التأويل الأمين لفاتحة رب العالمين [ الجزء الأول ]
بسم الله الرحمن الرحيم  : (  ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً [11]  وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً [12]  وَبَنِينَ شُهُوداً [ 13]  وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً [14]  ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ [15] كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً [16] سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً ) [المدّثر : 17] ...
ولكن الآن قد يسأل سائل أين الرحمة حينما يكتب الله على عباده الشقاء و العسر و المرض و الفقر و الخوف ...
كيف يكون الحرمان من العدل و الرحمة كما يؤولاها سادتنا الأشاعرة  هي " إرادة الخير" فأين الخير في ذلك ؟؟؟ !!! ...
و الجواب نقول إن أسم ذات الله الرحمن هو  المتجلي على عباده بالرحمة و العدل معاً ...
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن عبداً أصاب ذنباً فقال : يا رب أذنبت ذنباً فاغفر لي فقال له ربه : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب و يأخذ به فغفر له ، ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنباً آخر فقال : يا رب أذنبت ذنباً فاغفره لي فقال ربه عز و جل : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب به غفرت لعبدي فليعمل ما شاء ، ثم عاد فأذنب ذنباً فقال : رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك و تعالى : أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت قد غفرت لك ) ، رواه الحاكم في "مستدركه" ، وقال صحيح بشرط الشيخان ...
أليس ما حدث لهذا العبد رغم شدته سوءه ، هو رحمة وعدل من الرحمن ؟؟؟ !!! ...
وهناك رحمة أشد من الرحمن لمن وجد الله به بذرة الإيمان  ، قوية ولكنها حساسة قابلة للخمول و ربما التلف فيكون العلاج بالرأفة وهي الرحمة الشديدة أو الرحمة الوقائية ، وهي تكون بأن يحجبه الله عن إمكانية الوقوع بالشرور المكتسبة ...
فيمرضه دون أن يسئ أو يطغى وقد يلزمه بالمرض مدى الحياة أو الفقر مدى الحياة أو ربما الشقاء مدى الحياة رحمة به وحرص عليه وحفاظ عليه حتى توافيه المنية  ...
فإذا ما أخذ ما أوهب اسقط ما أوجب ؟؟؟ !!! ...
ولكن قد يسأل سائل أليس ذلك ظلم أن يحرم الإنسان من متع الحياة ومباهجها ؟؟؟ !! ...
فلو شـاهـدت عيـناك من حســننا   ***  الذي رأوه لمـا وليت عنا لغــــيرنا
ولـو سمعت أذناك حسن خطـابنا  ***  خلعت عنك ثياب العجب وجئتنا
ولـو ذقـت من طعم المـحبة ذرة ***  عذرت الذي أضحى قتيلا بحبنا
ولـو نسمت من قـربنا لك نسمـة ***   لكنت غريباً و اشــتياقاً لقربنا