أسامة بن زيد خريج مدرسة النبوة
أسامة بن زيد خريج مدرسة النبوة
هو أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحبيل بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن كنانة حِبّ النبي “صلى الله عليه وسلم” كنيته أبو محمد، وأمه بركة (أم أيمن) حاضنة الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وقيل إن زيد بن حارثة من أوائل من أسلموا، وولد له أسامة بمكة، ثم هاجر إلى المدينة واكتنفه النبي “صلى الله عليه وسلم” بحبه وكان عنده كبعض أهله، كانت مكانة أسامة (رضي الله عنه) في بيت النبوة معروفة .
الإمارة الأولى
قبل وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعامين خرج أسامة أميرا على سرية للقاء بعض المشركين، وكانت هذه أول امارة يتولاها، وقد أخذ فيها درسه الأكبر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فها هو يقول: “أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أتاه البشير بالفتح، فإذا هو متهلل الوجه، فأدناني منه ثم قال: “حدثني”، فجعلت أحدثه، وذكرت له أنه لما انهزم القوم أدركت رجلا وأهويت إليه بالرمح، فقال: (لا إله إلا الله) فطعنته فقتلته، فتغير وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: (ويحك يا أسامة، فكيف لك بلا إله إلا الله؟ . ويحك يا أسامة، فكيف لك بلا إله إلا الله؟) .
فلم يزل يرددها عليّ حتى لوددت أني انسلخت من كل عمل عملته، واستقبلت الإسلام يومئذ من جديد، فلا والله لا أقاتل أحدا قال لا إله إلا الله بعد ما سمعت رسول الله “صلى الله عليه وسلم” .
أهم قريش شأن المرأة التي سرقت، فقالوا: “من يكلّم فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ فقال أحدهم ومن يجترىء عليه إلا أسامة بن زيد حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلّمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتشفعْ في حدّ من حدود الله ؟) . . . ثم قام النبي -صلى الله عليه وسلم- فخطب وقال: “إنّما أهلك الله الذين من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيْمُ الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يَدَها” .
جهاد في الشام
وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد بن حارثة إلى الشام، وهو لم يتجاوز العشرين من عمره، وأمره بأن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، فتجهز الناس وخرج مع أسامة المهاجرون الأولون، وكان ذلك في مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأخير، فاستبطأ الرسول الكريم الناس في بعث أسامة وقد سمع ما قال الناس في إمرة غلام حدث على جلة من المهاجرين والأنصار، فحمد الرسول صلى الله عليه وسلم الله وقال: “أيها الناس، أنفذوا بعث أسامة، فلعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله، وإنه لخليق بالإمارة، وإن كان أبوه لخليقا لها . .” .
فأسرع الناس في جهازهم، وخرج أسامة والجيش، وانتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى، وتولى أبو بكر رضي الله عنه الخلافة وأمر بانفاذ جيش أسامة وقال: “ما كان لي أن أحل لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم” .
وخرج ماشيا ليودع الجيش بينما أسامة راكب فقال له: يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن . . .
فرد أبوبكر: والله لا تنزل ووالله لا أركب، وما علي أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة . . . ثم استأذنه في أن يبقى إلى جانبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلا له: “إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل . .” .
ففعل أسامة وسار الجيش وحارب الروم وقضى على خطرهم، وعاد الجيش بلا ضحايا، وقال المسلمون عنه: (ما رأينا جيشا أسلم من جيش أسامة . .) .
وعندما نشبت الفتنة بين علي ومعاوية ا التزم أسامة حيادا مطلقا وقد كان يحب عليا كثيرا ويبصر الحق بجانبه، ولكن كيف يقتل من قال لا إله إلا الله وقد لامه الرسول في ذلك سابقا؟ وبعث إلى علي يقول له: (إنك لو كنت في شدق الأسد، لأحببت أن أدخل معك فيه، ولكن هذا أمر لم أره) . . . ولزم داره طوال هذا النزاع، وحين جاءه البعض يناقشونه في موقفه قال لهم: (لا أقاتل أحدا يقول لا إله إلا الله أبدا . .) .
فقال أحدهم له: (ألم يقل الله: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله؟) . . . فأجاب أسامة: (أولئك هم المشركون، ولقد قاتلناهم حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله) .
وفي العام الرابع والخمسين من الهجرة، أي في أواخر خلافة معاوية، توفي رضي الله عنه في المدينة المنورة عن خمسة وسبعين عاماً .
__________________