إرشاداتٌ عامَّةٌ ومهمَّة للزائرينَ والمصلينَ في الحرمين الشريفين
إرشاداتٌ عامَّةٌ ومهمَّة
للزائرينَ والمصلينَ في الحرمين الشريفين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين.. والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبهِ أجمعين.
أما بعد: فإنَّ المسجدَ الحرامَ والمسجدَ النبويَّ الشريفَ من المساجدِ الثلاثةِ التي تُشَدُّ إليها الرِّحالُ، والتي يقصِدُها دوماً مئاتُ الآلافِ منَ الحُجَّاجِ والمعتمرينَ والزُّوَّارِ والمُصلِّينَ، المختلفينَ في الثقافاتِ والعاداتِ واللُّغاتِ، ممَّا يتطلَّبُ منكَ ـ أخي الزائرَ الحبيبَ والمصليَ المنيبَ ـ أن تنتبهَ لبعضِ الاعتباراتِ والآدابِ العامَّةِ، التي تُساعدُكَ بمشيئةِ اللهِ تعالى على أداءِ العبادةِ في المسجدِ الحرامِ والمسجدِ النبويِّ الشريفِ بيُسرٍ وسهولةٍ، ومحافظةٍ على روحِ العبادةِ وآدابِها.. ومنْ هذهِ الإرشاداتِ والتنبيهاتِ:
1ـ الإخلاصُ للهِ تعالى.
2ـ تعظيمُ الحرمينِ الشريفينِ، والالتزامُ بالأدبِ والسكينةِ والوقارِ فيهما، واستشعارُ قدسيَّتِهِما وهيبتِهِما، وعدمُ رفعِ الصوتِ فيهما بالحديثِ أو الضحكِ أو المزاحِ أو صوتِ الجوالِ، أو غيرِ ذلكَ ممَّا يشوِّشُ على المتعبِّدين.
3ـ الدخولُ إلى المسجدِ بالرِّجل اليمنى والدعاءُ بالمأثور: (بِسْمِ اللهِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ الله، ربِّ اغفرْ لي ذنوبي وافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ). وعند الخروج: (بِسْمِ اللهِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ الله، ربِّ اغفرْ لي ذنوبي وافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ). واحرصْ على وضعِ الحذاءِ على الأرضِ برفقٍ ولطفٍ عندَ الخروجِ من المسجد.
4ـ الحرصُ على الطهارةِ الدائمةِ فيهما مهما أمكن، فهذه الأمكنةُ المقدَّسةُ مواطنُ عبادةٍ دائمةٍ، فاحرص فيها على دوام الطهارةِ ظاهراً وباطناً.
5ـ الحرصُ على أداءِ الصلواتِ الخمسِ مع الجماعةِ في المسجد؛ فالصلاةُ في المسجدِ الحرامِ أفضلُ من مئةَ ألفِ صلاةٍ فيما سواهُ، والصلاةُ في المسجدِ النبويِّ الشريفِ خيرٌ من ألفِ صلاةٍ فيما سواهُ إلا المسجدَ الحرام، كما جاءَ ذلكَ في الحديثِ الصحيحِ.
6ـ الإكثارُ منَ الذكرِ والدعاءِ وقراءةِ القرآنِ والصلاةِ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فالمكانُ مَوضِعُ استجابةٍ للدعاء، والملائكةُ تَحُفُّ المُصلِّينَ والذاكرينَ.
7ـ أداءُ الطوافِ بخشوعٍ ووقارٍ، فلا تُزاحِمِ الناسَ، ولا تُؤذِ أحداً، واجعلْ قلبَكَ حاضراً ولسانَكَ ذاكراً، واستشعرْ أنَّكَ في ضيافةِ اللهِ تعالى.
8ـ ومن المهمَّاتِ احترامُ أنظمةِ الحرمَينِ الشريفينِ والتقيُّدُ بتنبيهاتِ العاملينَ فيهما، فهم ينظِّمونَ الزحامَ ويحفظونَ الأمنَ ويسعَوْنَ لخدمةِ الزائرينَ، فالتعاونُ معهم طاعةٌ وأدبٌ.. وإن وجدتَ حاجزاً مؤقَّتاً لتنظيمِ حركةِ المصلِّينَ والزوَّار، سواءٌ داخلَ المسجدِ أو في ساحاته، فحافظْ عليه، واتبعِ الإرشاداتِ وتحرَّكْ في رويَّةٍ، حرصاً على سلامتِكَ وصفائك، وسلامةِ وصفاءِ إخوانِكَ المصلِّينَ.. وهذهِ المحافظةُ والمتابعةُ للإرشاداتِ منَ الدينِ، وفيها دَلالةٌ على الذوقِ الرفيعِ والخلُقِ الكريمِ.
9ـ الحرصُ على نظافةِ الحرمِ وممرَّاتِهِ، فلا تتركْ مخلَّفاتٍ أو أحذيةً في غيرِ موضعِها.
10ـ حفظُ الأمتعةِ والأغراضِ الشخصيةِ، ووضعُها في المكانِ المخصَّصِ، وتجنُّبُ وضعِها في الممرَّاتِ أو تركِها دونَ رقابةٍ حتى لا تُعيقَ المارَّةَ.
11ـ عدمُ الانشغالِ بالتصويرِ، وكذا عدمُ الانشغالِ بالذينَ يصوِّرونَ؛ لأنَّ الانشغالَ بالآخرينَ ـ لا سيما في الحرمينِ الشريفينِ ـ ربَّما أوقعَ في النقدِ وعدمِ حفظِ الحرمةِ للمؤمنينَ.
12ـ الرِّفقُ بالضعفاءِ والمرضى وكبارِ السِّنِّ، وتجنُّبُ المزاحمةِ عندَ الحجرِ الأسودِ والمَقام، وفي الروضةِ الشريفةِ وعندَ السلامِ على رسول الله صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ والصاحبينِ رضي الله عنهما؛ فالمزاحمةُ تُذهِبُ الخشوعَ وتؤذي المسلمينَ.
13ـ تجنُّبُ المواضعِ المزدحمةِ، والمبادرةُ بالحضورِ إلى المسجدِ مبكِّراً في أوقاتِ الصلواتِ بقدرِ الإمكان، وفي حالةِ امتلاءِ المسجدِ بادِرْ بالذهاب إلى المواطن الأخرى المخصَّصةِ للصلاةِ كالساحاتِ والدَّوْرِ الثاني أو السطحِ.. والانتظارُ بعد أداءِ الصلواتِ قليلاً حتى يخفَّ الزحامُ في مخارجِ المسجد، واغتنامُ هذا الوقتِ بالذكرِ والدعاءِ.
14ـ اغتنامُ الزيارةِ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ في غيرِ أوقاتِ الزِّحام، وإذا حانتِ الزيارةُ في وقتِ الزِّحامِ فليمشِ بهدوءٍ وأدبٍ، وليكثرْ منَ الصلاةِ والسلامِ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ.
15ـ إن كنتَ ستؤدِّي الصلاةَ في الساحةِ الجنوبيَّةِ من المسجدِ النبوي الشريف فانتبهْ إلى إرشاداتِ محاذاةِ الإمامِ للمحافظةِ على صحَّةِ صلاتك.
16ـ احرصْ على أداءِ الصلاةِ في المواضعِ المخصَّصةِ للرجال.. وعلى الأخواتِ المصلِّياتِ أداءُ الصلاةِ في المواضعِ المخصَّصةِ لهنَّ، معَ الحفاظِ على الأدبِ والتعظيمِ لشعائرِ اللهِ تعالى.
17ـ تجنَّبِ المرورَ في الأماكنِ التي يتمُّ تنظيفُها أو غسلُها، والتي تكونُ مُحاطةً بأشرطةٍ تحذيرية.. وإن تبيَّنَ لكَ وأنت في الحرم وجودُ سجادٍ متَّسخٍ أو به نجاسةٌ، فبادِرْ فوراً بإبلاغِ العمالِ ومراقبي المواقعِ الذينَ يحملونَ بطاقاتٍ تدلُّ على أنَّهم منَ العاملينَ في المسجدِ، حرصاً على طهارةِ المسجدِ، وصحَّةِ العبادةِ، وهذا منَ التعاونِ المطلوبِ في الشرعِ الشريفِ، قالَ اللهُ تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.
18ـ عدمُ الانشغالِ بالآخرين عند دخول الحرمين الشريفين، فليس المقصودُ من الدخولِ إليهما اللقاءَ بالناسِ وتفقُّدَ الرفاقِ، بل المقصودُ الإقبالُ بالقلبِ على ربِّ الناسِ سبحانه وتعالى، فمَنْ دخلَ بيتَ الله فليحترِم هذا الدخول، وليدخلْ دخولَ عبدٍ ذليلٍ إلى مولاه، وليتركِ الدنيا وراءَ ظهره، ولا يَشغَلْ قلبَهُ بالناسِ يبحثُ عن فلانٍ وفلانٍ يميناً وشمالاً، حتى يخرجَ وقد نالَ بركةَ الزمانِ والمكانِ، ولو علمَ قيمةَ هذهِ الساعةِ التي أمضاها في بيتِ اللهِ لم يلتفتْ إلى أحدٍ سواهُ.
اللهمَّ علِّمنا ما ينفعُنا، وانفعْنا بما علَّمتَنا، وزِدْنا علماً وعملاً في الدين، وألحقنا بعبادكَ الصالحين، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين.
وصلَّى اللّٰه على سيِّدِنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمدُ للّٰهِ ربِّ العالمين.
سيدي الشيخ محمد عبد الله رجو حفظه الله
***