
رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة
 
  
{ 284 } لو  اصغيت  إلى  حديث  أكثر  الناس  عن  انفسهم   لوجدتهم  يقولون  نحن  سابقون  بالخيرات ،  ولا يقول  واحد  من  هؤلاء  أنا  ظالم  لنفسي  ولغيري  ،  وهذه  مصيبتنا ، لذلك  قالوا  :  من  لم  يعرف  نفسه  لم  يعرف  ربه  ، ومعرفة  النفس  لا تكون  إلا  بمعرفة  المعرف  ،
ـــــــــــــــــــــــــ ص 178 ـــــــــــــــــــــــــــ
ومن  كان  يعرف  نفسه  أنه  ظالم  لنفسه  وظالم  لغيره  ثم  يقول  بلسانه : أنا  سابق  بالخيرات  ، هذا  معذب  في  الدنيا  قبل  الآخرة  إذا  لم  يعف  الله  عزوجل  عنه .
{ 285 }  إذا  كان  الرجل  قوياً  في  دينه  وطريقته  ،  ولا يخشى  عليه  تقليد  الآخرين ، فهذا  لا يضره  زيارة  أحد  من  الناس  ،  أما  إذا  كان  ضعيفاً  فإن  الزيارات  المطلقة  قد  تشوش عليه ، لأن  بعض  الناس  يتشدقون  بالكلام  وهذا  الزائر  قد  يتضرر  فيقصر  في  سيره  وفي  مجاهداته  .  فإذا  كان  من  القسم  الأول  فإن  قوته  تمنع  الضرر   أن  يسري  إليه  ،  وأما  الثاني  فننصحه  بعدم  الزيارة  حتى  لا يتضرر  من  تشكيك  المتشككين . نحن  لا نقول  زيارة  المؤمن  لا تجوز  ، ولكن  نقول  المقلد  المبتدئ  ليس  له  استقامة  كاملة  فننصحه  بعدم  الاختلاط  حتى  يقوى .
{ 286 }  من  خالف  الدين  والشريعة  فهو  أعمى  ،  ووقع  في  بئر  نفسه  الأمارة  بالسوء  ،  وحاله  اشد  من  حالة  أعمى  البصر  الذي  وقع  في  بئر محفورة  ،  لأن  هذا  له  اجر  الشهيد  أما  ذاك  فقد  خسر  الدنيا  والآخرة  ،  والعياذ  بالله تعالى  ، لأنه  آثر  الحياة  الدنيا  ، واتبع  هواه  قال  تعالى  : { فَأَمَّا مَن طَغَى {37} وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا {38} فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى  }  سورة  النازعات / 39 
ـــــــــــــــــــــــــ ص 179 ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ 287 } علماء  السوء  خدم  الشياطين  ، ما خرجوا  عن  دائرة  الإيمان  ، ولكنهم  لم  يعملوا  بمستلزمات  هذا  الإيمان  ،  وهؤلاء  بعضهم  باع  دينه  بدنياه  ،  وبعضهم  باع  دينه  بدنيا  غيره  ،  وهذا  شرٌ  من  الأول  والعياذ  بالله  تعالى  . نرجو  الله  تعالى  الحلاص  . ولقد  رأى  الإمام  الرباني  رحمه  الله  تعالى  الشيطانَ  يوماً  فقال  له  الإمام  :  لم  أنت  قاعد  ؟ قال : عندي  خدام  يعملون  عملي  ،  قال  له :  من  هم ؟  قال : علماء  السوء .  فهناك  من  يهدم  الدين  باسم  الدنيا  وهناك  من  يهدم  الدين   باسم  الدين  والعياذ  بالله  تعالى  . وشر  الناس  من  باع  دينه  بدنيا  غيره .
{ 288 } مفتاح  الوصول  إلى  الله  تعالى  الأخذ  بالشريعة ،  ومن  الأخذ  بالشريعة  الأخذ  بالسنة  ،  ومن  أخذ  بهما  حاز  على  الرضا  . ومفتاح  باب  الطريق  كثرة  الذكر  لله  تعالى مع  الحضور  ، والذكر  من  القرآن  الكريم  ومن  السنة ، فليس  لأحد  حق  الإنكار  وليس  لأحد  حق  الترك ،  فكل  المؤمنين  مخاطبون  بكثرة  الذكر  لله  تعالى ، فلماذا  لا يكثرون  الذكر  ؟  لابد  من  المجاهدة ،  فالذكر  ثقيل  على  النفوس  الامارة  بالسوء .    
{ 289 } الفتور  في  العبادات  يحصل  بسبب  ثقلها  على  النفوس  ،  والاستسلام  لها  ، فلابد  من  المجاهدة  والاستغفار  عند  الفتور  لأن  خير  العمل  عائد  لنا  ،  والله  عزوجل  يريد  منا  أن  نربح  الحياة 
ـــــــــــــــــــــــــ ص 180 ــــــــــــــــــــ
الدنيا  في  حسن  العمل  والإقبال  عليه  حتى  نسعد  في  الآخرة  لقوله  في  الحديث  القدسي : ( يا عبادي  إنما  هي  أعمالكم  أحصيها  لكم  ثم  أوفيكم  إياها  ، فمن  وجد  خيراً  فلْيَحمد  الله ، ومن  وجد  غير  ذلك  فلا يلومنّ  إلا  نفسه ) رواه مسلم
الله  عزوجل  لا يربح  منا  شيئاً  إذا  جاهدنا  نفوسنا  وأقبلنا  عليه  ،  فهو  يقول  في  الحديث  القدسي : ( ولن  تبلغوا  نفعي  فتنفعوني ) رواه مسلم
والعاقل  لا يقبل  خسارة  الدنيا  ، بل  يتأثر  ولو  كانت  خسارة  قليلة ،  ويتأثر  إذا  فاته  ربح  ولو  كان  قليلاً ، فلماذا  لا يكون  هكذا  في  دينه ؟  كن  حريصاً  على  التمسك  بالشريعة ، وإجراء  أحكامها  على  جوارحك  الظاهرة  والباطنة  ،  ولا تكن  من  الغافلين  في  دنياك  وتحقق  بقوله  تعالى : { رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ } سورة النور / 37
{ 290 } أخرج  نفسك  من  البين  ، ولا تنسب  الفضائل  إلى  نفسك  لأن  الفضائل  من  الله  تعالى  ،  قال  تعالى : {      وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ  }  سورة  النحل / 53
فإذا  أخرجت  نفسك  من  البين  لا يقوى  عليك 
ــــــــــــــــــــ ص 181 ـــــــــــــــــــــــــــ
الشيطان ، إلا  إذا  كان  الشيطان  مع  نفسك  عليك  وعندها  تُصرع  والعياذ  بالله  تعالى  ، فأرجع  النعمة  إلى  مصدرها  ، وأكثر  من  ذكر  مولاك  حتى  لا يوسوس  لك  الشيطان .
{ 291 } حلال  الدنيا  وإن  لم  يكن  ممنوعاً  إلا  أن  فيه  السم  ولا يدريه  إلا  من  وقف  على  حقيقة  الدنيا ، فمن  وقف  على  حقيقتها  أخذ  من  حلالها  بمقدار  الحاجة  .  أما  إذا  لم  يقف  على  حقيقتها  فهو  جاهل ، وقد  يلحقه  ضرر  عظيم  من  حيث  لايدري  ،  والله  تعالى  ما  جعل  لعبد  من  قلبين  في  جوفه ، والقلب  إذا  تعلق  بالله  ، فإنه  لا يتسع  لغيره  ،  قال  تعالى  : {   مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ } سورة  الأحزاب / 4
فالقلب  خلق  للمحبة  ولكونه  واحداً  فلا يصلح  إلا  لمحبوب  واحد  لا شريك له ، فقلبك  خلق  لمعرفة ومحبة  ربك  فلا يرضى  إلا  بمولاك ، فلا تكن  ظالماً  لقلبك  ، فمن  اشتغل  بالدنيا  قلباً  وقالباً  ثم  ادعى  حب  الله  وحب  الآخرة  فهو  كاذب  في  دعواه ..... آه ... واأسفاه
 
 
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي 
صلى عليه الله ُ في الايات ِ 
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً 
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات