أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله           
العودة   منتدى الإحسان > الصوتيات والكتب > المكتبة الرقمية

المكتبة الرقمية كل ما يختص بكتب التراث الإسلامي و الصوفي أو روابط لمواقع المكتبات ذات العلاقة على الشبكة العالمية...

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 09-28-2009
  #111
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية


الكَبِيرُ جَلَّ جَلالُهُ



" هو الذي تتصاغر أمامه العظماء، وتضمحلُّ لجلالته الكبراء، كلُّ كبيرٍ أمامه كالذَّرِّ الحقير، وكلُّ شامخٍ إذا تجلَّى كبرياؤه فهو هباء صغير، له الكمال الذاتي، والجمال الصفاتي، له الغنى الأزلي، والبقاء الأبدي ( 1 ) .


واعلم ... أن الكِبْرَ من أمراض القلوب، وصاحبه ينازع علاَّم الغيوب، وهو من صفات إبليس، يوقع في الحجاب والعذاب، والبعد عن حضرة التوَّاب، ويولد مرض حب الرياسة والأنانية، ويجرُّ إلى الأمراض الظلمانية ( 2 ) ، فإذا أردت أن يحفظك الله من مرض الكبر: فكرِّر ذكر "يا كبير". واذكر من أنت في مبدأ الأمر والتصوير، حتى تنجو من الشر الخطير.


ومتى صغرت نفسك أمام عينيك، وفنيت ( 3 ) عن مقتضى حسِّك، أعطاك الله عزَّه الباقي الدائم، وصيَّرك كبيراً بين العوالم، متكبِّراً على كل ظالم، متواضعاً لكل فقير مسالم.


وقد خصَّص الحق سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بحلل الكمال، وكل من رآه أو سمع به خضع لظهور الكبير المتعال.


والكبير من العباد من منحه الله العلم بالله، وأعطاه الحمد فصيَّره كبيراً عند من رآه، ومنحه العواطف على الأمة فبذل النصيحة، وأنقذها من العصيان، ويدعو لها بالهدى ورفعة الشان ( 4 ) ." اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي ....أنت الكبير الذي ذلَّت لكبريائك الكائنات، وسجدت لعلوِّك المخلوقات، من تكبر قصمت ظهره، ومن تعاظم خفضت قدره وذكره. أشرق على قلبي بنور الكبرياء، حتى تمحو مني وجودي الباطل ويزول الداء، وظللني بظل أسمائك وأنوارها، فمن رآني خشع لعلو مقداري، فكلُّ جمال هو منك واصل، وكل كمال من فيضك حاصل، فكيف أتكبر وأَصْلِي معدوم؟، وكيف أتعاظم وأمري مفهوم ؟. اجعلني لك ذاكراً شاكراً، وكن لي حفيظاً ناصراً. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم" .



اقتباس:
============================================


(1) : : والله تبارك وتعالى هو الكبير في كل شيء، والغني على الإطلاق، وهو الذي كبر وعلا في ذاته وصفاته، وأفعاله عن مشابهة مخلوقاته: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } ، أو الذي فاق مدح المادحين، ووصف الواصفين، فهو أكمل الموجودات وأشرفها، أو ذو الكبرياء والعلو والعظمة والرفعة، والتنـزه عن أوهام الخلق ومداركهم، فله تبارك وتعالى كبرياء الذات والصفات والأفعال. وهو الذي يتصاغر أمامه الكبراء والعظماء، والمتعالي عن مشاهدة كل الحواس وإدراك العقول، لا ينازعه في كبريائه أحد، ولا تهتدي العقول لوصف عظمته، ولذلك نقلوا عن أدعية هذا الاسم الكريم : " يا كبير أنت الذي لا تهتدي العقول لوصف عظمته " .


وليس كبره لكبر جثة، بل هو كبر جلال وعلو، ولذلك قيل: يمتنع أن يكون الله تعالى كبيراً بحسب الجثة والحجم والمقدار، فوجب أن يكون كبيراً بحسب القدرة والمقادير الإلهية .


(2) : وهذا ما نشاهده اليوم في قلوب ووجوه من تكبر واعترض على علماء الأمة، وأهل الله العارفين، والعلماء العاملين المخلصين من سلف هذه الأمة وخلفها، حيث جعل بعض المتكبرين من أنفسهم أشباهاً للسلف الصالح، وعاندوا العقل والمنطق، ونفخ الشيطان في أنوفهم، فشبَّه لهم أن سلف الأمة الصالح وأئمتها العظام رجال، وهم رجال، فأطلقوا مقولتهم بدون وجه حق، فقالوا:" هم رجال ونحن رجال" نأخذ ونرد كما أخذوا وردّوا، ونسي هؤلاء قدرهم في العلم والحال، والذوق والوجدان، فاغتروا، وضلوا وأضلوا، فإياك يا أخي وإياهم، وفرَّ منهم فرارك من الأسد، فهم القوم والله والله والله لا يسعد جليسهم، ولا يشرف مخالطهم، ولعن الله من كذب عليك، فاسأل الله تعالى العافية.


(3) : المراد بالفناء : أن يفنى العبد عن حظوظ نفسه وعن أبناء جنسه، وعن كل ما سوى الله فلا يكون له في شيء من ذلك حظ، ويسقط عنه التمييز فناء عن الأشياء كلها شغلاً بما فني به، فالفناء فضل من الله تعالى وموهبة للعبد وإكرام منه، ومنـزلة له، واختصاص له به، وليس هو من الأفعال المكتسبة وإنما هو شيء يفعله الله عز وجل بمن اختصه لنفسه واصطنعه له ". انظر التعرف لمذهب أهل التصوف للكلاباذي صفحة123".


( 4) : ومن عرف كبرياء ربه يتواضع متذللاً له سبحانه، وللعارفين به، ولأوليائه الصالحين من عباده، متأدباً معهم وبين أيديهم أحياءً وأمواتا، ويدفع فساد أهل الكبرياء في أرض الله، والله لا يحب المفسدين، وأن يكون كبير القلب، كبير الهمة، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الشريف:" كبِّروا هممكم فإني لم أرَ أقعد بالرجال عن معالي الأمور من ضعف الهمم". وإن من مستلزمات ذلك مجانبة الغرور، وحسن التواضع ، وإلا وقع في التفاخر والرياء، والكبر، والغرور وهي تجزى عند الله بالصغار والهوان، وعند الناس بالنفرة حيناً، والمصانعة أخرى، والاحتقار. ومن عرف طفولته وحاجته، ونومه ومرضه، وموته، أدرك حقيقته، وعرف منَّة الله عليه فيما آتاه، وأنه لا يدري ما يسلب عنه من ذلك، وعرف أن ما آتاه الله ابتلاء بنعمه، إنما يستحق الشكر لا الاستكبار، والتخلق من ذلك بخلق الشيطان الرجيم،الموسوم بما سمي به إبليس فأبلس، وبئس،وحزن، وما زاده الكبر إلا صغارا. " اهـ






(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: الحَفِيظُ جَلَّ جَلالُهُ ....... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-15-2010
  #112
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية


الحَفِيظُ جَلَّ جَلالُهُ

هو الذي حفظ مراتب الوجود، ومنازل الكائنات، فالسموات يمسكها أن تقع على الأرض، والأرض يثبتها بالجبال فلا تميد بنا (1) .
ويحفظ الضعفاء من الأقوياء، حتى تبقى صور الأشياء.
ويحفظ النبات من الحشرات لغذاء المخلوقات.
ويحفظ أسرار السماء من استراق السمع. قال تعالى: { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } (2) .
ويحفظ الإنسان من شر الشياطين وغوائل الحياة بالملائكة الحفظة.
قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ }(3) .
وقال سبحانه: { فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } (4) .

ومن تأمل في معنى اسمه"الحفيظ" وذكره بشوق وحنان إلى جنابه، تولَّد في قلبه حبٌّ لمولاه الذي يحفظ العبد وهو عاصٍ غافل، مقصِّرٌ متأخِّر، فينبه القلب ويصحو من غفلته، ويبرأ من علَّته. وعند ذلك يجعل الله قلبه يمنـزلة كنـز محفوظ فيه أسرار الحفيظ، ويقف موقف الشجاعة محافظاً على جوارحه من المعاصي، محافظاً على قلبه من الخطرات (5) ، محافظاً على إخوانه من الوقوع في الزلات، محافظاً على أنفاسه من الضياع في المنكرات، محافظاً على الأمانة التي أودعها الله فيه في كل اللحظات (6) .

الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... أنت الحفيظ لكل مخلوق، المغيث لكل حي مرزوق، تجليت بنور الحفيظ فحفظت السموات، وأخرجت النبات، وحفظت البحر من العفونة بالأملاح، وحفظت قلوب العارفين ومنحتها عيون البصيرة، فشاهدت حق اليقين،.... اجعل جوارحي محفوظة بحفظك، وقواي خاضعة لأمرك.

إلهي .... إنك قلت: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }، فاحفظني بما حفظت به الذكر الحكيم، واجعلني حفيظاً عليماً، واحفظني من شهود الأغيار، والركون على الآثار، فأنت الحفيظ للخلائق الفعال المختار. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
". " اهـ

(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الإسم الشريف "المُقِيتُ جَلَّ جَلالُهُ... )



ـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ

(1) : و"الحفيظ" أشد مبالغة من الحافظ، كالعليم والعالم، وإذا أردت أن تعرف نعمة "الحفيظ" عليك بحفظه، فتأمل أحوالك في دينك ودنياك، أما الدين فانظر إلى الأكابر الذين زاغوا بأدنى شبهة: أما إبليس فانظر كم عَبَدَ الله وكم أطاعه، ثم ضلَّ بأدنى شبهة!! . وانظر إلى أكابر الطبيعيين وحذاق المهندسين والمنجمين كيف زاغوا بأخس شبهة!!، حتى تعرف أنك إنما بقيت على الحق بحفظ الحق سبحانه وعنايته، وانظر إلى الخليل على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام، مع جلالة قدره، كيف قال: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين} وقال: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَك} وقال الكليم عليه السلام : { رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} ، وقال تعالى لسيد الوجود سيدي وحبيبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً }، وقال: { وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} ، وقال المؤمنون: { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا }.

وأما الدنيا : فاعرف كم فيها من جهات الآفات، وأسباب المخافات !!! ، ثم تأمل من الذي دفعها عنك ؟ كما قال تعالى : { قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ }.

وأيضاً وكَّل على عباده أشخاصاً من الملائكة ليحفظوهم عن الآفات، قال تعالى { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ } أي بأمره . وأيضاً يحفظ على الخلق أعمالهم، ويحصي أقوالهم، كما قال { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} .

(2) : سورة الصافات - الآيتان 6و7.

(3) : سورة الانفطار - الآيتان 10و11.

(4) : سورة يونس - الآية 64.

(5) : الخطرات: هي دواعي القلوب إلى كل خير وشر. انظر: موسوعة مصطلحات التصوف مادة خطر - 324.

(6) : وحظ العبد من هذا الاسم أن يحفظ أمانة الله بما أنعم عليه،وآتاه ، فإنه مسؤولٌ عن أربع: عن عمره فيم قضاه، وعن شبابه فيم أبلاه، فهذه القدرات أمانة ، وإن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا، ثم عن ماله من أين اكتسبه، أين أنفقه؟. وعن علمه وماذا عمل به؟. ويحفظ الحقوق والواجبات وما أمره الله بحفظه وهو "الحفيظ" الذي لا تخفى عليه من أمر العباد خافية، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، قائلاً: { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}. وعليه أن يحفظ نفسه من الظنون لحفظ إيمانه، ومن الشهوات لحفظ جوارحه، ومن حفظ الله في جوارحه : حفظ الله عليه قلبه ، ومن نعم حفظ الله لعباده الصالحين: حفظ سيدنا موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام من عهد حمله ورضاعه من بطش فرعون إلى حين إغراق فرعون على يديه، وحفظ الفتية الذين آمنوا بربهم، كما جاءت في سورة الكهف، وحفظ سيدنا يونس في بطن الحوت إذ كان من المسبحين، وحفظ سيدنا يوسف من الأخطار التي حاقت به، وحفظ أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام من النيران، ثم حفظ سيد الوجود وحبيب الرب المعبود سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعصمته من كيد الكائدين، وغير ذلك من آيات حفظ الله تعالى لأوليائه ، والعبر ليثبت قلوب المؤمنين، فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين. وحفظ الإنسان بالذاكرة معارفه، وبالعادة ما ألفه، وفي العمل مرونته، وخبرته، كما حفظ لكل شيء وجوده في عالم متحول متبدل كثير التفاعل، فصانه وحفظه بهويته وأطواره، ومختلف ظواهره، " إن ربي على كل شيء حفيظ"، وأجلُّ نعمة حفظاً أنه حقَّق وعده سبحانه { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }، حفظاً للإنسان بأكرم ما خصه به من العلم، وأشرف ما دعاه إليه وهو الهداية في نية وقول وعمل ، وحفظ عمله ليوم الجزاء يزنها بالذرة. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-15-2010
  #113
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية




هو الذي خلق الخلق، وساق إليهم الأقوات، وأوصل إليهم الضروريات والكماليات (1) .
والأقوات قسمان: قوت الأشباح، وقوت الأرواح.
فقوت الأشباح: هو غذاؤها المحسوس.
وقوت الأرواح: هو الحي القدُّوس.
فإن أتى إليك الغذاء فاشهد "المقيت" الواسع، ولا تحجب عن السِّرِّ العلي.

ومتى عشقت روحك "المقيت" فنيت في أنواره، واجتهدت في أذكاره، فتأكل الطعام، ويتجلَّى لك واسع الإكرام، فتغيب في أنواره عن الأكوان، وتحظى منه بالسرِّ المصان. وعند ذلك يجعلك الحق خزانةً للعباد، ويسوق على يديك الأرزاق، فتعلِّم الناس العلوم، وتدلُّهم على الحي القيوم (2) .


الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... خلقت الأقوات كالستائر، وأودعت فيها الآيات للقلوب والبصائر، أنت المقيت والقوت سبب، وأنت المغيث لمن لجنابك طلب، اكشف عن بصيرتي حجب المظاهر، حتى آخذ القوت على يديك يا قادر، وسهِّل لروحي قوتها من الحب والشهود، بمحض الفضل والجود. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
". " اهـ

(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الإسم الشريف "الحَسِيبُ جَلَّ جلالُهُ... )


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



(1) : وذكر الرازي أن المشايخ يقولون : المقيت من شهد النجوى فأجاب ، وعلم البلوى فكشف واستجاب.

وقد فرَّق العلماء بين اسم (المقيت) وبين اسم (الرزاق)، فقالوا: إن المقيت هو خالق الأقوات وموصلها إلى الأبدان وهي الأطعمة، وإلى القلوب وهي المعرفة، فيكون بمعنى الرزاق، إلا أنه أخص منه - كما يذكر حجة الإسلام رضي الله عنه - ، إذ الرزق يتناول القوت وغير القوت، والقوت ما يكتفي به قوام البدن، وإما أن يكون بمعنى المستولي على الشيء القادر عليه، والاستيلاء يتم بالقدرة والعلم، وعليه قوله تعالى: { وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا } ، أي مطَّلعاً قادراً، فيكون معناه راجعاً إلى القدرة والعلم، ويكون وصفه بالمقيت أتم من وصفه بالقادر وحده، لأنه دالٌّ على اجتماع المعنيين ، وبهذا يخرج هذا الاسم عن الترادف.

(2) : ومن أدب العبد مع اسم " المقيت" ألاّ يقبل إلا الحلال الطيب، ليرتفع عند الله ذكره، ويعظم أجره.

روي أن سفيان الثوري - رضي الله تعالى عنه ونفعنا بمحبته - كان يتحرى الحلال من الرزق، حتى كان أولاده يقاسون أنواع الفقر، فجاءه رجل بصرة مال وقال له: إن هذا مال حلال، ورجاه أن يقبله، فقبله سفيان، وبعد قليل رد المال إلى صاحبه، فقال أحد أبناء سفيان لأبيه: أليس لك أولاد في حاجة إلى هذا المال؟ فقال له سفيان: أتريد أن تأكل وتتنعم، وأبوك يُسألُ يوم القيامة !!؟. فهكذا أخلاق من تخلق بأخلاق الله تعالى يعمل جهده ليكون مظهراً من مظاهر الحق تعالى في كل اسم من أسمائه، واعلم يا أخي أن هذا الأمر لا بد له من السلوك على يد شيخ تربية عالم عارف صالح تقي نقي، وإلا فالنجوم أقرب إليه من الوصول إلى هذا فاعمل يا أخي جهدك في الوصول إلى أهل الله والسلوك على يديهم ليخلوك من كل خلق ذميم، ويحلُّوك بكل خلق حميد كريم ، أخذ الله بيدنا ويديك إلى ما يحبه ويرضاه، وجمعنا سبحانه بأهله والعارفين به، ووفقنا وإياك للعمل بما جاء في هذا الكتاب بجاه مولانا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-23-2010
  #114
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الحَسِيبُ جَلَّ جلالُهُ


"هو الكافي الذي منه كفاية العباد، وهو السيد الذي عليه الاعتماد، وليس في الوجود حسيبٌ سواه، وكلُّهم في ظلِّ حماه، وقد قال الله تعالى لنبيه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليمات: { فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت } (1) .

وكان دعاء الصحابة: " حسبنا الله ونعم الوكيل" (2) .

ومن معاني "الحسيب": هو الذي يحاسب على جميع الأنفاس والخطرات، ويراقب دقائق الأمور والخفيات (3) .

ومن معنى "الحسيب": هو الذي انتهى إليه كل شرف في الوجود، وإلى جنابه كل مجدٍ يعود (4) .

ومتى راقبت معنى"الحسيب" وتجلَّى لك نور القريب، لاح في قلبك نورٌ فتحاسب نفسك على تقصيرها في الطاعة، وتذكِّرها بالحساب وهو القيامة، وتلزمها القناعة، وتحاسب الجوارح على التقصير والعصيان، وتوقفها عن الظلم والطغيان ." اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... أنت الكافي لمن ركن إليك، القدير المتكفل بكل من توكل عليك؛ أنت أسرع الحاسبين، وغوث الطالبين، أشهدني نور اسمك " الحسيب، حتى أتحلى بالسرِّ العجيب، فأحاسب نفسي قبل أن أُحَاسَب، وأطالبها بالقيام بالواجب قبل أن أُطالَب، وحققنا بسر قولك: { حسبنا الله ونعم الوكيل }. واجعلني ممن اهتدى سواء السبيل، وخلِّقني بمعنى اسمك "الحسيب" فأقوم لإخواني بحوائجهم من بعيد وقريب، حتى أتحقق بالشرف والحسب، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".
. " اهـ


(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الإسم الشريف "الجَلِيلُ جَلَّ جَلالُهُ... )


(1) : سورة التوبة – الآية 128.

(2) : روى الترمذي في جامعه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: قَالَ: رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَكَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدْ الْتَقَمَ القَرْنَ وَاسْتَمَعَ الاْذْنَ مَتَى يُؤمَرُ بِالنّفْخِ فَيَنْفُخَ، فَكَأَنّ ذَلِكَ ثَقُلَ عَلَى أَصْحَابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: قُولُوا حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ عَلَى الله تَوَكّلْنَا". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حَسَنٌ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ هَذَا الْحَدِيثُ عنْ عَطِيّةَ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخدري، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.

(3) : وقيل: هو الذي إذا رفعت إليه الحوائج قضاها، وإذا حكم بقضية أبرمها وأمضاها. وقيل: هو الذي يعد عليك أنفاسك، ويصرف بفضله عنك باسك.

(4) : فعلى هذا الحسب لله بمعنى أن صفات المجد والشرف ونعوت الكمال والجلال والجمال ليست في الحقيقة إلا له.

(5) : ومن عرف أنه سبحانه " الحسيب"، عظّمه لكمال وصفه، ثم حاسب نفسه قبل محاسبته إياه. ومن علم أنه سبحانه وتعالى كافيه لا يستوحش من إعراض الخلق، ولا يستأنس بقبولهم، ثقةً بأن الذي قسم له لا يفوته وإن أعرضوا، والذي لم يقسم له لا يصل إليه وإن أقبلوا، فإذا دام على هذه الحالة فعن قريب يرضيه مولاه بما يختار له فيؤثر بعد ذلك العدم على الوجود، والفقر على الغنى، ويستريح ويستأنس بعدم الأسباب أكثر مما يستريح ويستأنس أبناء الدنيا بوجود الأغراض والأسباب.

والتعلق بهذا الاسم: بالالتجاء إليه سبحانه في صرف الغفلة عنه، حتى ينتبه لحساب نفسه قبل الحساب، لقوله عليه الصلاة والسلام: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا )، وأن يكفيه ما أهمه في جميع الأحوال قائلاً: يا حسيب استعملني بالمحاسبة قبل الحساب والسؤال، وكن حسيبي في جميع الأحوال.

والتخلق به: أن تكون حسيب نفسك، مراقباً لها، وباحثاً عن عيوبها، متهماً لها في جميع الأوقات، ومسيء الظن بها في كل الحالات، وأن تثق بكفايته، وتكتفي بكفالته. قال تعالى: { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } أي: كافيه، ومن كفاه مولاه كيف يلتفت إلى سواه ؟.

والتحقق به: يحصل بتمكين المراقبة من قلبه، والرسوخ فيها، فحينئذ يكون حسيب نفسه على الدوام، أو بتمكين المشاهدة فيكتفي بعلم الحال عن الطلب والسؤال، والله تعالى أعلم. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-23-2010
  #115
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الجَلِيلُ جَلَّ جَلالُهُ


"هو من له الجلالة والعز، والغنى والنـزاهة، والكمال الذاتي والصفاتي (1) .

من عرفه خاف من جنابه، وعكف على بابه (2) .

له الجلالة التي تدكُّ الشامخ العالي، وعزّة ترفع شأن المطيع الموالي (3) .

واعلم أن صفات الحق أقسام:

صفات جلال: وهي العظمة، والعزة، والكبرياء، والتقديس. وكلُّها ترجع إلى اسمه تعالى "الجليل".

وصفات جمال: وهي صفات اللطف، والكرم، والحنان، والعفو، والإحسان. وكلُّها ترجع إلى اسمه تعالى"الجميل".

وصفات كمال: وهي الأوصاف الذاتية التي دونها جميع العقول والأرواح، مثل اسمه "القدوس".

وصفات ظاهرها جمال وباطنها جلال: مثل اسمه تعالى"المعطي"، "المنعم".

وصفات ظاهرها جلال، وباطنها جمال: وهي مثل "النافع"، "الضار".

فقد يعطي للعبد الدنيا وفي طيها جلال وحجاب، وقد يمنع العبد عن الدنيا وفي طيه عطاء واقتراب..... والعارف بالله هو الذي جمع المراتب.
واعلم أن الجمال قسمان:

جمال في الصورة الحسية، وجمالٌ في الصفات المعنوية. والذي جمَّل وأفاض عليها الجمال هو الله. فإذا رأيت صورةً جميلةً تجلَّى من جمالها سرُّ المتجلِّي سبحانه وتعالى.

أما جمال النفوس بالمعاني: فهو أعلى من جمال الأجسام. وإذا لاح لروحك معنى من معاني جماله تعالى هام قلبك، وانجذب لُبُّك، وتأكَّدت أن جمال الجنة ونعيمها دون نظرة واحدة إلى جمال الجميل.

وإذا تغلَّبت عليك نفسك، وتمكَّن منك الشيطان؛ فاستحضر جلالة العظيم الذي أذلَّ فرعون وهامان، وقل: يا "جليل"، وأكثر من ذكره بالاحترام والتبجيل، فيسطع عليك نور الجلال، فيمحو عنك كل ضلال ومحال، ومن رآك رأى "الجليل" ظاهراً يمدك بالتأييد والعز... (4) ." اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي ...أنت الجليل الذي ترتعد الملائكة من جلالك، وتذوب الأكباد من خشية سلطانك، وأنت الكريم الذي تحن إليك القلوب، والرحيم المتجلي بالحنان المنفس من المكروب؛ لك الكمال المطلق، والعز المحقَّق. امنحنا عيون البصيرة التي نراك متجلياً بكل الصفات، فنعبدك حباً في الذات، واحفظنا من الغرور بظاهر الجمال، والوقوف عند صور الأعمال، فوراء الصور معان يراها العبد النوراني. إلهي .... تجلَّ لي باسمك الجليل، فلا أرى مخلوقاً إلا وقد سجد للحضرة، وأرى الكل ذليلاً لتجلي باهر قدرتك، فلا أقدم على معصية، إنك على كل شيء قدير. وصلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم"
. " اهـ


(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الإسم الشريف "الكَرِيمُ جَلَّ جَلالُهُ... )


(1) : وقيل: الجليل هو المستحق للأمر والنهي، الذي يصغر دونه كل جليل ، ويتضع معه كل رفيع . وقيل: هو الذي جلَّ من قصده ، وذلَّ من طرده . وقيل: هو الذي جلَّ قدره في قلوب العارفين، وعظم خطره في نفوس المحبين. وقيل: هو الذي أجلَّ أولياءه بفضله، وأذلَّ الأعداء بعدله.

(2) : ومن عرف جلاله، ظهر في عوالمه إجلاله، فكان ذا همة ومحبة، وأنس واحترام، أما العابدون فشهدوا أفضاله فبذلوا نفوسهم، وأما العارفون شهدوا جلاله فبذلوا قلوبهم، والمحبون شهدوا جماله فبذلوا أرواحهم، فمن كان له علم اليقين شهد جلاله، ومن كان له حق اليقين شهد جماله.

(3) : واعلم أن الحق سبحانه يكاشف القلوب مرة بوصف جلاله، ومرة بوصف جماله، فمن كاشفه بوصف جلاله أفناه، ومن كاشفه بوصف جماله أحياه، فكشف الجلال يوجب المحو والاضمحلال، وكشف الجمال يوجب السرور والإجمال، فالعارفون كاشفهم بجلاله فغابوا، والمحبون كاشفهم بجماله فطابوا قاله القشيري .

(4) : والتعلق بهذا الاسم: الخضوع والاستكانة تحت ستر جماله، فلا تهاب أحداً سواه، ولا تحب إلا إياه.

والتخلق به: بإجلال نفسك عن الدناءات والسفسافات، إذ أنت أجلُّ مخلوق وأبدعه. وقال سيدي ابن عطاء في الحكم: "جعلك في العالم المتوسط بين ملكه وملكوته، ليعلمك جلالة قدرك بين مخلوقاته، وأنك جوهرة تنطوي عليك أصداف مكوناته"، انتهى .

والتحقق به: يحصل في مقام الاعتدال بين الظاهر والباطن، حتى يكون ظاهرك جلالياً، وباطنك جمالياً، وأنت بينهما برزخ لا يبغيان؛ فإن الولي الكامل هو الذي يكسوه الله حلة الجلال، وحلة الجمال؛ فبجلاله يسمع قوله، ويمتثل أمره، وبجماله تتعشق إليه القلوب، وتخضع له الأرواح، والله تعالى أعلم " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-23-2010
  #116
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الكَرِيمُ جَلَّ جَلالُهُ


"هو الذي يعطي بغير سؤال، ولا يحوجك إلى وسائط ولا شفعاء في وصول النوال. إذا قدر عفا، ولا يؤاخذ بالجفا (1) .

هو الذي يلهمك الجواب لتصل إلى الصواب.

قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } (2) .

والجواب: غرَّني كرمك، وأنت الفتَّاح العليم، تُحسن إلى من أساء، وتصل من قطع بوافر العطاء (3) .

وليس الكرم المطلق إلا لله جل جلاله، وقد يتخلَّق العبد ببعضه فيكتب كريما، إلا أن كرم العبد مقيدٌ محدود، ولكن له الشرف، حيث أنه لبس حُلَّةَ سيده، ولاح عليه نور موجده.

والكرم يغطي كل عيب، والبخل يغطي كل فضيلة، والكريم وإن كان مقصراً فهو أقرب إلى الغفار، والبخيل وإن كان مجاهداً يخشى عليه من النار، لأنَّ الكرم يجرُّ صاحبه إلى الخيرات، والبخل يجرُّ صاحبه إلى السيئات، والكريم محبوب لإخوانه، عزيزٌ في أوطانه.

والكرم قسمان: مادي، وخُلُقي.

فالماديّ: هو إطعام الطعام، وكسوة الأيتام، وصلة الأرحام.

والخُلُقي: هو العفو عن الجاني، وإن تكررت الإساءة، وستر عورة الإخوان في سائر الحالات؛ وهذا الكرم أغلى وأعلى من الكرم المادي، فإن المادي حياة الأجسام، والأخلاق حياة الأرواح. قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم) (4) .

وقد أكرم الله بني الإنسان، وسخر لهم الأكوان. قال تعالى: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } (5) ." اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... أنت الكريم الذي تعطي لا لعلة، وتعفو عن السيئات، وتستر الزلة، جذبت بكرمك الأرواح، وتفضلت بجودك على الأرواح، فالسماء فيَّاضة بالأمطار، والأرض عامرة بالثمار، والقلوب عامرة بنور الإيمان، وعيون البصيرة آنسة بأيادي الجود من الرحمن. إلهي .... أشرق على قلبي بنور اسمك الكريم، حتى يسري هذا إلى جوارحي، فأتخلق بالكرم، فتحبني وأنال العز المقيم، وارزقني الفناء في شهود الكريم، حتى أراك متجلياً في نفسي وفي الآفاق بإغداق النعم، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم"
. " اهـ


(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الإسم الشريف "الرَّقِيبُ جَلَّ جَلالُهُ... )


(1) : وقال الحارث المحاسبي رضي الله عنه : الكريم هو الذي لا يبالي من أعطى. وقيل: هو الذي لا يضيع من توسل به، ولا يترك من التجأ إليه، ويحفظ حقوق خَدَمَتِه إذا ماتوا. وأورد الرازي أقوالاً للمشايخ في اسمه تعالى الكريم فقال بعضهم: الكريم هو الذي يعطي من غير منة. وقيل: الكريم الذي لم يؤيس العصاة من قبول توبتهم، ويتوب عليهم من غير مسألتهم، وقيل: الكريم الذي إذا أعطى أجزل، وإن عصي أجمل. وقيل: الكريم الذي إذا أبصر خللاً جبره، وما أظهره، وإذا أولى فضلاً أجزله ثم ستره.

(2) : سورة الانفطار - الآية 6.

(3) : فالتعلق بهذا الاسم الكريم: باستمطار كرمه سبحانه وجوده الهطال، في كل ساعة ووقت وحال، وذلك بأن تجعل حوائجك كلها وقفاً عليه، ووجهك دائماً متوجهاً إليه، وجوارحك عاملة على ما لديه. قال سيدي ابن عطاء الله في الحكم: لا تتعدَّ نيّةُ همتك إلى غيره، فالكريم لا تتخطاه الآمال، انتهى.

(4) : قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنكم لا تسعون) وفي رواية:" إنكم لن تسعوا" (الناس بأموالكم) أي لا يمكنكم ذلك (ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق) أي لا تتسع أموالكم لعطائهم فوسعوا أخلاقكم لصحبتهم والوسع والسعة الجدة والطاقة وفي رواية:" إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم" انتهى. وذلك لأن استيعاب عامّتهم بالإحسان بالفعل غير ممكن فأمر بجعل ذلك بالقول حسبما نطق به {وقولوا للناس حسناً} وأخرج العسكري في الأمثال عن الصولي قال: لو وزنت كلمات المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بأحسن كلام الناس لرجحت على ذلك وهي قوله إنكم إلخ . قال: وقد كان ابن عياد كريم الوعد كثير البذل سريعاً إلى فعل الخير فطمس ذلك سوء خلقه فما ترى له حامداً . وكان العارف إبراهيم بن أدهم يقول: إن الرجل ليدرك بحسن خلقه ما لا يدركه بماله لأنّ المال عليه فيه زكاة وصلة أرحام وأشياء أخر وخلقه ليس عليه فيه شيء.

قال الحرالي: والسعة المزيد على الكفاية من نحوها إلى أن ينبسط إلى ما وراء امتداداً ورحمة وعلماً ولا تقع السعة إلا مع إحاطة العلم والقدرة وكمال الحلم والإفاضة في وجوه الكفايات ظاهراً وباطناً عموماً وخصوصاً وذلك ليس إلا للّه أما المخلوق فلم يكد يصل إلى حظ من السعة أما ظاهراً فلا تقع منه ولا يكاد وأما باطناً بخصوص حسن الخلق فعساه يكاد. والحديث رواه البزار في المسند ، وأبو نعيم في الحلية،والحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن، وكذا الطبراني ومن طريقه وعنه أورده البيهقي كلهم بسنده عن أبي هريرة.
انظر: فيض القدير - الحديث رقم 2545.

(5) : سورة الإسراء - الآية 70. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-23-2010
  #117
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الرَّقِيبُ جَلَّ جَلالُهُ


"هو الحاضر الذي لا يغيبُ، الذي يراقب الخطرات والدقائق والخفيات، وليس ذلك إلا للحق سبحانه، ومتى شاء الله أن يصافي عبداً بأنوار "القريب" ويختصّه بخالص الحب، أشرق على قلبه أنوار "الرقيب"، وكتبه لحضرته حبيب، فيراقب القلب من دخول الأغيار، ويراقب النفس من الغرور بالآثار، ويراقب الرب وعظمة الجبَّار، وعند ذلك يكون متخلِّقاً بنور اسمه"الرقيب" (1) .

ولأهل المعرفة معراجٌ على أنوار هذا الاسم، فكلُّ مريدٍ لا يراقب نفسه، ويتيقَّظ لأنفاسه، ويحترس من الشيطان لا يُعَد سالكاً في الطريق، وإن كان مجاهداً في ظاهر الأمر (2) .

فراقبِ النيةَ في الأعمال، واحترس من العلة والعمل لغير الله، وراقب الله في التجارة والصناعة، وراقب ربك في أخيك، فلا تظهر عيبه." اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي ... أنت الرقيب لحركات الأكوان، العليم بخطرات قلوب الإنس والجان، أشرق على قلبي بنور اسمك الرقيب، حتى تتزكى نفسي وتتحلى بالتقريب، وامنحني عيوناً تراقب نعمك الظاهرة، وتلاحظ أسرارك الباهرة. إلهي .... احفظني من شر إبليس الذي ينسيني المراقبة، ويحل عقدة المحاسبة، فأكون محاطاً بنور الرقيب، طائعاً لأمرك مجيب، إنك على كل شيء قدير.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم"
. " اهـ


(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الإسم الشريف "المُجِيبُ جَلَّ جلالُهُ... )


(1) : يرى حجة الإسلام الغزالي رضي الله عنه أن وصف المراقبة للعبد إنما يحمد إذا كانت مراقبته لربه بقلبه، وذلك بأن يعلم أن الله رقيبه وشاهده على كل شيء، ويعلم أن نفسه عدو له، وأن الشيطان عدو له، وأنهما ينتهزان منه الفرص حتى يحملاه على الغفلة والمخالفة، فيأخذ منهما حذره بأن يلاحظ مكامنهما أو تلبيسهما ومواضع انبعاثهما، حتى يسد عليهما المنافذ والمجاري، فهذه هي مراقبته. ويرى سادتنا الصوفية رضي الله عنهم ونفعنا بمحبتهم: أن المراقبة هي أن يصير الغالب على العبد ذكره بقلبه أن الله مطلع عليه دائماً، فيخاف سطوات عقوباته في كل نَفَس، ويهابه في كل وقت، ولقد سئل بعض القوم رضي الله عنهم: بم يستعين الرجل على غض بصره عن المحظورات؟. فأجاب قائلاً : بعلمه أن رؤية الحق تعالى سابقة على نظره ذلك المحظور.

(2) : فأساس المراقبة العلم باطلاع الله على ما في طوايا الضمير ودخائل القلب، وإقامة العبد على استحضار هذا العلم هي المسماة في عرف العلماء بمراقبته لله تعالى، وهذه المراقبة هي بفضل الله مفتاح كل خير، لأن العبد إذا تيقن أن الحق مراقب لأفعاله، مبصر لأحواله، سامع لأقواله، مطلع على ضمائره وخفاياه، خاف عقابه في كل حال، وهابه في كل مجال، علماً منه بأنه الرقيب القريب، والشاهد الذي لا يغيب.

كان لبعض المشايخ جمع من التلامذة، وكان قد خص واحداً منهم بمزية التربية. فقالوا: ما لسبب فيه؟ فقال الشيخ: أبينه لكم. ثم دفع إلى كل واحد من تلامذته طيراً، وقال: اذبحه بحيث لا يراك أحد، فمضوا ثم رجع كل واحد منهم وقد ذبح طيره، وجاء ذلك التلميذ بالطير حياً، فقال الشيخ: هلاّ ذبحته؟ فقال: أمرتني أن أذبحه حيث لا يراني أحد، ولم أجد موضعاً لا يراني الله فيه، فقال الشيخ: لهذا السبب أخصه بمزيد من التربية. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-23-2010
  #118
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

المُجِيبُ جَلَّ جلالُهُ


"هو الذي يجيب دعوة السائل بالقبول، ويمنحه فوق ما يطلبه من المأمول (1) .

علم افتقارنا إلى الغذاء فقدَّر لنا أسباب الوصول إليه. دعوناه في الأزل بلسان الفقر فسهَّل لنا كل الأمر. حثَّنا على السؤال والدعاء في قوله تعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم } (2) .

فالإجابة محقَّقة، وهو حكيم؛ فإن طلبت الدنيا استجاب، أو ادَّخر لك ذلك في الآخرة.

والحق سبحانه يحب العبد الملِحَّ في الدعاء (3) .

وورد في الحديث: ( من لم يسأل الله يغضب عليه) (4) .

وقد ورد في حديث آخر: (الدعاء يرد البلاء، والبلاء ينـزل من السماء والدعاء يرفع إليها فيتقابلان، ويتصارعان إلى يوم القيامة) (5) .

والعبد المتخلِّق بنور هذا الاسم يكون مجياً لله ولرسوله، بتوفيق الله (6) .

قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُم } (7) .

ثم يكون مجيباً لسؤال من سأله في العلم إن كان عالماً، ولسؤال من سأله في المال إن كان غنياً، ولسؤال من استنجد به إن كان مظلوماً، وإن كان عاجزاً يرد بلطف. قال تعالى: { وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ } ( 8 ) .

ولقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجيب الأرامل والمماليك والفقراء، والضعفاء، قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( لو دعيت إلى كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع لقبلت) (9) .

وذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم تخلَّق بأخلاق "المجيب" سبحانه، قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: ( إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله) (10) ." اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... أنت المجيب لمن دعاك، والمغيث لمن ناداك، تنصف المظلوم من الظالم، لأنك فوق الكل حاكم. إلهي .... إن نفسي ظلمت روحي فحجبتها عن الأنوار، ومنعتها من الأسرار، فانصر الروح على النفس بفضلك، وأسعدها في رياض وصلك.
إلهي .... لا تردَّ لنا الدعاء فأنت المجيب، ولا تؤاخذنا بما فرط منا فمن دعاك لا يخيب، واجعل لنا نوراً موروثاً من نور اسمك المجيب، فنستجيب لأمرك ونقوم بشكرك وذكرك، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم" اهـ.




(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الإسم الشريف " الوَاسِعُ جَلَّ جَلالُهُ ... )


(1) : : ومعناه في حقه تعالى: أنه يجيب دعوة الداعين، ويشكر وسيلة المتوسلين، ويسكِّن ضرورة المؤمِّلين، يعطي قبل السؤال، ويحقق مراد عبده بعد سؤاله بجميل النوال. وإذا خطر ببال أوليائه حاجة أجزلها لهم قبل ذكر اللسان، وربما تتأخر الإجابة عن الدعاء حسبما اقتضته المشيئة.

(2) : سورة غافر - الآية 60.

(3) : فائدة جليلة:

في حكم سيدي ابن عطاء الله السكندري :" لا ترفعن إلى غيره حاجة هو موردها عليك ، فكيف يرفع غيره ما كان هو له واضعاً ؟ من لا يستطيع أن يرفع حاجة عن نفسه ، فكيف يستطيع أن يكون لها عن غيره رافعاً ؟". أي لا ترفعن إلى غيره تعالى حاجة؛ كفقر أو نازلة هو موردها عليك اختباراً لك، بل ارفع إليه ذلك، فإنه سبحانه يحب أن يسأل، وفي الحديث: " من لم يسأل الله يغضب عليه " .

وما ألطف قول بعضهم :

لا تسألن بني آدم حاجة
وسل الذي أبوابه لا تحجب

فالله يغضب أن تركت سؤاله
وبني آدم حين يسأل يغضب

ومن المحال أن يرفع غيره سبحانه ما كان هو له واضعاً، فإن الله غالب على أمره، والعبد شأنه العجز عن رفع النازلة عن نفسه، فكيف يستطيع أن يرفعها عن غيره؟ فالطلب من الخلق غرور وباطل، وليس تحته عند أرباب البصيرة طائل، وهذا إذا كان على وجه الاعتماد عليهم، والاستناد إليهم، مع الغفلة في حال الطلب عن الله تعالى. وأما إذا كان من باب الأخذ بالأسباب، مع النظر إلى أن المعطي في الحقيقة الملك الوهاب، فهو من هذا الباب. والله أعلم بالصواب .

(4) : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (إنه من لم يسأل الله يغضب عليه). رواه الترمذي في كتاب الدعوات - الحديث رقم 3370 - بسنده عن أبي هريرة.

(5) : وقد جاء في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكثير الكثير في فضل الدعاء وأثره في دفع البلاء منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " الدعاء يرد البلاء".

رواه الطبراني وأبو الشيخ عن أبي هريرة وابن عباس مرفوعا، ورواه الديلمي عنه بلفظ "الدعاء يرد القضاء" في حديث أوله "بر الوالدين يزيد في العمر"، ورواه الطبراني عن أنس رفعه بلفظ "اُدعوا، فإن الدعاء يرد القضاء"، والطبراني أيضا عن سلمان رفعه "لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر"، والطبراني أيضا عن ثوبان رفعه بلفظ "لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر"، والحاكم عن ثوبان أيضا بلفظ "الدعاء يرد القضاء، وإن البر يزيد في الرزق، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يذنبه"، وفي لفظ "يصيبه"، وروى أحمد والطبراني أيضا عن معاذ بن جبل مرفوعا "لن ينفع حذر من قدر، ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم بالدعاء عباد الله"، روى الطبراني عن عائشة مرفوعا "لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينـزل، وإن الدعاء والبلاء ليعتلجان إلى يوم القيامة"، وللترمذي عن ابن عمر مرفوعا "إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل"، وأخرج أيضا حديث سلمان المار وقال حسن غريب، وأخرج أحمد حديث ثوبان، وصححه ابن حبان والحاكم وتقدم له طريق أخرى في "إن الله لا يعذب بقطع الرزق"، وأخرج أحمد وابنه حديث معاذ، وأخرج العسكري حديث عائشة عنها مرفوعا بلفظ "لا ينفع حذر من قدر، والدعاء يرد البلاء، وقرأ { إلا قوم يونس لما آمنوا } ، قال دعوا"، قالت: وإن كان شيء يرد الرزق، فإن الصُّبْحَة تمنع الرزق. وأرادت بالصبحة نوم الغداة لمن تعودها.

(6) : والعبد الحق يكون العبد مجيباً لربه اولاً فيما أمره به ونهاه، وفيما ندبه إليه ودعاه، ثم لعباده فيما أنعم الله عليه بالاقتدار عليهم، وفي إسعاد كل سائل بما يسأله إن قدر عليه، وفي لطف الجواب إن عجز عن الإجابة، ويجب على العبد أن لا يستعظم ما يسأله من الله، ولا يمل الاستكثار من الدعاء، وقد جاء في الحديث الشريف: إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله . فالتخلق باسمه تعالى المجيب: أن تجيب من دعاك في أمر دينك، ودنياك: ( ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فقال: لا )، والاجابة في الدين وهو العلم، إن كان يليق الجواب بالسائل، وإلا فالسكوت أولى .

(7) : سورة الأنفال - الآية 24.

( 8 ) : سورة الضحى - الآية 10.

(9) : حديث "لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع لقبلت"أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة.
والكراع: كغراب ما دون الركبة إلى الساق من نحو شاة أو بقرة، وقوله:"لقبلت" أي لم أردَّه على المهدي وإن كان حقيراً جبراً لخاطره. وقوله"ولو دعيت إليه" أي لو دعاني إنسان إلى ضيافة كراع غنم (لأجبت): لأن القصد من قبول الهدية وإجابة الدعوى تأليف الداعي وإحكام التحابب وبالرد يحدث النفور والعداوة ولا أحتقر قلته والكراع أيضاً موضع بين الحرمين قال الطيبي: فيحتمل أن المراد بالثاني الموضع فيكون مبالغة لإجابة الدعوى اهـ. وقال غيره: كان عليه السلام ناظراً إلى اللّه معرضاً عما سواه يرى جميع الأشياء به والعطاء والمنع منه والمعنى لو أهدي إليَّ ذراع لقبلت لأنه من اللّه إذ هو على بساطه ليس معه غيره وقوله لو دعيت عليه لأجبته معناه أنه يناجيه فلا يسمع غيره داعياً فقبوله منه تعالى وإجابته إياه لأنه معه لا يسمعه غيره.

وفيه حسن خلق المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وحسن تواضعه وجبره للقلوب بإجابة الداعي وإن قل الطعام المدعو إليه جداً والحث على المواصلة والتحابب.

والحديث رواه الإمام أحمد في المسند، والترمذي، وابن حبان بسنهم عن أنس، وكذا رواه البخاري عن أبي هريرة في مواضع النكاح وغيره بلفظ:" لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إليَّ ذراع لقبلت".

(10) : قطعة من حديث قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، جفت الأقلام ورفعت الصحف.
رواه الإمام أحمد في المسند، والترمذي في السنن، والحاكم ي المستدرك بسندهم عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما . انظر: كنـز العمال - المجلد الثالث - الحديث رقم 5691. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-23-2010
  #119
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الوَاسِعُ جَلَّ جَلالُهُ


"هو الذي يسع بعلمه كل شيء، وورسع برحمته كل الوجود، ووسع بقدرته جميع الخلائق في حفظ نظامها، ووسع بحلمه الجهلاء (1) .

واسمه تعالى "الواسع" له تجليات واسعة، لا يعلمها إلا الراسخون في العلم، وبقدر ما فاتك من معرفة الواسع، بقدر ما تجهل من الحقيقة، ولا نهاية للوسعة، فقف عند حدِّ الأدب.

وقد ورد في الحديث الصحيح: أن الله تعالى يتجلَّى لعباده يوم القيامة في صورة يجهلونها، ويقول لهم: أنا ربكم، فينكرونه. ويتجلَّى لهم في صورة أخرى يعرفونها، فيقرون له ويقولون: "نعم أنت ربنا" (2) ، وذلك لجهلهم بوسعة التجلي.

ولما كان العبد الكامل لا يسع قلبه غير حبيبه، كذلك كان العبد لا يسعه إلا ربه، لأن العوالم ضيّقةٌ أمام العارف (3) .

قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( لي ساعةٌ لا يسعني فيها غير ربي ) (4) .

وتلك الساعة عند العارفين دونها الأرواح، وهي فوق نعيم الجنة.

ومتى أشرقت على قلبك أنوار "الواسع" كثرت معلوماتك، واتَّسعت معارفك، وانشرح صدرك، فلا تغضب على سفيه، ولا تحقد على جهول.
قال سيدنا معاوية رضي الله عنه: أعوذ بالله من جهلٍ لا يسعه حلمي، ومن ذنب لا يسعه عفوي." اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... أنت الواسع الذي أدهشت بوسعك العالم، وحيرت عظمتك كل حكيم عالِم، لك الإطلاق في الظهور، ولك التجلي في المظاهر ومشاهد النور، حيرتنا في الوسعة المحدودة، فكيف تكون سعة أنوارك وصفاتك المشهودة، غمرت العاصين بنعمتك، ووسعت الموجودات بقدرتك، ووسعت الجاني بعفوك الشامل، ووسعت الضعفاء برزقك الواصل. أشرق على قلبي بنور اسمك الواسع، فأسع الخلائق بالرحمة،وأفرح لهم بالنعمة، وأسع الجاهل بحلمي، وأسع أهل الأذى بالعفو، وأشهد أني أنا العدم والظاهر فيمن أنواره الواسعة من نور القدم، فأشهدني أنوار الواسع في نفسي وفي الآفاق، وأدخلني في حمى الرب الخلاق،إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".اهـ.



(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الإسم الشريف " الحَكِيمُ جَلَّ جَلالُهُ ... )


(1) : وقال بعض العارفين: الواسع الذي لا نهاية لبرهانه، ولا غاية لسلطانه. وقيل: واسع في علمه فلا يجهل، واسع في قدرته فلا يعجل. وقيل: الواسع الذي لا يعزب عنه أثر الخواطر في الضمائر. وقيل: الواسع الذي إفضاله شامل، ونواله كامل . فنعمة الله تعالى على عبده فيما يقبضه عنه من الدنيا أكثر وأوفر من نعمته عليه فيما يبسطه له منها،لأن قربه منه بقدر بعده عن الدنيا . حكي أن الوزير المعتصم بعث مالاً إلى أبي الحسين النوري ليفرقه على أصحابه، فوضعه النوري في بيت، ثم قال للفقراء: ادخلوا البيت، واحملوا منه بقدر حاجتكم، فدخلوا، فمنهم من أخذ دانقاً، ومنهم من أخذ درهماً، ومنهم من أخذ أكثر ، فلما خرجوا قال لهم: قُربكم من الحق وبُعدُكُم على مقدار ما أخذتم.

(2) : في الحديث الطويل الذي رواه البخاري في صحيحه بسنده عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أُنَاسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ قَالُوا لا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ قَالُوا لا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ وَبِهِ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ أَمَا رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهَا لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلا اللَّهُ فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ مِنْهُمْ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمْ الْمُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلامَةِ آثَارِ السُّجُودِ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدْ امْتُحِشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ وَيَبْقَى رَجُلٌ مِنْهُمْ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا فَاصْرِفْ وَجْهِي عَنْ النَّارِ فَلا يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ فَيَقُولُ لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ فَيَقُولُ لا وَعِزَّتِكَ لا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ فَيَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ يَا رَبِّ قَرِّبْنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لا تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ وَيْلَكَ ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ فَلا يَزَالُ يَدْعُو فَيَقُولُ لَعَلِّي إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ تَسْأَلُنِي غَيْرَهُ فَيَقُولُ لا وَعِزَّتِكَ لا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ فَيُعْطِي اللَّهَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ أَنْ لا يَسْأَلَهُ غَيْرَهُ فَيُقَرِّبُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا رَأَى مَا فِيهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ يَقُولُ رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ ثُمَّ يَقُولُ أَوَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لا تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ فَلا يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا قِيلَ لَهُ تَمَنَّ مِنْ كَذَا فَيَتَمَنَّى ثُمَّ يُقَالُ لَهُ تَمَنَّ مِنْ كَذَا فَيَتَمَنَّى حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الأَمَانِيُّ فَيَقُولُ لَهُ هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولا قَالَ عَطَاءٌ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لا يُغَيِّرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَفِظْتُ مِثْلُهُ مَعَهُ.

(3) : وقد جاء في حكم سيدي ابن عطاء الله: " مطالع الأنوار القلوب و الأسرار ". يعني : أن مواضع طلوع الأنوار المعنوية و هي نجوم العلم و أقمار المعرفة و شموس التوحيد إنما هي قلوب العارفين و أسرارهم، فهي كالسماء التي تشرق فيها الكواكب، بل تلك الأنوار المعنوية أشد إشراقاً في الحقيقة من الكواكب الحسية. وقد قال بعض العارفين: إذا كان الله تعالى قد حرس السماء بالكواكب والشهب كي لا يسترق السمع منها، فقلب المؤمن أولى بذلك؛ أي لأنه عرش تجلي الحق كما يشير إليه قوله سبحانه في الحديث القدسي: " ما وسعني أرضي ولا سمائي وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن " فتأمل هذا الأمر الأعلى الذي أعطيه هذا القلب حتى صار لهذه الرتبة أهلاً ومن هنا قال أبو الحسن الشاذلي: لو كشف عن نور المؤمن العاصي لطبق ما بين السماء والأرض، فما ظنك بنور المؤمن المطيع ؟ .

(4) :قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل" . تذكره ساداتنا الصوفية رضي الله عنهم وعنا بهم، كثيرا، وهو في رسالة القشيري بلفظ: " لي وقت لا يسعني فيه غير ربي"، ويقرب منه ما رواه الترمذي في شمائله وابن راهويه في مسنده عن علي في حديث:" كان صلى الله عليه وسلم إذا أتى منـزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزءا لله وجزءا لأهله وجزءا لنفسه ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس". كذا في اللآلئ، وزاد فيها ورواه الخطيب بسند قال فيه الحافظ الدمياطي أنه على رسم الصحيح، وقال القاري بعد إيراده الحديث.

قلت: ويؤخذ منه أنه أراد بالملك المقرب جبريل وبالنبي المرسل أخاه الخليل انتهى فليتأمل، ثم قال القاري وفيه إيماء إلى مقام الاستغراق باللقاء المعبر عنه بالسكر والمحو والفناء انتهى.‏

انظر: كشف الخفاء ومزيل الإلباس للعجلوني - الحديث رقم 2159. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-26-2010
  #120
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الحَكِيمُ جَلَّ جَلالُهُ


"هو المحسن في تدبيره، اللطيف في تقديره، وهو الخبير بحقائق الأمور، العليم بحكمة المقدور. وهو الذي يضع الأشياء في مواضعها، ويعلم خواصَّها ومنافعها (1) .

والحكيم المطلق هو الله، وكل حكمة في الوجود فهي من آثار حكمته.

قال تعالى: { لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } (2) .

فمظهر الحكمة هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والذي يتعلم الحكمة من غيره ضلّ.

وإن حكمة الله متجليةٌ في مظاهر كثيرة، وهي حجةٌ على كل من يدَّعي الحكمة... ." اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... إنك تجليت بنور اسمك الحكيم فأبرزت في كل مخلوق حكماً جليلة، وأظهرت في كل كائن فضيلة، فكل شيء لحكمة، وكل بلية في طيها نعمة، أرسلت الرسل بالأحكام وكلها حكم، وقدرت الأرزاق من خزائن الكرم؛ فأنت الباسط لحكمة خفية، وأنت القابض برحمة إلهية. أشرق على قلبي بأنوار الحكيم، وعلِّمني من أسرار الخبير العليم، حتى تتفجر الحكمة من قلبي على لساني؛ فتداوي نفسي من المرض النفساني، وأظهر بين العباد بالحكمة، وأتجلى بينهم بالرحمة، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".اهـ.



(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الإسم الشريف " الوَدُودُ جَلَّ جَلالُهُ ... )


(1) : ومن عرف أنه الحكيم لم يعترض عليه في شيء، ولم يتهم حكمه بشيء، بل يرى كل أفعاله جميلاً بالنسبة إليه، وإن كان فيها تفصيل بالنسبة إلينا. وذكر الرازي في أحد معاني (الحكيم) أنه من الإحكام الذي معناه في حق الله تعالى في خلق الأشياء هو إتقان التدبير فيها، إذ ليس ذلك في كل الخليقة، ففيها ما لا يوصف بوثاقة البنية، كالبقة والنملة وغيرها، إلا أن آثار التدبير فيها، وجهات الدلالات فيها على قدرة الصانع وعلمه، ليس أقلَّ من دلالة السموات والأرض، والجبال والبحار - على علم الصانع وقدرته، وكذا هذا في قوله تعالى: { الذي أحسن كل شيء خلقه } ليس المراد منه الحسن الرائق في المنظر، فإن ذلك مفقود في القرد والخنـزير، وإنما المراد منه حسن التدبير في وضع كل شيء موضعه بحسب المصلحة، وهو المراد بقوله: { وخلق كل شيء فقدره تقديراً }.

(2) : سورة آل عمران - الآية 164. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المزدوجة الحسنى للاستغاثة بأسماء الله الحسنى عبدالقادر حمود الآذكار والآدعية 12 09-05-2013 03:55 PM
عظم الله اجركم اخي الشيخ عمر الحسني أبو أنور المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 2 12-14-2012 12:11 AM
لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني عبدالقادر حمود المكتبة الرقمية 100 12-06-2012 05:08 PM
لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية هيثم السليمان المكتبة الرقمية 3 02-06-2010 02:13 PM
أسماء الله الحسنى علاء الدين قسم الحاسوب 5 11-21-2008 01:08 PM


الساعة الآن 11:20 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir