ؟ فهم يعذبون بسبب عصيانهم وأنت تتعذب بسبب اشتغالك في الدنيا عن ذكر الله عزوجل قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } سورة المنافقون /9
لذا أقول : رزقك ورزقهم على الله تعالى ، فخذ بالسبب ولا يكن ذلك على حساب دينك ، واعلم : أن نقصان الدنيا في يد المرء لايضر بدينه ، لأنه قد يكون خيراً له . أما نقصان الدين فإنه يضر بالإيمان وهذا يكون من الغفلة التي هي مفتاح جهنم والعياذ بالله تعالى .
{ 175 } العقل يتفكر في شؤون الدنيا من أهل ومال وولد ،
ــــــــــــــــــــــ ص 127 ـــــــــــــــــــــــــــ
ولكن إذا نُوِّر بنور القلب فإنه ينتقل بواسطته إلى التفكر بالآخرة ، ويقول أنا أسعى آخذاً بالسبب وأتوكل على الله لأنه هو الرزاق ، لذا ترى هذا الصنف من الناس يأخذون بالسبب وقلوبهم متعلقة بالله عزوجل ، قال تعالى : { رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ } سورة النور / 27
وأما صاحب القلب غير المنور فإنه يضيِّع نفسه وعمره ولا يحصِّل إلا ما قسم الله له وقدر ، فالرزق مقسوم وهو لايحتاج إلى حرص لأن الحرص لا يزيد في الرزق فضلاً عن التأثر والحزن ، كما أن الزهد لا ينقص من الرزق شيئاً ، فما قسمه الله وأعطاه للعبد لا يزيله ولا ينقصه حسد الناس ونقدهم ، فالواجب على العبد أن يلتفت إلى من بيده الخير كله وهو على كل شئ قدير قال تعالى : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } سورة آل عمران / 26
وأن يهتم بامور الآخرة لأنها ليست بمضمونة له قال تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } سورة ق / 37
{ 176 } مصيبة المؤمن جهالته ، ولجهالته انغمس في الدنيا ،
ــــــــــــــــــــــــــــــ ص 128 ــــــــــــــــــــــــــ
وتلك الجهالة تزول بواسطة العلماء ما داموا متحرزين من الدنيا ومن حظوظهم وشهود أنفسهم ، ولكن إذا توجهوا إلى الدنيا وحظوظهم وشهود أنفسهم من خلال تعليمهم فكيف يخلصون غيرهم من الدنيا التي وقعوا فيها ؟ وأعظم الجهل وأشده أن يكون الإنسان جاهلاً بالله وبأسمائه وصفاته .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2008
  #48
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,220
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 177 } السفر سفران ، سفر في الدنيا وسفر من الدنيا ، والسفر في الدنيا لابد له من زاد ، وزاده الطعام والشراب والمال والمركب ، والسفر من الدنيا لابد له من زاد ، وزاده معرفة الله جل جلاله ومحبته وطاعته ، وحتى تكون الطاعة مقبولة عند الله عزوجل لابد لها من ركنين :
الأول : أن تكون موافقة للشريعة في ظاهرها .
الثاني : أن تكون خالصة من الشرك الخفي في باطنها .
وأما المعرفة فهي نوعان :
الأولى : معرفة صفات الله عزوجل .
الثانية : معرفة ذات الله عزوجل .
أما معرفة صفات الله عزوجل فهي حظ القلب في الدارين ، ومعرفة الذات تكون حظ الروح في الآخرة ، وهاتان المعرفتان لا تحصلان إلا بالعلمين ، علم الظاهر وعلم الباطن ، وفي الحديث الشريف : ( العلم علمان علم باللسان وذلك حجة الله تعالى على
ــــــــــــــــــــــــــــ ص 129 ــــــــــــــــــــــــــــــ
خلقه وعلم بالجنان فذلك العلم النافع ) رواه الحافظ ابوبكر الخطيب
والمعرفة تحصل بكشف حجاب النفس عن مرآة القلب .
{ 178 } الكثير يطلب الزيادة من الدنيا ، ونحن نترك الدنيا بما فيها لمن بعدنا ، فما جمعناه إما أن يكون وبالاً علينا والعياذ بالله ، وإما أن يكون وبالاً على من بعدنا بسبب معصية الله عزوجل فيه ، فلنكن على حذر من فتنتها .
{ 179 } اتركوا هذه الغفلة التي انغمس فيها أكثر الناس مع وجود إيمانهم ، والله لو أمكن لي أن يبلغ صوتي من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب لقلت للخلق جميعاً : من لم يعرف الله لاشئ له ولو جمع حطام الدنيا ، ومن عرف الله لايضيع شئ منه . إلهي ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك ؟
{ 180 } العلوم الكونية ليست فرضاً على كل مكلف ، بل فرض كفاية ، علموا أولادكم علوم التوحيد ، وعلوم الصلاة ، وعلوم الأخلاق . والشهادات الكونية ليست ركناً من أركان الإسلام ، والرزق مقيد بالرزاق وهو الكفيل له ، وليست الشهادات كفيلة بأرزاقكم ، لاتقطعوا زمام الشريعة بسيف الشهوة ، فتصبح حياتكم حياة شقاء وتعب ، عافانا الله وإياكم .
{ 181 } الحكمة من تكرار الأكل أن تكرر الطاعات ، فلا
ــــــــــــــــــــــــــــ ص 130 ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بد لمن يأكل تكراراً أن يجاهد في العبادات تكراراً ، حتى يمتاز عن الحيوانات ، فكما أن الطعام غذاء للجسد فكذلك العبادات غذاء للروح ، والأكل بلا طاعات يقوي الجسد ويميت القلب والروح ، وربنا تبارك وتعالى أمر بأكل الطيبات ــ أي الحلال ــ لفائدتين :
الأولى : أن يكون أكلنا بالأمر لا بالطبع ، حتى نمتاز عن الحيوانات ، ونخرج من حجاب ظلمة الطبع بنور الشرع إلى العبادة .
الثانية : حتى يثيبنا ربنا تبارك وتعالى باتباع الأمر بالأكل .
{ 182 }
يتخلص المريد من صفاته الذميمة باربعة أمور :
1ً - بالتسليم ظاهراً للشرع وتطبيقه على الجوارح .
2ً - بالتسليم باطناً لأخلاق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
3ً- بالتمسك بالطريق المتصل إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسند المتصل .
4ً- بمخالفة الهوى ومحاربة الشيطان .
حين ذاك يضع الله بفضله وكرمه ورحمته حارساً في قلب ذلك المريد ، فإذا تحرك تحرك بالله ، وإذا تكلم تكلم بالله بالحكمة قال تعالى : { وَمَنْ يُؤْتَى الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } سورة البقرة / 269
وإذا خاصم خاصم بالله .
ـــــــــــــــــــــــ ص 131 ــــــــــــــــــــــــــ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2008
  #49
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,220
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 183 } لاتكن ممن باع حظه في الآخرة بشهوة ساعة ، فتخرب مستقبلك في الآخرة بارتكاب الشهوات ، لأن تلك الشهوات والمعاصي تنزع عن الإنسان نعم الله ، وتخرب مستقبله في الآخرة .
{ 184 } الطعام مصيبة على المؤمن من جانب ، وطاعة من جانب آخر ، فإن كان يتقوى به على معصية الله فهو مصيبة في حقه ، وإن كان يتقوى به على طاعة الله فهو طاعة ، وإن كان يأكل بالأمر فإنه يأخذ منه بمقدار الكفاية بدون زيادة ولا نقصان بعد تحريه عن الحلال ، وزهدِه بما في أيدي الناس ، ولابد للإنسان أن يتفكر ، فما كان له فسيصل إليه ، وما كان لغيره فلن يصل إليه ، فعليه أن لايذل نفسه لأحد من المخلوقات لأن الذي أوجده من العدم قال : { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا } سورة هود / 6
أين العقول ؟ لذا وجب علينا أن نتمسك بأذيال من يعرف الله حتى يوصلنا إلى الله تعالى ويقف بنا على هذا .
{ 185 } لاتكن ممن يُمنع من الطعام ، وكن ممن يحرض على الطعام ، لأن الأول ما منع من الطعام إلا لوجود الشره منه ، والشره من طبيعة الحنازير ، وما حرض الآخر على الطعام إلا لانشغاله بما هو أهم ، والفارق بين من يأكل بشره ومن يأكل
ــــــــــــــــــــــــــــــــ 132 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالأمر كبير ، ومن أكل بالأمر رزق الحكمة .
{ 186 } لو ينظر الإنسان إلى أصل خلقته لذاب كل ما يتعلق به من أوصافه سواء أكانت تلك الأوصاف موافقة لغرضه أو مخالفة، لأن النظر يقوي إيمانه . فأصل خِلقته أغرب وأعجب من صفاته التي يتعلق بها ، فمن نظر إلى أصله لا يمكنه إلا أن يوافق الشرع الشريف ويبتعد عما لايرضاه الشرع .
والإنسان لكثرة توغله في الغفلة ينسى أصله الذي خلق منه وبالتالي يتعلق بأوصافه ، وهذه الأوصاف لا تزكيه إلا إذا وافق الشرع الشريف وهذا هو حق التكليف . وكيف يتعلق المريد بعلمه أو عمله أو عقله أو قوته ؟ كل هذا لضعف إيمانه ، عليه مهما أوتي من أوصاف وصفات أن ينظر كيف يُفعل به لا أن يقول ماذا أفعل ؟ ولذا قال ربنا جل جلاله : { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } سورة الاحقاف / 9
هذا هو حق العبودية ، فربنا تبارك وتعالى أمرنا أن نكون عباداً له وطالما أنه تبارك وتعالى خاطب الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم بقوله : { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } سورة الاحقاف / 9
حتى يسلَّم له ، فنحن أولى بالتسليم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مؤيد بروح القدس عليه السلام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 133 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-03-2008
  #50
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,220
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 187 } كل المخالفات الشرعية بسبب الغفلة عن الله عزوجل ، لذا وجب علينا أن نعبد الله بالمشاهدة ، كما في الحديث الشريف : ( أن تعبد الله كأنك تراه ) رواه مسلم
فإن لم تصل إلى هذا المقام ، فاعلم أنك في مقام : ( فإنه يراك ) رواه مسلم
كما في قوله تعالى : { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأنَّ اللهَ يَرَى } سورة العلق / 14
هل هناك شك في مراقبة الله لنا ؟ فعلينا أن نستحي من الله تعالى من أن نضع الشئ في غير ما خلق له ، وقلبنا خلق لمعرفة الله عزوجل ولمحبته ، لا لمحبة الدنيا التي من مظاهرها حب إقبال الخلق علينا ، وحب النساء ، وحب المال ، وحب الجاه ، وحب الظهور ، نعوذ بالله من هذه الأوصاف الذميمة .
{ 188 } تعلق الإنسان بماديته ونفسه يبعده عن ربه عزوجل وعن كتابه ، وعن رسوله ، وينزل به إلى منزلة بهيمية شيطانية فرعونية نمروذية فإذا به يقول : أنا أكون وغيري لايكون ، أنا أكون سلطاناً شيخاً ، أنا أكون مخدوماً ، وهكذا يكون شيطاناً في صورة إنسان والعياذ بالله تعالى ، أما شأن الخاضع المخبت لأمر الله عزوجل فإنه يستحي أن ينسب إلى نفسه شيئاً فهو قد سلك طريق الصالحين ، طريق أولياء الله ، طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 134 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ 189 } إذا طلبت نفسك الشراب والطعام والراحة ، فأعطها بقدر ما تقوم به وتقوى على طاعة الله عزوجل . ولا تسترسل معها في كل مطلب ، بل أعطها بمقدار ما سمح لك الشرع الشريف ، وإلا تسقط من رتبة الإنسانية إلى رتبة بهيمية والعياذ بالله .
{ 190 } اتباع الهوى من أخطر الأمور على المريد ، وأشده أن يؤيد هواه بالحجة الشرعية ، أما الفتور في العبادة فمن طبيعة الإنسان لذلك نوع الله تعالى لنا العبادة ، فإذا أصابك فتور في ذكر الاسم المفرد ارجع إلى كلمة التوحيد ، وإذا أصابك فتور في ذكر كلمة التوحيد ارجع إلى الصلوات الشريفة ، فإذا تعب القلب فغير العبادة . واعلم أن الفتور لا يدفع إلى المعصية بل يحولك إلى سنة ثانية . وهذا الانتقال من عبادة إلى عبادة بسبب التعب إنما هو لأهل الطريق .
{ 191 } حق على المؤمنين أن يسكتوا أمام أصحاب الهوى الذين يؤيدون هواهم بالحجج الشرعية ، ولا يجادلوهم لأنهم جعلوا إلههم هواهم قال تعالى : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْم } سورة الجاثية / 23
وكل واحد يدافع عن إلهه ، وعلمنا بجانب علم الله تعالى لا شئ ، فمن اعتمد على علمه فإنه يذهب بالكلية
ـــــــــــــــــــــــــــــــ ص 135 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويكون سخرية بين الناس لأنه سوف يتخبط في ظلمات جهله .
فليس هناك نفوسٌ أطهر من نفوس الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأن نفوسهم متعلقة بالوحي المنزل من الله تعالى ، وليس هناك بعدهم أطهر من نفوس من اتبع رسول صلى الله عليه وسلم لأن نورهم مستمد من نوره صلى الله عليه وسلم . أما من تعلق بهواه والعياذ بالله تعالى فإنه يريد أن يلعب بالناس من خلال دينهم .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شرح الخريدة البهية في علم التوحيد عبدالقادر حمود المكتبة الرقمية 2 06-11-2013 01:41 PM
المنازل البهية في الوصايا الشاذلية عبدالقادر حمود المكتبة الرقمية 2 09-05-2012 07:15 AM
من الوصايا الموجهة للنساء عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 0 04-02-2011 01:55 PM
الدرر في احصار المغازي والسير ل يوسف بن عبد البر النمري أشعري مالكي المكتبة الرقمية 0 05-05-2010 10:48 PM
جامع الدرر البهية لانساب القرشيين في البلاد الشامية عبدالقادر حمود المكتبة الرقمية 17 01-27-2010 10:27 PM


الساعة الآن 04:02 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir