
غوطة دمشق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة واتم التسليم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
غوطة دمشق
من كتاب صفحات شامية عتيقة
قلت واما محاسن الشام فانها لا تحصى وغوطتها الجامعة للمحاسن لا تستقصى وقد جاء في الاخبار عن كعب الاحبار رضي الله عنه قوله غوطة دمشق بستان الله في ارضه
وعن ابي امامة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الاية وأويناهما الى ربوة ذات قرار ومعين ..... قال هل تدرون اين هي قالوا الله ورسوله اعلم قال هي في الشام بارض يقال لها الغوطة مدينة يقال لها دمشق هي خير مدائن الشام وفي رواية عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ هي دمشق
قال الذهبي و اجمع سواح الارض والاقطار على ان متنزهات الدنيا اربعة هي صغد سمرقند - وشعب بوان - ونهر الايلة - وغوطة دمشق
قال ابو بكر الخوارزمي في رحلته رايتها كلها فكان فضل غوطة دمشق على الثلاث كفضل الاربعة على غيرهن كانها الجنة وقد زخرفت وصورت على وجه الارض
وما احسن قول الشيخ علاء الدين علي بن المشرف المارداني وقد انشدنيه شقيقه ركن الدين محمد عند قدوم اخيه الى دمشق المحروسة في سنة احدى عشر وثمانمائة
ليس في الحسن للشام نضير ... لا يغرنك بالبلاد الغرور
كل ما تشتهيه نفسك فيها ... وبها البشر والهنا والسرور
قلت للركب مذ انخنا عليها ... وتراءت ولدانها والحور
هذه الحلة ادخلوا بسلام ... بلد طيب ورب غفور
وقال الشيخ عبدالله الارموي رحمه الله - دمشق من اي جهة اقبلت عليها تجدها حلة بيضاء طرازها اخضر
وقال الشهاب محمود من رسالة - واما دمشق فكانها وجه الحبيب وقد دار بها العذار الاخضر الرطيب
وقال الشيخ عبد الولي الحضرمي رحمه الله سحت البلاد ورايت ما بها من الاعاجيب فلم انظر كصغد سمرقند وهونهر تحف به قصور وبساتين وقرى مشتبكة العمائر مقدار اثني عشر فرسخا في مثلها ةهي في وسط مملكة ما وراء النهر ورايت شعب بوان وهي بقعة مذكورة بنيسابور طولها فرسخان وقد التحفتهما الاشجار وجاست خلالهما الانهار وهذا الشعب لبوان بن ايوح بن افريدون وفيه يقول ابو الطيب المتنبي من قصيدة تشتمل على وصفه
يقول بشعب بوان حصاني ... اعن هذا يسار الى الطعان
ابوكم ادم سن المعاصي .... وعلمكم مفارقة الجنان
ومررت بنهر الابلة وهي من اعمال البصرة طوله اربعة فراسخ وعلى جانبيه بساتين كانها بستان واحد قد مد على خط الاستواء نخلة كانه غرس في يوم واحد ودخلت الى دمشق وتنزهت في غوطتها اجدها احسن من الثلاث واكثرها خيرا طولها ثلاثون ميلا وعرضها خمسة عشر ميلا مشتبكة القرى والضياع لا تكاد الشمس تقع على ارضها لغزارة اشجارها واكتثاف اغصانها
وقال الميدومي في كتابه لطائف العجائب - كان بغوطة دمشق اشجار تحمل الواحدة منها اربع فواكه كاالمشمش والخوخ والتفاح والكمثرى وبها ما يحمل الثلاث واقلهن اللونان من الفاكهة
قلت وهذا موجود الى يومنا هذا فاني رايت بها الكرمة الواحدة تطرح العنب الابيض والاسود والاحمر زرايت بوادي النيرين شجرو توت تطرح التوت الابيض والاسود وهذا من صنعة الفلاحة يسمى بالتطعيم وهو ان يؤخذ قطعة خشب من التفاح ويشق ساق شجرة كمثرى تكون بساقين وتوضع تلك القطعة في احدى الساقين المشقوقة وتشدها بخرقة وتسقيها وتعاهدها الى ان يلتحم بها ويخرج الورق الجديد ثم تثمر
رجع الى بقية كلام الميدومي قال وكان غرس الاشجار في بعض البساتين كالسطور التي تقرا
انتهى والله اعلم
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات