لا تكونوا محامين لأنفسكم
بسم الله الرحمن الرحيم
من توجيهات سيدنا الشيخ أحمد فتح الله جامي حفظه الله تعالى ونفعنا به
بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله الخالق الواحد الأحد ، الذي يتصرف في الكونين تصرف الخالقية الوحدانية في المخلوقات في هذه النشأة الأولى ويحكم فيهم يوم القيامة أعني النشأة الأخرى . وحكمه في أفراد الناس بعد إنزال الكتب مع الرسل في هذه النشأة وفي النشأة الأخرى يثبت للإنسان فيما كسب وحصد في النشأة الأولى ولكن هؤلاء الناس قسم يوافقون الرسل الكرام مع الكتاب ومنهم لا يؤمنون ، هذه هداية الله تعالى وإرادته ومشيئته ، وأما المؤمن لابد أن يتمسك بالشريعة لأن الشريعة جاءت بلا ظل ولا شبهة من وحدانيته جل وعلا وبلّغ الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وفصّل ما كان مجملاً في الآيات الكريمة ، هذا التبليغ والتفصيل للامة المحمدية صار ميزاناً ، من تمسك به يصل إلى رضا الخالق جل وعلا .
حق المؤمن أن يتبع أمر الرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام وخصوصاً في هذه الأمة المرحومة باتخاذهم السنة السنية قال ربنا جل وعلا : " من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً " النساء /80 وإتباع الرسول والشريعة فوق الطريقة والحقيقة ، لأن الشريعة هي الأصل والطريقة بمثابة خادم للشريعة يوم القيامة الإنسان المؤمن يُسأل عن الشريعة وإتباع الرسول لا يُسأل عن الكشف والكرامات ، وحقيقة الناس الذين تمسكوا بالشريعة والسنة النبوية وهم لا يطلبون الكشف والكرامة وإذا أعطاهم ربهم يستقبلونه مع الحزن والأسف لأنهم لا يحبّون أن يأكلوا ثمرة عبادتهم في الدنيا ، أما بعض الناس مع وجودهم في الطريق - يعني الطريق : تصفية الباطن وتطهيره - يتعلقون بمقتضى الطبيعة البشرية إما بنفسهم أو بالاخرين من جنسهم هذا التعلق لا يفيدهم بل يضرهم ، لأن التعلق يبعدهم عن الله جل وعلا هذا لعدم معرفتهم بالحقيقة ، لو أخذ واحد بيده خبزاً ويدور في جميع الدنيا مع المؤمنين وغير المؤمنين ويقول : أيُّ شئ هذا الذي في يدي ؟ أيُّ شئ جوابهم ؟ كلهم مثبت بأن هذا في يدك الخبز المعلوم ، ولكن مع هذا وجود الله تعالى جل وعلا في الكونين أظهر وأوضح من هذه المسألة .
لمَ المؤمنون والمؤمنات لا يتوجهون إلى خالقهم ولا يتركون تعلقهم - كما اسلفنا إما بالنفس أو الإنسان - أليس هذا خطأ ومخالف للحق والحقيقة ، ومع إيمانهم بوجود الله تعالى قطعياً ولكن لم ينتقلوا من العلم إلى الحقيقة وإذا تسأل أي شخص : الله معك ويعلم ما في ضميرك ؟ ، يقول : آمنت بالله ، سبب هذا أخذ المرآة بغير اتجاه خالقه لأن القلب خلق لمعرفة الله تعالى جل وعلا والله تعالى جل وعلا ينظر إلى قلوبنا ولا ينظر إلى صورنا ولا إلى أموالنا كما أن الإنسان يأخذ بيده المرآة يريد أن يتجه باتجاه الشمس ويحول بيده إلى غير اتجاه الشمس ، هل توجد صورة الشمس في المرآة ؟ لا ، لأنه أخذ المرآة بغير اتجاه الشمس ، يعني الإنسان المؤمن حقه أن يأخذ مرآة قلبه بواحده بخالقه بواسطة الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام والشريعة لكنه يخطأ ويحول مرآة قلبه إلى غير خالقه من الأسباب أو الدنيا أو الأنسان فلا يرى في قلبه توجهه إلى خالقه وإذا لم يوجد ينحرف إما بالإنسان وإما بالدنيا وإما بنفسه يكون إلهه نفسه وهواه كما قال الله تعالى : " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه "
حق المؤمن أن يأخذ إبرة قلبه من يد نفسه ومن الدنيا ويقطع عن الطبيعة البشرية والهوى والأسباب والإنسان ولو كان ذلك الإنسان شيخه أو مسئولته وهو في قبضة الرحمن ليس مستقلاً ، لابد أن لا يَغِر ولا يُغر .
علينا جميعاً أن لا نخدع بما لا فائدة فيه وما منعنا أن نوجه مرآة قلوبنا إلى خالقنا - هذا ليس مقتضى الإيمان - بل الغفلة وعدم الانتقال من العم إلى الحقيقة وإلا كلنا نقرأ الكتب ونقرأ القرآن ونسمع أحاديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام لا يقال لو أراد الله تعالى جل وعلا أن يصلحنا لصلحنا ، ولكن هو جل وعلا أعطانا الجزء الاختياري ولم يسلب عن المؤمن الجزء الإختياري كما قال جل وعلا : " إنا هديناه النجدين " خلقُ الشر ليس شراً بل كسب الشر شر .
ما دام الطريق طريق الولاية لا بد أن يُستعمل ذاك الطريق في الجادة الكبرى وهي الشريعة حتى نصل إلى رضا الله جل وعلا ، بالطريق تعرف حقيقة الشريعة وحقيقة النبوة لابد أن نعرف قدر وقيمة الطريق .
الولاية بعد النبوة ، النبوة بالوحي والولاية تأتي بالإلهام ، علينا أن نكون حافظين على الطريق حتى لا نخرج من جادة الشريعة ، استعمال الطريقة مع الشريعة نور على نور قلّ من يمشي بالطريق مع الشريعة ، الطريقة الشاذلية من الطرق التي تمشي بالشريعة وعلى أفرادها وعلينا جميعاً أن نحفظ في طريقتنا حدود الشريعة جماعات وأفراداً .
إن الإنسان خليفة الله في أرضه قال تعالى : " وهو الذي جعلكم خلائف الأرض " الأنعام / 165 هذه الخلافة لا بد أن يعمل بها موافقة لأمر الله وإتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمر الله وإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في شيئين : تبليغ القرآن بما فسره المفسرون رحمهم الله والعلماء رحمهم الله ، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كذلك فسروا الأحاديث .
لو تتفكرون جميع الأولياء والعلماء المتقدمين والمتأخرين كلهم يستشهدون بالآيات الكريمة والأحاديث النبوية ، يعني : يثبتون مُدَّعاهم بالآيات والأحاديث .
هذا الإنسان ما دام خليفة الله جل وعلا في أرضه عليهم جميعاً فرداً فرداً أن يبلغوا أمر الله وينهوا عن النواهي ، هذه وظيفة الخليفة . وإذا تفكرتم ونظرتم بنور الإيمان إلى أيّ شخص وهو يجعل خلا فته لنفسه ويدافع عن نفسه ، سواء كان موافقاً أو مخالفاً ، لا يتفكر في وظيفته وخلافته ، لا يقول لنفسه : أنت على الحق أو لست على الحق . إياكم إياكم أن تكونوا خلفاء لنفوسكم ومحامين لها هذا شئ بارز عند المسلمين إلا من عصمه الله خصوصاً أهل الطريق إذا لم يُفسَخ وجدانه ويتكلم بمقتضى الإيمان ويأمر لا لنفسه بل لله تعالى سواء كان أميراً أو مأذوناً أو شيخاً أو مسؤولة ، لابد أن يتفكر بوظيفته ومثل واحد كثير ولكن أمثل لكم مسألة :
قبل وفاة سيدي الشيخ عبد القادر عيسى رحمه بخمس سنوات في حياته أذن لي مع عدم لياقتي وهو باجتهاده أو بإشارةٍ أعطاني الإذن ، بعدما توفي رحمه الله هذا الإذن معي والمسؤولية في عنقي ، ابنه الشيخ محمد خير حفظه الله كان حاضراً حين كتب الشيخ رحمه الله الإذن لي وأعطاني وتكراراً أعطاني البيعة ، وعلى هذه الإجازة حين ذهبت إلى المجلس الشيخ محمد خير حفظه الله طلب مني الإجازة أعطيته وقرأها وهو شاهد ولكن لم يظهر منه يعني من ذاته الخلاف . ولكن الذي افترى عليّ ادعى بأن سيدي أحمد جاء بالإذن من الشيخ رحمه الله لفلان ، وكتب رسائل في هذا ووزعها في سورية ، فتح لي تلفون قال : كيف وجدت رسائلي ؟ جوابي له قلت : رسائلك تدل على عقلك فقط ما قلت شيئاً آخر بعد افترى عليّ وعلى الشيخ عبد القادر عيسى وابن الشيخ عبدالقادر وعلى جماعة كانوا كلهم من أهل الطريق وبعد أصيب بالقدر الإلهي سكت لسانه عن الكلام سنة أو أكثر هذا معلوم من عند أهل حلب وبعد مدحني باتجاه واحد من أحبابنا والله ما دعوت عليه أولاً وإذا حصل بابتلاء القدر له دعوت له بالشفاء ، الحمدلله ما كنت محامي لنفسي .
واحد جاء إليّ لأعطي الإذن لمن لم يعطه الشيخ رحمه الله الإذن الخاص ما اعطاه الإذن الخاص وبعد ثماني عشر سنة إذ أذنت للشيخ محمد رجو حين ذاك هو سمع فتح لي تلفون قال لي شفاهاً : الآن الطريق استراح وأبايعه وهو رجل صالح ، ما كنت محامي لنفسي ما قلت له انت بعد ثماني عشرة سنة أنت لا تعتقد بمأذون الشيخ عبدالقادر عيسى رحمه الله والآن أنت تعتقد وتبايع مأذوني ، ما قلت له هذا ، ما كنت محامي لنفسي ، هكذا عليكم جميعاً أن لا تكونوا محامين لأنفسكم لأن الله تعالى قال : " إن النفس لأمارة بالسوء " هذه النفس الأمارة لا تخرج عن من اماريتها ما دام الإنسان حياً ، عليكم بالتبري عن النفس الأمارة والتمسك بالشريعة لأن الشريعة جاءت من عند خالق السماوات والأرض بدون ظلّ ، صافية بلا غش ولا حيلة ، وبلغها إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحن نقول الشريعة المحمدية لأنه مبلغها ، والحقيقة أنها نزلت من عند خالقنا جل وعلا ، علينا جميعاً أن لا ننسى خلافتنا في أرضه كما كان الرسول الأكرم خليفة له ونائباً عنه .
وبالجملة متى صفيت سرّك وسريرتك عن جميع ما يشغلك عن الله ويضلك عن سبيله تحققت بمقام التوحيد وفنيت عن مقتضيات أمارات التخمين والتقليد وصرت على يقين من ربك وكشف وشهود لا تظمأ منه أصلاً ولا تَروى أبداً وحينئذ حق لك أن تقول حقاً : إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهئ لنا من أمرنا رشداً
من شروط العمل الصالح أن يكون موافقاً للشريعة والسنة النبوية والإخلاص مع الله ،
الإنسان عبد لله ، لايكون عبداً للمخلوق الذي يوجهنا نتمسك بقوله وإذا كان قوله لوجه الله نأخذ به وإذا كان قوله لنفسه الإيمان يستنفر مِمَن يتكلم بنفسه لنفسه ،
اهتمام أهل الطريق وأهل الدين بالعمل الصالح لئلا يشوبه عجب وكبر ورياء وشهرة هذا كله فاضي مثل الحنطة التي دخل في جوفها سوسة ، وأكلها ، وتزرع وتسقى وتهتم به لا ينبت . الكلام لغير الله تعالى بدون إخلاص هكذا . علينا جميعاً أن نكون عبيداً لله خالصين حتى يكون عملنا خالصاً ، أكثر أهل الطرق والخلّص منهم على هذا المنوال لابد أن نكون نحن كذلك، علينا أن نخاف يوم تبلى السرائر عَمِلنَا في الدنيا ولم نجد ثمرته في الآخرة ونَسأل ونقول عملنا والله جل وعلا يقول لنا : أنتم عملتم لأجل الغير لا لأجلي ، والشهادة هكذا والصدقات هكذا والعبادات هكذا والذكر هكذا إلى آخره . علينا جميعاً أن نتجنب عن الرياء ونمحص ونخلص عملنا لوجه الله علينا قبل أن نذهب نتهيأ لذلك الجواب عند الله وفي القبر وفي عالم البرزخ حتى لا يحصل لنا الندامة ، أهل الإيمان أهل اليقين ندامتهم هنا في الدنيا لا يتركون ندامتهم للآخرة والسلام عليكم ،
أقول لكم وأنا مشترك فيكم نرجو الله تعالى أن نُخلِص عبادتنا وعبادتكم وأعمالنا وأعمالكم لوجه الله وأن يضع ربنا بفضله وكرمه حارساً في قلوبنا من التقوى ويوجهنا إاليه حتى لا يحصل لنا هناك الندامة وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين هذا مشترك بيني وبينكم نرجو الله تعالى أن يطهر قلوبنا
قاله العاجز الغريب خادم الطريقة الشاذلية سيدي أحمد فتح الله جامي حفظه الله تعالى .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 06-07-2010 الساعة 09:55 PM
أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
06-07-2010
تعليمات المشاركة
العرض العادي
